اتفاق اليمن ...تسوية أم إذعان ؟
احمد ابوبكر
1435/11/28 - 2014/09/23 03:06AM
[align=justify]لا يكاد يختلف اثنان في أن ما تم في اليمن أمس من توقيع اتفاق بين جماعة الحوثي الرافضية الشيعية الموالية لطهران , وبين الحكومة اليمنية ممثلة برئيس البلاد عبد ربه منصور هادي , إنما هو إذعان وليس تسوية سياسية بين طرفين .
لقد تم توقيع الاتفاق وأزيز الرصاص وأصوات المدافع الحوثية تدوي في أجواء العاصمة صنعاء , كما أنه تزامن مع سيطرة الحوثيين بشكل سريع ومريب لكثير من المؤسسات السيادية في الدولة , لا المدنية منها فحسب , بل والعسكرية أيضا , ابتداء بمبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي , وصولا إلى مقرِّ الحكومة ووزارة الدفاع ومقر القيادة العامة للجيش ومقر الفرقتين السادسة والرابعة , وليس انتهاء بالبنك المركزي وزارة الإعلام ووزارة الصحة وغيرها ....
ومن الأمور التي تؤكد وجهة النظر التي ترى في هذا الاتفاق وثيقة إذعان من الدولة اليمنية إلى جماعة الحوثي الشيعية : بنود هذا الاتفاق نفسه , التي تلبي جميع مطالب الحوثيين , ولا تكاد تمنح الدولة اليمنية أي مكسب .
لقد حصل الحوثيون من خلال هذا الاتفاق على جميع مطالبهم ومطامعهم الطائفية بدءا من :
1- استقالة الحكومة الحالية التي طالبوا بها منذ محاصرتهم للعاصمة صنعاء , وقد حصل ذلك حيث تقدم رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة باستقالته , ونص الاتفاق على تعيين رئيس وزراء جديد خلال ثلاثة أيام ، وتشكيل حكومة جديدة خلال شهر .
2- تعيين مستشارين سياسيين لرئيس البلاد خلال ثلاثة أيام من توقيعه ، ومن بينهم شخصيات من الحوثيين والحراك الجنوبي ، يتولون اختيار المرشحين لشغل الحقائب الوزارية ، ويرفعون توصيات إلى رئيس الدولة والحكومة على ضمان توزيع الحقائب على جميع القوى السياسية في البلاد .
الأمر الذي يعني أن الحوثيين باتوا في قلب اتخاذ القرارات , الأمر الذي يجعلهم يسيطرون على سياسة الدولة وتوجهاتها من خلف الكواليس , وينفذون أجندتهم في اليمن وغيرها من دون أن يكونوا في واجهة الحكم , تماما كما يفعل حزب الله اللبناني , الذي يسيطر عمليا على الدولة اللبنانية وتوجهاتها , دون أن يكون في الواجهة والصدارة .
3- خفض سعر الوقود ليصبح ثلاثة آلاف ريال لصفيحة العشرين لترا , وهي الذريعة التي من خلالها قام الحوثيون بمحاصرة العاصمة صنعاء منذ أيام , واجتياحها عسكريا بشكل شبه كامل اليوم .
أما إن تكلمنا عن بقية البنود التي تنص على إزالة المخيمات والمظاهر المسلحة للحوثيين ، والتأكيد على ضرورة بسط سلطة الدولة و وقف إطلاق النار في الجوف ومأرب ، والتي من المفروض أن تكون هي مكاسب الدولة المنية إن صح التعبير , فقد رفض الحوثيون التوقيع على الملحق الأمني للاتفاق الذي ينص على أمثال هذه البنود , الأمر الذي يشير إلى أن وقف إطلاق النار لن يتحقق , وأن إخلاء الحوثيين للمواقع والمؤسسات السيادية التي استولوا عليها وتسليمها لسلطة الدولة لن يحدث , لأنهم وبكل بساطة قد باتوا يعتبرون أنفسهم عمليا هم الدولة !!
والغريب في الأمر هو أن اتفاق الإذعان لا يلجأ إليه إلا الضعيف الذي لا يملك أي قوة لمواجهة القوي الغالب , أما أن تكون القوة موجودة ولا تستخدم , فهذا يعني أن هناك جهة ما كفت يد هذه القوة عن الاستخدام وأضعفتها , بل و لجمتها عن تنفيذ مهماتها وواجباتها المقاة على عاتقها في مثل هذه الظروف , ولعل أهم هذه الواجبات وأولاها بالتنفيذ : الدفاع عن مؤسسات الدولة السيادية .
