﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.فلنحمدالله على توفيقه وامتنانه وفضله وإنعامه على أن بلغنا شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ ووفقنا فيه لإقامة الفروض في المساجد وانعم علينا بإقامة سنة التراويح واعاننا على تمام صيامه وقيامه،فقد مضى شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ،فأين اثر التقوى بعد انقضائه، نسأل الله أن يتقبل من الجميع، ولحفظ هذه النعمة ودوامها علينا أن نشكرالله ونسارع إلى الخيراتِ ونجتنب المعاصي والمحرَّمات،قَالَ تَعَالَى:﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.واحذروا أن تغترّوا بالصّحَّة ولا بكثرة الأموال والأولادِ وامتداد الأعمار،قَالَ تَعَالَى:﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾.وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ«أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ قَالَ:مَنْ طَالَ عُمُرُهُ،وَحَسُنَ عَمَلُهُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فكونوا بعد شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ أشد حرصاً وإقبالاً على الصلاةِ والأكثار من النوافل وتلاوةِ القرآن،والإلحاح في الدعاءِ والاستغفار،وتعرّضوا لأسبابِ المغفرة بالتوبة والإنابة، والتحلل من المظالم، وإحسان الأعمال، قَالَ تَعَالَى:﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾.فالمستفيد حقيقةمن رمضان هو من كان حاله بعد رمضان خير له من حاله قبله، فمن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها، فاجعلوا من رمضان مفتاح خير سائر العام، فاحرصوا على بر الوالدين،وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران ،و السعي في أصلاح ذات البين، وازرعوا يا عِبَادَ اللَّهِ السعادة على شفاه المصابين والمبتلين واليتامى والمساكين والأرامل والمطلقات والمعسرين، فكونوا نبعاً متدفقاً بالخير كما كنتم في رمضان.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ:تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ,وَنذكركم بصِيَامَ السِّتَّةِ مِنْ شَوَّال فما زال في شهر شَوَّال متسع وبقية ،فَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمُ الأَجْرَ ،وَلا يُشْتَرَطُ فِي صِيَامِهَا التَّتَابُعُ وَالأَفْضُلُ الْبَدَارَ مَادَامَتِ النَّفْسُ مُتَعَوِّدَةً عَلَى الصِّيَامِ،يَقُولُ الشَّيْخِ ابْنِ بَاز-رَحِمَهُ اللهُ:كل شوال محل صوم، والأفضل البدار، الأفضل البدار بها قبل العوائق، سواء متتابعة، أو مفرقة، وإن صامها في آخر الشهر، أو في وسطه؛ فلا بأس، الأمر واسع، النبيﷺقَالَ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»رَوَاهُ مُسْلِم. ولم يحدد أوله، ولا وسطه، ولا آخره -عليه الصلاة والسلام- لكن البدار أفضل؛ لقول الله تَعَالَى عن موسى:﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾]طه:84]، ولقوله سبحانه:﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾]آل عمران:133]وقوله-جل وعلا:﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾]البقرة:148].إلخ..ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه،فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم،واشكروه على نعمه يزدكم.﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
المرفقات
1712807445_﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق