إمامُ التوحيدِ إبراهيمُ 1444/8/11ه

يوسف العوض
1444/08/08 - 2023/02/28 09:47AM

اَلْخُطْبَةُ اَلْأُولَى

عِبَادَ اَللَّهِ : لَقَدْ أَثْنَى اَللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ عَلَى رَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ بِصِفَاتٍ عَظِيمَةٍ ، فَهُوَ مِنْ أَوَّلِيٍّ اَلْعَزْمِ مِنْ اَلرُّسُلِ وَخَلِيلُ اَللَّهِ وَهُوَ قُدْوَةٌ لَمِنْ بَعْدَهُ ، مُقِيمٌ وَمُلَازِمٌ عِبَادَةَ رَبِّهِ شَاكِرٌ ذَاكِرٌ لِرَبِّهِ وَآلَائِهِ وَنِعَمِهِ ، فَقَدْ كَانَ عَلَى اَلتَّوْحِيدِ وَمَاتَ عَلَى اَلتَّوْحِيدِ وَدَعَا إِلَى اَلتَّوْحِيدِ ، بَرَّأَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ اَلشِّرْكِ وَنَزَّهَهُ مِنْ دَعْوَةِ غَيْرِ اَللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ تَعَالَى : ( إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعَمِهِ اِجْتَبَاهُ وَهُدَاهُ إِلَى صِرَاطْ مُسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَأَنَّهُ فِي اَلْآخِرَةِ لَمِنْ اَلصَّالِحِينَ ) ، وَلَمَّا ذَكَرَ اَللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ اَلصِّفَاتِ اَلْجَلِيلَةَ وَالْخِصَالَ اَلْحَمِيدَةَ وَمِنْ أَهَمِّهَا دَعْوَتُهُ لِلتَّوْحِيدِ وَبُعْدَهُ عَنْ اَلشِّرْكِ أَمْرَ اَللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّنَا بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ ) ، وَأَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ كَمَا فِي قَوْلِهِ : ( قُلْ صَدَقَ اَللَّهُ فَاتَّبَعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ )، وَأَثْنَى عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ مِلَّتَهُ فَقَالَ : ( وَمِنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اَللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ) ، وَهِيَ اَلْمِلَّةُ اَلَّتِي هَدَى اَللَّهُ لَهَا نَبِيِّهُ مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام وَأُمَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ : ( قَلَّ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قَيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ ) ، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّ مِنْ سَارَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِهِ فَهُوَ اَلسَّفِيهُ غَايَةَ اَلسَّفَهِ ، فَقَالَ : ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مِنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) ، وَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا عليه الصلاة والسلام يُعَلَمُ أَصْحَابَهُ حِينَ يُصْبِحُوا وَحِينَ يُمْسُوا أَنْ يَقُولُوا : ( أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ اَلْإِسْلَامِ ، وَكَلِمَةِ اَلْإِخْلَاصِ ، وَسَنَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدْ صلى الله عليه وسلم ، وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ ، حَنِيفًا مُسْلِمًا ، وَمَا كَانَ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ ) رَوَاهُ أَحْمَدْ وَصَحَّحَهُ اَلْأَلْبَانِي  .

