{إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} .. (مناسبة للجائحة) ..

عبدالله محمد الطوالة
1441/10/11 - 2020/06/03 15:52PM
الحمدُ للهِ الذي بيده الإفناءُ والإنشاءُ، والإماتةُ والإحياءُ، والسراءُ والضراءُ، والعافيةُ والبلاءُ، والداءُ والدواءُ .. سبحانهُ وبحمده، خزائنهُ ملئا، ويمينهُ سحّاءَ، ويَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ، ولا يتعاظمه عطاء: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ..
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، ذو العزةِ والكبرياء، يفعــلُ مـا يُريـدُ، ويحـكُــمُ ما يشــاءُ .. { وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} ..
وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، إمامُ الأنبياءِ، وصفوةُ الأصفياءِ، ورمزُ الصدقِ والوفاءِ .. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى آله الســادةِ النجبــاءِ، وصحــابتهِ الــبررةِ الأتقيــاءِ، والتابعينَ، وتابعِيهم بإحسانٍ، مادامتْ الأرضُ والسماءُ، وسلم تسليماً كثيراً ..
أما بعـدُ: فاتقوا الله معاشر المؤمنين، اتقوا الله حق التقوى، فالمؤمـنُ قـويٌّ بتقـواهُ، غنيٌّ بإيمـانـه، ثابـتٌ بيقينــه، راقٍ بأخلاقه، سمحٌ بتعامُله، رفيعٌ بتواضُعِه، كالغيث أينما وقعَ نفعَ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ..
معاشر المؤمنين الكرام: في ظِلِ الأخطارِ المحدِقةِ، والشرورِ والفتنِ المتلاحِقةِ، فلا بدَّ للإنسانِ من حِصنٍ مَنيعٍ يَتحصَنُ فيهِ، ورُكنٍ شَديدٍ يَلجأُ إليهِ .. وليسَ للمسلمِ حِصنٌ ولا رُكنٌ أمْنعَ من القُرآنِ العَزيزِ، فهو حَبلُ اللهِ المتينِ، وصِراطهُ المستَقِيمِ، نَجاةٌ لمن تَمسكَ بهِ، وعِصمَةٌ لمن اتْبَعهُ، ونُورٌ مُبينٌ لمن استَضاءَ بهِ، وكَهفٌ آمنٌ لمن آوي إليهِ .. ولقد ألجأنَا هذا الوباءُ العَجيبُ لأن نَتحَصَنِ في بُيوتِنا، ولا عَاصِم من أَمرِ اللهِ إلا من رِحِم،  {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} ..
نعم يا عباد الله: القرآنُ العظيمُ كَهفٌ مُباركٌ، يأوي المسلمُ لظِلالهِ، ويسترشدُ بأنوارهِ، ويستلهِمُ هِداياتهِ، ويجني من بركاتِهِ .. وأمَّا كَهفُ الكهفِ فهي سُورةُ الكهفِ .. تلكَ السُورةُ العَجيبةُ، ذَاتُ القَصصِ البلِيغةُ، والألطَافُ الحكِيمةُ، والإرشاداتُ الرحيمةُ .. {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} ..
ودعونا أحبابي في الله نأوي إلى قصةٍ من أعجبِ قَصصِ سُورة الكهفِ إن لم تكن أعجَبها .. قصةٌ مذهلة: بدأت ببيانِ إصرارِ بَطلِها مُوسى الكلِيمِ عليهِ السلام، أن يبلُغَ مكانَاً يُلاقِي فيهِ عبدَاً صالحاً مَيزهُ اللهُ برحمةٍ إلاهيةٍ، وعِلمٍ ربانيٍ خاص: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} .. وبعد مُعاناةٍ طويلةٍ، وأحداثٍ غريبةٍ، يَعثرُ موسى على (الخضر) العبد الصالح، الذي قالَ اللهُ عنهُ: {آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً}، {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} .. قال له العبد الصالح: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} .. والعجيبُ أنهُ كرَّرَ عليه هذه العبارة عِدةَ مراتٍ، {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}، وعلَّلَ ذلك بقولهِ: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً} ..
لكأنه يقول له: يا موسى، لقد ألقتك أُمّك في اليمِّ عندما كنت رضيعاً، وتربيت في قَصرِ عدوكَ اللدُودِ فِرعَون، وجَرتْ لكَ أقدارٌ إلاهيةٌ عَجيبةٌ، ومع ذلكَ فإنكَ لن تَستطِيعَ أن تَفهمَ حِكمَةَ أقدارِ اللهِ العجيبة، ولن تتصورَ روعةَ تدبيرهِ المحكم، ولن تستوعبَ عُمقَ لطفهِ الكبير، ولن تتخيلَ عِظمَ سِعةَ رحمتهِ جلَّ وعلا، {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} ..
