(اتبعوا ولا تبتدعوا)

عبدالله محمد الطوالة
1446/03/09 - 2024/09/12 07:20AM

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}..

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ..

معاشر المؤمنين الكرام: أعزَّ ما على المسلم سلامةُ دينِه وصحةُ عبادته، إذ لا فوزَ ولا نجاةَ إلا بدينٍ سليم وعبادةٍ صحيحة، ولن يتحقّقَ ذلك إلا بدقة المتابعةِ لمنهج النبيّ ﷺ، قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}، وقال تعالى: {فَلْيَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}.. وإنّ من أعظم ما يحققُ دِقةَ المتابعةِ للنبي ﷺ: أن يتفقه المسلمُ في دينه، خصوصاً ما يتعلقُ بالبدع والمحدثات، فالبدعُ هي التي فرقت المسلمين شيعاً واحزاباً، وهي التي ابعدتهم عن المنهج الصحيح، في الحديث الصحيح: قال ﷺ: "عليكم بسنتِي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِي، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ"، وفي رواية صحيحة: "وكل ضلالةٍ في النار".. 

والبدعة: خلافُ السنة، البدعة: عبادةٌ محدثةٌ ليس لها أصلٌ ولا دليل..

البدعةُ: هي التّعبدُ لله بطريقةٍ غير شرعية.. ومعلومٌ أن العبادة لا تقبلُ إلا بشرطين: الإخلاصُ والمتابعة.. فالإخلاصُ أن يريد العاملُ بعمله وجهَ اللهِ وحدهُ، والمتابعةُ تعني موافقة الشرع..  وكما أنّ كلّ عملٍ لا يُرادُ به وجُهُ اللهِ تعالى فليس لعامله ثوابٌ عليه، فكذلك كلُّ عملٍ لا يوافقُ ما شرعهُ اللهُ ورسولهُ فهو بدعةٌ مردودٌ..  قال ﷺ: "من عمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي روايةٍ: "من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، والحديث متفقٌ عليه..

ومن القواعد المقرَّرةِ شرعاً: أنه لا عبادة مقبولة إلا بدليلٍ صحيح، فالأصلَ في العباداتِ المنعُ والتوقفُ حتى يأتي الدليل بالسماح، ومعنى ذلك أنه لا يصِحُ لعبدٍ أن يتعبدَ بأيِّ عبادةٍ إلا ولديه دليلٌ شرعيٌ صحيحٌ يسمحُ له بذلك، وإلا فعملُه بدعةٌ مردودة.. ولا شكَّ أن كُلَّ العباداتِ الشرعية قد قرَّرها الشرعُ الحكِيمُ ونص عليها الدليل، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، "صلوا كما رأيتموني أصلي"، "خُذوا عني مناسِككم"، وهكذا سائرُ أبوابِ العبادات.. ففي الحديث الصحيحٍ، قال ﷺ: "ما تركت شيئاً يقربُكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يُبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه"..

ولكي تتحقق دقة المتابعة للنبي ﷺ: فهناك ستةُ أمورٍ أصَّلها العلماء، الأمر الأول: أنّ يكونَ سببُ العبادة شرعياً، مثلاً: لو أنّ إنساناً قام ليلة السابعِ والعشرين من رجب بحجة أنها الليلة التي عُرج فيها بالرسول ﷺ، فصلاته بهذا السببِ بدعة؛ لأنه ليس سبباً شرعاً.. مثالٌ آخر: لو أنّ إنساناً كلّما لاحَ البرق أو نزلَ المطرُ صلى ركعتين، فصلاتهُ بهذا السببِ بدعة..   

الأمر الثاني: أن يكون جنس العبادة شرعياً، مثلاً: لو أنّ إنساناً ضحي بفرسٍ أو بحوت.. اللحم حلال لكن الاضحية لا تصح؛ لأن الأضاحي لا تكون إلا من جنس بهيمة الأنعام، وهي الإبل، البقر، الغنم.. لقوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}..  

