إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ

محمد البدر
1437/05/03 - 2016/02/12 02:43AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
عباد الله :قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْ‌فَعَ وَيُذْكَرَ‌ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴿٣٦﴾ رِ‌جَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَ‌ةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ‌ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ الآية.
المساجد هي بيوت الله ، وهي أحب البقاع إلى الله ، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله r قال : (أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا).
وقال عليه الصلاة والسلام للأعرابي الذي بال في ناحية المسجد :( إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ). متفق عليه .
المساجد بيوت الله عز وجل ، وهي خير بقاع الأرض وأحب البلاد إلى الله تعالى، أضافها الله تعالى إلى نفسه تشريفاً لها ،فيجب علينا أن نجنب المساجد الأذى والآذية وأن نغرس في ابنائنا محبة بيوت الله والمحافظة والحرص على نظافتها واحترامها .
فمن الأذية في المساجد رفع الأصوات وكثرة الازعاجات من الصغار والكبار،ويدخل في ذلك الهاتف المحمول والذي هو من نعم الله والذي يجب أن يستغل في مرضات الله ويُجعل وسيلة للترابط الأسري وترابط المجتمع ، وللأسف الشديد أستخدمه الكثير في أغراض سيئة ودنيئة منها نشر العقائد الفاسدة ونشر الإشاعات ونشر الصور السيئة والمقاطع البذيئة بل ونشر الأحاديث النبوية الغير صحيحة وقد تكون مكذوبة ومنكرة والقصص المكذوبة والمختلقة ، ورفع أصوات النغمات الصاخبة والأغاني الماجنة مما سبب الأذية والضغينة بين الناس ،وقد عانى الكثير من المصلين في هذا المسجد و غيره من المساجد من هذه القضية معاناة مستمرة .
عباد الله :إن هذه التصرفات تتنافي مع ما ينبغي أن يكون عليه المرء المسلم في دور العبادة من الخشوع والسكون والطمأنينة, فالمسلم مطلوب منه أن يعظم الصلاة وأن يقدرها حق قدرها ومن ذلك تنزيه الصلاة والمساجد من هذه الآفة الغريبة التي تنافي جلالة الموقف وعظمة المكان وتذهب خشوع المصلين .
قال تعالى:} ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ{ (الحج:32)
ومما يدخل في الأذية إتيان المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً، وما أشبهها من الروائح الكريهة؛ كأصحاب السجاير والشيشة ، والعمال الذين تنبعث منهم روائح كريهة نتيجة العرق أو الزيوت المؤذية ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«مَنْ أَكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ» متفق عليه .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ وَقَالَ مَرَّةً مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ » متفق عليه .
كل ذلك منعاً للرائحة الكريهة التي يتأذى منها الحاضرون من الملائكة والمصلين.
وقد جاء الترغيب في التطيب والتزين عند المجيء إلى المساجد،حتى يؤدي المسلم العبادة في جو هادئ نظيف ذي رائحة طيبة،قال تعالى : ﴿ يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ«الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ومن الإيذاء الكلام وقت الخطبة والخطيب يتكلم، ومن حرص الإسلام على الهدوء أثناء الخطبة أن منع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من دعائم الدين القويم، وذلك أنه منع أن يقول المسلم لأخيه:أنصت، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .
وقد فسر العلماء اللغو في الجمعة أن فاعل ذلك لا ثواب له، ولكن جمعته صحيحة، وعليه الإثم.
ومن الإيذاء في المساجد رمي المناديل والأوساخ وتقليم الأظافر ونتف الشعر والتنخم و الـتـّجشؤ وغيرها.
فتجنّبوا يا عباد الله أذيّة المصلين في المساجد بأي رائحة كريهة ، وبأي أصوات مزعجة وتجنبوا رفع الصوت حتى بالقرآن والذكر وغيره.
أقول قولي هذا..
الخطبة الثانية :
عباد الله:يجب علينا أن نحافظ على المساجد من العبث فيها، وأذية المسلمين الراكعين الساجدين فيها، وأن نقطع كل وسائل الاتصالات بيننا وبين الناس، وأن نتصل مع الله – جل وعلا- وذلك بالمحافظة على الصلوات الخمس في المساجد مع الجماعة، وخاصة صلاة الفجر ، مع العناية الشديدة بالخشوع والتدبر، ولا يتأتى ذلك إلا بترك كل ما يشغل عن ذكر الله.
فالله الله باحترام المساجد وتعظيمها، وعدم أذية المصلين فيها.
ألا وصلوا .....
[/align]
المشاهدات 1733 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا