إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا ...

محمد البدر
1440/10/10 - 2019/06/13 15:07PM
خطبة عن « إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ»
الْخُطْبَةِ الأُولَى: 
عِبَادَ اللهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللهِ: امسك عليك لسانك و لا تهرف بما لا تعرف ولا تخض مع الخائضين فالبعض يتحدث وما يترك من شاردة ولا واردة الا وتحدث فيها ولا يترك من الأمور الكبار ولا الصغار ولا العظيمة والحقيرة ولا من أمور الدين والدنيا الا ويتحدث فيها بل حتى في الحلال والحرام ويتصدر المجالس وينبري للفتوى وكأنه عالم في كل شيء فلو أن هؤلاء سكتوا لسلمت الأمة واستقام لها دينها قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾. مثل دعاة الفتنة والجهلة تراهم سواء في المجالس أو في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها جُل حديثهم في شأن الأمة فهم يتحدثون في ماضيها وفي حاضرها ومستقبلها يتحدثون في الدماء ويحلون سفك الدماء في بعض البلدان ويستحلون ما حرم الله ويجوزون كل حرام ويأولونه لمصلحتهم ولحزبهم وجماعتهم ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.فاذا نصحت أحدهم أو نبهته أو قومته يا أخي انتبه لكلامك فيقول هي مجرد كلمة واحدة، وكأنه ما علم أنه بكلمة واحدة تدخل الاسلام فإن قلت لا إله الا الله دخلت الاسلام لك ما للمسليمن ولك ما عليهم وبكلمة واحدة تخرج من الإسلام وبكلمة واحدة تستحل فرج لم يكن حلالاً من قبل وذلك أن يقول زوجتك ابنتي فلانة فتصبح حلالا عليك وبكلمة واحدة تقول لها طلقتك تصبح حراما عليك فمجرد كلمة واحدة قد توردك المهالك وقس على ذلك قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ....﴾.
عِبَادَ اللهِ: إن الكلمة مسؤولية عظيمة فانتبه لذلك، فقد يؤآخذ الشخص بكل ما يخطه قلمه أو تكتبه أنامله في أي وسيلة من الوسائل الحديثة ، فينبغي التأكد والتثبت من صحة أي كلمة قبل نشرها قَالَ تَعَالَى: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ومن العجيب انك ان دخلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي لا ترى إلا السباب، والشتم واللعن، والسخرية، والهمز واللمز،والغيبة والنميمة والبهتان، والقذف، والبذيء من القول، والأعجب من ذلك أنها تصدر من أناس يُصلون الجمعة والجماعات، ويفعلون الخيرات، ولكنهم لا يشعرون بالمسئولية تجاه ألفاظهم ولم يقتدوا بالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ: « إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا وَلَا فَحَّاشًا وَلَا لَعَّانًا..»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فالكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن لم تضبط بالشرع فهي سلوكيات ومنحنيات خطيرة تنم عن سوء طوية الكاتب أوالناشر والمنبت السيئ الذي نشأ فيه.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
 
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ:ومن السلوكيات السيئة التي فشت في المجتمع والتي يجب أن نحذر منها ، بث القصص الواهية والأحاديث المكذوبة والمفتراة و كتابة الأكاذيب، والأراجيف، والشائعات، وبثها عبر هذه الوسائل في المجتمع، أوكتابة بعضهم لتغريدة في التويتر او الفيس بوك أو الوات ساب أو غيرها كلها كذب وافتراء فتبلغ كذبته الآفاق،في دقائق معدودة بل وفي ثواني، وربما تضرر بسببها أناس أبرياء وكأنه لا يوجد من يحاسبه أو يراقبه قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأولَى : إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَمن أمن العقوبة آساء الأدب ،فما أعظم شناعة جرم هذا الناشر ، وقد جاء في حديث الرؤيا الطويل التي رآها النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « فمما ذُكر في الحديث... قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ: قَالاَ لِي: أَمَا إِنّا سَنُخْبِرُكَ أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ، الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا...إلخ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. كذلك قد يشارك الناقل للخبر دون تمحيص أو تدقيق في اثم من نشر فاحذروا بارك الله فيكم.
ألا وصلوا .....
المرفقات

العَبْدَ-لَيَتَكَلَّمُ-بالكَلِمَةِ

العَبْدَ-لَيَتَكَلَّمُ-بالكَلِمَةِ

المشاهدات 1759 | التعليقات 0