{ إِن تَكونوا تَألَمونَ فَإِنَّهُم يَألَمونَ كَما تَألَمونَ} الجمعة: 1442/3/13هـ
د عبدالعزيز التويجري
الشيخ: عبدالعزيز بن حمود التويجري
المملكة العربية السعودية/بريدة-حي الصباخ/ جامع إبراهيم الخليل -عليه السلام-
الحمد لله ذي العزةِ التي لا ترام، والملكِ الذي لا يضام، قيومٌ لا ينام، عزيزُ ذو انتقام، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبدالله ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلّم مزيدا ... أما بعد،
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) بيان واضح ظاهر ، لايمكن أن يوارى أو يمارى ( إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) إذا بسطوا أيديهم بالسخرية واللمز لأعز مقام وأكرم جناب ، فقد كشرت أنيابهم لكل من قال (وما من إله إلا الله).
أتيت بالفجائع لا عليك سلام ** إذ فيك حرب ليس فيك سلام
وما الحروب الصليبية والمجازر الإرهابية لاستعمار البلاد الاسلامية إلا شاهد عيان وأعظم برهان على أنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، ولن يرضوا عنكم حتى تتبعوا ملتهم ، هذه دلالات القرآن و شواهد الزمان، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.
كلُّ العِدَا قَدْ جَنَّدوا طَاقَاتِهِــم ** ضِدَّ الهُدَى والنُّورِ ضِدَّ الرِّفْعَةِ
لا الغَربُ يَقصِد عِزَّنَا كَلا ولا ** شَرْقُ التَحَلُّلِ إنَّهُ كَالحَيَّةِ
لا مداهنة معهم والله فضحهم {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} ولا تقارب معهم والقرآن حذر منهم(لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ)
يظنون بلمزهم الإهانه ، وما بلغوا بسخريتهم نعاله .
تحاربه الأعداء وهي عبيده ** وتدخر الأموال وهي غنائمه
سخريتهم عروقُ باطلٍ لا تمهل أن تَقطَعَ، وسَحابةُ صَيفٍ عن قليل تقشع ، لا يخيفكم زمجرتهم ، فإنهم أزوادُ السباع، وأكال الخنازير والضباع، ما هي إلا مقاطعة ثابتة، وزَجرة واحدة، فإذا أموالهم خامدة ، إن تكونوا تألمون من جرأتهم فإنهم يألمون من ثباتكم ونصرتكم لدينكم ونبيكم، فاصبروا وصابروا ورابطوا ..ونبيكم أعلى وأغلى من شهي المطاعمِ..
بلاد أعزتها سيوف محمدٍ ** فما عذرها أن لا تعز محمدا
ووالله لا يتم اللهُ إيمانَ عبدٍ حتى يكونَ الرسولُ أحبَ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين.
هذه المهازل والمساخر تُجلي عقيدة الولاء والبراء {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} الولاء والمحبة والنصرة والتسامح واللين للؤمنين ، والكراهية والعداوة والبغض للكافرين هذه هي وصية الله لنا إذ أمرنا أن نقتدي بإمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)
هذه العقيدة تُفقَدُ في الرخاء، فيتسيح المهزوم بأرضهم، وينبهر المفتون بحضارتهم، و يُعجب المغبون بأخلاقهم، و يُتابع السفيه رياضتهم ، حتى إذا ما صفعونا برموزنا وسخروا من ديننا استيقظنا من رقادنا وظننا أنهم الآن بدوا في عِدائنا ، وما تأملنا قول ربنا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) هؤلاء هم أئمة الكفر والضلال (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ).
لا خير في العيش إن كانت عقيدتنا ** أضحى يزاحمهاكفر وعصيان
لا خير في العيش إن كانت مبادؤنا ** جادت علينا بها للكفر أذهان
لا خير في العيش إن كانت حضارتنا ** في كل يوم لها تنهد أركـــــــان
تاريخنــا من رســـــــول الله مبـدؤه ** وما عداه فلا عز ولا شــــان
أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربنا لغفور شكور
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى وسمع الله لمن دعا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله المصطفى أما بعد ..
الإيمان بالرسول واتباع نهجه شرط للإسلام دخول الجنة ، في صحيح الإمام مسلم «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار»
اتباع الرسول ومحبته ليست عبارات تردد، أو أهازيج تلحن، أو موالد تقام ، محبته اتباع نهجه (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) والفلاح والنجاح في نصرته والذب عنه (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
وللصحابة مواقف عظام في الذب عن رسول الله والدفاع عنه..في صحيح ابن حبان وأخرجه البيهقي وصححه الحاكم (قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: داينت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أجل معلوم، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ لقيت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ َفأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ ثُمَّ قُلْتُ أَلَا تَقْضِينِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكُمْ بَنِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بِمَطْلٍ، قَالَ وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ وَقَالَ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ مَا أَسْمَعُ وَتَفْعَلُ بِهِ مَا أَرَى؟ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَوْلَا مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي هَذَا عُنُقَكَ).
وفي صحيح البخاري لما جاء عروة الثقفي يفاوض يوم الحديبية فكُان كلمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْية النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالمُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيْفُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بالسَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
من نصرته عليه الصلاة والسلام الذب عن سنته والدفاع عنها ممن يتنقص بها أو يشكك بشريعته ، في زمن أصبحت سنته عليه الصلاة والسلام حما مستباحًا يلغ فيها كل جاهل، ويتطفل عليها كل مفتون ، فهذا يلوي النصوص لإباحة الغناء، وآخر يؤول الأدلة لينزع الحجاب والحياء ، وثالث يقرر الاختلاط ويهون من شأن الرباء.
ضل الذي يهجر القرآن مجتديا ** منهاجه بغرور من أعادينا
لسنا نريد دساتيــرا مرقعــــــــــــــة ** فشرعــة الله تكفينا وترضينا
نطيعه ونحامي عن شريعتــــه ** ليعرف الناس شيئا من مبادينا
نرى الحياة حياة في عقيدتنا ** وما سواها فـزقـوما وغسلينا
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ...