إنجاء الله لأوليائه

حامد الشثري
1445/01/09 - 2023/07/27 23:22PM

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسَنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مِنْ يَهُدُّهُ اَللَّهُ فَلَا مُضِل لَهُ ، وَمِنْ يُضَلِّلُ فَلَا هَادِي لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ ، وَمُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ ، وَنَاصِرْ اَلْمَظْلُومِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ ، وَصَفَّيْهِ وَخَلِيلُهُ ، صَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ اِتَّقَوْا رَبُّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازَ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اَللَّهِ حَق فَلَا تَغُرَّنُكُمْ اَلْحَيَاةُ اَلدُّنْيَا وَلَا يَغْرَنْكَمْ بِاَللَّهِ اَلْغُرُورِ ) ( يَا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقَوْا اَللَّهُ وَلِتَنْظُرَ نَفْسُ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقَوْا اَللَّهَ إِنَّ اَللَّهَ خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ )

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ .. لَازَالَتْ أَفْوَاهُنَا رَطْبَةً مِنْ إِفْطَارِ يَوْمِ اَلنَّجَاةِ ، يَوْمُ عَاشُورَاءَ ، يَوْمٌ .. فِي مُسَلْسَلِ اَلْأَيَّامِ اَلَّتِي نَجَّى اَللَّهُ فِيهِ اَلْأَوْلِيَاءُ وَالْأَنْبِيَاءُ .. عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا اَلصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ، وَسَنَةُ اَللَّهِ اَلَّتِي لَيْسَ لَهَا تَبْدِيلٌ وَلَا تَحْوِيل، أَنَّهُ يَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ وَأَنَّهُ يُعِزُّ أَنْبِيَاءَهُ ( حَتَّى إِذَا اِسْتَيْأَسَ اَلرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنَجِّي مِنْ نَشَأَ وَلَا يَرُدُّ بَأْسُنَا عَنْ اَلْقَوْمِ اَلْمُجْرِمِينَ ) ، سَنَةُ اَللَّهِ فِي اَلْأَوَّلِينَ ، وَهِيَ مَاضِيَةٌ فِي اَلْآخَرِينَ ، قَالَ اَلْحَقُّ جُلَّ ثَنَاؤُهُ ( ثُمَّ نُنْجِي رُسُلُنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا  كَذْلَكَ حَقًّا عَلَيْنَا نَنْجُ اَلْمُؤْمِنِينَ ).

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ : تَرَاءَى لِي أَنْ أُعَبِّرَ هَذِهِ اَلنَّجَاةِ ، إِلَى سِلْسِلَةِ اَلْإنْجَاءْ اَلَّتِي أَنْجَى اَللَّهُ فِيهَا أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ ، لَاسْتَعْرَضَ هَذَا اَللَّوْنِ اَلَّذِي يَجْعَلُنَا أَكْثَرَ إِيمَانًا ، وَأَعْمَقُ اِتِّصَالاً وَيَقِينًا فِي اَلْمَوْلَى سُبْحَانَهُ ، أَنَّ مِنْ سَارَ عَلَى غَرْسِ اَلْأَنْبِيَاءِ ، أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى سَيَجْعَلُ لَهُ وَلَا بُد ، مِنْ كُلٍّ ضَيِّقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمِّ فَرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ بَلَاءِ عَافِيَةٍ.

