إياك نعبد

‏الخطبة الخامسة
(إياك نستعين )
ان الحمد لله نستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يظلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه ‏عباد الله ما هي الاستعانة ؟ان الاستعانة هي التوكل على الله تبارك وتعالى والتوكل على الله هو شرط الإيمان (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )التوكل هو ‫نصف الدين قال ابن القيم رحمه الله سر الخلق والامر والكتب والشرائع والثواب والعقاب انتهى إلى هاتين الكلمتين (إياك نعبد وإياك نستعين )وعليهما مدار العبودية والتوحيد و‏(إياك نعبد وإياك نستعين )مقسومة بين الرب وبين عبده نصفين فنصفها لله وهو إياك نعبد ونصفها للعبد وهو إياك نستعين لأن العبادة تجمع اصلين غاية الحب وغاية الذل والخضوع والاستعانة تجمع اصلين هم الثقة بالله والاعتماد عليه ،ان الاستعانة بالله تعالى تعني تفويض الأمر إلى الله عز وجل في كل أمور العبد الدينية والدنيوية فاجعل الاستعانة بالله في كل شئونك لتكون مرتبطا بالله مفوضا كل امورك اليه حتى تعيش مسددا في حياتك محفوظا موفقا بعيدا عن هوى نفسك وشهواتك وتقليد ما عليه اكثر الناس،ان العبد اذا فوض اموره الى الله تعالى وقال بلسان الحال والمقال:ياربي عليك اعتمادي واليك التجائي وبك ثقتي ومنك رجائي ولك حياتي ومماتي افوض امري اليك وشكاتي عليك فدلني على ما يرضيك ويسر حاجتي واكشف ضري وارفع بأسي فلاحول لي ولاقوة الا بك فاذا كنت كذلك حفظك الله من كيد الشيطان وردّات فعل النفس بالغضب والكبر والبغي والعدوان،ومن سلّم امره لله واظهرضعفه وعجزه بين يدي مولاه فقد غنم ورضي وارتاح قلبه ولم يتحسر على فوات محبوب او حلول مكروه .قال شيخ الاسلام رحمه الله:تأملت انفع الدعاء فاذا هو في سؤال الله العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد واياك نستعين)ايها المسلمون استخيروا ربكم في كل ما تُقدمون عليه مما انتم فيه مترددون بين النفع والضر وجاء في حديث الاستخارة(اللهم استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك فإنك تعلم ولا اعلم وتقدر ولا اقدر وانت علام الغيوب ان كان هذا الامرخيرا في ديني ودنياي وعاقبة امري وعاجله وآجله فاقدره لي وان كان هذا الامر شرا لي في ديني ودنياي وعاقبة امري وعاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان)مسلم ،وتأمل اخي المسلم في هذه الكلمة العظيمة التي هي كنز من كنوز الجنة(لاحول ولا قوة الا بالله)اي لاتحول من حال الى حال ولاقدرة للعبد ولا قوة الا بالله،اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم ﷺ على محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
الخطبة الثانية:
الحمدلله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى اما بعد
ايها الاخوة ان من ثمرات الاستعانة بالله ان المستعين بربه يسدد ويعان على احسن الاقوال والاعمال فان كان العون على طاعة وجد بها العبد السهولة واللذة والراحة وزيادة الايمان واذا استعنت بالله على ترك معصيته فلابد لك من ثلاثة امور:اولها/صدق الرغبة في طلب رضى الله وخوف عقابه،بأن تكون التوبة ابتغاءً لوجه لا لأجل غرض آخر،وثانيها/الصبر على منازعة النفس واغواء الشيطان وتزيين جلساء السوء ،وثالثها/ الاستعداد لترك مل سبيل يوصل الى المعصية ويغري بها،فاذا جمع العبد قواه مستعينا بربه على تحقيق هذه الامور الثلاثة منكسراً بين يدي ربع سهّل الله عليه فراقها وثبته على عدم الرجوع فيها فكانت توبته نصوحا ،وان كان العون من الله تعالى على شأن دنيوي يسر الله لك العسير وسخر لك من يقضي حاجتك،وان كان العون على دفع شدة وكربة فرج الله كربتك اما بزوالها او تخفيفها او بقيت عليك الشدة رضّاك الله بقدره وشرح صدرك للطمأنينة واليقين بالمقدور وعلمت ان اختيار لك اعظم من اختيارك لنفسك،ايها الاخوة ومن ضعفت استعانته بربه وكله الله الى نفسه وشيطانه الذي يدعوه الى الاشر والبطر حال النعمة ويدعوه الى الضيق والتحسر حال الشدة وصارت حياته تبعا لهواه وليست لمراد ربه فلايجد راحة القلب ولاطمأنينة النفس فاحتوشته الشياطين ورمته النفس بسهام الهوى وراء الشهوات والشبهات واغتر بما عليه الغافلون والعاصون،ايها الاخوة ان المحروم من كانت نعم الله عليه سبباًفي بعده عن ربه في باستعماله النعم فيما حرم الله عليه،وان الموفق من كانت نعم الله عليه سبيلاً لمرضاة الله بشكرها واستعمالها فيما اباح الله وشرع،فاجعل اخي المبارك استعانتك بربك دائما في قلبك لتسعد في دنياك واخراك قال النبي ﷺ: (عجباً لامر المؤمن ان امره كله له خير وليس ذلك لأحد الا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له)مسلم
اللهم اجعلنا ممن توكل عليك فكفيته واستهداك فهديته وسألك فأعطيته وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
المشاهدات 530 | التعليقات 0