إن لصاحب الحق مقالاُ // بقلم / ماهر إبراهيم جعوان

احمد ابوبكر
1435/03/27 - 2014/01/28 14:29PM
يقول صلى الله عليه وسلم (إن لصاحب الحق مقالاُ) صحيح الجامع

مقالاً ذو أمانة ورسالة وريادة وقيمة وجهاد مقالا يخنق الطغاة يقتلهم يهزهم يهزمهم
قذيفة ربَّانية في وجه الطغاة، تُزلزل كيانهم وتحطم أركانَهم وتقهرهم وتُهلكهم حتَّى يصل الهلاك إلى دماغه؛ فيعطب ويتلف (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ)
مقالاً ينشره ويوضحه ويبينه للناس حتى يصل إلى حقه
مقالاً يقع بين يدي الله تعالى فيه عزه ونجاته ونصرته ولوبعد حين
قال صلى الله عليه وسلم:
(ألا لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده (علمه أو سمعه) فإنه لا يقرب من أجل، ولا يباعد من رزق، أو يقول بحق ،أو يذكر بعظيم) السلسلة الصحيحة
وهكذا فعل الحسن البصري لما بنى الحجاج بن يوسف الثقفي قصراً وجعله معداً للإمارة وأعلن أن غداً إجازة ليخرج الناس ليباركوا القصر ويدعون لصاحبه بالبركة وطول العمر
وفي الصباح خرجت البصرة عن بكرة أبيها وخرج معهم الحسن البصري لا ليشاهد زينة الحياة الدنيا وإنما ليرغب الناس ويرهبهم ، فلما رأى الناس قد أبهرهم القصر
اعتلى صخرة وقال بأعلى صوته أيها الناس أخبرنا ربنا عما بناه فرعون اللعين
و قد رأينا ما بناه أخبث الأخبثين (يعنى الحجاج) فرأينا أنه قد بنى أعظم مما بنى
وشيد أعظم مما شيد ، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وسيأخذ الحجاج أخذ عزيز مقتدر
ليت الحجاج يعلم أن أهل الأرض قد غروه ، وأن أهل السماء قد مقتوه
وهنا جذبه أحد محبيه من ثيابه قائلاً يا أبا سعيد إنه الحجاج وأشار إلى رقبته (يعنى الموت ) قال: كلا إن الله أخذ العهد والميثاق
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ (
وأخذ في موعظته حتى انصرف الناس زاهدين في الدنيا مقبلين على الأخرة
ووصل الخبر إلى الحجاج (أخبره المخبرون والبصاصون والعيون والجواسيس والمواطنون الشرفاء (البلطجية) وإن شأت فقل الذين يسترقون السمع ) ؛فعقد اجتماعاً لمجلس وزرائه قائلاً أكنتم هناك ؟ ويقوم عبد من عبيد أهل البصرة فيقول فينا ما شاء أن يقول ولا يرد عليه أحد والله لأسقينكم من دمه، ونادى على السياف ،وأتى بالنطع (جلد ناقه يفرش على الأرض حتى إذا فصلت الرأس عن الجسد لا يتسخ المكان بالدم )
وأرسل في طلب الحسن البصري، فخرج شامخا من بيته كأنما قادم إلى الجنة
رفع بصره إلى السماء وتمتم بكلمات ، ودخل على الحجاج ووزرائه فقام له الحجاج وأجلسه بجواره على سريره وأخذ يسأله ما حكم الإسلام في كذا وكذا ، ونادى على الغلام ليطيب لحية الشيخ ، ثم قال انصرف يا أبا سعيد أنت سيد المسلمين وإمامهم وتعجب الحاضرون لما حدث
واستأذن الحاجب ليوصل الشيخ إلى الباب وقال يا أبا سعيد والله ما أتى بك الحجاج إلى ذلك ، قال قد علمت ، فقال رأيتك ترفع بصرك إلى السماء وتتمتم بكلمات فماذا قلت
قال قلت اللهم يا ولى نعمتي وملاذي في كربتي اجعل غضب الحجاج على برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم .
قال كلمة الحق ولم يخش فى الله لومة لائم، من أجل قصر بناه الحجاج كبراً وفخراً وخيلاءً بناه من أموال المسلمين ، فلينظر علماء اليوم إلى الأموال التى يضيعها الحكام في بناء القصور والفيلات على شواطئ العراة ، ولينظروا إلى المليارات التي تسرق من جيوب النيام ولينظروا إلى السرقات الممنهجة للمال العام
أين أنت أيها البصري وأين إخوانك الرجال العلماء العاملين ، الذين إذا أصاب أحدهم بلاء عده رخاء، وإذا أصابه رخاء عده بلاء.
بل أين أنتم من قتل وحرق وسحل الصادقين المؤمنين الموحدين أصحاب الحق الشرعي للحفاظ على هوية الدولة وشرعيتها وشريعتها وحريتها
أين أنتم من الزج بكل شريف خلف القضبان وتلفيق التهم والافتراءات
أين أنتم من اغتصاب السلطة الشرعية والتأمر على حاضر الدولة ومستقبها
أين أنتم من الحرب على الإسلام وقد تحزبت النصرانية واليهودية والصهيونية العالمية مع الفسدة والمنافقين وأرباب المصالح من بني جلدتنا، وقد أجمعوا أمرهم على تحكم الأعداء فينا ولكن الله من ورائهم محيط وبكيدهم عليم وعلى قهرهم قدير

[email protected]
المشاهدات 1091 | التعليقات 0