عِبَادَ اَللَّهِ : إِذَا تَدَبَّرْنَا مَا ذَكَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ وَقِصَصَهُ مَعَ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ وَوَصَايَاهُ لَمِنْ بَعْدِهِ عَرَفتَ مِلَّتَهُ اَلَّتِي دَعَا اَللَّهُ تَعَالَى لِلُزُومِهَا وَاتِّبَاعهَا أَلَّا وَهِيَ : اَلْأَخْذُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْبُعْدُ عَنْ اَلشِّرْكِ ، قَالَ اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ رَحِمَهُ اَللَّهُ : ( اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اَللَّهُ لِطَاعَتِهِ أَنَّ اَلْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ : أَنْ تَعْبدَ اَللَّهَ وَحْدَه مُخْلِصًا لَهُ اَلدِّينَ ) ، وَالْحَنِيفِيَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ اَلْحَنَفِ وَهُوَ اَلْمَيْلُ ، أَيْ مَائِلاً عَنْ اَلشِّرْكِ مُبْتَعِدًا عَنْهُ ، آخِذًا بِالتَّوْحِيدِ وَعِبَادَةِ اَللَّهِ وَحْدَهُ ، مُقْبِلاً عَلَى اَللَّهِ ، مَعْرِضًا عَمَّا سِوَاهُ ، فَهَذَا اَلَّذِي فِي اِتِّبَاعِهِ اَلْهِدَايَةُ ، وَفِي اَلْإِعْرَاضِ عَنْ مِلَّتِهِ اَلْكُفْرُ وَالْغَوَايَةُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقَبَهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) وَالْكَلِمَةُ اَلَّتِي جَعَلَهَا بَاقِيَةً وَدَعَا أُمَّتَهُ إِلَيْهَا هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، وَقَالَ أَيْضًا عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ لِقَوْمِهِ : ( يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ ) ، وَقَالَ دَاعِيًا أَبَاهُ لِلتَّوْحِيدِ : ( وَاذْكُرْ فِي اَلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صَدِيقًا نَبِيًّا ، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ) ، وَهُوَ اَلَّذِي كَسَّرَ اَلْأَصْنَامَ بِيَدِهِ لِيُثْبِتَ لِقَوْمِهِ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ اَلْعِبَادَةَ وَأَنَّ اَلْعِبَادَةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدهُ فَقَالَ لَهُمْ : ( قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) .

عِبَادَ اَللَّهِ : إِنَّ اَلدِّينَ اَلَّذِي دَعَا إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ هُوَ اَلْإِسْلَامُ بَلْ هُوَ دِينُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ جَمِيعًا بِمَعْنَى اَلِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ اَلشِّرْكِ وَأَهْلِهِ ، فَالدَّعْوَةُ إِلَى اَلتَّوْحِيدِ هِيَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ وِمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ وَدِينُ اَلْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا ، قَالَ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيمَ : ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمَتُ لِرَبِّ اَلْعَالَمَيْنِ ، وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اِصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أُم كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ اَلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لَبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهُكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ، وَكَانَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ يَدْعُو رَبَّهُ أَنْ يُثَبِّتَهُ وَأَبْنَاءَهُ عَلَى اَلتَّوْحِيدِ حِينَ رَأَى كَثْرَةَ اَلشِّرْكِ وَأَهْلِهِ ، وَالْخَوْفُ مِنْ اَلْوُقُوعِ فِي اَلشِّرْكِ مِنْ أَعْظَمِ مَقَامَاتٍ اَلْمُوَحِّدِينَ اَلَّذِي يَعْرِفُونَ أَهَمِّيَّةَ اَلتَّوْحِيدِ وَخُطُورَةَ اَلْوُقُوعِ فِي اَلشِّرْكِ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمِنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمِنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

عِبَادُ اَللَّهِ : وَمِنْ أُصُولِ اَلتَّوْحِيدِ اَلَّتِي دَعَا إِلَيْهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ وَأَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فِيهَا هُوَ أَصْلُ اَلْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ ، اَلْوَلَاءُ لِلَّهِ وَلِأَجْلِ اَللَّهِ ، وَالْبَرَاءُ مِنْ اَلشِّرْكِ وَأَهْلِهِ ، قَالَ سُبْحَانَهُ : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اَلْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَحْدَهُ ) ، هَذِهِ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ وَهَذِهِ مِلَّتُهَ اَلَّتِي أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهَا اِقْرَءُوا قِصَصَهُ فِي اَلْقُرْآنِ وَمَا دَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ ، وَكَيْفَ أَنَّهُ كَانَ دَاعِيًا إِلَى اَللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، قَائِمًا بِالتَّوْحِيدِ ، تَارِكًا لِلشِّرْكِ وَالتَّنْدِيدِ ، ثَابِتًا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ قَوْمَهُ أَلْقَوْهُ فِي اَلنَّارِ ، فَهَذَا اَلَّذِي يَجِبُ اِتِّبَاعُهُ وَهُوَ اَلَّذِي يَجِبُ فَهْمُهُ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَدَعْوَتُهُ .

 

اَلْخُطْبَةُ اَلثَّانِيَةُ

عِبَادَ اَللَّهِ : فَإِنَّ مِنْ قَلْبِ اَلْحَقَائِقِ وَتَلْبِيسِ اَلْحَقِّ بِالْبَاطِلِ ، دَعْوَةَ اَلنَّاسِ إِلَى مَا يُسَمَّى بِالْإِبْرَاهِيمِيَّةِ وَأَنَّ اَلْأَدْيَانَ اَلسَّمَاوِيَّةَ كَمَا يُسَمُّونَهَا اَلْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ وَالْإِسْلَامَ كُلَّهَا أَدْيَانٌ وَاحِدَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا !! وَيَعْقِدُونَ لِذَلِكَ اَلْمُؤْتَمَرَاتِ لِلدَّعْوَةِ إِلَى وَحْدَةِ اَلْأَدْيَانِ ، وَيَقْرَؤُونَ فِيهَا اَلتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْقُرْآنَ ، يُرِيدُونَ أَنْ يُسَاوُوا اَلْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ، وَالْهُدَى بِالضَّلَالِ !! وَانْتِسَابُ اَلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِإِبْرَاهِيمَ وَدَعْوَتِهِ شُبْهَةٌ قَدِيمَةٌ أَبْطَلَهَا اَللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَبَيْنَ بَرَاءَةَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ مِنْ كَفِرْيَاتِ اَلْيَهُودِ وَشَركِ اَلنَّصَارَى ، وَبَيَّنَ أَنَّ اَلْهِدَايَةَ فِي اِتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ اَلَّتِي هِيَ اَلتَّوْحِيدُ وَلَيْسَ فِي اِتِّبَاعِ اَلْيَهُودِيَّةِ أَوْ اَلنَّصْرَانِيَّةِ ، قَالَ تَعَالَى : ( وَقَالُوا كَوَّنُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قَلَّ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ ) ، وَإِبْرَاهِيمُ كَانَ قَبْلَ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمْ اَلسَّلَامُ فَكَيْفَ يَزْعُمُ اَلْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَلَى ملَّتَهُمْ ، قَالَ تَعَالَى : ( يَا أَهْلَ اَلْكِتَابِ لَمْ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أَنْزَلَتْ اَلتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) ثُمَّ بَرَّأَ اَللَّهُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أُولَى اَلنَّاس بِإِبْرَاهِيمَ لِلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَهَذَا اَلنَّبِيُّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاَللَّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ ) ، فَأَوْلَى اَلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ هُم أَهْلُ اَلْإِسْلَامِ ، لِأَنَّهُمْ سَارُوا عَلَى اَلتَّوْحِيدِ ، وَإِبْرَاهِيمُ بَرِيءٌ مِنْ اَلدِّيَانَةِ اَلْيَهُودِيَّةِ اَلْمُحَرَّفَةِ اَلَّذِينَ سَبَوْا اَللَّهَ وَطَعَنُوا فِي أَنْبِيَائِهِ وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ تَثْلِيثِ اَلنَّصَارَى وَنِسْبَةِ اَلْوَلَدِ إِلَى اَللَّهِ وَتَأْلِيهِ عِيسَى فَكَيْفَ نَنْسُبُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ هَذِهِ اَلْمَلَلُ اَلْكَافِرَةُ وَالْأَدْيَانُ اَلْمُحَرَّفَةُ ، وقدْ نَزَّهَ اَللَّهُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى عَنْ هَذِهِ اَلضَّلَالَاتِ وَالْكُفْرِيَاتِ فَكُلُّهُم عليهم السلام دُعَاةٌ إِلَى اَلتَّوْحِيدِ .

المشاهدات 653 | التعليقات 0