اسبوع المرور الخليجي

راشد الناصر
1436/05/15 - 2015/03/06 06:22AM
الخطبة الأولى

أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله استيقظوا بقوارع العبر، وتفكروا في حوادث الغير، ففي تقلبات الدهر معتبر، وفي طوارق الأيام مزدجر
أيها المسلمون، إن المتأمل يدرك أن الأمة تتعرض في حياتها لمتاعب ومشقات بعضها هين يسير وبعضها ثقيل عسير، ولكن الكيان يتزلزل حين تسترخص الدماء وتزهق الأرواح. فالحفاظ على الأرواح من أغلى المطالب إن لم يكن أغلاها ومع وضوح ذلك وجلائه الا ان المؤسف أن من أبناء المسلمين من يمارس أفعالاً تلقي بالنفس إلى التهلكة، ترى أرواحاً تزهق، ونساء تترمل، وأسراُ تفنى، وأطفالاً ُتيتم، وأمراضاً مزمنة وإعاقات مستديمة،بسبب ماذا كل هذا؟ بسبب فعل متهور، وتصرف طائش وعمل غير مسؤول وكل هذه المآسي راجعة إلى الإخلال بحق الطريق والتفريط في آداب المسير والإهمال في قواعد المرور فالطريق لم يوضع من أجل أن يتصرف فيه االسفهاء بسياراتهم كيف يشاؤون، متجاوزين الخلق الحسن
أيها المسلمون، إن رعاية حق الطريق وأداء حقه والالتزام بآدابه من أوضح ما اعتنى به ديننا الحنيف، فأعطوا الطريق حقه راجلاً أو راكباً، فلا بد من الاطمئنان على حسن القيادة، وفقه الأنظمة وإدراك التعليمات، ودقة الالتزام بها وَلاَ تُصَعّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلاْصْوٰتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ [لقمان:18، 19].
أيها الإخوة، إن حوادث الطرق حرب مدمرة بمعدات ثقيلة ُتنزف بها الدماء وتُستنزف فيها الثروات، حرب معلنة ليس فيها إلا كاسب واحد، هو الإهمال وضعف التربية ونقص الوعي والتخلي عن المسؤولية ولن يكون فيها الانتصار بإذن الله إلا إذا أعلن الجميع حالة النفير، فما تستقبل المستشفيات والمقابر وما تحتضنه ملاجئ الأيتام ودور الرعاية الاجتماعية، كل ذلك أو جله ضحايا التهور وعدم المسؤولية، قطع للأيادي، وبتر للأرجل، وكسر للعظام، موتى ومشلولون ومقعدون في صور مأساوية يصحبها دموع وآهات وتقلبات وأنّات فيا أخي، تفكر في تلك الأرقام وضخامتها، إنها خسارة فادحة على الأمة الإسلامية أن تفقد هذه الأعداد الهائلة من الأنفس، ولا شك أن هذا قضاء الله وقدره، ولا ريب في ذلك ولكن لايعني ذلك ان نهمل الأسباب ، ومهما يكن من شيء فإن الذي ينبغي أن نعيه ويعيه كل مسلم عاقل هو مسؤوليته أمام الله عن نفسه التي بين جنبيه
إن نفسك يا عبد الله أمانة عندك، لا يحل لك إزهاقها، فمن فعل فقد أتى جرماً عظيماً ينال عليه في الآخرة عذاباً أليماً، إلا أن يتوب كما قال : ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد))
والرفق يا عباد الله، أدب رفيع من الآداب النبوية التي تحث على الرفق في الأمر كله، قال: ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)) : ((إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه)) ويقول : ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)) رواه مسلم، ويقول : ((من يُحرم الرفق يحرم الخير كله)) فينبغي لكل مسلم أن يتصف بالرفق والهدوء في أموره العامة وفي قيادته للسيارة خاصة فالسرعة لا تحقق لصاحبها شيئاً، فإن كان مقصده من السرعة تدارك أمر يخشى فواته، فلربما يفوّت أموراً كثيرة، وليس أمراً واحداً ورحم الله القائل
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
ولعلكم تشاهدون هذا المنظر دائما في سفركم الطويل حيث ان الانسان يستعجل في السير ويخاطر ويظن انه يقطع المسافات بسرعه ويتجاوز الناقلات الكبيرة التي يراها تحبوا حبوا وبعد فترة يقف للتزود بالوقود او للصلاة ونحوه فيجد تلك الناقله وهي تسير ببطئ وقد تجاوزته بهدوءها
من لي بمثل مشيك المدلل ،،،، تمشي رويدا وتجيئ الاول
نسأل الله جلا وعلا أن يجعلنا من عباده المؤمنين الذين يمشون على الأرض هونا .
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، والتزموا آداب دينكم، فالسير الآمن مقصد من مقاصد الشريعة، ووصف بارز من صفات عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم


الخطبة الثانية
أما بعد

فيا عباد الله، إن كثيراً من المسلمين هداهم الله ومنّ عليهم بالهداية والتوفيق يتساهلون في جعل السيارات بأيدي صغار أبنائهم، وهذا فيه مافيه من تعريض الارواح للاخطار سواء الصغيره او الكبيره
فيا عباد الله لا تهلكوا مع الهالكين وعليكم بأسباب السلامة التي هي الرفق والانتباه للطريق واليقظة الدائمة مع الاعتماد على الله، والمحافظة على الأنفس والأموال، والتزام الأدب والطمأنينة واتباع أنظمة المرور، حتى لا تكون أنت المتسبب في إزهاق نفس كانت على الوجود،
عباد الله انه لن يكون الانتصار بإذن الله على كوارث المرور وويلاته إلا إذا أعلن الجميع حالة النفير، نعم اذا تعاون الجميع المواطن والمسئول وتظافرت الجهود فستكون النتائج يانعة وسريعة وان مما شاهده الجميع من تدابير لهذه المعضلات هو ماتشاهدونه كل عام بوضع اسبوع تثقيفي وتذكيري بقواعد المرور والتحذير من اسباب الحوادث ولعل الاسبوع القادم يوافق اسبوع المرور الخليجي تحت شعار ( قرارك يحدد مصيرك) ونحن لانريد اسبوعا واحدا بل نريده طوال العام لان المسالة تتعلق بارواح الناس وان مما يجدر الاشارة اليه انه ماتزايدت وتفشت التجاوزات في أي مجال الا بتقصير المسئول عن ذلك المجال ونحن انفسنا مسئولون بارتكابنا للتجاوزات وبعدم النصح لمن نشاهده يتجاوز وفرع المرور مقصر اذا لم يتواجد في موقع الحدث ويثبت حضوره وهكذا دواليك حتى تصل المسئولية لرأس الهرم الا وان من المفارقات العجيبة أن تجد شابا متهورا في بلده هنا وياسبحان الله عند ذهابه خارج دولته ينقلب كالحمل الوديع والسبب هوالتقصير والتراخي هنا و شدة النظام المروري هناك ومصداقيته
فاتقوا الله أيها العباد في أنفسكم وفي إخوانكم وأموالكم، واتقوه بطاعة ولاة أمركم إذا أمروكم بما فيه صلاحكم وسبب سلامتكم.


الجمعه 15/5/1436هـ
المشاهدات 1758 | التعليقات 0