إنه يا عباد الله: درسٌ إيمانيٌ بليغٌ، القدر سِرُّ اللهُ، وأقدارَ اللهِ تعالى فوقَ امكانياتِ العقلِ البشري، وأكبرُ من كلِّ تصوراته .. فإذا كان موسى عليهِ السلامُ، كليمُ الرحمن ورسولٌ من أولي العزم الكرام، إذا كان لم يُطِق صبراً بأفعالِ العبدِ الصالحِ، والذي فَعلَ ما فَعلَ بأمرِ اللهِ تعالى، وليسَ مِنْ قِبلِ نفْسِهِ .. فقال له: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً}، {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} .. فكيف بغيره يا عباد الله .. ألا ما أعظّمَهُ من دَرسٍ، وما أجلَّها من حِكمةٍ ..
فلنتأمل جيداً يا عباد الله: فخرقُ السفينةِ إذا أسقطناه على أحداثِ حَياتِنا .. فهو يمثلُ فَشلَاً لأحدِ مَشاريعنا، أو تلفاً لأحدِ ممتلكاتنا .. فهو في الظَاهِرِ خَسارةٌ مَاديةٌ مُؤلمة، لكِنَّها في الحقِيقَةِ خسارةٌ تمَنعُ شَراً أكبرَ منها بكثير .. فما ظنَّهُ موسى عليه السلام إسَاءةٌ كَبيرةٌ لمن أحسَنوا إليهم، وأركبوهم في سفينتهم بالمجان .. هو في الحقِيقَة عينُ الخيرِ والإحسانِ إليهم، فما أحدثه العبد الصالح في السفينة من عيبٍ عَطَّلها، كانَ هو السببُ في نجاتِها، وبقائها في مُلكِ أصحابها .. وصدق الله: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ..
وإذا أسقطنا قَتلُ الغُلامِ أو موتَهُ على حَياتِنا، فهو يمثلُ مَوتاً لقريبٍ، أو فقداً لحبيب، فهو في الظاهرِ مُصابٌ جللٌ، لكِنَّهُ في الحقِيقَةِ رَحمةٌ وخيرٌ للميتِ ولمن فَقدَهُ .. فما ظنَّهُ موسى عليه السلام أمراً شَنيعاً مُنكراً، وإزهاقاً جائراً لنفسٍ زكية، هو في الحقيقة عينُ الخيرِ والرحمةِ للغُلامِ ولأبويهِ .. ففي عِلمِ اللهِ أنَّ هذا الغُلامَ لو شبَّ لأصبحَ طاغِيةً كافِراً، ولقلَبَ حياةَ والديهِ جحِيماً وبُؤساً .. {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} ..
ومن تدبَّرَ في حِكمةَ المنعِ والعَطاءِ، عرفَ أنَّ المنعَ هو عينُ العطاءِ، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ..
وإذا أسقطنا بِناءُ الجِدارِ وحَبسُ الكنزِ على حَياتِنا، فهو يمثلُ تأخُرَ الرِزقِ أو النصيبِ لأيِّ مِنَّا، لكِنَّهُ في الحقِيقَةِ عَينُ المصلَحةِ وكَمالُ التَدبِيرِ .. فبناءُ الجدارِ وإن أَخْرَ حُصولَ الغُلامينِ على الكنز، فقد تسبب في أن لا يصل اللصوصُ والمختلسون إليه، وكذلك ألا يُسئَ الغُلامينِ التصرفُ فيه، فلا زالا قاصرين ..
فهذه ثلاثُ صورٍ من أعاجيب القدر، يندرُ أنْ لا يصابَ ببعضِها أو كُلِّها بشر ... الصورة الأولى: أن ينكَشِفَ للمصابِ حِكْمَةُ القَدرِ كما في قِصَةِ أصحابِ السفِينةِ ..
والصورة الثانية وهي الأغلب: أن لا ينكَشِفَ للمصابِ حِكمةُ القدر، كما في قِصَةِ الغُلامِ، فأبواهُ لم يَعرِفَا لمَ قُتِلَ ابْنهُمَا .. وهذا يتفق مع حكمة الابتلاء ..
