إنصاف لا اعتساف """"""" قضية للنقاش
أبو عبد الرحمن
1430/11/08 - 2009/10/27 08:23AM
قضية للنقاش
إنصاف لا اعتساف
السلام عليكم معشر الأحباب ورحمة الله وبركاته :
أثناء تصفحي لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الموسوم ب(السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) وقع نظري على هذا النص منه وهو :
( فالواجب على المسلم أن يجتهد في ذلك حسب وسعه فمن ولى ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين وأقام فيها ما يمكنه من ترك المحرمات لم يؤاخذ بما يعجز عنه ، فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار، ومن كان عاجزا عن إقامة الدين بالسلطان والجهاد، ففعل ما يقدر عليه من النصيحة بقلبه والدعاء للأمة ومحبة الخير، وفعل ما يقدر عليه من الخير، لم يكلف ما يعجز عنه، فإن قوام الدين الكتاب الهادي والحديث الناصر كما ذكره الله تعالى )أ.هـ
وتأملت فيما يطرحه بعض الكتاب والمعلقين في كثير من المواقع عند تناول الجهات الشرعية الحكومية في بلادنا المباركة من نحو :
1- الحكم بالاستقراء الناقص وأحيانا بالتخرص والبناء على الشائعة أو أقوال الخصوم والمغرضين والمنافسين أو المتضررين من الأنظمة والضوابط السليمة أو القابلة للاجتهاد، وترويجها وكأنها حقائق مسلمة، ألا يقال لمثل هؤلاء عليكم إيضاح مصادركم أو بيان أن هذا ما يروج أو يقال وأنه لم يتأكد لديكم من مصادر مستقلة أو محايدة كما تفعله وكالات الأنباء العالمية التي كثيرا ما ننقدها ونحن لم نصل بعد لمستوى كثير منها في التثبت والاحتياط .
2- الحمل على أسوأ المحامل و سؤ الظن وافتراض الخيانة والرشوة والغش والتهاون والمداهنة في كل من ينتسب للقطاعات الحكومية .
3- المبالغة والتجني والتزيد لا سيما إذا كتب وهو في حالة نفسية سيئة لسبب قد لا يكون للجهة علاقة به ، ولك أن تعجب من تذمره وتنمره إذا تجنت بعض الصحف على أحد القطاعات أو الأنشطة التي يعمل بها أو يتعاطف معها ثم لا تجد لديه تلك الحساسية تجاه غيرها .
4- الكذب والبهتان واستحلاله أحيانا بسبب موقف شخصي ، أو غيرة،أو تشاؤم، أو مذهب رديء ينتحله .
5- تحميل الجهة أخطاء وتقصير سواها وعدم عذرها بذلك دون موضوعية أو عدل وإنصاف .
6- التكاسل عن سؤال الجهة عن أسبابها أو رأيها فيما يقال رغم توفر الوسائل وتعددها، وأحيانا تكون المعلومة متاحة في موقعها أو فيما تصرح به وتنشره وسائل الإعلام ومع ذلك يحمل الجهة معرة تقصيره في ذلك .
7- الغفلة عن الظروف المحيطة والضغوط والأحوال التي تحكم عمل الجهة وغيرها ، وتجاهل السقف المتاح لحركتها وتحميلها ما لا تطيق ولا يلزمها شرعا ، وتجد هذا الكاتب يمر به مثل ذلك في الجهة التي يعمل بها أو ينشط فيها ويجد نفسه معذورا بسببه لو نوقش ، بينما لا تجده مستعدا لقبول عذر غيره المماثل .
8- ظن البعض أن كل ما يعلم يقال، وأن من تكتم لا عمل صالح يقوم عليه ولا مشروع يملكه ، ومن لم يجب أو يصرح فهو علامة الإدانة وأنه لا حجة لديه ولا عذر له.
9- تجاهل احتياج عملية الإصلاح وعلاج التقصير وتصحيح الأخطاء وقتا طويلا وجهودا مكثفة تبعا لحجم الجهة الإداري وسعة نطاق عملها ومدى توفر احتياجاتها الفوري والسلامة من المعرقلين والمتضررين وأعداء النجاح إضافة إلى الحاجة لتكاتف وتعاون عدد من الجهات ذات العلاقة الذي قد يتأخر أو يحصل بضعف لسبب أو لآخر.
