إلى حــمــــاة الحـــدود ( خطبة جمعة )

محمد بن سليمان المهوس
1438/05/26 - 2017/02/23 20:06PM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها ،وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٍ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٍ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النّارِ .
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَبَاحِ يَوْمِ الْخَمِيسِ الْخَامِسِ مِنْ شَهْرِ جَمَادِي الثَّانِيَةِ مِنْ عَامِ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ ،انْطَلَقَتْ عَاصِفَةُ الْحَزْمِ لِنُصْرَةِ شَعْبٍ عَانَى الْوَيْلَاتِ مِنْ الْحُوثِيِّينَ وَأَتْبَاعِهِمْ ، وَمَنْ أَيَّدَهُمْ وَسَاعَدَهُمْ مِنْ نِظَامِ الْمَلَالِيِ فِي إِيِرَانِ ؛ بِهَدَفِ تَصْدِيرِ الثَّوْرَةِ ،وَإِقَامَةِ حَرَكَاتٍ انْفِصَالِيَّةٍ فِي قَلْبِ الْبِلَادِ الْعَرَبِيَّةِ حَيْثُ تَدْعَمُهُمْ إِيرَانُ بِالسِّلَاحِ وَالْمَالِ وَالتَّدْرِيبِ وَالْإِعْلَامِ وَالدَّعْمِ السِّيَاسِيِّ.
فَالْمُتَتَبِّعُ لِلْأَحْدَاثِ لَا يَجِدُ بَالِغَ عَنَاءٍ فِي اكْتِشَافِ التَّوَاطُؤِ الْإِيرَانِيِّ ،وَمُحَاوَلَةِ زَعْزَعَةِ الْمِنْطَقَةِ كَكُلٍّ ، وَلَيْسَ الْيُمْنُ فَقَطْ ، فَالْيُمْنُ وَغَيْرُهَا جُزْءٌ مِنْ مُخَطَّطٍ فَارِسِيٍّ كَبِيرٍ.
وَالصِّرَاعُ الَّذِي حَدَثَ وَيَحْدُثُ فِي الْيَمَنِ مَا هُوَ إِلَّا مُخَطَّطٌ مَجُوسِيٌّ إِيرَانِيٌّ يُنَفَّذُ بِأَيْدِي الْحُوثِيِّينَ ! لِنَشْرِ التَّشَيُّعِ الرَّافِضِيِّ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ،وَطَعْنِ بِلَادِ التَّوْحِيدِ فِي الظَّهَرِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: ((وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ))
لَقَدْ عَاثَ الْحُوثِيُّونَ الرَّافِضَةُ فِي الْيَمَنِ ، وَأَكْثَرُوُا مِنْ نَشْرِ الْفِتَنِ ، وَالْقَلَاقِلِ وَالِاضْطِرَابَاتِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاسْتَحَلُّوا الْمُحَرَّمَاتِ ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ ، وَآذَوْا عِبَادَ اللَّهِ ، وَهَدَمُوا الْمَسَاجِدَ ، وَقَطَعُوا الطُّرُقَ، وَأَثَارُوا الْفَزَعَ ؛ فَفَزِعَ الْمُسْتَضْعَفُونَ يَطْلُبُونَ النُّصْرَةَ مِنْ إِخْوَانِهِمْ ، فَهَبَّ الْكِرَامُ لِنَجْدَتِهِمْ وَنَصَرَتْهُمْ ،وَانْطَلَقَتْ عَاصِفَةُ الْحَزْمِ لِنُصْرَتِهِمْ ؛ فَالْأُخُوَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ حَقِيقَةٌ بَاقِيَةٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَالتَّعَاوُنُ وَالتَّنَاصُرُ عَلَامَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى قُوَّةِ الدِّينِ، وَسَلَامَةِ الْعَقِيدَةِ وَصِدْقِ التَّوَجُّهِ وَالِاتِّبَاعِ ، قَالَ تَعَالَى ((وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا )) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهُ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ يَدِ الْغَدْرِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ حُدُودُنَا ؛
فَتَصَدَّتْ لَهُمْ جُيُوشُ مُؤَمَّنَةٌ مُوَحَّدَةُ ،أَخْبَتْ فِتْنَتَهُمْ ، وَقَطَعَتْ أُنُوفَهُمْ ، وَقَلَّمَتْ أَظْفَارَهُمْ ، وَدَمَّرَتْ عَتَادَهُمْ ، وَاجْتَثَّتْ بَغَيَهُمْ وَعُدْوَانَهُمْ ، فَعَادُوا يَجُرُّونَ أَذْيَالَ الْخَيْبَةِ إِلَى أَوْكَارِهِمْ مَهْزُومِينَ ، قَالَ تَعَالَى : ((وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى طَاعَتِهِ ، وَابْتَعِدُوا عَنْ مَعَاصِيهِ تَأْمَنُوا فِي بِلَادِكُمْ ، وَتَهْنَئُوا فِي عَيْشِكُمْ ؛فَلَنْ تُصَانَ حِمَى الْأَوْطَانِ بِمِثْلِ طَاعَةِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ ، وَلَنْ تَدُومَ النِّعَمُ إِلَّا بِدَوَامِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / رِسَالَةٌ خَاصَّةٌ وَمُخْتَصَرَةٌ لِجُنُودِنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى حُدُودِنَا الْجَنُوبِيَّةِ نَقُولُ فِيهَا : الْأُمَّةُ تَفْخَرُ بِكُمْ ، وَتَعْتَزُّ بِتَضْحِيَاتِكُمْ ،وَتَقِفُ مَعَكُمْ بِالدُّعَاءِ ؛ فَهَنِيئًا لَكُمْ شَرَفُ الدُّنْيَا وَثَوَابُ الْآخِرَةِ ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى قَالَ ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ))
وَرَسُولُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :(( رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ : خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْغَدْوَةُ : خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَقَالَ (( مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى ؛ اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ )) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
اَللَّهُمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا ،وَأَمِّنْ حُدُودَنَا ،وَيَسِّرْ أُمُورَنَا ، وَاهْزِمْ عَدُوَّنَا ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ ، فَقَالَ (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) وقال ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِم .
المرفقات

إلى حماة الحدود.doc

إلى حماة الحدود.doc

المشاهدات 1504 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


وأنت كذلك أخي شبيب