الأمر الثالث: أن تكون كيفيّة العبادةِ وهيئتها شرعيةً، مثلاً: لو أنَّ إنساناً توضأ فبدأ بغسل قدميه، ثم مسحَ رأسه، ثم غسلَ يديه، ثم غسلَ وجههُ فإنّ وضوءهُ باطل؛ لأنه مخالفٌ للشرع في الكيفية.. مثالٌ آخر: من يزعم أنّ الاسم الفلاني من أسماء الله الحسنى إذا ذكر بالكيفية الفلانية فإنه يعطي النتيجة الفلانية.. فالذّكرُ بهذه الصورةِ بدعةٌ مردودة، لأنه مخالفٌ للشرع في الكيفية.. وهكذا إذا كان الذكر جماعياً أو كان معه تمايلٌ أو ضربٌ بالدف فكلُّ ذلك بدعٍ مردودة، لنفس السبب..   

الأمر الرابع: أن يكون تحديدُ مقدارِ العبادة شرعياً، مثلاً: من قرأ سورة الإخلاص مائة مرة أو ألف مرةٍ فله الأجرُ الفلاني.. فالعبادةُ بهذه الصورةِ بدعةٌ مردودة.. لأنّ تحديد المقدار لا بد أن يكون شرعياً..  

الأمر الخامس: أن يكون زمان العبادة شرعياً، مثلاً: لو أنّ إنساناً ذبح اضحيتهُ في أول يومٍ من ذي الحجة، فقد خالف الشرع في الزمان، وصارت عبادتهُ بدعةً مردودة.. مثالُ آخر: إنسانٌ يقفُ في عرفة تعبداً في غير اليوم التاسعِ من ذي الحجة.. فهذه العبادةُ بدعةٌ لمخالفتها الزمان الشرعي..   

الأمرُ السادس: أن يكون مكان العبادة شرعياً، مثلاً إنسان يعتكف تعبداً في بيته، فعبادته بهذه الصورة بدعةٌ مردودة.. لأن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد.. لقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}..  

والخلاصةُ أنه لا عبادة مقبولة إلا بدليلٍ صحيح، وأنّ تكونَ العبادةُ موافقَةً للشرع في ستةِ أمور: في سببها، وجنسها، وكيفيتها، ومقدارها، وزمانها، ومكانها.. فالصلوات الخمس مثلاً: سببها: قوله تعالى: {واقيموا الصلاة}، وجنسها: أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصةٍ، وكيفيتها: كما في الحديث الصحيح: "صلوا كما رأيتموني أصلى"، ومقدارها: كما جاء في الحديث الصحيح: "خمس صلوات في اليوم الليلة".. وجاء في أحاديث أخرى مقدارُ كلِّ صلاةٍ منها، وهكذا زمانها: ففي الحديث الصحيح: "وَقْتُ الظُّهْرِ إذا زالَتِ الشَّمْسُ وكانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، ما لَمْ يَحْضُرِ العَصْرُ، ووَقْتُ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، ووَقْتُ صَلاةِ المَغْرِبِ ما لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ، ووَقْتُ صَلاةِ العِشاءِ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ الأوْسَطِ".. وكذلك مكانها: ففي الحديث الصحيح: "جعلت لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فحيثما أدركتك الصلاةُ فصلِّ".. 

فإن قال قائل: هل كلُّ البدعِ مذمومةٌ مردودة؟ فالجواب: نعم، كل البدعِ مذمومة، لقوله ﷺ «كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة»، قال ابن رجب الحنبلي: هذا من جوامع الكلم، فلا يخرجُ عنه شيء، وهو أصلٌ عظيمٌ من أصول الدين، وهو شبيه بقوله ﷺ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)، فكل من أحدث شيئاً ليس له أصلٌ في الدين فهو بدعةٌ وضلالة، وعمل باطل مردود..

وعلى هذا كان عمل الصحابة رضي الله عنهم، فقد جاء في أثرٍ صحيح أنّ الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: وقف على حلقةٍ في مسجد، وفي أيديهم حصى يعدون به التسبيح والتهليل والتكبير، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصىً نعدُّ به التكبيرَ والتهليلَ والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامنٌ ألا يضيعَ من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم ﷺ متوافرون، وهذه ثيابهُ لم تبل، وآنيتهُ لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملةٍ محمد، أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريدٍ للخير لم يصيبه..

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِين}..     أقول ما تسمعون ...