10- تعميم الحكم وسحبه على كامل الجهة بكافة قطاعاتها لخطأ فردي قد يكون أحيانا وقع باجتهاد أو لظرف قاهر لا يدان لأحد بدفعه .
أرجوا أن لا أكون أبعدت النجعة في تأملي ،هذا ما لدي فماذا لديكم أثابكم الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشاهدات 4483 | التعليقات 2
عبدالله البصري;1258 wrote:
...............................................................................................
قال شيخ الإسلام : ..................فهذا موضع يجب النظر فيه والعمل بالحق ، فإن كثيرًا من أهل العلم والدين والزهد والورع والإمارة والسياسة والعامة وغيرهم ، إما في نظرائهم أو غير نظرائهم من نوع الظلم والسيئات إما بدعة وإما فجور وإما مركّبٌ منهما ، فأخذوا يعاقبونهم بغير القسط ، إما في أعراضهم ، وإما في حقوقهم ، وإما في دمائهم وأموالهم ، وإما في غير ذلك ، مثل أن ينكروا لهم حقًّا واجبًا ، أو يعتدوا عليهم بفعل محرم ، مع أن الفاعلين لذلك متأولون ، معتقدون أن عملهم هذا عمل صالح ، وأنهم مثابون على ذلك ، ..................وهكذا التفرق الموجود في هذه الأمة ، مثل الفتن الواقعة بينها في المذاهب والاعتقادات والطرائق والعبادات والممالك والسياسات والأموال ، فإنما تفرقوا بغيًا بينهم من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ، والباغي قد يكون متأولاً وقد لا يكون متأولاً ، فأهل الصلاح منهم هم المتأولون في بغيهم ، وذلك يوجب عذرهم لا اتباعهم . فتدبَّر العدل والبغي ، واعلم أن عامة الفساد من جهة البغي ، ولو كان كل باغٍ يعلم أنه باغٍ لهانت القضيةُ ، بل كثير منهم أو أكثرهم لا يعلمون أنهم بُغاة ، بل يعتقدون أن العدل منهم ، أو يُعرِضون عن تصور بَغْيِهم ، ولولا هذا لم تكن البغاة متأولين ، بل كانوا ظلمةً ظلمًا صريحًا ، وهم البغاة الذين لا تأويل معهم . وهذا القدر من البغي بتأويل ، وأحيانًا بغير تأويل ، يقع فيه الأكابر من أهل العلم ، ومن أهل الدين ، فإنهم ليسوا أفضل من السابقين الأولين ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا شيخنا عبد الله نعم ما لديك لله درك .
و لله أبوه ابن تيمية فهو يتكلم عن
شيء خبره بنفسه رحمه الله فسبحان من أفرغ
عليه الصبر عندما ابتلى بالضراء و ألهمه العفو
عندما قدر على من بغى عليه وابتلى بالسراء
ولا شك أن حسن النية معين عظيم يصنع الله به
الأعاجيب التي لا تخطر على بال نحسبه كذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبدالله البصري
لدينا قول المولى ـ سبحانه ـ : " وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآَنُ قَومٍ أَن صَدُّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرَامِ أَن تَعتَدُوا "
وقوله ـ سبحانه ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَو عَلَى أَنفُسِكُم أَوِ الوَالِدَينِ وَالأَقرَبِينَ إِن يَكُن غَنِيًّا أَو فَقَيرًا فَاللهُ أَولى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعدِلُوا وَإِن تَلوُوا أَو تُعرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بما تَعمَلُونَ خَبِيرًا "
وقوله ـ جل وعلا ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسطِ وَلاَ يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلَى أَلاَّ تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ "
وقوله ـ تعالى ـ : " إِنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاء ذِي القُربى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاء وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ "
وقوله ـ عز وجل ـ : " قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالقِسطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَادعُوهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُم تَعُودُونَ "
وما أخرجه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يبعث عبدالله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر . قال : فجمعوا له حليًّا من حلي نسائهم ، فقالوا له : هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم . فقال عبد الله بن رواحة : يا معشر اليهود ، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم ... الحديث . وهو صحيح .