والصورة الثالثة: أن يَسُوقُ اللهُ لك خَيراً، أو يَصرِفُ عنْكَ شرَّاً دُونَ أنْ تدري، كبناء الجدارِ في قصة اليتيمينِ .. فهما صَغِيرينِ ولم يَعرِفا سِرَّ بناءِ الجدار، وأنَّه ُكانَ على وشكِ السُقوطِ، وأنَّ بِناءَهُ سيكونُ سَبباً في حِفظِ الكنزِ المدفون تحته لوقته المناسب ..
وهذا هو لُطفُ اللهِ الخفِيِ .. وكم للهِ من لُطفٍ خَفِيٍ ... يَدِقُ خَفَاهُ عن فَهْمِ الذَّكِي
فيا أيها المؤمنُ ثِق بلُطف ربِكَ، ولو لم تنكَشِف لكَ حِكْمةُ القَدرِ، فالمسألةُ أكْبرُ من عَقلِكَ، وتيقن أنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ، {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ..      
 وبارك الله ...
 
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه واتباعه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيراً ..
أما بعد فاتقوا عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} ..
معاشر المؤمنين الكرام: يقول الحقُّ جلَّ وعلا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} .. فالمؤمنُ على يقينٍ أنهُ ما نَزلَ بلاءٌ إلا بذنبٍ، ولا رُفعُ إلا بتوبةٍ .. والمُؤْمِنُ الصادقُ كُلَّمَا عَظُمَتْ عليهِ الشَّدَائِدُ، وَاشتدتْ عليهِ المِحَنُ، كُلَّمَا عَظُمَ التِجَاءُهُ وفرارهُ إِلى اللهِ تبارك وتعالى .. فالشَّدَائِدُ وَالمِحَنُ تَزِيْدُ العَبْدَ المؤمنَ التِجَاءً وفراراً إِلى ربهِ جلَّ وعلا، حَتَّى لَا يَكُونَ هَمُّهُ إِلَّا رِضَاهُ تبارك وتعالى ..
إن أعظمَ ما مرَّ بالمصطفى صلى الله عليه وسلم من المحنِ والشدائِدِ، هي رِحلتهُ القاسِيةِ إلى الطائف، حيثُ تعرضَ خِلالها للأذى الشديد، والردودِ القاسيةِ القبيحة .. فتوجهَ بعدها إلى ربهِ بدُعاءٍ مؤثر قالَ فيه: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ المُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلَى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، مِنْ أن يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبُكَ، أَوْ يَنْزِلَ بِي سَخَطُكَ، لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ» ..
وكذلك بعد معركة أحدٍ الأليمة، وما وقع فيها من جراحٍ شديدة، ومصائبَ عديدة .. قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «استووا حتى أُثني على ربي عزَّ وجلَّ»، فصاروا خلفهُ صفوفًا، فرفع يديه قائلاً: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ، وَالْفُسُوقَ، وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ» .. صححه الألباني
ووالله يا عباد الله: لو لَمْ يَكُنْ في الشَّدَائِدِ من المِنَح إلَّا أن يَصدُقَ المؤمنُ في الالتِجَاءِ إِلى ربه تبارك وتَعَالَى، لَكْفى بها من نعمةٍ عظمية، ومنحةٍ جليلة، في طي محنةٍ أليمة .. فَلْنُسَائِلْ أَنْفُسِنَا بصدقٍ يا عباد الله: هَلْ هَذِهِ الشِّدَّةُ التي تَمُرُّ بِنَا شَدَّتْنَا إلى اللهِ تعالى، وَجَعَلَتْنَا نَقُولُ كَمَا قَالَ قدوتنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِنا، وَقِلَّةَ حِيلَتِنا .. يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ المُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبُّنا، تعلَمُ حَالنا، ولا يخفَى عليكَ شيءٌ من أمرنا، إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّنا فَلَا نُبَالِي، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِنا، نَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، مِنْ أن يَحِلَّ عَلَينا غَضَبُكَ، أَوْ يَنْزِلَ بِنا سَخَطُكَ، لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ..
اللَّهُمَّ يَا وَليَّ نِعْمَتِنَا، وَيَا مَلَاذَنَا عِنْدَ كُرْبَتِنَا، فَرِّجْ عَنَّا هذا البلاء، وأرفع عنا الوباء، ولا تحرمنا خيرَ ما عندكَ بسوء ما عندنا .. لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ يا رب العالمين ..
اللهم صل ...
 
المشاهدات 1472 | التعليقات 0