نُوحْ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا اَلصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ ، دَعَاَاَاا قَوْمُهُ طَوِيلاً ، أَمْرُهُمْ سِرًّا وَجِهَارًا ، لَيْلاً وَنَهَارًا ، اِسْتَخْدَمَ مَعَهُمْ جَمِيعَ أَسَالِيبِ اَلدَّعْوَةِ ، ظِلٌّ فِي دَعْوَتِهِمْ عُمْرًا مُدَدًا ، وَسِنِينَ طِوَالاً ، لَكِنَّ اَلْقَوْمَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَكَذَبُوا ، فَأَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَصْنَعَ اَلْفَلَكُ قَالَ اَلْحَقُّ جُلَّ ثَنَائِهِ ( وَأَصْنَعُ اَلْفَلَكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ) وَالْقَوْمَ يَمُرُّونَ بِهِ وَهُوَ يَصْنَعُ دَابَّةً لَمْ تَمُرْ عَلَى أَذْهَانِهِمْ ، وَلَيْسَتْ فِي قَوَائِمِ مَعَارِفِهِمْ ، فَأَخَذُوا يَتَنَدَّرُونَ مِنْهُ ، وَأَخَذُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ ، وَنُوحْ يَقُولُ ( إِنَّ تَسْخَرُونَ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ) ، وَبَلَغَ مِنْ إِيذَاءِ اَلْقَوْمِ لِنُوحْ أَنَّهُ دَعَا رَبُّهُ ( أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصَرَ ) فَجَاءَتْ اَلْإِجَابَةُ عِجْلاً ( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرَنَا اَلْأَرْضَ عُيُونًا عَلَى أَمْرٍ قَدْ قَدَّرَ ) ، فَتَحَتْ اَلسَّمَاءُ . . كَأَفْوَاهِ اَلْقُرْبِ ، وَتَفَجَّرَتْ اَلْأَرْضُ يَنَابِيعَ فَلَمْ يُغَنِّيَ . . إِلَّا ذَلِكَ اَلْفَلَكِ اَلَّذِي كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ مِنْهُ ( وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) ، فَكَانَ اَنْجَاءْ يِنْضَافْ إِلَى سِلْسِلَةِ اَلْاَنْجَاءْ اَلَّتِي أَنْجَى اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا اَلْأَنْبِيَاءُ .