_ _ _ _ _
قال شيخ الإسلام : والغالب أن الظلم في الدين يدعو إلى الظلم في الدنيا وقد لا ينعكس ، ولهذا كان المبتدع في دينه أشدَّ من الفاجر في دنياه ، وعقوبات الخوارج أعظم من عقوبات أئمة الجور ، كما قررتُ هذا في قاعدة " بيان أن البدع أعظم من المعاصي بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وبما يعقل به ذلك من الأسباب "
ثم مع هذا لا يجوز أن يعاقب هذا الظالم ولا هذا الظالم إلا بالعدل بالقسط ، لا يجوز ظلمه .
فهذا موضع يجب النظر فيه والعمل بالحق ، فإن كثيرًا من أهل العلم والدين والزهد والورع والإمارة والسياسة والعامة وغيرهم ، إما في نظرائهم أو غير نظرائهم من نوع الظلم والسيئات إما بدعة وإما فجور وإما مركّبٌ منهما ، فأخذوا يعاقبونهم بغير القسط ، إما في أعراضهم ، وإما في حقوقهم ، وإما في دمائهم وأموالهم ، وإما في غير ذلك ، مثل أن ينكروا لهم حقًّا واجبًا ، أو يعتدوا عليهم بفعل محرم ، مع أن الفاعلين لذلك متأولون ، معتقدون أن عملهم هذا عمل صالح ، وأنهم مثابون على ذلك ، ويتعلقون بباب قتال أهل العدل والبغي ، وهم الخارجون بتأويل سائغ ، فقد تكون الطائفتان جميعًا باغيتين بتأويل أو بغير تأويل ، فتدبر هذا الموضع ، ففيه يدخل جمهور الفتن الواقعة بين الأمة ، كما قال ـ تعالى ـ : " وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ العِلمُ بَغيًا بَينَهُم " فأخبر أن التفرق بينهم كان بغيًا ، والبغي: الظلم .
وهكذا التفرق الموجود في هذه الأمة ، مثل الفتن الواقعة بينها في المذاهب والاعتقادات والطرائق والعبادات والممالك والسياسات والأموال ، فإنما تفرقوا بغيًا بينهم من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ، والباغي قد يكون متأولاً وقد لا يكون متأولاً ، فأهل الصلاح منهم هم المتأولون في بغيهم ، وذلك يوجب عذرهم لا اتباعهم . فتدبَّر العدل والبغي ، واعلم أن عامة الفساد من جهة البغي ، ولو كان كل باغٍ يعلم أنه باغٍ لهانت القضيةُ ، بل كثير منهم أو أكثرهم لا يعلمون أنهم بُغاة ، بل يعتقدون أن العدل منهم ، أو يُعرِضون عن تصور بَغْيِهم ، ولولا هذا لم تكن البغاة متأولين ، بل كانوا ظلمةً ظلمًا صريحًا ، وهم البغاة الذين لا تأويل معهم . وهذا القدر من البغي بتأويل ، وأحيانًا بغير تأويل ، يقع فيه الأكابر من أهل العلم ، ومن أهل الدين ، فإنهم ليسوا أفضل من السابقين الأولين ، ولما وقعت الفتنة الكبرى كانوا فيها ثلاثة أحزاب ، قوم يقاتلون مع أولى الطائفتين بالحق ، وقوم يقاتلون مع الأخرى ، وقوم قعدوا اتباعًا لما جاء من النصوص في الإمساك في الفتنة .
والفتن التي يقع فيها التهاجر والتباغض والتطاعن والتلاعن ونحو ذلك هي فتنٌ ، وإن لم تَبلُغِ السيفَ ، وكل ذلك تفرق بغيًا ، فعليك بالعدل والاعتدال والاقتصاد في جميع الأمور ، ومتابعة الكتاب والسنة ، وردّ ما تنازعت فيه الأمة إلى الله والرسول ، وإن كان المتنازعون أهل فضائل عظيمة ومقامات كريمة ، والله يوفقنا لما يحبه ويرضاه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
_ _ _ _ _
تعديل التعليق