إِلَى مَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

مبارك العشوان 1
1445/02/29 - 2023/09/14 17:51PM

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَـ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

عِبَادَ اللهِ: حَدِيثُ الْمَرْءِ بِكُلِّ مَا يَسْمَعُ؛ آفَةٌ خَطِيرَةٌ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ؛ وُجِدَتْ فِي العُصُورِ المُتَقَدِّمَةِ؛ وَلَا تَزَالُ فِي ازْدِيَادٍ إِلَى يَومِنَا هَذَا؛ بَلْ هِيَ فِي أيَّامِنَا قَائِمَةٌ عَلَى أَشُدِّهَا.

ابتُلِيَ بِهَذِهِ الآفَةِ أنَاسٌ؛ وَأُولِعُوا بِهَا؛ شُغْلُ أَحَدِهُمْ الشَّاغِلُ: يَتَلَقَّى وَيَنْشُرُ، يَسْتَقْبِلُ وَيُرْسِلُ؛ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ خَبَراً، أو تُذْكَرُ لَهُ حَادِثَةٌ، أو تَصِلُهُ رِسَالَةٌ أوْ صُورَةٌ، إلَّا سَارَعَ بِنَشْرِهَا عَلَى أكْبَرِ عَدَدٍ؛ دُوْنَ أدْنَى بَحْثٍ، أو تَثَبُّتٍ. وَالوَرِعُ مِنْهُمْ يَقُولُ: هَكَذَا وَصَلَنِي، أوْ لَسْتُ مُتَأكِّداً، أَوْ يَخْتِمُ نَقْلَهُ بِكَلِمَةِ: مَنْقُول.

ألَا فَلْيَعْلَمْ مَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَيَنْقُلُ كُلَّ خَبَرٍ يَصِلُهُ أَنَّهُ سَيَقَعُ فِي الكَذِبِ لَا مَحَالَةَ.

يَقُولُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: فَإِنَّهُ يَسْمَعُ فِي الْعَادَةِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ؛ فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ؛ فَقَدْ كَذَبَ؛ لإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ؛ وَالْكَذِبُ: الإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَمُّدُ. ا هـ

لِيَعْلَمْ مَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا يَسْمَعُ أَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ  وَمَنْقَصَةٌ بِصَاحِبِهَا؛ وَلِهَذَا يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي رَحِمَهُ اللهُ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ؛ حَتَّى يُمْسِكَ عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ. اهـ

عِبَادَ اللهِ: الاشْتِغَالُ بِمَا لَا يَعْنِي مِنْ أقْوَالِ النَّاسِ  وَأَفْعَالِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمْ، وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، وَأَخْبَارِهِمْ؛ الِاشْتِغَالُ بِـ: ( قِيْلَ، وَقَالَ، ويَقُولُونَ، وَيَفْعَلُونَ، وَيَتْرُكُونَ...)

الِاشْتِغَالُ بِهَذَا وَتَنَاقُلُهُ، وَإِشْغَالُ النَّاسِ بِهِ؛ فِي المَجَـالِسِ أوْ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ؛ أَمْرٌ مَذْمُومٌ؛ حَتَّى لَو كَانَتْ هَذِهِ الأَخْبَارُ صَحِيحَة.

يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلمٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَمَّا: ( قِيلَ وَقَالَ ) فَهُوَ الخَوْضُ فِي أخْبَارِ النَّاسِ، وَحِكَايَاتُ مَا لَا يَعْنِي مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ. ا هـ.

عِبَادَ اللهِ: وَإِذَا كَانَ هَذَا مَذْمُومًا: حَتَّى فِي الأَخْبَارِ الصَّحِيْحَةِ، فَكَيفَ بِخَبَرٍ لَمْ تَتَأكَّدْ صِحَّتُهُ؟!

كَيفَ بِخَبَرٍ عُلِمَ يَقِيناً عَدَمُ صِحَّتِهِ؟!

كَيفَ بِبُهْتِ النَّاسِ، وَرَمْيِهِمْ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ!؟

كَيفَ بِأَخْبَارٍ تُفْسِدُ وَلَا تُصْلِحُ، وَرَسَائِلَ تُوقِعُ بَينَ النَّاسِ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ!؟

كَيفَ بِنَشْرِ مَعَايِبِ النَّاسِ، وَتَتَبُّعِ عَورَاتِهِمْ وَعَثَرَاتِهِمْ  وَإِفْشَاءِ أسْرَارِهِمْ!؟

كَيفَ بِنَشْرِ مَقَاطِعِ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ، وَالتَّفَلُّتِ مِنَ الدِّينِ!؟ كَيفَ بِنَشْرِ مَا يُوغِرُ الصُّدُورَ، وَيُؤَجِجُّ الفِتَنَ، وَيُزَعْزِعُ الأَمْنَ، وَيَقْذِفُ في القُلُوبِ الرُّعْبَ!؟

 كَيْفَ بِنَشْرِ مَا يُفَرِّقُ الجَمَاعَةَ، وَيَجْلِبُ الفُرْقَةَ، وَيُفْسِدُ بَيَنَ الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، وَيُشَكِّكُ فِي العُلَمَاءِ، وَيُسْقِطُ مَنْزِلَتَهُمْ وَيَضْرِبُ أقْوَالَ بَعْضِهِم بِبَعْضٍ!؟

كَيفَ بِنَشْرِ الأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ والمُوضُوعَةِ؛ والأَقْوَالِ المُرْجُوحَةِ، والفَتَاوَى الشَّاذَّةِ!؟

ألَا فَاتَّقُوا اللهَ ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ وَاحْذَرُوا أنْ يُؤْتَى دِيْنُكُمْ  وَأَمْنُكُمْ، وَاجْتِمَاعُكُمْ مِنْ قِبَلِكُمْ.