وَحِينُ نَذْهَبُ بَعِيدًا . . إِلَى إِبْرَاهِيمْ . . عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا اَلصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ ، اَلَّذِي نَشَأَ فِي مَصْرَعِ اَلشِّرْكِ . أَبُوهُ . . أَحَدُ أَدَوَاتِ اَلشِّرْكِ ، يَنْحِتَ اَلْأَصْنَامَ ، فَيَعْبُدهَا وَيَعْبُدُونَهَا ، وَإِبْرَاهِيمْ بِفِطْرَتِهِ اَلسَّلِيمَةِ يجُووُووُولْ فِي هَذَا اَلْفَلَكِ ، وَيَرَى هَذَا اَلْكَوْنِ . . يَدُورَ مَعَ اَلشَّمْسِ دَوْرَتَهَا ، يَأْفُلَ مَعَ اَلْقَمَرِ ، وَيُطْلِعَ مَعَ اَلشَّمْسِ ، حَتَّى هَدَاهُ رَبُّهُ دِينًا قَيِّمًا . . مِلَّةُ إِبْرَاهِيمْ حَنِيفًا ، فَلَمَّا هَدَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى . . أَوَّلُ مَا بَدَأَ بِأَبِيهِ ( يَا أَبَتْ قَدْ جَاءَنِي مِنْ اَلْعَلَمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَأُتْبِعَنِي أُهْدَكُ صِرَاطًا سَوِيًّا ) لَكِنَّ اَلْقَوْمَ كَفَرُوا وَكَذَبُوا وَعَكَفُوا عَلَى أَصْنَامِهِمْ ، فَأَسْتَجْمِعُ إِبْرَاهِيمْ شَأْنُهُ . . أَنَّ يَهْوِي عَلَى هَذِهِ اَلْأَصْنَامِ ، وَأَنْ يَجْعَلَهَا جَذَّاذَا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ ، فَلَمَّا جَاؤُووَأَصْنَامُهُمْ سَاقِطَةٌ مُكَسَّرَةٌ ، ( قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَسَأَلْوُهُمْ إِنَّ كَانُوا يَنْطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمْ اَلظَّالِمُونَ ثُمَّ نَكَّسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمَتْ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ) قَالَ إِبْرَاهِيمْ هَاهُنَا ( أَفَتَعَبْدُونْ مِنْ دُونِ اَللَّهِ مَالاً يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ) أَرَادَ أَنْ يُحَاكِمَهُمْ إِلَى عُقُولِهِمْ ، فَإِذَا هِيَ عُقُولٌ قَدْ نَخَرَهَا سُوسُ اَلْجَهَالَةِ . . ( أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) ، ( قَالُوا . . حَرَقُوهُ . . حَرَقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) ، أَرَادُوا بِهِ كِيدَا . . جَمَعُوا لَهُ اَلنَّارُ . . لَكِنَّ اَللَّهَ اَنْجَاءْ لِنَبِيِّهِ سَلْبِ هَذِهِ اَلنَّارِ خَاصِّيَّتَهَا . . اَلنَّارُ اَلْمَحْرَقَةُ لَمْ تَعُدْ مَحْرَقَةٌ ( قُلْنَا يَا نَار . . كَوْنِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمْ ) وَإِبْرَاهِيمْ . . اَلَّذِي تَحَاشَى اَلْقَوْمُ أَنْ يُلْقُوهُ فِي اَلنَّارِ مِنْ قَرِيبٍ ، وَنَصَبُوا لَهُ مَنْجَنِيقًا . . حَتَّى يُلْقُوهُ مِنْ بُعَيْدٍ . . فَبَيْنَمَا هُوَ فِي كَبِدِ اَلسَّمَاءِ . . إِمَامُ اَلتَّوْحِيدِ ، وَرَأْسَ اَلْحَنِيفِيَّةِ ، تُمَثِّلَ لَهُ جِبْرِيلْ ، فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيمْ . . أَلُكْ إِلَى حَاجَةٍ ؟ ( قَالَ لَا ) ، أُمًّا إِلَيْكَ فَلَا ، وَأَمَّا إِلَى اَللَّهِفَنِعْمَ ، . . إِنَّهُ اَلتُّوحِييِييِيدْ فِي أَبْهَى صُوَرِهِ ، وَالتَّوَكُّلُ فِي أَعْلَى مَقَامَاتِهِ ، ( حَسَبْنَا اَللَّهُ وَنَعَمْ اَلْوَكِيل ) قَالَ اَللَّهُ عِنْدَهَا ( يَا نَار . . كَوْنِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمْ ) ، ( فَمًا كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ . . إِلَّا أَنَّ قَالُوا اُقْتُلُوهُ . . أَوْ حَرَقُوهُ . . فَأَنْجَاهُ اَللَّهُ مِنْ اَلنَّارِ).

إِنَّهُ إِنْجَاءْ اَللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ . . وَبِقَدْرَ مَا يَكُونُ اَلتَّسْلِيمُ وَالِاسْتِسْلَامُ ، وَالْإِيمَانُ وَالتَّوَكُّلُ وَالْيَقِينُ . . بِقَدْرِ مَا تَعْظُمُ دَرَجَاتِ اَلنَّجَاةِ.

