إني أخاف الله رب العالمين

محمد بن سامر
1442/10/15 - 2021/05/27 18:26PM

إني أخاف الله رب العالمين-16-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ

    إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.

"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد: فيا إخواني الكرام:

يقولُ ربُنا-سبحانه-: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ".

خطواتٌ يسيراتٌ، وتواصلٌ ومراسلاتٌ، وجلساتٌ مختلَطاتٌ، هنا أو هناك، تراها النفسُ الأمارةُ بالسوءِ انفتاحًا وحريةً، لا غضاضةَ فيها ولا حياءَ، يحسبونه هينًا وهو عندَ اللهِ عظيمٌ.

قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، فقَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا-صاحُوا-، قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ "قَالَا: هَؤُلاَءِ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي".

هذهِ نهايةُ هذهِ الخُطُواتِ، وهذهِ جائزةُ اللعبِ في الأعراضِ والحُرماتِ، يحسبُها الجاهلونَ تنتهي عند تراضي الطرفينِ، بغيرِ علمِ الوالدينِ، ونسُوا أن نهايتَها عذابٌ أليمٌ لمنْ أحبَ نشرَها فقط: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، أمَّا منِ ارتَكَبَها وفَعَلَها: "وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا".

ظهرَ الزنا ولُطِّفَ اسمُه فسُمِّيَ حريةً شخصيةً، وشُرِبَ الخمرُ وغُيِّرَ لفظُهُ فسُمِّيَ شرابًا روحيًا، يُسَمُّونَ الحرامَ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا".

الحضارةُ والانفتاحُ لا تـُحِلُّ حرامًا، ولا تـُخَفِفُ عذابًا، ولو اجتمعَ أهلُ الأرضِ على أن يجعلوا المنكرَ معروفًا فإنه لا يصيرُ معروفًا.

واللهُ-عز وجلَّ-هو الحكيمُ الخبيرُ، اللطيفُ الرحيمُ، شرعَ أحكامًا، وحدَّ حُدودًا، وهو العليمُ بمصالحِ العبادِ والبلادِ، ولو تُركَ الناسَ يعملونَ كما تهوى أنفُسُهُم لأصبحوا كالأنعامِ بل أضلُ، وما حُرِّمٌ شيْءٌ إلا جعلَ الله منه عِوضًا وبدلًا "فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ".

إنَّ ظاهرةَ العزوفِ عن الزواجِ وتعقيدَه وتأخُرَّه من الجنسينِ، معَ اعترافَهم بحاجتَه، هو سببٌ كبيرٌ من أسبابِ ظهورِ أماراتِ الفحشاءِ والمنكرِ، فَسُهِّلَتِ المحادثاتُ، ويُسِّرَتِ الجَلْسَاتُ، وترى خلقًا من الفتيانِ والفتياتِ يهيمونَ على وجوهِهم في الليل، في أماكنَ لا يُذْكَرُ اللهِ فيها إلا قليلًا، قدْ نصبْ الشيطانُ فيها رايتَه، فلا تسمعَ إلا مزمارَ الشيطانِ وغناءَه، ولا ترى إلا جلبَه للشرِ بـخيْلِه ورَجْلِه، فلا عجبَ أن ترى نِقَاباتٍ فيها قد نُزِعَتْ، وعقولًا قد سَكِرَتْ، قالَ ربُّنا-سبحانه-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا"، "ومنْ يتقِ اللهَ يجعلْ له مخرجًا"، وقالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-مذكِّرًا ومـُحذِّرًا: "يأَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ"، "وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ".

والبشرى لمنِ استقامَ ولم يستجبْ للنداءاتِ والدعواتِ والإغراءاتِ بظل عرشِ اللهِ له يوم القيامة: "وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ".

أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

أَ أُخَيَّ لا يُغريكّ سِربالُ الـرَّخا

وسرابُ دنيا بالغرورِ تفخَّـخَا

فلسوف تتركـُها لتُسكن َ فرسخا

فاصرخْ: معاذَ اللهِ من دربٍ مُشينْ*إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينْ

فإذا سعتْ فتنُ الحياةِ تبـشُّ لكْ

وتبرّجتْ في خلوةِ الرُّقباء ِلكْ

وأتتْ تُدَنْدِنُ في المكان ِبـِهَيْتَ لكْ

فاصرخْ: معاذَ اللهِ من دربٍ مُشينْ*إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينْ

إنْ ضجّتِ القنواتُ في صدرِ البيوتْ

وسرى السفورُ على شِبــاكِ العنكبوتْ

وتجَمهرَ الشيطانُ في الليلِ الصموتْ

فاصرخْ: معاذَ اللهِ من دربٍ مُشينْ*إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينْ

وإذا دعا للفســـق ِ آلافُ الدُّعـــاةْ

وبكى الحياءُ على التعفّفِ والثباتْ

والإثمُ يرقصُ في الليالي الصاخباتْ

فاصرخْ: معاذَ اللهِ من دربٍ مُشينْ*إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينْ

واليومَ يا أختاهُ جُرْحِكِ ينضحُ

ومصابُنا فيــكِ أطـــمُّ وأَفْــدَحُ

والجيلُ يُهدى من هداكِ ويـَجْنَحُ

فقولي: معاذَ اللهِ من دربٍ مُشينْ*إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينْ

فإذا دعا الداعي إلى نزعِ الحجابْ

واستفتحَ الباغي لِـميْلِكِ ألــفَ بابْ

واستدرجوكِ بكلِّ ألوانِ الخِطابْ

فقولي: معاذَ اللهِ من دربٍ مُشينْ*إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينْ "ومنْ يعتصمْ باللهِ فقدْ هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيمٍ".

لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا اللهُ ربُ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُ السماواتِ وربُ الأرضِ وربُ العرشِ الكريمِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ، وأصلحْ بطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّا نسألُك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهمَ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1622139991_إني أخاف الله رب العالمين-16-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ.docx

1622139994_إني أخاف الله رب العالمين-16-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ.pdf

المشاهدات 2002 | التعليقات 0