والحديث هنا موجه إلى الجيش اليمني وقوات الأمن , الذي لا يمكن أن ينهار بهذه السهولة والسرعة لو لم يكن هناك من يدفعه للاستسلام وعدم المقاومة , كما لا يمكن أن يصدق عاقل أن جيشا تأسس منذ بداية سبعينات القرن الماضي , ويمتلك من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الكثير , لا يستطيع الوقوف بوجه جماعة لا يتعدى قوام أفراده 15 ألف مقاتل , مهما كان الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعة من إيران , لو لم يكن هناك اتفاق خفي بين هذه الجماعة وبعض قادة الجيش اليمني .
ولكن إذا علمنا أن كثيرا من وسائل الإعلام نقلت معلومات عن تلقي أفراد هذا الجيش تعليمات بعدم مواجهة جماعة الحوثي من عدة جهات أمنية وعسكرية , بدءا بوزير الداخلية اللواء "عبده حسين الترب" الذي دعا في بيان الأجهزة الأمنية إلى التعاون وعدم مواجهة الحوثيين .
وصولا إلى القيادات العسكرية - وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة – التي دعت في وقت سابق "منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار أمانة العاصمة وما حولها، إلى البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات ومختلف العهد العسكرية وعدم التفريط فيها كونها من ممتلكات الشعب" .
وليس انتهاء بتأكيد بعض شهود عيان أن الحوثيين تمكنوا من السيطرة على كميات كبيرة من الأسلحة ، خصوصا من مقر اللواء الرابع , فإن الأمر سيكون عند ذلك مفهوما .
يبدو أن اختراقا كبيرا قد حدث في الجيش اليمني من قبل أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح , الذي ما زال يتحكم ببعض أجهزة الدولة من خلال دولته العميقة التي بناها أيام حكمه لليمن , وهو الذي سهل عملية اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء دون مقاومة تذكر , وهو الذي أدى إلى توقيع هذه الوثيقة التي تعتبر "وثيقة إذعان" بكل معنى الكلمة , وليس فيها أي وجه من وجوه الاتفاق بين الأنداد أو الأكفاء .
المصدر: مفكرة الاسلام[/align]
لقد تم توقيع الاتفاق وأزيز الرصاص وأصوات المدافع الحوثية تدوي في أجواء العاصمة صنعاء , كما أنه تزامن مع سيطرة الحوثيين بشكل سريع ومريب لكثير من المؤسسات السيادية في الدولة , لا المدنية منها فحسب , بل والعسكرية أيضا , ابتداء بمبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي , وصولا إلى مقرِّ الحكومة ووزارة الدفاع ومقر القيادة العامة للجيش ومقر الفرقتين السادسة والرابعة , وليس انتهاء بالبنك المركزي وزارة الإعلام ووزارة الصحة وغيرها ....
ومن الأمور التي تؤكد وجهة النظر التي ترى في هذا الاتفاق وثيقة إذعان من الدولة اليمنية إلى جماعة الحوثي الشيعية : بنود هذا الاتفاق نفسه , التي تلبي جميع مطالب الحوثيين , ولا تكاد تمنح الدولة اليمنية أي مكسب .
لقد حصل الحوثيون من خلال هذا الاتفاق على جميع مطالبهم ومطامعهم الطائفية بدءا من :
1- استقالة الحكومة الحالية التي طالبوا بها منذ محاصرتهم للعاصمة صنعاء , وقد حصل ذلك حيث تقدم رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة باستقالته , ونص الاتفاق على تعيين رئيس وزراء جديد خلال ثلاثة أيام ، وتشكيل حكومة جديدة خلال شهر .
2- تعيين مستشارين سياسيين لرئيس البلاد خلال ثلاثة أيام من توقيعه ، ومن بينهم شخصيات من الحوثيين والحراك الجنوبي ، يتولون اختيار المرشحين لشغل الحقائب الوزارية ، ويرفعون توصيات إلى رئيس الدولة والحكومة على ضمان توزيع الحقائب على جميع القوى السياسية في البلاد .
