استثمار الفرص

عبد الله بن علي الطريف
1444/04/02 - 2022/10/27 23:51PM

استثمار الفرص 1444/4/3هـ

أما بعد أيها الإخوة: عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ» ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» رواه البخاري.. هذه فُرْصَةٌ استثمرها عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ولم تتح لغيره فقد قال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ للرجل الذي قام بعده: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»..

أيها الإخوة: حق علينا أن نقف متأملين لهذا الموقف، وكيف استثمره عكاشة عندما بادر وطلب الدعاء أن يكون منهم، ولم يتأخر ولم يتوانَ وفي هذا درس عظيم لاستثمار الفرص..

وأبشركم أن الفرص لكسب المقامات العلية الأخروية كثيرة جدا، ونحن بحاجة ماسة لاستثمارها، واعظم فرصة يمنحُها الله تعالى لنا في هذه الحياة وجودنا في عداد الأحياء، فإن وُفْقنا للهداية لدينه القويم، ونجحنا في الابتلاء الذي جعله الله تعالى هدفاً للخلق طابت حياتنا، ذلك أن الحكيم العليم خلق الحياة للابتلاء فقال: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2] لذلك تتضخمُ مسئوليةُ المرءِ عن نفسِهِ، وتعظمُ حاجته لاستثمار الحياة، واغتنامها فيما يرضي الله تعالى؛ لذلك قال نبينا ﷺ: لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ حَاثاً لَهُ عَلَى اغْتِنَامِ فُرَصَ الحَيَاةِ «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» رواه الحاكم وابن ابي الدنيا في قصر الأمل والبيهقي في الشعب وصححه الألباني رحم الله الجميع، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. أي: اظفر على وجه المغالبة وقهر النفس بخمس نِعَمٍ قبل خمس محن، فإن النعمة لا تدوم على ما هي عليه في جميع الأحوال؛ لأنه كما يقال: من المحال دوام الحال.. فوجودُ الانسانِ حياً يُرزق، مع القوة والصحة والفراغ والغنى، ومنحه الهداية لطاعة الله وعبادته أعظم فرصة لكسبِ الحسنات، والرُّقي في مراتب درجات الجنات.. واغتنام الحياة قبل الموت يكون بالمبادرة بشَغْلِها بالطاعة، وبتجديدِ التوبةِ على الدوام قبل حلولِ الأجل، فقد قال ﷺ: «إنَّ اللهَ يَقبَلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغَرْغِرْ» رواه الترمذي عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وحسنه الألباني.

ولقائل أن يقول كيف يكون اغتنامُ فُرصةَ الحياةِ قبل الممات.؟ نقول: الفرصة إذا لم تُنتهز فهي خسارة، قال خالد بن معدان: إذ فُتح لأحدكم بابُ خير فليسرع إليه فإنه لا يدري متى يغلق عنه. فاشغل أوقاتك بالخير، وإن لم يكن فلا تُضيِّعْها في لهوٍ فضلًا عن معصية، فكم من مستقبلٍ يومًا لا يستكمِلُه، وكم من مؤمِّلٍ غدًا لا يدركه، وقد صحَّ عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: "ما من يومٍ ينشقُ فجرُه إلا ويُنادي يا بن آدم، أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوَّد مني بعمل صالح؛ فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".. نعم هو ينادي، ولكن بصوت غير مسموع.. لأنه نداء قلبي يحس به مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ..

أيها الأخ المبارك: كل دقيقة من حياتك هي فرصة لن تُعوَّض؛ لأنه لا يمكن إرجاعُها أو تداركها، فأمس القريب الذي مرَّ مع قربِه يعجزُ أهلُ الزمانِ عن ردِّه.. ولله دَرُّ عَامِرَ بْنَ قَيْسٍ عندما رَدَّ على رَجُلٍ قَال له: قِفْ فَكَلِّمْنِي. فَقَالَ: أَمْسِكْ الشَّمْسَ!

ومع كل أسف هذا المعنى الضخم للحياة لم يستوعبه كثير من المسلمين.. فضاعت حياتهم سبهللا.. ففي الحياة فرصٌ كثيرة لكسب الخير قد لا تعوض، وكثير من الناس لا يلتفتون إليها.

فبكل نَفَسٍ تذراه نفسُك تسبيحة أو تكبيرة أو تحميدة، وهي غراس الجنة، فأين نحن من هذه الفرص.؟

ومن الفرص التي نغفل عنها إتباع السيئة الحسنة: وهي فرصة عظيمة لكل من وقع بذنب وإن عاد له، وذلك بأن يتوب من الذنب ويستغفر مباشرة قبل أن يسجلها الـمَلَك عليه فيسوّد صحيفته بذنبه، مصداق ذلك ما رواه أَبُو أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوْ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهَا، أَلْقَاهَا، وَإِلَّا كُتِبَتْ وَاحِدَةً» رواه الطبراني وحسنه الألباني.