وَيُوسُفْ اَلْكَرِيمِ ، اِبْنْ اَلْكَرِيمْ ، اِبْنْ اَلْكَرِيمْ ، نَجَاةُ اَللَّهِ فِي مَوَاقِفَ عَدَدًا . . نَجَاةُ اَللَّهِ مِنْ كَيْدِ إِخْوَتِهِ اَلَّذِينَ أَمْنِهِمْ اَلْأَبِ عَلَيْهِ ، وَأَمْنُهُمْ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ ، فَكَانُوا يَتْمَالْؤُونْ عَلَيْهِ ، ( اقْتُلُوا يُوسُفَ .. أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ) ، فَأَنْجَاهُ اَللَّهُ بِمَشُورَةِ أَحَدهُمْ إِذْ قَالَ ( لَا تَقْتُلُوا يُوسُفْ وَأَلْقَوْهُ فِي غَيَابَةِ اَلْجُبِّ ) ، . . ثُمَّ نَجَاةُ اَللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ تِلْكَ اَلْقَافِلَةِ . . اَلَّذِينَ ( أَرْسَلُوا وَأُرِدْهُمْ فَأَدْلَى دَلْوُهُ ، قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامْ ) ، . . وَنَجَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ مُرَاوَدَةِ اِمْرَأَةِ اَلْعَزِيزِ ( كَذَلِكَ لِنَصْرِف عَنْهُ اَلسُّوءُ وَالْفَحْشَاءُ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا اَلْمُخْلِصِينَ ) ، . . وَنَجَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ اِتِّهَامِ اِمْرَأَةِ اَلْعَزِيزِ حيِنَ نَطْق نَاطَقُهُمْ فَقَالَ ( لِمَا رَأَى قَمِيصُهُ قَدْ مَنَّ دَبَّرَ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) ، . . وَنَجَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى حِين جَمَعَتْ اِمْرَأَةَ اَلْعَزِيزِ اَلنِّسْوَةَ وِرَاوْدِنَهْ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ ( وَإِلَّا تَصَرَّفَ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصُبُّ إِلَيْهِنَّ وَأُكِنّ مِنْ اَلْجَاهِلِينَ ، فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبِّهِ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ، . . وَنَجَاهُ اَللَّهُ مِنْ اَلسِّجْنِ إِلَى اَلْحُرِّيَّةِ ، وَمِنْ اَلْعُبُودِيَّةِ إِلَى اَلسِّيَادَةِ ، ( فَلَمَّا كَلِمَة قَالَ إِنَّكَ اَلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينْ أَمِينْ ).

ذِكْرُهُمْ يَا مُحَمَّدْ بِأَيَّامِ اَللَّهِ . . اِسْتَعْرَضَ أَيَّامَ اَللَّهِ اَلَّتِي أَهْلِكَ فِيهَا اَلْكَافِرِينَ ، وَنَجَّى اَللَّهُ تَعَالَى فِيهَا اَلْمُؤْمِنِينَ.

وَيَأْتِي يَوْمُ مُوسَى اَلَّذِي يُوَافِقُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ . . وَمُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ . . اَلَّذِي نَجَاهُ اَللَّهُ مِنْ اَلْغَمِّ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ مِصْرِيًّا فَأَصْبَحَ خَائِفًا فِي اَلْمَدِينَةِ يَتَرَقَّبُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدِينٍ وَبَقِيَ فِيهَا مَا بَقِيَ ، وَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ فِي اَلصَّحْرَاءِ ، أَبْصَرَ مِنْ جَانِبِ اَلطُّورِ نَارًا . . إِنَّهُ نُورُ اَلنُّبُوَّةِ . . فَتَجَلَّى اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِكَلِمَاتِهِ إِلَى مُوسَى ، ( أَنَّنِي أَنَا اَللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ اَلصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) ، ثُمَّ أَمْرِهِ أَنْ يُنْذِرَ فِرْعَوْنْ وَقَوْمُهُ . . يَسِير مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا اَلصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ . . يَتَّكِئَ عَلَى عَصَى أُخْرَى ، غَيْرَ عَصَاهُ اَلْأُولَى ، يَتَّكِئَ عَلَى هَارُونْ رَدَّانِ يُصَدِّقُهُ ، وَيَنْطِقَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى فِرْعَوْنْ ، فَدَعَاهُ إِلَى اَلْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَفِرْعَوْنَ يَذْكُرُهُ بِأَيَّامِ اَلطُّفُولَةِ ، وَبِجَرِيمَتِهِ اَلْأُولَى بِقَتْلٍ اَلْمِصْرِيِّ ، وَيُرَادَ اَلْحُجَّةَ بِالْحُجَّةِ ، حَتَّى اِجْمَعْ فِرْعَوْنْ وَقَوْمُهُ عَلَى أَنْ يَنَالُوا مِنْ مُوسَى اَلْكَلِيمِ ( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنَّ أُسَر بِعِبَادِي فَأَضْرَبَ لَهُمْ طَرِيقًا فِي اَلْبَحْرِ يُبْسًا ، لَا تَخَافُ دَرْكًا وَلَا تَخْشَى ) ، سَارَ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا اَلصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ وَمَعَهُ اَلْمُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَفِرْعَوْنً . . يَتْبَعُهُ فِي جَيْشِ عَرَمْرَمٍ ، يُعْرِفَ أَوْلِهِ ، وَلَا يَرَى آخِرُهُ ، ( فَلَمَّا تُرَاءِ اَلْجَمْعَانْ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمْدِرْكُونْ ، قَالَ مُوسَى كُلًّا . . إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينَ ) ، يَسْتَعْرِضَ موسىسِلْسِلَةَ اَلْاَنْجَاءْ . . اَلَّتِي كَانَتْ فِيهِ . . وَفِي آبَاءَهُ مِنْ اَلْأَنْبِيَاءِ ، فَيَقُولُ بِقَلْبٍ وَاثِقٍ . . مَعَ أَنَّ مَوَازِينَ اَلْقُوَى عَلَى اَلْأَرْضِ لَا تُسَاعِدُ عَلَى مَا يَقُولُ . . لَكِنَّهُ مُسْتَعْصِمٌ بِحَبْلِ اَللَّهِ اَلْمَتِينِ

