« إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ »

محمد البدر
1437/11/23 - 2016/08/26 01:19AM
[align=justify]الخطبة الأولى:
أما بعد :عباد الله قال تعالى:﴿ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ ومما يدل على فضل هذه العشر أن الله تعالى أقسم بها والله سبحانه يقسم بما شاء من خلقه ، ولا يجوز لنا أن نقسم إلا به وحده جل وعلا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ" يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ » رواه البخاري .
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ,وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ , قَالَ:وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ , إِلَّا مَنْ عَفَّرَ وَجَهَهُ فِي التُّرَابِ » صححه الألباني .
عباد الله:فضائل العشر كثيرة؛ علينا أن نغتنمَها، وأن نسابق إلى الخيرات فيها.
فمن فضائل هذه العشر: أنّ من كمالها أنه يجتمع فيها من العبادات ما لا يجتمع في غيرها ، فتجتمع فيها الصلوات ، والصدقات ؛ والصيام ، والهدى والأضاحي ، وفيها الحج إلى البيت الحرام ، وفيها التكبير والذكر والتلبية والدعاء.
ومن فضائلها: أن فيها يومَ عرفة، وهو اليومُ التاسعُ من ذي الحجة، وهو يوم معروف بالفضل وكثرة الأجر وغفران الذنب .
ومن فضائلها:أن فيها يومَ النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو أعظم الأيام ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» رواه ابو داود وصححه الألباني.
ومن أفضل القربات الأضحية ؛ في العاشر من هذه العشر وأيام التشريق الثلاثة بعده ؛ وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ينبغي الحرص عليها ، وبعض الفقهاء يرى وجوبها على القادر ،ومن الأحكام المترتبة على من أراد أن يضحي ماجاء في الحديث عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا » رواه مسلم .
وعن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا ، قالت : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ ، فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ»رواه مسلم .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :
أما بعد: فينبغي لنا – يا عباد الله - أن نسابق في هذه العشر إلى كل عمل صالح، ونكثر من الدعاء والاستغفار، ونتقرب إلى الله بأنواع القربات ؛ حتى نكون فيها من الفائزين الرابحين .
وقد جَعَل الله الأعمالَ الصالحاتِ أسبابًا لكلِّ خير في الدّنيا والآخرة، فلا تزهَد في أيّ عملٍ صالح، واحرِص على فعلِ الخيرِ في أيِّ وقتٍ تَيسَّر لك، فإنّك لا تَدري أيَّ عمَل خيرٍ يَرجَحُ به ميزانُ حَسناتِك قال تعالى:﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴾ [القارعة: 6، 7].
والإكثارُ مِن قليلِ الأعمالِ الصالحة يكونُ كثيرًا مُباركًا، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40] .
وطُرُق الخير كثيرة، وأبوابُ البرِّ مُشرَعةٌ مُفتَّحة، والأعمالُ الصالحاتُ واسِعةُ الميادين قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].
فاتقوا الله عباد الله وأصلِحوا القلوبَ بالإخلاصِ لله وتوحيدِه فبهذا تصلحْ الأعمال.

الا وصلوا ....
[/align]
المشاهدات 1330 | التعليقات 0