احْرِصُوا عَلَى مَا يَنْفَعُكُم، وَيَنْفَعُ غَيْرَكُمْ؛ لَا تَنْشُرُوا فِي النَّاسِ مَا يَضُرُّهُم، وَيُوقِعُهُمْ فِي الإِثْمِ، وَيَحْصُدُ حَسَنَاتِهِمْ  وَيُقَسِّي قُلُوبَهُم، وَيُضَيِّعُ أَوْقَاتَهُمْ، وَيُهَوِّنُ المَعَاصِي فِي نُفُوسِهِمْ، ويُجَرِّؤُهُمْ عَلَيهَا.

اُنْشُرُوا فِي النَّاسِ مَا يُصْلِحُ دِيْنَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ، اُنْشُرُوا فِيْهِمُ العِلْمَ النَّافِعَ الَّذِي تَصْلُحُ بِهِ عَقَائِدُهُمْ، وَعِبَادَاتُهُمْ  وَمُعَامَلَاتُهُمْ، اُنْشُرُوا فِيْهِمُ مَا يُرَقِّقُ قُلُوبَهُمْ، وَمَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ.

كُونُوا مَفَاتِيحَ  لِلْخَيرِ، دُعَاةً لِلْهُدَى؛ مَغَالِيقَ لِلشَّرِ، مُحَذِّرِينَ مِنَ الرَّدَى.

وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِلْهُدَى، وَجَنَّبَنَا الضَّلَالَ وَالرَّدَى.

وَبَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيِ وَالذَّكَرِ الْحَكِيمِ وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلُّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَتَأَمَّلْ أَخِي المُسْلِمُ  مَا تَقُولُ وَمَا تَكْتُبُ، وَمَا يُقَالُ لَكَ، وَمَا يَصِلُكَ مِنَ الأَخْبَارِ، تَأَمَّلْهُ وَمَحِّصْهُ قَبْلَ أنْ تَنْشُرَهُ فِي النَّاسِ.

إذَا أَرَدْتَ نَشْرَ شَيءٍ؛ فَتَثَبَّتْ أَوَّلاً؛ أَصَحِيحٌ هُوَ أَمْ لَا، ثُمَّ إِذَا ثَبَتَتْ صِحَّتُهُ؛ فَانْظُرْ أَفِي نَشْرِهِ إِضْرَارٌ بِأَحَدٍ أمْ لَا، ثُمَّ إذَا كَانَ صَحِيحًا وَلَا ضَرَرَ فِيهِ؛ فَانْظُرْ هَلْ فِي نَشْرِهِ نَفْعٌ أمَ لَا، وَهَلْ الوَقْتُ مُنَاسِبٌ لِنَشْرِهِ أمْ لَا.

فَإِذَا الْتَزَمْتَ أَخِي المُسْلِمُ هَذَا؛ فَسَيَنْفَعُكَ بِإِذْنِ اللهِ كَثِيرًا  وَيَقْضِي عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الشَّائِعَاتِ.

وَإِيَّاكَ أخِي إِيَّاكَ؛ مِنْ كَلِمَةِ:  (( اُنْشُرْ تُؤْجَرْ )) فَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ فِي كُلِّ مَا يُنْشَرُ؛ بَلْ قَدْ تَنْشُرُ فَتُؤْجَرُ، وَقَدْ تَنْشُرُ فَتَأْثَمُ؛ قَدْ تَنْشُرُ هُدىً فَيَكُونُ لَكَ أَجْرُهُ، وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ عَمِلَ بِهِ؛ وَقَدْ تَنْشُرُ ضَلَالاً فَيَكُونُ عَلَيكَ وِزْرُهُ، وَمِثْلُ أوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهِ؛ وَكَمْ مِنَ النَّاسِ تَجْرِي لَهُ الحَسَنَاتُ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ، وَكَمْ مِنْهُمْ مَنْ تُكْتَبُ عَلَيهِ السَّيِّئَاتُ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ؛ وَذَلِكَ بِمَا دَعَا إِلَيهِ كُلُّ مِنْهُمَا.

تَذَكَّرْ - وَفَّقَكَ اللهُ -  قَولَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18

وَقَولَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ،  يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } الانفطار 10 – 12

اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَلْقَى اللهَ جَلَّ وَعَلَا بمِاَ قَدَّمْتَ، وَسَيَأتِي عَلَيكَ يَومٌ تَنْظُرُ فِيهِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ.

فلا تَكْتُبْ بكفِّكَ غيرَ شيءٍ ... يَسُرُّكَ في القِيامَةِ أنْ تَراهُ

ألَا فَلْتَتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَلْتَلْزَمُوا حُدُودَهُ، وَلْتَبْتَغُوا رِضَاهُ  وَلْتَحْذَرُوا سَخَطَهُ، وَلْتَنَاصَحُوا بَيْنَكُمْ، وَلْتَسْأَلُوا اللهَ جَلَّ وَعَلَا العَفْوَ عَمَّا سَلَفَ، وَالحِفْظَ فِيمَا بَقِيَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، وَمَا أَسْرَرْنَا وَمَا أَعْلَنَّا  وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

 

المرفقات

1694703070_إِلَى مَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.pdf

1694703085_إِلَى مَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.docx

المشاهدات 973 | التعليقات 0