وَإِذَا اَلْعِنَايَة لَا حَظْتَكْ عُيُونُهَا * * * نَمَّ فَالْحَوَادِثُ كُلُّهُنَّ أَمَانٌ

( قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينَ ، فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرَقٍ كَالطَّوْدِ اَلْعَظِيمِ) إِلَى أَنْ قَالَ ( وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ أَنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَةٍ ).

وَأَنْجَى اَللَّهُ يُونُسْ اِبْنُ مَتَّىْ ، حِينُ مَا غَادَرَ قَوْمُهُ . . . فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ، فَصَارَ يَتَقَلَّبُ فِي ظُلُمَاتِ ثَلَاثِ ظُلْمَةَ اَلْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْكَرْبِ ، ظُلْمَةُ اَللَّيْلِ ، ظُلْمُ اَلْبَحْرِ ، ظُلْمَةُ بَطْنِ اَلْحُوتِ . . وَأَخَذَ يُنَادِي بِكَلِمَاتِ اَلنُّورِ فِي تِلْكَ اَلظُّلْمِ . . ( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ اَلظَّالِمِينَ ) . . قَالَ اَللَّهُ ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ اَلْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ ).

وَنَجَّى اَللَّهُ لُوطًا . . وَنَجَّى اَللَّهُ شُعَيْبًا . . وَنَجَّى اَللَّهُ هُودًا . . وَنَجَّى اَللَّهُ صَالِحًا . . وَالْقَائِمَةُ تَطُولُ فِي أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ اَلَّذِينَ اَنْجَاهْمْ . . .

وَأَمَّا اَنْجَاءْ اَللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَطْوَل مِنْ أَنْ تَحُدَّهُ خُطْبَةُ أَوْ نِصْفِ خُطْبَةٍ . .

بَارَكَ اَللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي اَلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بما فيهما من الآيات والحكمة أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فأستغفروه .. قد أفلح المستغفرين

