إقامة الصلاة - رؤية المملكة والجهود المبذولة لمساعدة الأسر على امتلاك مساكنهم

زكي اليوبي
1445/12/21 - 2024/06/27 10:56AM

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس، اتقوا الله تعالى فإن منِ اتّقى الله وقاه، وأرشدَه إلى خير أمور دينه ودنياه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [سورة الأحزاب]

أيها المسلمون: إن العبادات تنبني على تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا تقبل العبادة إلا بشرطين: الأول: الإخلاص لله عز وجل، وهو ما تتضمنه شهادة أن لا إله إلا الله، قال الله تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [سورة الزمر: آية 14]، الشرط الثاني: اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما تتضمنه شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعنى: "لا إله إلا الله"، لا معبود بحق إلا الله، ومعنى شهادة "أن محمداً رسول الله" هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، رسول الله عز وجل إلى جميع الخلق من الجن والإنس قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) }[الذاريات].  ومقتضى هذه الشهادة أن تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وأن تمتثل أمره فيما أمر، وأن تجتنب ما عنه نهى وزجر، وألا تعبد الله إلا بما شرع.

عباد الله: اعلموا أن أحَبُّ الأعمال إلى اللهِ الفَرائِضُ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى: " ما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدي بِشيءٍ أحبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عليهِ، وما زالَ عَبدي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ، فإذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يسمعُ بهِ، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ بهِ، ويَدَهُ التي يَبْطِشُ بِها، ورِجْلَهُ التي يَمْشِي بِها، وإنْ سألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ" السلسلة الصحيحة.  والنوافل من الصَّلاةِ والصِّيامِ، والصدقة، وغيرِها من أعمالِ البِرِّ والطَّاعةِ؛ تُقَرِّبُ إلى اللهِ، وهي تُكَمِّلُ الفرائِضَ، فإذا أكثَرَ الإنسانُ مِنَ النَّوافِلِ مع قيامِه بالفرائِضِ، نال محبَّةَ اللهِ، فيُحِبُّه اللهُ، وإذا أحَبَّه اللهُ سُبحانَه يكونُ مُسَدِّدًا له في هذه الأعضاءِ الأربعةِ؛

عباد الله: اتقوا الله تعالى: وأقيموا الصلاة أدوها في وقتها بشروطها وأركانها، فهي عمود الدين، قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وقال الله عز وجل: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها يعني الصلوات كانت له نورا، وبرهانا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عيها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف» ، وقال عليه الصلاة والسلام: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب، وخسر» واحذروا من إضاعة الصلاة، والاستخفاف بها، فقال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا - إِلَّا مَنْ تَابَ} [مريم: 59 - 60]، فمن ترك الصلاة كلها، أو فوت وقتها ، فهو مضيع لها، فسوف يلقى شرًا وضلالا وخيبة في جهنم. فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا عظموها، فقد عظمها الله إذ فرضها على نبيه صلى الله عليه وسلم من غير واسطة من فوق سبع سماوات، هي عمود الدين، وآخر ما تفقدون من دينكم، فهل يستقيم الدين بلا عماد؟، وهل يبقى في الدين شيء إذا ذهب آخره؟، أقيموها بإتمام شروطها وأركانها، وواجباتها، وأقيموها بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها، وتدبر ما تقولونه وتفعلونه منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} وهي التي يترتب عليها الثواب. فلا ثواب للإنسان من صلاته، إلا ما عقل منها، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: "إنَّ الرَّجلَ لينصرِفُ، وما كُتِبَ لَه إلَّا عُشرُ صلاتِهِ تُسعُها ثُمنُها سُبعُها سُدسُها خُمسُها رُبعُها ثُلثُها، نِصفُها" رواه أبو داود وحسنه الألباني.  ومما يعين على الخشوع في الصلاة أن يستحضر المسلم أنه واقف بين يدي الله عز وجل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "فإنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَامَ يُصَلِّي، فإنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ" رواه مسلم، واعلموا أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة فالذين ينقرون الصلاة نقر الغراب لا يطمئنون فيها، فهؤلاء لا صلاة لهم، ولو صلوا عدد ما صلوا؛ «قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل للذي كان لا يطمئن في صلاته: (ارجع فصل، فإنك لم تصل). فصلى عدة مرات، وكل مرة يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل، فإنك لم تصل، حتى علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره بالطمأنينة»، واعلموا أن من نام عن صلاة فليصلها فور استيقاظه، ومن نسيها فليصلها إذا ذكرها، جاء في الحديث: " مَن نام عن صَلاةٍ أو نَسِيَها فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها"

أسأل الله أن يوفقني وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلَنا من المتّقين الذين يستمِعون القول فيتّبعون أحسنه، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أما بعد: عباد الله: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والعلانية: قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [سورة البقرة: آية281]

أيها المسلمون:

إن الأسرة هي أساس المجتمع في الإسلام، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية، وقد جاءت رؤية المملكة بمستهدفات طموحة تُرسي أعمدة الاستقرار والطمأنينة، وتساعد الأسر على امتلاك مساكنهم، فقد ارتفعت نسبة الأسر من المواطنين الذين يمتلكون وحدة سكنية إلى 63.74% في العام الماضي، متخطيا مستهدف العام البالغ 63%، وبلغت مساهمة القطاعين الخاص وغير الربحي في برنامج الإسكان التنموي ما قيمته 389 مليون ريال، وبلغت قيمة المساهمة العينية والنقدية لبرنامج جود للإسكان التي تسعى إلى إشراك المجتمع أفراد ومنظمات في العطاء السكني أكثر من مليار ريال، ووصل عدد المتطوعين في قطاع الإسكان إلى أكثر من 226 ألف متطوع

أسأل الله تعالى أن يعينني وإياكم على شكره وذكره وحسن عبادته، ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام، اللهم أعز الإسلام، وانصر المسلمين، اللهم تول أمر إخواننا المستضعفين في فلسطين، وفي السودان، اللهم احقن دماءهم، اللهم كن لهم عوناً ونصيرا، اللهم انصر عبادك الموحدين في كل مكان، اللهم إنا نسألك من خير ما سالك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ونعوذ بك من شر ما استعاذ منك عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم دمر أعداء الدين أجمعين، اللهم وفق ولي امرنا خادم الحرمين الشريفين، وهيأ له البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير، وتعينه عليه، اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد،  اللهم كل من أراد بلدنا هذا بسوء وسائر بلاد المسلمين، فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.  ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [سورة النحل: 90] فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 196 | التعليقات 0