( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ )

سعود المغيص
1437/05/02 - 2016/02/11 15:30PM
الخطبة الأولى

أما بعد عباد الله :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله فتزودوا من خير زاد ليوم المعاد ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )
اخوة الايمان : وقفة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ) كلمات قالها صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجلا في المسجد لا يُحسن الصلاة فلا يتم ركوعها ولا سجودها فقال له ( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ) فأعادها الرجل مرة أخرى فقال له النبي "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فلا اله الا الله كيف لو رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاتنا اليوم كم مرةً سيقول لنا "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فنشكو إلى الله قسوةً في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا إن الناظر لأحوال البعض منا اليوم مع الصلاة ليجد عجباً يؤدون الصلاة ولكن مع الوقوع في الخلل والاستمرار في الزلل يصلون و لا تُرى آثار الصلاة عليهم الصلاة التي كان صلى الله عليه وسلم إذا ادّلهم به خطب أو طافت به مصيبة فزع إلى الصلاة وقال لبلال :" أرحنا بها يابلال "
فيا عبدالله الخشوع في الصلاة يتوقف عليه قبول صلاتك فجاهد نفسك واحذر عدوك ابليس فإنه قد أخذ العهد على نفسه بإضلال بني آدم وفتنتهم قال:{ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } قال عليه الصلاة والسلام ( إ ِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّى جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى ) فجاهد الشيطان يا عبدالله ما ستطعت فإنه يستطير فرحًا حين تُلف صلاتك كما يلف الثوب الخَلَقَ ثم يرمى بها وجهك لا أجر ولا فضل فعليك يا عبدالله الأخذ بالأسباب المعينة على الخشوع والتي من اهمها بل وأعظمها:
استحضار العبدُ عظمة ربه الذي هو واقف بين يديه، وأنه قريب منه يراه ويسمعه ويطلع على ما في قلبه وضميره وهذا يدل على أن الخشوع يتفاوت في القلوب بحسب حضورها وتعظيمها لله .
ومن أسباب الخشوع في الصلاة النظر إلى موضع السجود ولقد حذر النبي تحذيراً شديد لأولئك الذين يرفعون أبصارهم في الصلاة فقال ( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِى الصَّلاَةِ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ )
ومن أسباب الخشوع قطع الحركة والعبث وملازمة السكون فبعض الناس إذا قام في الصلاة يتململ ويحرك يديه ورجليه ويعبث بلحيته وأنفه وبشماغه متناسيا أنه واقف بين يدي الجبار جل جلاله ثم يسلم عن يمينه وعن شماله لتقول له الصلاة : " ضَيَّعكَ الله كَما ضَيَّعتني" فيامن تعبث وتلتفت في الصلاة اسمع لقوله عليه الصلاة والسلام ( لاَ يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ )
ومن أسباب الخشوع أن لا يصلي المسلم وبحضرته طعام يشتهيه : قال صلى الله عليه وسلم { إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ } قَالَ الإمام النَّوَوِيُّ فِي هَذِا الحديث كَرَاهِية الصَّلَاةِ بِحَضْرَة الطَّعَامِ الذي يريد أكله لما فيهِ مِنْ ذَهَابِ كَمَالِ الْخُشُوعِ وهذا أيها الأحبة إذا كان في الوقت سعة فإن خاف خروج وقت الصلاة إذا أكل فإنه يصلى أولاً محافظة على حرمة الوقت فلا تؤخر الصلاة بحجة ذلك ..

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ

أقول قولي هذا ...

الخطبة الثانية


أما بعد عباد الله :
اتقوا الله وأطيعوه وأعلموا أن من الأسباب المعينة على الخشوع في الصلاة أن يعلم العبد أن الله يجيبه في صلاته ويرد عليه قال صلى الله عليه وسلم( إنَّ أَحدَكمْ إذا قَامَ يُصلِّي إنَّما يَقُومُ يُناجِى رَبَّهُ فَليَنظُرْ كَيفَ يُناجيهِ ) وفي الحديث القدسي ( عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ:الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ:أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ:مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي أَوْ قَالَ: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ:هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ وَإِذَا قَالَ:اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ قَالَ: هَذِهِ لَكَ )
ومن أسباب الخشوع:تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة قال عَبْد اللهِ ابْنُ مَسْعُودٍ ( قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ وَلا يَكُنْ هَمَّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ )
ومن أسباب الخشوع:أن لا يصلي المرء و هو حاقن اوحاقب:والحاقن هو الحابس للبول، والحاقب:هو الحابس للغائط قال صلى الله عليه وسلم : ( لاَ صَلاَةَ بِحَضْرةِ طَعَامٍ وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ )

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الاخلاص في القول والعمل والبعد عن الخطايا والزلل إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير ..
المشاهدات 1622 | التعليقات 0