اَلْخُطْبَةِ اَلثَّانِيَةِ

اَلْحَمْدَ اَللَّهَ على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

أيها المؤمنون . . لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُغَادِرَ سِلْسِلَةُ اَلْإنْجَاءْ هَذِهِ ، دُونُ أَنْ أَذْكُرَ ... دُرَّة اَلْأَنْبِيَاءِ ، وَأَزْكَى اَلنَّسَمَاتِ ، مُحَمَّدْ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، . . ذَلِكَ .. اَلَّذِي نَجَاهُ رَبُّهُ حِينَ قَالَ لَهُ ( فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) ، وَحِينُ نَادَاهُ وَقَالَ ( فَإِنَّ اَللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلْ وَصَالِحِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةِ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) ، . .
وَلَوْ ذَهَبَتْ بَعِيدًا فِي اِسْتِعْرَاضِ مَوَاقِفَ اَنْجَاءْ اَللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . . لَضَاقَ اَلزَّمَانُ وَالْمَكَانُ عَنْ عَرْضِ تِلْكَ اَلسِّلْسِلَةَ وَلَكِنْ . . حَسَبُكَ مِنْ اَلْقِلَادَةِ مَا أَحَاطَ بِالْمِعْصَمِ ، . . نَجَّى اَللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِي جَهْلْ ، اَلَّذِي جَاءَ إِلَى نَادِي قُرَيْشِ فِي مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ : هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدْ وَجْهِهِ بَيِّنٍ أَظْهَرَكُمْ ، يَعْنِي هَلْ يَسْجُدُ بَيَّنَ ظَهْرَانَيْكُمْ . . فَقَالُوا لَهُ نَعِمَ ، فَقَالَ : نَاظِرًا فِي عُطْفِيَّهْ . . مُتَبَخْتِرًا بِقُوَّتِهِ ، وَاَللَّاتُ وَالْعُزَّى ، لِأَنَّ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَطَأِنَعَلَيْهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ قَلِيلاً حَتَّى جَاءَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحْنِ اَلْكَعْبَةِ ، فَلَمَّا رَآهُ اَلشَّقِيُّ أَبُو جَهْلْ ، أَرَادَ أَنْ يَهُمَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . وَلَمْ يَرْعَ نَادِي قُرَيْشِ إِلَّا وَعَمْروْ بْنْ هِشَامْ ، اَلْمُسَمَّى زُورًا أَبًا اَلْحُكْمَ . . يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ وَهُوَ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ ، وَيَنْكِصَ عَلَى عَقِبَيْهِ ، فَقَالَوا مَا صَنَعَتْ يَا أَبًا اَلْحُكْمَ . . فَقَالَ . . إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لُخْنَدْقَا وَهَوْلاً وَنَارًا وَأَجْنِحَة ، قَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا صَحَّ عِنْد اَلْبُخَارِي ، وَاَللَّهُ لِوِدِّنَا مَنِيّ لَتَخَطَفَتَهْ اَلْمَلَائِكَةِ عُضْوًا عُضْوًا . . وَفِي دَارِ اَلنَّدْوَةِ ، يَأْتَمِرَ اَلْقَوْمُ وَيَجْتَمِعُونَ بِرِعَايَةِ إِبْلِيسٍ ، اَلَّذِي جَاءَ فِي صُورَةِ شَيْخٍ نَجْدِي ، ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُر اَللَّهُ وَاَللَّهُ خَيْرُ اَلْمَاكِرِينَ ) ، تِمَالْؤُو عَلَيْهِ بِالْآرَاءِ وَالِاقْتِرَاحَاتِ ، حَتَّى اِنْتَهَى رَأْيُ سَيِّدِهِمْ إِلَى أَنْ يَقْتُلُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِأَنْ يُؤَلِّبُوا عَلَيْهِ اَلْقَبَائِلُ ، وَيَجْمَعُوا عَلَيْهِ اَلشُّبَّانُ ، فَيَتَفَرَّقُ دَمُ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي اَلْقَبَائِلِ ، لَكِنَّهُمْ حِينَ أَجْمَعُوا اَمْرَأهَمْ وَشُرَكَائِهِمْ . . خَرَجَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِهِمْ . . آمِنًا مُطْمَئِنًّا . . دَثْرَهْ اَللَّهُ بِثَوْبِ اَلْعَافِيَةِ ، وَلَفَّهُ اَللَّهُ بِعَيْنِ اَلْعِنَايَةِ ، وَهُوَ يَنْثُرُ اَلتُّرَابُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَيَقُولُ ( شَاهْتْ اَلْوُجُوهُ ، شَاهْتْ اَلْوُجُوهُ ) . . وَهَذَا اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ مُتَخَفِّيًا هُوَ وَصَاحِبُهُ ، فَيُدْرِكُهُ سُرَاقَة بْنْ مَالِكْ طَمَعًا فِي مِئَةٍ مِنْ اَلْإِبِلِ جَعَلَتْهَا قُرَيْشُ لَمِنْ يَأْتِي بِرَسُولْ اَللَّهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا . . يُحَاوِلَ أَنْ يَقْتَرِبَ مِنْ اَلنَّبِيِّ فَتْسُوخْ قُدُمًا فَرَسُهُ . . يُحَاوِلَ أُخْرَى ثُمَّ تَسُّوخْ قُدُمًا فَرَسُهُ ، ثُمَّ يُحَاوِلُ ثَالِثَةً ، فَيُصْبِحُ سُرَاقَة اَلَّذِي يُطَارِدُ اَلنَّبِيُّ ، هُوَ اَلَّذِي يَطْلُبُ اَلْأَمَانُ مِنْ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، . . مِنْ اَلَّذِي قَلَبَ اَلْمَوَازِينَ ؟ ، مِنْ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْخَائِفُ آمِنًا ، وَالْآمِنَ خَائِفًا ، . . ثُمَّ رَجَعَ سُرَاقَة لِيَصُدّ اَلنَّاسُ يَرُدُّهُمْ وَيُعْمِيهِمْ عَنْ اَلطَّرِيقِ . . كَانَ أَوَّلَ اَلنَّهَارِ جَاهِدًا عَلَيْهِ ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، . . وَكَانَ آخِرٌ اَلنَّهَارِ مُسَلَّحَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِيًا وَحَافَظَا . . حِينُ عَاتَبَهُ أَبُو جَهْلْ . . قَالَ لَهُ سُرَاقَة :