الأمر الذي يعني أن الحوثيين باتوا في قلب اتخاذ القرارات , الأمر الذي يجعلهم يسيطرون على سياسة الدولة وتوجهاتها من خلف الكواليس , وينفذون أجندتهم في اليمن وغيرها من دون أن يكونوا في واجهة الحكم , تماما كما يفعل حزب الله اللبناني , الذي يسيطر عمليا على الدولة اللبنانية وتوجهاتها , دون أن يكون في الواجهة والصدارة .
3- خفض سعر الوقود ليصبح ثلاثة آلاف ريال لصفيحة العشرين لترا , وهي الذريعة التي من خلالها قام الحوثيون بمحاصرة العاصمة صنعاء منذ أيام , واجتياحها عسكريا بشكل شبه كامل اليوم .
أما إن تكلمنا عن بقية البنود التي تنص على إزالة المخيمات والمظاهر المسلحة للحوثيين ، والتأكيد على ضرورة بسط سلطة الدولة و وقف إطلاق النار في الجوف ومأرب ، والتي من المفروض أن تكون هي مكاسب الدولة المنية إن صح التعبير , فقد رفض الحوثيون التوقيع على الملحق الأمني للاتفاق الذي ينص على أمثال هذه البنود , الأمر الذي يشير إلى أن وقف إطلاق النار لن يتحقق , وأن إخلاء الحوثيين للمواقع والمؤسسات السيادية التي استولوا عليها وتسليمها لسلطة الدولة لن يحدث , لأنهم وبكل بساطة قد باتوا يعتبرون أنفسهم عمليا هم الدولة !!
والغريب في الأمر هو أن اتفاق الإذعان لا يلجأ إليه إلا الضعيف الذي لا يملك أي قوة لمواجهة القوي الغالب , أما أن تكون القوة موجودة ولا تستخدم , فهذا يعني أن هناك جهة ما كفت يد هذه القوة عن الاستخدام وأضعفتها , بل و لجمتها عن تنفيذ مهماتها وواجباتها المقاة على عاتقها في مثل هذه الظروف , ولعل أهم هذه الواجبات وأولاها بالتنفيذ : الدفاع عن مؤسسات الدولة السيادية .
والحديث هنا موجه إلى الجيش اليمني وقوات الأمن , الذي لا يمكن أن ينهار بهذه السهولة والسرعة لو لم يكن هناك من يدفعه للاستسلام وعدم المقاومة , كما لا يمكن أن يصدق عاقل أن جيشا تأسس منذ بداية سبعينات القرن الماضي , ويمتلك من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الكثير , لا يستطيع الوقوف بوجه جماعة لا يتعدى قوام أفراده 15 ألف مقاتل , مهما كان الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعة من إيران , لو لم يكن هناك اتفاق خفي بين هذه الجماعة وبعض قادة الجيش اليمني .
ولكن إذا علمنا أن كثيرا من وسائل الإعلام نقلت معلومات عن تلقي أفراد هذا الجيش تعليمات بعدم مواجهة جماعة الحوثي من عدة جهات أمنية وعسكرية , بدءا بوزير الداخلية اللواء "عبده حسين الترب" الذي دعا في بيان الأجهزة الأمنية إلى التعاون وعدم مواجهة الحوثيين .
وصولا إلى القيادات العسكرية - وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة – التي دعت في وقت سابق "منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار أمانة العاصمة وما حولها، إلى البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات ومختلف العهد العسكرية وعدم التفريط فيها كونها من ممتلكات الشعب" .
وليس انتهاء بتأكيد بعض شهود عيان أن الحوثيين تمكنوا من السيطرة على كميات كبيرة من الأسلحة ، خصوصا من مقر اللواء الرابع , فإن الأمر سيكون عند ذلك مفهوما .
يبدو أن اختراقا كبيرا قد حدث في الجيش اليمني من قبل أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح , الذي ما زال يتحكم ببعض أجهزة الدولة من خلال دولته العميقة التي بناها أيام حكمه لليمن , وهو الذي سهل عملية اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء دون مقاومة تذكر , وهو الذي أدى إلى توقيع هذه الوثيقة التي تعتبر "وثيقة إذعان" بكل معنى الكلمة , وليس فيها أي وجه من وجوه الاتفاق بين الأنداد أو الأكفاء .
المصدر: مفكرة الاسلام[/align]