إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ

مبارك العشوان 1
1439/07/26 - 2018/04/12 10:02AM

إنَّ الحَمْدَ لِلهِ...أمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ... مُسْلِمُون.

عِبَادَ اللهِ: رَوَى البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللهُ، وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: ( مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ ) قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: ( أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ )

خُلُقُ الرِّفْقِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ مِنْ أَحْسَنِ الأَخْلَاقِ، وَأَجْمَلِ الأَوْصَافِ؛ وَهُوَ: اللُّطْفُ، وَلِينُ الجَانِبِ، وَالْأَخْذُ بِالْأَسْهَلِ والأيسر، وَالدَّفْعُ بِالأَخَفِّ.

الرِّفْقُ خُلُقٌ يُحِبُّهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا، وَيُحِبُّ أّهْلَهُ، وَيُجَازِي عَلَيهِ الجَزَاءَ الأَوْفَى. وَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ يَرْفُقُ بِالنَّاسِ، وَدَعَا عَلَى مَنْ يَشُقُّ عَلَيهِمْ؛  يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ ) أخرجه مسلم.

فَلْيَتَنَبَّهْ لِهَذَا كُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا مِنْ أُمُورِ العِبَادِ، فَهُوَ بَيْنَ وَعْدٍ وَوَعِيدٍ.

عِبَادَ اللهِ: لَا يَكُونُ هَذَا الخُلُقُ: ( فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ) كَمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

اِتَّصَفَ بِهَذَا الخُلُقِ خِيْرَةُ خَلْقِ اللهِ؛ اتَّصَفَ بِهِ رُسُلُ اللهِ عَلَيهِمِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ، وَهَذَا فَضْلٌ مِنَ اللهِ وَمِنَّةٌ وَرَحْمَةٌ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ... }  آل عمران 159

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ المَنْهَجُ النَّبَوِيُّ الكَرِيمُ فِي تَرَفُّقِ الدَّاعِي بِالمَدْعُوِّ، وَاليُسْرِ مَعَهُ، وَاللِّيْنُ فِي خِطَابِهِ؛ وَالبُعْدُ عَنِ الغِلْظَةِ وَالفَظَاظَةِ؛ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ عَلَيهِمَا السَّلامُ: { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } طه 44  يَقُولُ الإِمَامُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: { فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا } أيْ: سَهْلًا لَطِيفًا، بِرِفْقٍ وَلِينٍ وَأَدَبٍ فِي اللَّفْظِ مِنْ دُونِ فُحْشٍ وَلَا صَلَفٍ، وَلَا غِلْظَةٍ فِي المَقَالِ، أوْ فَظَاظَةٍ فِي الأَفْعَالِ، { لَعَلَّهُ } بِسَبَبِ القَوْلِ اللَّيِنِ { يَتَذَكَّرُ} مَا يَنْفَعُهُ فَيَأتِيهِ، { أَوْ يَخْشَى } مَا يَضُرُّهُ فَيَتْرُكُهُ، فَإِنَّ القَولَ اللَّيِنَ دَاعٍ لِذَلِكَ، وَالقَولُ الغَلِيظُ مُنَفِّرٌ عَنْ صَاحِبِهِ... الخ.  

وَهَكَذَا فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَدْعُو أَبَاهُ؛ يُنَادِيهِ:

{ يَا أَبَتِ } { يَا أَبَتِ } يُكَرِّرُهَا رِفْقًا وَلُطْفًا.

وَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ أنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ. فَقَالَ: ( ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا ) قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: ( أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ ) قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ؛ قَالَ: ( وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ... ) إِلَى آخِرِ الحَدِيثِ؛ وَفِيهِ: ( أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟)  ( أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ ) ( أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ ) ( أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. ثُمَّ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: ( اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ ) فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.

عِبَادَ اللهِ: وَالرِّفْقُ فِي التَّعْلِيمِ مِنْ أَعْظَمِ الوَسَائِلِ وَأَهَمِّهَا لِنَجَاحِهِ، وَقَبُولِ المُتَعَلِّمِ لِلْعِلْمِ وَلِلْمُعَلِّمِ؛ يَقُولُ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَ اللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: ( إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ... ) الخ أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَالرِّفْقُ بِالسَّائِلِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: { وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } الضحى 10 قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: يَدْخُلُ فِيهِ؛ السَّائِلُ لِلمَالِ، وَالسَّائِلُ لِلْعِلْمِ، وَلِهَذَا كَانَ المُعَلِّمُ مَأمُورًا بِحُسْنِ الخُلُقِ مَعَ المُتَعَلِّمِ، وَمُبَاشَرَتِهِ بِالإِكْرَامِ وَالتَّحَنُّنِ عَلَيهِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مَعُونَةٌ لَهُ عَلَى مَقْصَدِهِ، وَإِكْرَامًا لِمَنْ كَانَ يَسْعَى فِي نَفْعِ العِبَادِ وَالبِلَادِ.

