إنا فتحنا لك فتحا مبينا
الشيخ نواف بن معيض الحارثي
الخطبة الأولى :إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً
الحمدُ للـهِ العليِّ العظيمِ، الحكيمِ الخبيرِ العليمِ، عالمِ الغيبِ والشهادةِ العزيزِ الرحيمِ، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللـهُ عليه وعلى آله وصحبه، صلاةً دائمةً لا حدَّ لها ولا عددَ. أما بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ...
في مِثلِ هذا الشهرِ المحرَّمِ من السنةِ السادسةِ للهجرةِ عزَمr على زيارةِ البيتِ العتيقِ مُعتمِرًا، على إِثرِ رؤيا حقٍّ رآها أنَّه سيدخلَ المسجدَ الحرامَ هو وأصحابُهُ آمنينَ محلِّقينَ ومقصرينَ
(لَقَدْ صَدَقَ اللَّـهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْـحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْـمَسْجِدَ الْـحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ)
خرَج r في ألفٍ وأربعِ مئَـةٍ من أصحابه، مُيممًا راحلتَهُ شطرَ البيتِ الحرامِ، يَسوقُها إلى تلك الرُبوعِ سَوقًا، ويـَحثُّها إلى مهوى قلبِه شوقًا ، بعد انقطاعِ سنواتٍ عن تلكَ البقعةِ المبارَكةِ، قِبلةَ القلوبِ، وموئلَ النفوسِ، تسكُنُ في رحابها الأرواحُ، وتُسكَبُ على ثراها العَبراتُ .
والحنينُ إلى المسجدِ الحرامِ والاشتياقُ إلى مَواطِنِ الخيرِ والعباداتِ دليلُ حياةِ القلبِ، وعلامةُ إشراقةِ النفسِ وصحتِها
(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّـهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْـمُهْتَدِينَ)
خرج r حتَّى إذَا كَانُوا ببَعْضِ الطَّرِيقِ قالَ r إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ. فَوَاللَّـهِ ما شَعَرَ بهِمْ خَالِدٌ حتَّى إذَا هُمْ بقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وسَارَ r حتَّى إذَا كانَ بالثَّنِيَّةِ الَّتي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به رَاحِلَتُهُ، فَقالوا: خَلَأَتِ القَصْوَاءُ، فَقالَ r: ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ،
دافَعَ r عن ناقتِه حين ظنَّ القومُ أنها مُعانِدةٌ، ليعذرَ دابةً غيرَ مكلَّفةٍ باستصحابِ خُلُقِها الأصيلِ، وسيرتِها الناصعةِ، ولِيُعَلِّمَ أمتَه درسًا في التعاملِ والحُكْمِ على المواقفِ، وإقالةِ العثرةِ، وإيجادِ الأعذارِ لِمَنْ له مواقفُ مشهودةٌ بالخيرِ والفضل والعِلْم.
ثُمَّ قالَ r: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّـهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا. فغلَّبَr مصلحةَ حقنِ الدماءِ، وسلامةَ الأنفسِ والأرواحِ ونظَرَ في مآلاتِ المواقفِ والأمورِ، والمقاصدِ والغاياتِ، فقد كان بمكةَ جمعٌ من المؤمنينَ والمستضعَفينَ،
فلو دخَل الصحابةُ مكةَ ووقعَت حربٌ لَمَا أَمِنَ أن يُصابَ منهم (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ)
نزل r بأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ وشُكِيَ إليه العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهُ فِي حُفرةٍ بها ماءٌ قليلٌ، فَوَاللَّـهِ ما زَالَ يَجِيشُ لهمْ بالرِّيِّ حتَّى صَدَرُوا عنْه.
أرسلَ r عثمانَ t ليشرحَ لقريشٍ ما يريدُه المسلمونَ، وإذا بالمشركينَ يَعرضُونَ على عثمانَ أن يطوفَ وحدَه بالبيتِ، ولكنَّه رفضَ أن يطوفَ دونَ المسلمينَ، فاحتبستُهُ قريشٌ عندَها،
فلما طالتْ غيبَتُهُ ظنَّ المسلمونَ أن الكفارَ قتلُوُه، ودعا رسولُ اللـهُ الناسَ إلى البيعةِ، وبايعوا على القتالِ وألا يفروا أبداً، وفيهم نزل قولُه تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْـمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).قال r: اللهمَّ إنَّ عثمانَ في حاجةِ اللـهِ تعالى، وحاجةِ رسولِه فضربَ بإحدى يديِه على الأُخرى، فكانتْ يدُ رسولِ اللـهِ ﷺ لعثمانَ خيرًا من أيديهِم لأنفسهِم
وجَاءَ بُدَيْلُ الخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِن قَوْمِهِ، فَقالَ للنبيِّ r: إنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ وعَامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أعْدَادَ مِيَاهِ الحُـدَيْبِيَةِ، ومعهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ، وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فقال r إنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وإنَّ قُرَيْشًا قدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ وأَضَرَّتْ بهِمْ، فإنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، ويُخَلُّوا بَيْنِي وبيْنَ النَّاسِ، فإنْ أظْهَرْ: فإنْ شَاؤُوا أنْ يَدْخُلُوا فِيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فَعَلُوا، وإلَّا فقَدْ جَمُّوا، وإنْ هُمْ أبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ علَى أمْرِي هذا حتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، ولَيُنْفِذَنَّ اللَّـهُ أمْرَهُ.
فَقالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ ما تَقُولُ. فَانْطَلَقَ حتَّى أتَى قُرَيْشًا، وحَدَّثَهُمْ بما قالَ r، فأرسلوا عُرْوَةَ بنَ مَسْعُودٍ للتفاوضِ، وعاد إلى قريشٍ وهو يقول: أيْ قَوْمِ، واللَّـهِ لقَدْ وفَدْتُ علَى المُلُوكِ، ووَفَدْتُ علَى قَيْصَرَ، وكِسْرَى، والنَّجَاشِيِّ، واللَّـهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا؛ واللَّـهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له،
وإنَّه قدْ عَرَضَ علَيْكُم خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. لقد تجلت لهذا الرجلِ محبةُ الصحابةِ للنبيِّ r حتى بلَغَت مدًى لا يُجارى، وسُمُوًّا لا يُبارى.
فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فعادَ وهو يقول: رَأَيْتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فَما أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ.
ثم جاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فقالَ r هذا سُهيلٌ قد سَهَّل اللـهُ لكم أمرَكم. وهذا ديدنُ المسلمِ في الأمورِ الحوالكِ؛ يتفاءلُ ويُحسِنُ الظنَّ بربِّه مع حسنِ العملِ.
فَقالَ سُهيلٌ: هَاتِ اكْتُبْ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا r الكَاتِبَ، فَقالَ r: بسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّـهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» فَقالَ r اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ».
ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّـهِ، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّـهِ لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّـهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّـهِ»، فَقالَ r: واللَّـهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّـهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّـهِ». فَقالَ له r علَى أنْ تُخَلُّوا بيْنَنَا وبيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ به،
فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّـهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، ولَكِنْ ذلكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: وعلَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا. قالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّـهِ! كيفَ يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟
فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، ورَمَى بنَفْسِهِ بيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هذا يا مُحَمَّدُ أوَّلُ ما أُقَاضِيكَ عليه أنْ تَرُدَّهُ إلَيَّ، فَقالَ r: إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قالَ: فَوَاللَّـهِ إذًا لَمْ أُصَالِـحْكَ علَى شَيءٍ أبَدًا، قالَ r: فأَجِزْهُ لِي،
قالَ: ما أنَا بمُجِيزِهِ لَكَ، قالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قالَ: ما أنَا بفَاعِلٍ. فقالَ أبو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألَا تَرَوْنَ ما قدْ لَقِيتُ؟! وكانَ قدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللَّـهِ.
قالَ عُمَرُ: فأتَيْتُ نَبِيَّ اللَّـهِ r فَقُلتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ اللَّـهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: إنِّي رَسولُ اللَّـهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ، وهو نَاصِرِي، قُلتُ: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به.
قالَ: وأتيتُ أبا بكرٍ، فقال لي: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه لَرَسولُ اللَّـهِ r وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ؛ فَوَاللَّـهِ إنَّه علَى الحَقِّ. وفي ذلكَ تمامُ الانقيادِ والطاعةِ لرسولِ اللـهِ r .
قالَ عُمَرُ: مَا زِلْتُ أَصُومُ وَأَتَصَدَّقُ وَأُصَلِّي وَأَعْتِقُ، مِنَ الَّذِي صَنَعْتُ، مَخَافَةَ كَلَامِي الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ يَوْمَئِذٍ ؛ حَتَّى رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...بارك الله ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...أما بعد: فيا عباد الله:
لَـمَّا فَرَغَ r مِن قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قالَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، فَوَاللَّـهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّـهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ وفعلَ ذلكَ فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ y قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا.
إنَّها مشورةٌ من أُمِّ سلمةَ t لنبيٍّ مُرسَلٍ، غيَّرتِ مجرى الأحداثِ في مشهدٍ عصيبٍ، مما يؤكِّدُ على علوَّ شأنِ المرأةِ، وتكريمِ الإسلامِ لها وتعزيزِ رسالتِها، وأنَّ للمرأةِ الرشيدةِ بفِكْرِها ورأيِها وعملِها دورًا في صناعة الحياةِ وتربيةِ الجيلِ وإصلاحِ المجتمعِ بما يوافقُ طبيعتَها.
استبشرَ رسولُ اللـهِ r بالفتحِ خيراً، فقال «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ (إنَّا فتحنا لكَ فتحاً مبيناً »، وقَرَأَهَا r عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
يقولُ ابنُ القيمِّ: كانت الهدنةُ مقدِّمَةً بين يدي الفتحِ الأعظمِ، الذي أعزَّ اللـهُ به رسولَه وجندَه، ودخلَ الناسُ به في دينِ اللـهِ أفواجًا، فكانت هذه الـهُدنةُ بابًا له ومفتاحًا ومُؤَذْنًا بين يديِه، وهذه عادةُ اللـهِ في الأمورِ العظامِ التي يقْضيِهَا قدَرًا وشرعًا أن يوطِّئَ لها بين يديْهَا بمقدِّماتٍ تُؤذنُ لها وتدلُ عليها".
ثم صلوا
المرفقات
1717073606_إنا فتحنا لك فتحا مبينا.pdf
1717073608_إنا فتحنا لك فتحا مبينا.docx