اتباع سبيل المؤمنين والتحذير من الغناء والمغنين

عبدالله البصري
1431/07/17 - 2010/06/29 07:05AM
اتباع سبيل المؤمنين والتحذير من الغناء والمغنين

13 / 7 / 1431



الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ . لا يَستَوِي أَصحَابُ النَّارِ وَأَصحَابُ الجَنَّةِ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَوَى الدَّارِمِيُّ وَالحَاكِمُ وَغَيرُهُمَا عَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ ـ رَضِي اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : كَيفَ أَنتُم إِذَا لَبِسَتكُم فِتنَةٌ يَهرَمُ فِيهَا الكَبِيرُ وَيربُو فِيهَا الصَّغِيرُ وَيتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً ، فَإِذَا غُيِّرَت قَالُوا : غُيِّرَتِ السُّنَّةُ . قِيلَ : مَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبدِالرَّحمَنِ ؟ قَالَ : إِذَا كَثُرَت قُرَّاؤُكُم وَقَلَّت فُقَهَاؤُكُم ، وَكَثُرَت أُمَرَاؤُكُم وَقَلَّت أُمَنَاؤُكُم ، وَالتُمِسَتِ الدُّنيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ وَتُفُقِّهَ لِغَيرِ الدِّينِ ...
رَضِي اللهُ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ وَأَرضَاهُ ، فَلَم يكُنْ لِيَقُولَ مِثلَ هَذَا مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ أَو بِمَحضِ رَأيِهِ ، إِذْ إِنَّهُ مِن أُمُورِ الغَيبِ الَّتي لا تُدرَكُ بِخَالِصِ الرَّأيِ وَلا تَصِلُ إِلَيهَا قُوَّةُ العَقلِ ، أَمَّا وَقَد وَقَعَ مَا في كَلامِهِ ـ رَضِي اللهُ عَنهُ ـ في زَمَانِنَا هَذَا ، فَتَسَابَقَ النَّاسُ عَلَى المَنَاصِبِ دُونَ أَهلِيَّةٍ لَهَا ، وَتَنَافَسُوا في الشُّهرَةِ وَلَو بِمُخَالَفَةِ الحَقِّ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلامَ ابنِ مَسعُودٍ وَإِن كَانَ مَوقُوفًا لَفظًا فَإِنَّ لَهُ حُكمَ المَرفُوعِ مَعنَىً .
وَإِنَّ المُسلِمَ لِيتَذَكَّرُ هَذَا الكَلامَ وَيستَحَضِرُهُ بِشِدَّةٍ وَالأُمَّةُ تُصدَمُ كُلَّ يَومٍ بما تُصدَمُ بِهِ مِن أَقوَالٍ شَاذَّةٍ وَآرَاءَ مَرجُوحَةٍ ، تَستَنكِرُهَا الفِطَرُ السَّلِيمَةُ قَبلَ القُلُوبِ التَّقِيَّةِ ، وَلَكِنَّ كَثِيرِينَ قَد لا يَستَنكِرُونَهَا بَل وَيفرَحُونَ بها وَينتَشُونَ لِظُهُورِهَا ، وَيُسَارِعُونَ لِتَلمِيعِهَا وَنَشرِهَا وَالتَّروِيجِ لَهَا ، كَمَا تَفعَلُ ذَلِكَ في الغَالِبِ وَسَائِلُ الإِعلامِ مِنَ الجَرَائِدِ وَالقَنَوَاتِ ، لا لِرَأيٍ مُعتَبَرٍ اطَّلَعُوا عَلَيهِ فَتَبَنَّوهُ ، وَلا لِفِقهٍ جَدِيدٍ وَجَدُوهُ فَأَذَاعُوهُ ، وَإِنَّمَا لأَنَّهُم وَمَن سَارَ مَعَهُم قَد تَعَوَّدُوا عَلَى بَعضِ المُنكَرَاتِ وَنَبَتَت عَلَيهَا لُحُومُهُم ، وَتَشَرَّبَتهَا قُلُوبُهُم وَجَرَت بها دِمَاؤُهُم ، فَأَرَادَ لَهُمُ الشَّيطَانُ بَعدَ أَن أَيَّسَهُم مِن التَّوبَةِ مِنهَا أَن ينقُلَهُم مِن مُجَرَّدِ الوُقُوعِ فِيمَا صَغُرَ مِنهَا وَمَا كَبُرَ ، إِلى أَن يقَعُوا في وَرَطَاتٍ تَصعُبُ النَّجَاةُ مِنهَا ، مِن القَولِ عَلَى اللهِ بِغَيرِ عِلمٍ ، وَتَحلِيلِ مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَتَحرِيمِ مَا أَحَلَّهُ ، وَالافتِيَاتِ عَلَى الشَّرِيعَةِ وَالتَّقَدُّمِ بَينَ يدَي أَئِمَّةِ الفِقهِ مِن المُتَقَدِّمِينَ وَالمُتَأَخِّرِينَ ، أَو تَقُوِيلِهِم مَا لم يَقُولُوا وَتَلبِيسِهِم مَا لم يَلبَسُوا ، وَالشُّذُوذِ عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ وَاتِّبَاعِ غَيرِ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ .
فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ! كَيفَ يَفعَلُ بِالمَرءِ ضَعفُ انقِيادِهِ لِلشَّرعِ وَتَسَاهُلُهُ بِالأَوَامِرِ وَالَنَّوَاهِي ؟
وَكَيفَ يصِيرُ مَآلُهُ حِينَ يَتَّبِعُ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ وَينسَاقُ وَرَاءَهَا ، فَمِن تَركِ السُّنَنِ وَالوُقُوعِ في المَكرُوهَاتِ ، إِلى انتِهَاكِ المُحَرَّمَاتِ وَالتَّهَاونِ بِالوَاجِبَاتِ ، إِلى السُّقُوطِ في شِرَاكِ البِدَعِ وَالمُحدَثَاتِ ، ثُمَّ يكُونُ بَعدُ مَا يكُونُ مِن زَيغٍ وَضَلالاتٍ ، وَهَكَذَا لا يُزِيغُ اللهُ قَلبَ عَبدٍ حَتَّى يكُونَ هُوَ الجَانيَ عَلَى نَفسِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَنُقَلِّبُ أَفئِدَتَهُم وَأَبصَارَهُم كَمَا لم يُؤمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ " وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ " فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُم " وَهَكَذَا يُقبَضُ العِلمُ وَتَندَرِسُ مَعَالِمُ الحَقِّ ، وَيصِيرُ المَعرُوفُ مُنكَرًا وَالمُنكَرُ مَعرُوفًا ، وَيُصَدَّقُ الكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ الصَّادِقُ ، وَيُؤتَمَنُ الخَائِنُ وَيُخَوَّنُ الأَمِينُ ، حِينَ تَكُونُ وَسَائِلُ الإِعلامِ هِيَ الرَّائِدَةَ لِعُقُولِ النَّاسِ ، تَتَقَدَّمُهُم إِلى كُلِّ مَرعًى وَخِيمٍ ، وَتَأخُذُ بِهِم إِلى كُلِّ مَرتَعٍ وَبِيلٍ ، فَتَجعَلُ الصَّحَفِيَّ مُفتِيًا ، وَتُظهِرُ الجَاهِلُ بِمَظهَرِ العَالِمِ ، وَتُلَمِّعُ المَفتُونِينَ مِمَّن استَهوَتهُمُ الشُّبهَةُ وَمَلَكَهُم بَرِيقُ الشُّهرَةِ ، فَتُبرِزُهُم بِزِيِّ العُلَمَاءِ العَارِفِينَ ، وَتَغُشُّ بِهِمُ العَامَّةَ وَالغَافِلِينَ ، وَصَدَقَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَيثُ قَالَ : " إِنَّ اللهَ لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنْ يَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لم يُبقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفتَوا بِغَيرِ عِلمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " رَوَاهُ الشَّيخَانِ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد بَدَأَت تَظهَرُ في الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ مَقَالاتٌ شَاذَّةٌ وَآرَّاءُ مُخَالِفَةٌ لِسَبِيلِ المُؤمِنِينَ ، تُسَمِّيهَا وَسَائِلُ الإِعلامِ فَتَاوَى لِتَكبِيرِ أَمرِهَا ، وَتُجرِي اللِّقَاءَاتِ وَالحِوَارَاتِ حَولَهَا لِتَعظِيمِ شَأنِهَا ، وَتُقَلِّبُهَا عَلَى كُلِّ جَانِبٍ لِتَمكِينِهَا في قُلُوبِ العَامَّةِ ، وَتَاللهِ مَا هِيَ بِالفَتَاوَى وَلا الفَتَاوَى مِنهَا في شَيءٍ ، بَل هِي شُذُوذَاتٌ وَشُبُهَاتٌ ، وَانحِرَافَاتٌ وَسَقَطَاتٌ ، وَوَرْطَاتٌ وَزَلاَّتٌ . وَإِنَّ مِنَ الابتِلاءِ أَن يَقَعَ بَعضُ النَّاسِ في حَيرَةٍ مِن أَمرِهِ حِينَ يَسمَعُهَا ، أَو تُؤَدِّيَ بِهِ إِلى أَن يَحقِرَ العِلمَ وَأَهلَهُ وَيَتِّهِمَهُم بِالتَّضَارُبِ ، نَاسِيًا أَو مُتَنَاسِيًا أَنَّ اللهَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ في كِتَابِهِ قَد ذَكَرَ مِثلَ هَذَا وَأَشَارَ إِلى مَا يَجِبُ عَلَى المُؤمِنِ حِيالَهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتَابَ مِنهُ آيَاتٌ مُحكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وَابتِغَاءَ تَأوِيلِهِ وَمَا يعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ في العِلمِ يقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنَا وَمَا يذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلبَابِ "
فَقَسَّمَ ـ سُبحَانَهُ ـ وَلَهُ الحِكمَةُ البَالِغَةُ كِتَابَهُ إِلى آيَاتٍ مُحكَمَاتٍ وَاضِحَاتِ الدَّلالَةِ ، لَيسَ فِيهَا شُبهَةٌ وَلا إِشكَالٌ ، وَجَعَلَهُنَّ أَصلَهُ الَّذِي يَرجِعُ إِلَيهِ كُلُّ مُتَشَابِهٍ ، وَتِلكَ الآيَاتُ هِيَ مُعظَمُهُ وَأَكثَرُهُ ، ثُمَّ جَعَلَ مِنهُ آيَاتٍ أُخَرَ مُتَشَابِهَاتٍ ، يَلتَبِسُ مَعنَاهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الأَذهَانِ ، إِمَّا لِكَونِ دَلالَتِهَا مُجمَلَةً ، أَو لأَنَّهُ يتَبَادَرُ إِلى بَعضِ الأَفهَامِ غَيرُ المُرَادِ مِنهَا ، وَقَد كَانَ الوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِ أَن يَرُدَّ المُتَشَابِهَ إِلى المُحكَمِ وَالخَفِيَّ إِلى الجَلِيِّ ، لأَنَّهُ لا سَبِيلَ لِلوُصُولِ إِلى الحَقِّ إِلاَّ هَذَا المَسلَكُ ، لِيُصَدِّقَ بَعضُ القُرآنِ بَعضًا ، وَلِئَلاَّ يَحصُلَ فِيهِ مُنَاقَضَةٌ وَلا مُعَارَضَةٌ ، وَلَكِنَّ النَّاسَ مَعَ هَذَا انقَسَمُوا إِلى فِرقَتَينِ : فِرقَةٌ زَاغَت قُلُوبُهُم وَمَالَت عَن الاستِقَامَةِ ، وَانحرَفُوا عَن طَرِيقِ الهُدَى وَالرَّشَادِ بِسَبَبِ فَسَادِ مَقَاصِدِهِم وَتَحَرِّيهِمُ الغَيَّ وَالضَّلالَ ، فَتَرَكُوا المُحكَمَ الوَاضِحَ وَذَهَبُوا إِلى المُتَشَابِهِ طَلَبًا لِفِتنَةِ مِنَ أَرَادَ اللهُ فِتنَتَهُ " وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيئًا "
وَأَمَّا القِسمُ الثَّاني وَهُمُ الرَّاسِخُونَ في العِلمِ ، فَرَدُّوا المُتَشَابِهَ إِلى المُحكَمِ ، وَفَسَّرُوا بَعضَ القُرآنِ بِبَعضٍ وَلم يَضرِبُوا بَعضَهُ بِبَعضٍ ، لِعِلمِهِم وَيقِينِهِم أَنَّ كَلاًّ مِنَ المُحكَمِ وَالمُتَشَابِهِ مِن عِندِ رَبِّهِم ، وَمَا كَانَ مِن عِندِهِ فَلَيسَ فِيهِ تَعَارُضٌ وَلا تَنَاقُضٌ بِأَيِّ وَجهٍ مِنَ الوُجُوهِ ، بَل هُوَ مُتَّفِقٌ يُصَدِّقُ بَعضُهُ بَعضًا وَيَشهَدُ بَعضُهُ لِبَعضٍ ، وَمِن ثمَّ صَارَ أُولَئِكَ هُم أُولي الأَلبَابِ الخَالِصَةِ وَأَصحَابَ العُقُولِ الرَّاجِحَةِ ، وَصَارَ مَن سِوَاهُم مِن مُتَّبِعِي المُتَشَابِهِ هُمُ القُشُورَ الَّتي لا نَفعَ فِيهَا ، وَلِعِلمِ اللهِ ـ سُبحَانَهُ ـ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يَزِيغُ وَالحَقُّ بَينَ يدَيهِ أَو يَضِلُّ وَالقُرآنُ بَينَ جَنبَيهِ ، فَقَد أَخبَرَ عَنِ الرَّاسِخِينَ في العِلمِ أَنَّهُم يَدعُونَ قَائِلِينَ : " رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ "
وَهَذَا الَّذِي جَاءَت بِهِ هَذِهِ الآيَاتُ ـ عِبَادَ اللهِ ـ قَد جَاءَ في المُتَّفَقِ عَلَيهِ مِن حَدِيثِ النُّعمَانِ بنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " الحَلالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ ، وَبَينَهُمَا مُشتَبِهَاتٌ لا يَعلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ استَبرَأَ لِدِينِهِ وَعِرضِهِ ، وَمَن وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ ، كَالرَّاعِي يَرعَى حَولَ الحِمَى يُوشِكُ أَن يَرتَعَ فِيهِ ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً ، أَلا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ، أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلا وَهِي القَلبُ "

أَلا فَاتَّقُوا رَبَّكُم وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُم ، وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ وَالزَمُوا جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ ، وَخُذُوا بِأَقوَالِ العُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ ، وَإِيَّاكُم وَمَشَاقَّةَ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعَ غَيرِ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيتَّبِعْ غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلىَّ وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرًا " وَاعلَمُوا أَنَّ الأَقوَالَ الشَّاذَّةَ لَن تَقِفَ عِندَ حَدٍّ وَلَن تَنتَهِيَ ، فَقَد وُجِدَت مُنذُ قُرُونٍ طَوِيلَةٍ وَظَهَرَت مُنذُ آمَادٍ بَعِيدَةٍ ، وَمَا زَالَتِ البَلوَى بها تُصِيبُ بَينَ حِينٍ وَحِينٍ ، وَمَن أَحسَنَ الظَّنَّ عَلِمَ أَنَّ كُلَّ بَني آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَلم يَزَلِ العُلَمَاءُ يُصِيبُونَ وَيُخطِئُونَ ، فَمَاذَا نَحنُ فَاعِلُونَ ؟!
هَل سَنَنجَرِفُ وَرَاءَ كُلِّ شُذُوذٍ وَمُخَالَفَةٍ ؟!
هَل سَنَقَعُ في الفِتنَةِ عِندَ أَوَّلِ نَازِلَةٍ ؟!
هَل سَنُغَيِّرُ قَنَاعَاتِنَا وَنَقتَلِعُ ثَوَابِتَنَا لأَدنى شُبهَةٍ ؟!
إِنْ كُنَّا كَذَلِكَ فَبِئسَ القَومُ نَحنُ !!
وَلَو أَنَّا أَخَذنَا بِزَلَّةِ كُلِّ عَالِمٍ وَانزَلَقنَا مَعَ كُلِّ طَالِبِ عِلمٍ في سَقَطَاتِهِ ، لاجتَمَعَ فِينَا الشَّرُّ كُلُّهُ ، وَلَصِرنَا عَبِيدًا لأَهوَائِنَا لا عَابِدِينَ لِرَبِّنَا ، وَقَد حَذَّرَنَا النَّاصِحُ الشَّفِيقُ مِمَّن يَأتُونَنَا بِالغَرَائِبِ وَيُحَدِّثُونَ بِشَوَاذِّ المَسائِلِ فَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " يَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، يَأتُونَكُم مِنَ الأَحَادِيثِ بما لم تَسمَعُوا أَنتُم وَلا آبَاؤُكُم ، فَإِيَّاكُم وَإِيَّاهُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ ، وَحَتَّى مَعَ إِحسَانِ الظَّنِّ بِبَعضِ مَن تَزِلُّ بِهِمُ الأَقدَامُ وَيَشِذُّونَ ، فَإِنَّ المَوقِفَ الصَّحِيحَ أَن يُحفَظَ لَهُم حَقُّهُم وَيُعرَفَ قَدرُهُم ، وَلَكِن لا يُرفَعُونَ فَوقَ مَنزِلَتِهِم وَلا يُقَرُّونَ عَلَى خَطَئِهِم ، فَإِنَّ نَبيَّ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَد قَالَ : " مَثَلُ مَا بَعَثَني اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلمِ كَمَثَلِ الغَيثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرضًا ، فَكَانَ مِنهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنبَتَتِ الكَلأَ وَالعُشبَ الكَثِيرَ ، وَكَانَت مِنهَا أَجَادِبُ أَمسَكَتِ المَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بها النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوا وَزَرَعُوا ، وَأَصَابَ مِنهَا طَائِفَةً أُخرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمسِكُ مَاءً وَلا تُنبِتُ كَلأً ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَني اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، وَمَثَلُ مَن لم يَرفَعْ بِذَلِكَ رَأسًا وَلم يَقبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرسِلتُ بِهِ " فَلَيسَ كُلُّ مَن حَفِظَ القُرآنَ صَارَ فَقِيهًا ، وَإِن كَانَ في الوَاقِعِ لَدَيهِ مِنَ العِلمِ مَا لَدَيهِ ، فَليُنتَبَهْ لِذَلِكَ وَلَيُؤخَذْ بِهِ ، وَليُقتَصَرْ في أَخذِ الفَتوَى عَن أَهلِهَا المَعرُوفِينَ بها ، فَبِذَلِكَ أَمَرَنَا رَبُّنَا ـ سُبحَانَهُ ـ فَقَالَ : وَمَا أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيهِم فَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمُونَ . بِالبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يتَفَكَّرُونَ "




الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَخَافُوهُ وَلا تَنسَوهُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مِن آخِرِ مَا زَلَّت بِهِ أَفكَارُ بَعضِ مَن نَسأَلُ اللهَ لَهُمُ الهِدَايةَ وَالرُّجُوعَ إِلى الحَقِّ ، القَولُ بِإِبَاحَةِ الغِنَاءِ وَالمَعَازِفِ ، وَبَعِيدًا عَن مُنَاقَشَةِ هَذَا القَولِ وَالدُّخُولِ في مَتَاهَاتِ الشُّبُهَاتِ ، فَهَذِهِ بَعضُ أَحَادِيثِ الصَّادِقِ المَصدُوقِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ المُحَرِّمَةِ لِلغِنَاءِ وَالمَعَازِفِ ، وَالمُحذِّرَةِ مِنَ اللَّهوِ وَالمُغَنِّينَ ، رَوَى البُخَارِيُّ عَن أَبي مَالِكٍ الأَشعَرِيِّ ـ رَضِي اللهُ عَنهُ ـ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " لَيكُونَنَّ مِن أُمَّتي أَقوَامٌ يَستَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ وَالخَمرَ وَالمَعَازِفَ " وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ ـ رَضِي اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " صَوتَانِ مَلعُونَانِ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ : مِزمَارٌ عِندَ نِعمَةٍ ، وَرنَّةٌ عِندَ مُصِيبَةٍ " أَخرَجَهُ البَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعَن عَبدِالرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ ـ رَضِي اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنِّي لم أُنْهَ عَنِ البُكَاءِ ، وَلَكِنِّي نُهِيتُ عَن صَوتَينِ أَحمَقَينِ فَاجِرَينِ : صَوتٌ عِندَ نِعمَةٍ : لَهوٌ وَلَعِبٌ وَمَزَامِيرُ الشَّيطَانُ ، وَصَوتٌ عِندَ مُصِيبَةٍ : لَطمُ وُجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ وَرَنَّةُ شَيطَانٍ " أَخرَجَهُ الحَاكِمُ وَالبَيهَقِيُّ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِي اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيَّ ـ أَو حَرَّمَ ـ الخَمرَ وَالمَيسِرَ وَالكُوبَةَ ، وَكُلُّ مُسكِرٍ حَرَامٌ " أَخرَجَهُ أَبُو دَاودَ وَأَحمَدُ وَغَيرُهُم وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي المُعجَمِ الكَبِيرِ قَالَ سُفيانُ : قُلتُ لِعَلِيِّ بنِ بُذِيمَةَ : مَا الكُوبَةُ ؟ قَالَ : الطَّبلُ . وَعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " يكُونُ في أُمَّتي قَذفٌ وَمَسخٌ وَخَسفٌ " قِيلَ : يا رَسُولَ اللهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : " إِذَا ظَهَرَتِ المَعَازِفُ وَكَثُرَتِ القِيَانُ وَشُرِبَتِ الخُمُورُ " أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، بَينَ حِينٍ وَآخَرَ يَقبِضُ رِجَالُ الحِسبَةِ عَلَى شَابَّينِ في خَلوَةٍ شَيطَانِيَّةٍ ، أَو يَكشِفُونَ وَكرَ دَعَارَةٍ وَمَقَرَّ فَسَادٍ خُلُقِيٍّ ، أَو تَعثُرُ السُّلُطَاتُ الأَمنِيَّةُ عَلَى لَقِيطٍ مَترُوكٍ لَدَى بَابِ مَسجِدٍ أَو مَدخَلِ مُستَشفًى أَو وَسَطَ سُوقٍ ، أَو مَرمِيٍّ بِجَانِبِ حَاوِيَةٍ أَو مُلقًى عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، وَاللهُ ـ تَعَالى ـ يَقُولُ : " وَلا تَقرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً "
وَالعُلَمَاءُ يقُولُونَ إِنَّ الغِنَاءَ بَرِيدُ الزِّنَا ، وَإِنَّ مِنَ العَجَبِ أَن يَزعُمَ مِن يُبِيحُ الغِنَاءَ أَنَّهُ لا يَقُولُ بِإِبَاحَتِهِ إِلاَّ إِذَا كَانَ غَيرَ مُثِيرٍ لِلشَّهوَةِ ، وَيَا سُبحَانَ اللهِ !! مَتَى كَانَ الغِنَاءُ لا يُثِيرُ الشَّهَوَاتِ وَلا يَبعَثُ عَلَى الشَّوقِ إِلى لِقَاءِ النِّسَاءِ الأَجنَبِيَّاتِ ؟!
مَتَى كَانَت كَلِمَاتُ الغِنَاءِ خَارِجَةً عَن ذِكرِ مَفَاتِنِ النِّسَاءِ وَتَهيِيجِ النَّاسِ عَلَى الفَوَاحِشِ ؟!
هَل سَمِعتُم مُغَنِّيًا يَحُثُّ عَلَى مَكَارِمِ الأَخلاقِ وَمَحمُودِ الصِّفَاتِ ؟!
هَل سَمِعتُم مُغَنِّيًا يَحُثُّ عَلَى العِفَّةِ وَالطَّهَارَةِ وَالنَّزَاهَةِ وَالابتِعَادِ عَن الخَنَا وَمَوَاطِنِ الرِّيبَةِ ؟!
لا وَاللهِ ، مَا عَرَفنَا الغِنَاءَ وَالمُغَنِّينَ إِلاَّ هَائِمِينَ في أَودِيَةِ الغَيِّ وَالضَّلالَةِ ، يَصِفُونَ مَفَاتِنَ النِّسَاءِ وَيَذكُرُونَ مَحَاسِنَهُنَّ ، وَيُوقِعُونَ القُلُوبَ قَبلَ الأَعيُنِ عَلَى مَكَامِنِ الجَمَالِ في كُلِّ جُزءٍ مِن أَجسَادِهِنَّ ، وَيَصِفُونَ لَوَاعِجَ الشَّوقِ وَيَشكُونَ حَرَارَةِ الحُبِّ ، فَأَيُّ فِقهٍ هَذَا الَّذِي يَقُولُ بِهِ مَن يُبِيحُ الغِنَاءَ إِذَا لم يكُنْ يُثِيرُ الغَرَائِزَ ؟
إِنَّ مَن يَقُولُ بِهَذَا كَمَن يقُولُ لا بَأسَ بِشُربِ الخَمرِ إِذَا لم تُسكِرْ . وَتَاللهِ إِنَّهُ إِذَا كَانَتِ الخَمرُ لا تَنفَكُّ عَنِ الإِسكَارِ وَإِذهَابِ العَقلِ وَإِيقَاعِ شَارِبِهَا في الإِثمِ وَالكَبَائِرِ ، فَإِنَّ الغِنَاءَ لا يَنفَكُّ عَن إِيقَادِ نَارِ الشَّهوَةِ وَتَحرِيكِ كَوَامِنِ الغَرِيزَةِ وَصَدِّ مُستَمِعِهِ عَن ذِكرِ اللهِ وَقِرَاءَةِ القُرآنِ وَعَنِ الصَّلاةِ ، وَتَحبِيبِ الزِّنَا إِلَيهِ وَإِيقَاعِهِ في الفَوَاحِشِ .

