«إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ وَلَمَنِ ابْتُلِىَ فَصَبَرَ فَوَاهًا»

محمد البدر
1440/07/14 - 2019/03/21 13:56PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾.[العنكبوت:2، 3].
تمر على الأمة الإسلامية أحداث ومحن تطغى عليها أمواج الفتن ويخبو فيها صوت الحق ويعلوا صوت الباطل ، فتسفك الدماء ويقتل الأبرياء وتستباح الأوطان وتمتهن الأعراض فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .وإن في كتاب الله وسنة رَسُولَه اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المخرج من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن والعصمة في الدين قال صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ« وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّى فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ »رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : « إنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا في أوَّلِهَا، وَسَيُصيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتنَةٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَتَجِيءُ الفتنَةُ فَيقُولُ المُؤْمِنُ هذه مُهلكتي، ثُمَّ تنكشفُ، وتجيء الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ: هذِهِ هذِهِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَان، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّمَ هُوَ قَالَ: القَتْلُ، الْقَتْلُ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللهِ: (القرآنِ والسنة) هما المفزع والمخرج من ظلمة الفتن، ففيها العصمة لمن اعتصم، وفيهما التوفيق للثبات ، قَالَ تَعَالَى :﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾.[طه: 123].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا أَوْ عَمِلْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي وَلَنْ تَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ومن أسباب النجاة من الفتن: لزومُ جماعة المسلمين ،ونبذُ الفرقة ،و إحياءِ شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ وإسداءِ النصيحة والأعمال الصالحة ، لأن الناس عند وقوع الفتن يشتغلون بالخوض فيها ويلتهون عن العبادة، فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم قالَ» العِبادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ  »رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فنحن نَعِيشُ زَمَنَ الفِتَنِ الَّتِي ما زالَتْ تَتَوالَى كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَلْيَشْغَلِ الواحِدُ مِنّا نَفْسَهُ في هَذِهِ الأَيّامِ بِعِبادَةِ رَبِّهِ لِيَنالَ تِلْكَ الفَضِيلَةَ العَظِيمَةَ فَقَدْ شَبَّهَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ أَجْرَ الْمُتَعَبِّدِ في الهَرْجِ بِأَجْرِ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِ ...أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ: إنَّ مِن علاماتِ السعادةِ وأسبابِ الفلاح أن يَسلَم العبدُ من شر هذه الفتن ، فَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ « إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ وَلَمَنِ ابْتُلِىَ فَصَبَرَ فَوَاهًا »رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وأمرنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتعوذ من فتنة المحيا والممات في صلواتنا بعد التشهد فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو :ج «  اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن الخوفَ من الفتن ومدافعتَها، والتواصي بالتحذير من ويلاتها سنةٌ سابقةٌ فاستعيذوا بالله من الفتن واعتصموا بالكتاب والسنة فهي النجاة من ذلك. قَالَ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
 
الا وصلوا
المشاهدات 2227 | التعليقات 0