ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ والْأَمَانَة 24 جُمَادَى الأُولَى 1445هـ
محمد بن مبارك الشرافي
ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ والْأَمَانَة 24 جُمَادَى الأُولَى 1445هـ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أَمَّا بَعْدُ: إِنَّ مِنْ عِظَمِ شَأْنِ الْأَمَانَةِ؛ أَنَّ اللهَ عرَضَها عَلَى أَعْظَمِ مَخْلُوقَاتِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}.
وَالْأَمَانَةُ ضِدُّ الْخِيَانَةِ، وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا عُهِدَ بِهِ إِلَى الْإِنْسَانِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ؛ كَالْعِبَادَاتِ، وَالْوَدَائِعِ؛ وَمِنْ أَعْظَمِ الْوَدَائِعِ كَتْمُ الْأَسْرَارِ.
وَجَاءَ الْأَمْرُ بِحِفْظِ الْأَمَانَاتِ وَرِعَايَتِهَا فيِ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}, وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا؛ أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا؛ أَتْلَفَهُ اللَّهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَيْضًا (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَتَضْيِيعُ الْأَمَانَةِ عَلَامَةٌ عَلَى ضَعْفِ الْإِيمَانِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ. بِلْ هُوَ مِنْ خِصَالِ الْمُنافِقِينَ - عِيَاذًا بِاللهِ مِنْ هَذَا الخُلُقِ السَّيِّءِ؛ لقِوَلْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مَجَالاتِ الْأَمَانَةِ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، فَمِنْ أَهَمِّهَا التَّكَالِيفُ وَالْحُقُوقُ التِي أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِرِعَايَتِهَا وَصِيَانَتِهَا، مِمَّا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالدِّينِ، أَوِ النُّفُوسِ، أَوِ الْعُقُولِ، أَوِ الْأَعْرَاضِ، أَوِ الْأَمْوَالِ.
وَمِنَ الْأَمَانَاتِ الْعَامَّةِ التِي يَجِبُ تَقْوىَ اللهِ فيِهَا: الْوَظَائِفُ بِشَتَّى أَنْوَاعِهَا وَالْمَسْؤُولِيَّاِتُ بِمُختَلَفِ صُوَرِهَا؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي ؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ (يَا أَبَا ذَرٍّ! إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُؤْتَمُنُ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ؛ الْأَمْوَالَ الْعَامَّةَ التِي تَعُودُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى حِفْظَهَا كَمَا يَحْفَظُ الْإِنْسَانُ مَالَهُ وَأَشَدّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ؛ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رَوَاهُ مُسْلِم.
وَامَتَدَحَ الأَمِينَ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، بِقَوْلِهِ (الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِي يُؤَدِّي مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ؛ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَجَاءَ تَحْذِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خِيَانَةِ الْوِلايَةِ الْعَامَّةِ بِقَوْلِهِ: (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ) رَوَاهُ مُسْلِم.
وَمِنْ عَلامَاتِ سُوءِ الزَّمَانِ وَفَسَادِ الْمُجْتَمَعِ؛ ضَيَاعُ الْأَمَانَةِ، وَالتَّهَاوُنُ فِي الْمَسْؤُولِيَّةِ، وَتَقْدِيمُ الْمَصَالِحِ الذَّاتِيَّةِ عَلَى الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَفِي مَقَامِّ الذَّمِّ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفُحْشَ وَالَتَّفَحُّشَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخَوَّنَ الأَمِينُ، وُيؤْتَمَنَ الْخَائِنُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالتَّفَحُّشُ، وَسُوءُ الْجِوَارِ، وَقَطِيعَةُ الأَرْحَامِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ.
فَفِي آخِرِ الزَّمَانِ يَكُونُ الْأَمِينُ مَعْدُومًا أَوْ شِبْهَ مَعْدُومٍ بَيْنَ النَّاسِ؛ لِذَا عَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَامَةً عَلَى اقْتِرَابِ السَّاعَةِ؛ كَمَا فِي قوَلْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ؛ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ), قيل: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ؛ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِروهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ على نبيِّنَا محمدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاسْتَمِعُوا لِهَذِهِ الْمَوَاقِفِ الْعَجِيبَةِ مِنْ حَيَاةِ شَيْخِنَا العُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ, التِي تُبَيِّنُ وَرَعَهُ وَأَمَانَتَهُ, وَتَحرُّزَهُ مِنْ الحُقُوقِ العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ, لَعَلَّهَا تَكُونُ حَافِزًا لَنَا عَلَى حِفْظِ الأَمَانَةِ.
يَقُولُ أَحَدُ أَعْضَاءِ الْجَمْعِيَّةِ الْخَيْرِيَّةِ لِتَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِعُنَيْزَةَ: وَفِي مَجَالِسِ الْجَمْعِيَّةِ لاحَظْتُ الْوَرَعَ فِي تَعَامُلِهِ رَحِمَه ُاللهُ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ وَصَلَنَا تَبَرُّعٌ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمِ وَفَّقَهُمُ اللهُ بِمَبْلَغِ مِائَةِ أَلْفِ رِيَالٍ، وَكَانَ مُذَيَّلًا فِي الشِّيكِ أَنَّهُ زَكَاةٌ، فَعَرَضْنَا ذَلِكَ عَلَى فَضِيلَتِهِ، وَكَانَ قَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ صَرْفِ الزّكَاةِ لِجَمْعِيَّاتِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَقُلْنَا سَنَضَعُهُ فِي الطُّلَّابِ الْفُقَرَاءِ وَالْمُعَلِّمِينَ الْمُحْتَاجِينِ، فَقَالَ: لِيُرَدَّ عَلَيْهِمُ الْمَبْلَغُ أَوْ يُرَاجَعُونَ فِي تَجْوِيزهِ لِصَرْفِهِ فِي غَرْضِ الزَّكَاةِ.
وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الْعَجِيبَةِ عَنْهُ أَنَّ شَيْخِنَا العُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ كَانَ إِذَا اسْتَخْدَمَ قَلَمَهُ فِي الْجَامِعِ وَاضْطْرَّ لِأَنَّ يَمْلَأَ قَلَمَهُ بِالْحِبْرِ مِنَ (الدَّوَاةِ) مِنْ مَكْتَبَةِ الْجَامِعَةِ بَعْدَ أَنْ يَنْتَهِيَ مِنَ الْعَمَلِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ يُفْرِغُ مَا بَقِيَ مِنَ الْحِبْرِ فِي قَلَمِهِ فِي (الدَّوَاةِ) بِالْمَكْتَبِ ثُمَّ انْطَلَقَ.
وَيَقُولُ تِلامِيذِهِ المُلَازِمِينَ لَهُ جِدًّا : رَافَقْتُ الشَّيْخَ مَرَّةً مِنَ الْجَامِعَةِ وَحَتَّى بَيْتِهِ.. وَحِينَ وَصَلْنَا لِلْمَنْزِلِ أَمَرَنِي الشَّيْخُ بِالنُّزُولِ مِنَ السَّيَّارَةِ, فَقُلْتُ لَهُ: خَلِّ فُلانًا (السَّائِقَ) يُوصِلُنِي لِلسَّكَنِ لَوْ سَمَحْتَ بِذَلِكَ ؟ فَقَالَ: لَا , انْزِلْ هُنَا وَامْشِ عَلَى قَدَمَيْكَ ! فَخَرَجْتُ مِنَ السَّيَّارَةِ فَلَمَّا رَأَى أَثَرَ كَلَامَهُ عَلَيَّ قَالَ لِي: هَذِهِ السَّيَّارَةُ يَا بُنَيَّ أُعْطِيَتْ لِي لاسْتِعْمَالِهَا فِي عَمَلِي وَشُغُلِي, وَلا يَجُوزُ لِي شَرْعًا أَنْ أَسْمَحَ لِأَحَدٍ آخَرَ بِاسْتِعْمَالِهَا إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ الْجَامِعَةِ, وَلا حَتَّى لِأَبْنَائِي وَأَهْلِي.
وَيَقُولُ طَلَّابِهِ مِمَّنْ كَانَ يُقَدِّمُ لَهُ فِي مُحَاضِرَاتِهِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ الأَسْئِلَةَ : كَانَ لِلشَّيْخِ مُحَاضَرَةٌ فِي إِحْدَى الدُّورِ الصَّيْفِيَّةِ لِلْبَنَاتِ التَّابِعَةِ لِجَمْعِيَّةِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ فِي عُنَيْزَةَ، وَلَمَّا حَضَرَ كُنْتُ أَحْضَرْتُ مَعِي إِنَاءًا صِغِيرًا فِيهِ رُطَبٌ، وَكَانَ الرُّطَبُ فِي بِدَايَتِهِ، وَلَمَّا قَدَّمْتُه لِلشَّيْخِ أَكَلَ مِنْهُ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، وَاسْتَغْرَبَ أَنْ يُوجَدَ الرُّطَبُ فِي هَذِا الْوَقْتِ، لَكِنِّي قُلْتُ لَهُ إِنَّ هَذا مِنْ نَخْلَةٍ عِنْدَنَا بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ وَتُسْقَى مِنْ مَاءِ الْمَسْجِدِ، وَيَأْكُلُ مِنْهَا جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ وَالْمَارَّةُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ لِي ــــ وَلَمْ يَكُنْ مَعَنا أَحَدٌ ـــــ يَعْنِي لَيْسَتْ عِنْدَكَ فِي الْبَيْتِ، قُلْتَ: لا، فَأَخْرَجَ مِنْ جِيْبِهِ عِشْرِينَ رِيَالًا وَمَدَّهَا لِي فَحَاوَلْتُ رَدَّهُ لَكِنَّهُ رَفَضَ بِشِدَّةٍ، فَأَدْخَلْتُ الْمَبْلَغَ لِلمْسَجْدِ، وَنَدِمْتُ أَنْ كُنْتُ أَسَأْتُ إِلَى الشَّيْخِ مِنْ حُيْثُ لا أَرِيدُ ذَلِكَ، وِإِنَّمَا أَحَبْبُتُ أَنْ يَطْعَمَ مِنْهَا حُبًّا لَهُ.
الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ، الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْبًا عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.
المرفقات
1701889771_ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ والْأَمَانَة 24 جُمَادَى الأُولَى 1445هـ.doc
المشاهدات 1809 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
محمد البدر
جزاك لله خير
تعديل التعليق