وإن فاتت الساعات الست ولم تندم وتستغفر فهل تفوت عليك الفُرص.؟ لا ولله الحمد فقد أتاح الإسلام للْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ فرصاً أخرى أكثر فضلاً عِندما قَالَ الله تعالى بعد التحذير من كبائر الذنوب: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان:70] وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ وَعَدَه بخيرٍ من ذلك عندما قَالَ: «إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً، فَاعْمَلْ حَسَنَةً، فَإِنَّهَا عَشْرُ أَمْثَالِهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» قال أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ راوي الحديث فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ قَالَ: «هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ» رواه الترمذي وأحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ وحسنه الألباني.. فتأمل أيها المبارك: رحمة الله بالمذنب كيف يُعطيه الفرصةَ تلو الفرصة فبعد الذنب يُمْهل المذنبَ ست ساعات لعله يستغفر ويتوب، فإن لم يستغفر ويتوب إلا بعد ست ساعات مهلة تعليق الذنب، وعمل حسنة محت الحسنةُ السيئةَ، بل وكُتبت الحسنةُ عشرُ حسنات، ومن أَفْضَلِ الْحَسَنَاتِ وأيسرِها أن يقول العبد: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ"...!!

"فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" ما أوسعها من فرص.. "وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" ما أجزله من عطاء.! فهل بعد هذا الحلم الواسع حلم.؟ وهل بعد هذا العطاء الجزل عطاء.؟ فاللهم لك الحمد.. "قِيلَ لِلْحَسَنِ: أَلَا يَسْتَحْيِي أَحَدُنَا مِنْ رَبِّهِ يَسْتَغْفِرُ مِنْ ذُنُوبِهِ، ثُمَّ يَعُودُ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ، ثُمَّ يَعُودُ، فَقَالَ: وَدَّ الشَّيْطَانُ لَوْ ظَفِرَ مِنْكُمْ بِهَذِهِ، فَلَا تَمَلُّوا الِاسْتِغْفَارَ.. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَرَى هَذَا إِلَّا مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي: أَنَّ الْمُؤْمِنَ كُلَّمَا أَذْنَبَ تَابَ، وَقَدْ رُوِيَ" «الْمُؤْمِنُ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ» جعلنا الله ممن إذا أذنب تاب واستغفر، وبارك لنا بالقرآن والسنة وجعلنا من الراشدين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم...

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة: قال ابن القيم رحمه الله: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَضَرَتْ لَهُ فُرْصَةُ الْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ فَالْحَزْمُ كُلُّ الْحَزْمِ فِي انْتِهَازِهَا وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهَا، وَالْعَجْزُ فِي تَأْخِيرِهَا وَالتَّسْوِيفِ بِهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا لَمْ يَثِقْ بِقُدْرَتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ أَسْبَابِ تَحْصِيلِهَا، فَإِنَّ الْعَزَائِمَ وَالْهِمَمَ سَرِيعَةُ الِانْتِقَاضِ قَلَّمَا ثَبَتَتْ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُعَاقِبُ مَنْ فَتَحَ لَهُ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ فَلَمْ يَنْتَهِزْهُ، بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَ قَلْبِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ بَعْدُ مِنْ إِرَادَتِهِ عُقُوبَةً لَهُ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ إِذَا دَعَاهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِجَابَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال:24]..

ومن الفرص التي لا تعوض استغلال وجود الوالدين على قيد الحياة لتبرهما وإن لم يبلغا سن الشيخوخة والضعف فبر الوالدين ليس مقصوراً على الكبير، وهو من أحب الأعمال إلى الله، وقدمه ﷺ على الجهاد في سبيل الله فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ.؟  قَالَ: «الصَلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟  قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» رواه البخاري ومسلم وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ» رواه الترمذي وصححه الألباني..  وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ لَمْ يَبَرَّهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ، فأَبْعَدَهُ اللهُ» رواه أحمد عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه

ويعظم البر ويزداد أجره إذا أدرك الولد والديه حال الكبر قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23، 24] وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ.؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا وَلَقَدْ تَرَكْتُهُمَا يَبْكِيَانِ قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللهِ.؟»  قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ أَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا، وَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» وَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ.. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.

فيا حسرة من مات والداه ولم يبرهما؛ حيث فوت فرصة عظيمة لا يمكن بأي حال أن يعوضها، وأشد منه حسرة من عقهما.

ومن الفرص المهمة: المبادرة بالتحلل ممن ظلمته قبل أن تسلب منك حسناتك يوم القيامة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقَالَ ﷺ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ، قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ» رواه ابن ماجة عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وصححه الألباني.

أيها الإخوة: هذه نماذج عاجلة من استثمار الفرص فقد رأيت عاملاً في أحد الأسواق الكبيرة يضع البضائع في الأكياس وهو يسبح ويهلل ويحمد بلهجته المكسرة وأحسبه ممن وفق لاقتناص الفرص.. وصليت في السجد الحرام بجنب رجل أتى من أحد البلاد ليؤدي العمرة وكان طوال الوقت يصلي النافلة تلو النافلة وكان يخففها لحد العجلة فكلمته أن يطمئن فقال: أتيت من بلادي من أجل أن أصلي ولست مثلكم تأتون متى شئتم. ورجل أخبر طبيبه أهله أن علاجه ميؤوس منه وما هي إلا أيام ويموت، وفي إحدى زيارته له قال: كيف حالك.؟ من باب المجاملة وإلا هو يعلم حالته فقال بصوت خافت مبحوح ويا لعظم ما قال: الحمد لله بخير.! فقال الطبيب أين الخير.؟! فقال: بصبري على البلية وتلاوة آية وصلاة فريضة وتسبيحة أو تحميدة أو تهليلة أو تكبيرة.! فكان هذا سبباً في إسلام هذا الطبيب.. وفقنا الله لاستثمار الأوقات بخير وصلوا وسلموا على نبيكم.. 

 

المشاهدات 4593 | التعليقات 0