أَبًا اَلْحُكْمَ لَوْ كُنْتُ شَاهِدًا * * * لِأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسُّوخْ قَوَائِمُهُ

عَلِمَتْ وَلَمْ تُشَكِّكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا * * * رَسُولُ بِبُرْهَانِ فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهُ

وَغُورَثْ اِبْنْ اَلْحَارِثْ : جَاءَ إِلَى اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَدْ أَخَذَهُ اَلنُّعَاسُ فَنَامَ ، فَاخْتَرَطَ سَيْفُهُ مِنْ اَلْعَضَاَة ، وَوَقْف عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اَللَّهِ قَائِلاً : يَا مُحَمَّدْ . . مِنْ يَمْنَعُكَ مِنَى ، قَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . اَلَّذِي لَمْ تَهْتَزْ مِنْهُ شِعْرُهُ . . وَلَمْ تَتَحَرَّكْ مِنْهُ وَدِيجَة . . أَسْكَنَ مَا يَكُونُ . . وَآمِنٌ مَا يَكُونُ . . قَالَ : اَلــــــــــلَّــــــــــــهُ. . وَمِنْ قُوَّةِ هَذِهِ اَلْكَلِمَةِ . . وَمِنْ جَلَالِ هَذَا اَلتَّوْحِيدِ . . سَقَطَ اَلسَّيْفُ مِنْ يَدِ غُورْثْ ، فَتَنَاوَلَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَانْقَلَبَ اَلْحَالُ . . فَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَرُ سَيْفُهُ وَيَقُولُ . . مِنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدْ كُنَّ خَيْرٍ آخِذٍ ، فَوَضْعُ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلسَّيْفُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى اَلرَّجُلِ فَقَالَ : هَلْ تَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اَللَّهِ ، فَقَالَ لَا . . وَلَكِنَّ أُعَاهِدكُ أَنَّ لَا أُقَاتَلُكُ ، وَلَا أَكُونُ فِي قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ ، فَأَطْلَقَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ : جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ اَلنَّاسِ . . جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ اَلنَّاسِ

أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ . . عَرْضُ سِلْسِلَةِ اَلنَّجَاةِ هَذِهِ يُرَاد مِنْهَا أَخْذِ اَلدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ ، يُرَاد مِنَّا أَنْ نَلْبَسَ اَلدِّرْعُ اَلَّتِي لَبِسُوا ، وَأَنْ نَتَّقِيَ بِالْوِقَايَةِ اَلَّتِي اِتَّقَوْا .