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ فَإِنَّ الأُمَّةَ وَهِيَ في حَالِ حَربٍ مَعَ أَعدَائِهَا في الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ لَيسَت بِحَاجَةٍ إِلى مَن يُبِيحُ لها الغِنَاءَ وَيَفتِنُهَا بِسَمَاعِهِ ، فَيَزِيدُهَا غَفلَةً وَوَهنًا ، وَيُلبِسُهَا خُمُولاً وَضَعفًا ، بَل إِنَّ الوَاجِبَ عَلَى أَفرَادِهَا أَن يُقبِلُوا عَلَى رَبِّهِم وَيُكثِرُوا مِن ذِكرِهِ ، فَذَلِكَ أَدعَى لَطُمَأنِينَةِ نُفُوسِهِم وَأَربَطُ لِقُلُوبِهِم وَأَقرَبُ لِنَصرِهِم ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
المشاهدات 4987 | التعليقات 7

بارك الله فيكم أخي الشيخ البصري ،خطبة ماتعة موفقة ،بارك الله لك في أجرها.
ندّ بك الكي بورد :) هنا :

وَتُظهِرُ الجَاهِلُ بِمَظهَرِ العَالِمِ


حُيِّيتَ ـ شَيخُ عَليٌّ ـ ومتعك الله بالعافية في الدنيا والآخرة .

وما أشرت إليه من سبق هو سبق في الحقيقة ولكنه ليس من (لوحة المفاتيح) ولا من أصابعي ـ سددها الله ـ وإنما هو من برنامج (تشكيل قوقل) وغفلة عيني ـ سامحها الله ـ رغم تعدد مرات المراجعة والتصحيح ، والكمال لله .

وعليه فليعتمد الصواب (وَتُظهِرُ الجَاهِلَ) إذ هو مفعول به منصوب .


@علي الفضلي 3433 wrote:

بارك الله فيكم أخي الشيخ البصري ،خطبة ماتعة موفقة ،بارك الله لك في أجرها.

ندّ بك الكي بورد :) هنا :
وَتُظهِرُ الجَاهِلُ بِمَظهَرِ العَالِمِ


أيهما أخطر :rolleyes: عجمة ( الكي بورد) أم سهو مدقق حصيف

ألا يذكرك شيخنا المسند :) بثنائية القذاة والجذع :D


صديقك من صدقك;3438 wrote:
أيهما أخطر :rolleyes: عجمة ( الكي بورد) أم سهو مدقق حصيف

ألا يذكرك شيخنا المسند :) بثنائية القذاة والجذع :d[/center]
لا ، ولكن من باب الكلام لك واسمعي يا جارة !! أي الخطأ من البروفوسور قوقل ،ولكن انتبه يا من ستقتبس الخطبة كلها في خطبتك!
والمعنى: أن مزجي البضاعة في النحو من الخطباء يبحثون عن الخطب المشكولة ،فتنبيهي فيه تنبيه لهم حتى لا يقعوا في الخطأ ،وتنبيه للشاكل لكي يحترس من الأستاذ قوقل.
وسلامتك.


المبتدأُ ترحيبٌ واسعٌ بك أخي (صديقك من صدقك) فإني مُذ مدةٍ لم أسعدْ بِرُؤيةِ اسمِك ولا قراءةِ مُشاركةٍ لك في هذا المنتدى الذي يَطمَحُ إلى مشاركاتِك وأمثالِك مِن مثلِ الشيخِ الفضلي .
والخبرُ أني لا أَدري أين الجِذعُ وأين القَذَاةُ ، ولكنْ بارك اللهُ فِيمَن نَصَحَ وأَهدى إلى أَخِيهِ ما يَنفعُهُ ولو كَانَ .... !!!