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}..    معاشر المؤمنين الكرام: لقد أكملَ اللهُ للأمةِ دينها ورضيهُ لها، وتمَّت به النعمةُ عليهم، {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً}، وحدد المشرعُ الحكيم لكلّ العبادات طُرقاً خاصةً.. وقيدها جنساً وسبباً، كيفيةً ومقداراً، زماناً ومكاناً، وأخبر أنّ الخيرَ فيها والشّر في تجاوزها وتعديها.. فقال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ}.. وحين يقولُ ﷺ: فإنه من يعش مُنكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة".. فهو ﷺ لا ينطقُ عن الهوى، فقد وقعَ اختلافٌ كثيرٌ.. وحين نبحثُ عن السبب وراءَ ذلك، نجدُ أنه الجهلُ وعدمُ التفقهِ في الدين، بالإضافة إلى اتباع الهوى وأئمةِ الضلال، ففي الحديث الصحيح: "إنَّ أخوفَ ما أخافُ على أمَّتي الأئمةُ المضلُّونَ".. والحلُّ: "عليْكُم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاءِ الرَّاشدينَ المَهديِّينَ مِن بعْدي، تَمسَّكوا بِها، وعَضُّوا عليْها بالنَّواجذِ"..   ولا شك أنّ مكانة النبي ﷺ عند المسلمين معلومة، فا {النَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، ولن يذوقَ المسلمُ حلاوةَ الإيمان حتى يكون حبُّ الرسول ﷺ عنده فوقَ كلّ حبيب، بل يترقّى ذلك إلى حدّ نفيِ الإيمان كما في الحديث الصحيح: "لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".. لكن السؤال المطروح هو كيف نعبرُ عن هذا الحبِّ تعبيراً صحيحاً.. بعبارةٍ أدق: ما هو الدليل العملي على صدق محبتنا له ﷺ، فالله تعالى يقول: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم)، لنصارح أنفسنا: كيف نكون صادقين في محبتنا للرسول ﷺ بينما هناك مظاهرُ كثيرةٌ في حياتنا نخالِف فيها هدي المصطفى ﷺ، ولا نتبع فيها سنته.. هل يكفي أن نقول بألسنتنا نحن نحب الرسول ﷺ.. فإذا تأملت واقعنا في بيوتنا، وفي أسواقنا، في تجمعاتنا، في شكلنا وهيئتنا، وفي فكرنا وفي ثقافتنا، وفي تجارتنا ومصالحنا، وفي علاقاتنا وسلوكياتنا.. رأيت أننا نخالفهُ في كثيٍر من تصرفاتنا وشؤون حياتنا.. ولا نلتزم بمبادئه وآدابه الرفيعة، ولا نطبقُ الكثير من هديه وسنته.. بل ولا نحرصُ على تعلُّم السنن ولا على تعليمها، فأين الدليل العملي على صدق محبتنا للمصطفى ﷺ ؟..

ومن جهة أخرى: فكم من المسلمين اليوم يسمعُ كلامَ اللهِ وكلامَ رسوله ﷺ.. يعيهِ ويفهمهُ جيداً.. حتى إذا خرجَ من المسجد.. فكأنهُ لم يسمع ولم يفهم شيئًا.. كم من سُنةٍ من سنن المصطفى ﷺ نعرفها حق المعرفة، ولكننا لا نطبقها ولا نعمل بها، ولا ننشرها ولا نُعلِّمُها حتى لأقرب الناس لنا.. وإذا فتشت عن واقع الحال، وجدت أننا مشغولون بمحبوبين آخرين، نطارد أخبارهم، ونتتبع آثارهم، ونُعجبُ بأفعالهم، ونقلِدَهم في كثيرٍ من تصرفاتهم..       

تعصي الرسول وأنت تزعم حبه .. هذا محالٌ في القياس شنيع

لو كان حبك صادقاً لأطعته  ...  إن المحبَّ لمن يحبُّ مُطيعُ

إنّ على الأمّة واجبٌ كبير نحو نبيها العظيم.. يتمثلُ في طاعته واتباعِ هديه، فقد أرسلهُ الله تعالى ليطاع فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ}، بل إنّ الله حصر الهداية في طاعته فقال: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}، وجعل الفتنةَ والعذابَ في مخالفة أمره فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}..  

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله وتفقهوا في دينكم، واحرصوا على سلامته، فهو أغلى ما عندكم، واحذَروا البدع وأئمةَ الضلال، ففي الحديث الصحيح، قال ﷺ: "إنَّ الله حجب التَّوبةَ عن كلِّ صاحبِ بدعةٍ حتَّى يدعَ بدعتَه"..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان...

اللهم صل على محمد...

المرفقات
المشاهدات 746 | التعليقات 0