بِأَرْبَعَةِ أَرْجُو نَجَاتِي وَإِنَّهَا * * * لَآكَّدَ مَذْخُورٍ لَدَيَّ وَأَعْظَمُ

شَهَادَةَ إِخْلَاصِي وَحُبِّي مُحَمَّدًا * * * وَحُسْنَ ضَنُونِي ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ

أَسْبَابِ اَلنَّجَاةِ أَوَّلهَا : اَلْإِيمَانُ بِاَللَّهِ ( كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ )
وتَقَوَّى اَللَّهُ ( وَانْجِينَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )

لَا دُرُوع سَابِغَاتٍ . . لَا قِنَا مُشَرِّعَاتٍ . . لَا سُيُوفَ مَنْتَضَاَهْ

قُوَّة اَلْإِيمَانِ تُغْنِي رَبَّهَا * * * عَنْ غِرَارِ اَلسَّيْفِ أَوْ سِنِّ اَلْقَنَاةِ

وَمِنْ اَلْأَيْمَانِ أَمْن وَارِفٍ * * * وَمِنْ اَلتَّقْوَى حُصُونَ لِلتُّقَاةِ

وَمِمَّا يُنْجِي : اَلنَّهْيُ عَنْ اَلسُّوءِ ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )
وَمِنْ اَلْمُنْجِيَاتِ : شُكْرُ اَلْمَوْلَى جَلَّ جَلَالُهُ ( مَا يَفْعَلُ اَللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنَّ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ )

وَمِنْ اَلْمُنْجِيَاتِ : دَوَامُ ذِكْرِ اَللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَدَوَامِ اَلِاسْتِغْفَارِ ( وَمَا كَانَ اَللَّهُ مُعَذِّبُهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )

وَمِنْ أَعْظَمَ . . أَعْظَمَ .. اَلْمُنْجِيَات . . اَلدُّعَاءُ . . اَلدُّعَاءُ . . اَلدُّعَاءُ

إِنِّي إِذَا مَا حَدَثَ أَلَمًا * * * أَقُولُ يَالِلْهَمْ يَالِلْهَمْ

( وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ )

( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ )

( قَلَّ مِنْ يُنْجِيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ اَلْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةٍ لِأَنَّ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لِنَكُونِنَ مِنْ اَلشَّاكِرِينَ ، قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ )

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ : أَيَّامُ اَنْجَاءْ اَللَّهُ لِأَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ تَسْتَحْضِرُ عِنْدَنَا شُكْرُ اَلْمَوْلَى جَلَّ وَعَلَا .

أَوْلَيَتنِي نِعَمًا أَبُوءُ بِشُكْرِهَا * * * وَكْفِيتْنِي كُلَّ اَلشُّرُورِ بِأَسْرِهَا

فَلْأَشْكِرْنَكْ مَا حَيِيَتْ وَأَنْ * * * أَمُتْ فَلْتَشْكِرْنَكْ أَعْظَمِي فِي رَمْسَهَا

  1. اَللَّهُمَّ يَا مُجِيبُ دَعْوَةٍ اَلْمُضْطَرِّينَ . . وَيَا مُنْجِي اَلْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ . . وَيَا
المرفقات

1690489343_‎⁨خطبة إنجاء الله لأوليائه⁩.docx

1690489343_‎⁨خطبة إنجاء الله لأوليائه⁩.pdf

المشاهدات 954 | التعليقات 0