قال ابنُ الأثيرِ :

النصيحة : كلمة يُعَبّرُ بها عن جملة هي إرادة الخير للمَنْصوح له ، وليس يُمكنُ أن يُعَبَّر (عن) هذا المعنى بكلمة واحدة تَجْمَع معناه غيرها .
وأصل النُّصْح في اللغة : الخُلُوص . يقال نَصَحَتُه ونَصحتُ له .

ومن خلال تجربتي في تصحيح تشكيل (قوقل) وجدت عيني تتجاوز كليمات ولا بُدَّ ؛ لأني أقرأ أحيانًا مما اختزنته ذاكرتي من كثرة ترداد القراءة لا مما تراه عيني في ذلك الوقت .

ويأبى الله الكمال إلا لذاته وصفاته ، ولا أجدني أتمثل بقولٍ خيرٍ من كلامه ـ تبارك وتعالى ـ وهو من خلقنا ويعلم طبيعتنا ونقصنا ، حيث يقول ـ سبحانه ـ : " وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا "


ياشيخ عبد الله البصري بارك الله فيك, ونفع بعلمك, سر على بركة الله,
ومن ملح الفوائد هنا طرق الإعراب, وأنت فارسه والمبدع فيه,
جزاك الله عنّا خير الجزاء, اللهم صلّ وسلّم على نبيّنا محمّد وآله وصحبه


ليت إخواننا على اختلاف ما آتاهم الله من حفظ لكتابه وضبط لأقوال نبيه وأصوات حسنة وإلقاء مؤثر ونجاح في دعوة ووعظ... ليتهم يفقهون هذا الحديث (( مَثَلُ مَا بَعَثَني اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلمِ كَمَثَلِ الغَيثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرضًا ، فَكَانَ مِنهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنبَتَتِ الكَلأَ وَالعُشبَ الكَثِيرَ ، وَكَانَت مِنهَا أَجَادِبُ أَمسَكَتِ المَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بها النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوا وَزَرَعُوا ، وَأَصَابَ مِنهَا طَائِفَةً أُخرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمسِكُ مَاءً وَلا تُنبِتُ كَلأً ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَني اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، وَمَثَلُ مَن لم يَرفَعْ بِذَلِكَ رَأسًا وَلم يَقبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرسِلتُ بِهِ ))
إنهم لو فقهوا هذا الحديث لعلم بعضهم أن منتهى جهده أن يحفظ وينقل للناس ما حفظه فلا يتجاوز إلى استنباط ما لا يحسن استنباطه فيَضِل ويُضِل ...
كارثة أن يعطي الله عبدا صوتا جميلا في تلاوة أو إلقاء مؤثرا في خطابة فيوقعه عدوه الشيطان في الاعتداد بنفسه والتقحم فيما ليس من شأنه ... ولو أنه اكتفى بما آتاه الله وسد الثغر الذي هو فيه لنال أجرا عظيما ... لكن عدو الله يعرف من أين تؤكل الكتف فيأتي هؤلاء من باب العجب وعدم الظهور امام الناس بمظهر الذي لا يعلم ... فيوحي للواحد من هؤلاء أنه يعلم كل شيء ويحيد به عن جنة ( لا أدري ) فيقع في ورطات لا منجي له منها إلا أن يتوب ... وما أصعبها على من توغل في طريق تتلقفه فيه وسائل إعلام خبيثة ماكرة تؤزه أزاً وتوقع بينه وبين إخوانه بدهاء عجيب وحيل ملتوية ...
.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,
قال الإمام النووي رحمه الله :

أما معاني الحديث ومقصوده فهو تمثيل الهدى الذي جاء به صلى الله عليه و سلم بالغيث . ومعناه أن الأرض ثلاثة أنواع . وكذلك الناس ... فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيى بعد أن كان ميتا وينبت الكلأ فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع ...
والنوع الثاني من الأرض مالا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي إمساك الماء لغيرها فينتفع بها الناس والدواب وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به فهؤلاء نفعوا بما بلغهم ...
والنوع الثالث من الأرض السباخ التي لا تنبت ونحوها فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع بها غيرها وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فاذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم والله أعلم ...