عِبَادَ اللهِ: وَالرِّفْقُ بِالجَاهِلِ هَدْيٌ نَبَوِيُّ فَرَّطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ وَقَدْ دَلَّ عَلَيهِ مَا أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ).

وَمِنْ صُوَرِ الرِّفْقِ عِبَادَ اللهِ: رِفْقُ الإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ؛ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ فِي العِبَادَاتِ أَو غَيْرِهَا مِنْ  أُمُورِ الحَيَاةِ.

فَلَا يُحَمِّلُهَا مَا لَا تُطِيقُهُ، ولا يحرمها مَا تَحْتَاجُهُ مِمَّا لَا إِثْمَ فِيهِ. يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.     

بَارَكَ اللهُ... وَأقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...

 

 

 الخطبة الثانية: 

الحَمْدُ لِلهِ... أمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ صُوَرِ الرِّفْقِ: رِفْقُ الإِمَامِ بِالمَأْمُومِ؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ )

ويقول أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ( مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً، وَلاَ أَتَمَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ ) رواه البخاري.

وَمِنْ صُوَرِ الرِّفْقِ: الرِّفْقُ فِي المُعَامَلَاتِ المَالِيَّةِ: رِفْقُ الأَغْنِيَاءِ بِالفُقَرَاءِ، وَالمُوْسِرِينَ بِالمُعْسِرِينَ، رِفْقُ البَائِعِ بِالمُشْتَرِي، وَالمُشْتَرِي بِالبَائِعِ؛ وَهَكَذَا رِفْقُ المُؤَجِّرِ بِالمُسْتَأْجِرِ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّـــمَ: ( إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَتَاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ: انْظُرْ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ، فَأَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ  ) رواه البخاري.

عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ صُوَرِ الرِّفْقِ: رِفْقُ الوَالِدَينِ بِأوْلَادِهِمَا وَالزَّوْجَينِ بِبَعْضِهِمَا، وَالإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ بِبَعْضِهِم، وَالمَسْؤُلِينَ بِمُوَظَّفِيهم، وَأَصْحَابُ العُمَّالِ وَالخَدَمِ بِعُمَّالِهِمْ وَخَدَمِهِمْ، وَالأَطِبَّاءُ بِمَرْضَاهُم. 

بَلْ إِنَّ الرِّفْقَ مَطْلُوبٌ حَتَّى بِالبَهَائِمِ؛ وَقَدْ مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: ( اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً ) أخرجه أبو داود وصححه الألباني.

يُرْفَقُ بِالبَهَائِمِ فِي رُكُوبِهَا، وَفِي اسْتِخْدَامِهَا لِلْحَرْثِ وَنَحْوِهِ، بَلْ حَتًّى وَهِي تُذْبَحُ؛ يُرْفَقُ بِهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ: ( إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رواه مسلم.

وَالرِّفْقُ كَذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِيمَا يُرْكَبُ مِنْ غَيْرِ البَهَائِمِ كَالسَّيَّارَاتِ وَنَحْوِهَا، يَرْفُقُ بِهَا الإِنْسَانُ وَلَا يُحَمِّلُهَا مَا لَا تَحْتَمِلُ مِنَ السُّرْعَةِ وَالأَثْــقَالِ وَغَيرِهَا فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ عَلَيْهَا وَعَلَى صَاحِبِهَا وَعَلَى الآخَرِينَ.

ألَا فَالْزَمُوا عِبَادَ اللهِ هَذَا الخُلُقَ، وَرَبُّوا عَلَيهِ أنْفُسَكُمْ وَمَنْ تَحْتَ رِعَايَتِكُمْ؛  فالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ.

احْرِصُوا غَايَةَ حِرْصِكُمْ أنْ يَكُونَ لَكُمْ مِنْ هَذَا الخُلُقِ نَصِيبٌ، وَاحْذَرُوا أنْ يُفْتَقَدَ فِي أخْلَاقِكُمْ، فَتَخْسَرُوا؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ ) ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ ) والحديثان في صحيح مسلم.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِمُوا... اللهُمَّ صِلِّ... اللهُمَّ أُعِزَّ الإسْلَامَ...

المشاهدات 1196 | التعليقات 0