﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا﴾
محمد البدر
1440/01/16 - 2018/09/26 13:17PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أمّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾
فعلى المسلم يا عِبَادَ اللَّهِ أن يتوكل على الله ويسعى ويجتهد في طلب الرزق الحلال والاكتساب من أي وجه أباحه الله سبحانه وتعالى، ليعف نفسه ويغني نفسه ويغني من تلزمه معونته وإعالته ولا يبقى عاطلاً يتكفف الناس أو ينظر إلى ما في أيدي الناس، أو يتحرى وينتظر الوظيفة في بيته او ينتظر متى يأتيه دوره في الوظيفة ، بل عليه أن يطلب الرزق ويطرق الأسباب ما دام أن الله قد فتح له أبواب الرزق وأعطاه القوة والصحة على ذلك فإنه غنيٌ غني بقوته وقدرته، فديننا ولله الحمد يأمرنا بالسعي في طلب الرزق، ويأمرنا بالضرب في الأرض للسعي في طلب الرزق قَالَ تَعَالَى :﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ .
عِبَادَ اللَّهِ :إن الله تكفل بالرزق يرزق من يشاء من عباده براً كان أو فاجراً ، مؤمناً أو كافراً، قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ .ورزق حتى البهائم والأنعام ،ورزق الطير في أوكارها، والحيتان في البحار، ورزق الدواب بأنواعها، قَالَ تَعَالَى :﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ .
عِبَادَ اللَّهِ: وإن من أهم أسباب حرمان الرزق ومحق البركة المعاصي والذنوب وأعظم من ذلك الشرك بالله والبدع قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
وللبركة في الرزق أسباب من أهمها :
التقوى قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ .
ومن الأسباب إقامة الصلاة قَالَ تَعَالَى:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ .
ومن الأسباب أيضاً كثرة الاستغفار قَالَ تَعَالَى :﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ .
ومن الأسباب صلة الرحم فعَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنَّ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ومن الأسباب المتابعة بين الحج والعمرة: فعَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا: يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ، وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ » رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.......
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ :اعلموا أن الذي يرزق ويعطي هو الله جل جلاله فادعوه مخلصين له الدين واطلبوا منه الرزق فعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وأن الرزق بيد الله وأنه سيدركه كما يدركه الموت ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها.فعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ هَرَبَ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَهْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ» حَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : « أَيُّهَا النَّاسُ , اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا , وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
فتوكلوا على الله يا عِبَادَ اللَّهِ في طلب الرزق فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
الا وصلوا...