إفساد تويتر للمجتمعات والأسر خطبة الجمعة للشيخ حمود بن ناصر
حمود بن ناصر
1436/02/19 - 2014/12/11 06:50AM
إفساد تويتر للمجتمعات والأسر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}. أما بعد
فإن اصدق الكلام كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صل الله عليه وسلم
عباد الله إننا سوف نتكلم عن قضية خطيرة وظاهرة سيئة بدأت تظهر آثارها الجسيمة وعواقبها الوخيمة ظاهرة حذر منها نبيكم وأمرنا بأن ندعها لخبثها ونتانتها إنها تلك القضية التي تأتي إلى المجتمعات فتمزقها وإلى الأسر فتشتتها إنها فتنة نفخ فيها الشيطان ببوقه وتبعه فيها سفيه متعاقل وتبعه مغرض حاقد ينفث سمومه كالعقرب ديدنه الإفساد والهمز وسلوكه الشر واللمز وعادته الخبث والغمز لا يفتأ إثارة وتشويشاً ولا ينفك كذباً وتحريشا وكم من قلم مسموم وآخر مستأجر يكتب ويغرد بسوء نية وخبث طوية ، فإن سألت عن مطيتهم المستخدمة فهو التويتر وما يلحق به من واتساب ونحوه وان سألت عن الكتبة فيه فهم أذناب إبليس وجنوده ، وإن سالت عن والباقين فهم المتعالمين أنصاف الرجال والرعاع أتباع كل ناعق خذلهم الشيطان بما اقترفوا من آثام وثبطهم عن الطاعات وعن مصالحهم الدينية والدنيوية وأوقعهم في ذلك المرتع العفن والموقع السفل
أيها المسلمون وفي الحديث عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِقَلْبِهِ ، لا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلا عَثَرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتْبَعْ عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ يَتْبَعِ اللَّهُ عَثْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ " وجاء في الحديث الأخر الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ" فهل سلم المسلمون من لسانك وقلمك وكتاباتك وتغريداتك هل أنت مصلح بتغريداتك أم مفسد وهل أنت ناصح أم نمام وأبشر فقد قال النبي "لا يدخل الجنة قتّات" وهو النمام وهو من ينقل الكلام على سبيل الإفساد فاستفت نفسك ايها الشاب هل ما تكتبه وتغرد به وترسله وتشيعه يصلح أم يفسد هل هو ذكرك أخاك بما يحب فابشر بالخير أو هو ذكرك أخاك بما يكره ويفسد فهي الغيبة وهي النميمة وهي الحالقة وهي تتبع عورات الناس وفضيحتهم وبهتهم . جاء في الحديث ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له . فما بالكم بمن يحدث ليس ليضحك القوم بل ليفسد القوم وليشيع ما فحش من القول وما أحيا النعرات الجاهلية وما عير به الناس واظهر معايبهم إن كان هناك ما يعيب أو بهتهم إن كان كلامه كاذب فويل له ثم ويل له وويل لمن زين له ذلك أو ساعده أو صحح من فعله أو رضي به فإن الراضي كالفاعل في الإثم ايها الناس اتقوا الله في أنفسكم وفي شبابكم وفلذات أكبادكم وعظوهم وعلموهم وحصنوهم فإنه لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وأذكركم بقصة حصلت في أفضل القرون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد تآخى فيه المهاجرون والأنصار وجمع بين الأوس والخزرج وكانوا حرب سنين طويلة فغاضا ذلك أحد اليهود أن رآهم مجتمعين متحابين فبعث احد اليهود لمجلس فيه الأنصار مجتمعين وأخذ ينشد أشعار وهجاء في وقعة بعاث فتلاحا الأوس والخزرج حتى كادت إن تقع فتنة وحملوا السلاح فأخبر صلى الله عليه وسلم وقيل أدرك الناس فأتاهم مسرعا وقال أبدعوة الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنه منتنة وقد قالها حينما تلاحا رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار أيضا مع إنهم تنابزوا بأسماء دينية مهاجرين وأنصار لكن سماها النبي منتنة لأنها قيلت للعصبية وإحياء النعرات الجاهلية
عباد الله ونرى في هذه الأزمنة وهذه الأيام سفهاء ومغرضين ومجهولين بأسماء مستعارة وأخرى مستأجرة ينفخون لإذكاء نار الفتنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة التويتر سواء على مستوى المجتمعات أو القبائل أو الأسر وهذه والله بوادر شر وفساد وفتنة وتشتت وتشرذم وإثم وكبائر لا تورث إلا إيغار الصدور وضيق وغم يجده الحاسد في نفسه وكراهية وبغضاء وتدابر وشحناء وفتنة وفساد عريض
اتقوا الله ايها الناس وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع وكفى به إثما أن ينقل كل ما اطلع عليه أو أرسل إليه . ثم ليعلم المسلم انه مسؤل عن تلك الساعات التي يقضيها على شاشة ومتابعة الهاشتاقات والتغريدات وأن هذا وقت يقضيه من عمره وشبابه ثم ليعلم انه مسؤل عن سمعه وبصره الذي يقلبه في الشاشات ومسؤل عن بنانه الذي يكتب بها كما قال تعالى وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا . وقال تعالى الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ وَتُكَلِّمنَا أَيْدِيهمْ وَتَشْهَد أَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . فتقي الله يا من تكتب أو ترسل وتذكر دائما قول العليم الخبير أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى . و الذي يقول " وهو الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِين " والذي يقول يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ . فتقوا الله عباد الله وخافوا من اليم عذابه وعظيم عقابه وأذكركم بحديث الرؤيا في صحيح البخاري وفيه " وأما الرجل الذي أتيت عليه، يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق " ، وان كانت تبلغ الأفاق في شهر فإنها تبلغ الآن في دقائق معدودة فاتقوا الله واتقوا يوم ترجعون فيه إلى الله .
الخطبة الثانية
الحمد لله القائل في قصة آلإفك " وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا." وأصلي واسلم على رسوله القائل " إنَّ اللهَ يرضى لكم ثلاثًا ويسخطُ لكم ثلاثًا يرضى لكم أن تعبدوهُ ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرَّقوا ويسخطُ لكم قيلَ وقالَ وكثرةَ السؤالِ وإضاعةَ المالِ " وإياكم وقيل وقال وإياكم وكثرة السؤال خاصة عما لا يعنيك أو ما لا فائدة منه دعوها فإنها منتنة واتركوها فإنها عفنة يترفع عنها علية القوم وترفضها شيم الرجال قبل أن يتركها المسلم تديناً وخوفا من الله كيف لا يكون ذلك وفي الدخول في تلك الشائعات والتغريدات والمشاركة فيها بكتابة أو سماع أو مشاهدة لا يخلو من عدة محاذير ومن ذلك محبة إشاعة الفاحشة في الذين أمنوا ومنها إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا بهتاناً وإثماً مبينا ومنها المناداة بدعوى الجاهلية المنتنة ومنها تتبع عورات المسلمين ومنها تعيير المسلمين وقد جاء في الحديث " " وإنِ امرُؤٌ عيَّركَ بشيءٍ هو فيكَ ، فلا تعيِّرْه بشيءٍ تعلمُه فيه ، فدَعْه يكونُ وبالُه عليه وأجرُه لكَ " ومنها الغيبة والمجاهرة بها ومنها البهتان والسباب وإثارة الفتن النائمة والفتنة نائمة ملعون من أيقظها وفيها فناء للأعمار وعمى للأبصار الساعات الطوال فيما لا يعود إلا بالضرر دنيا وآخرة
ونأخذ من حادثة الإفك أربع فوائد هي علاج لمواجهة الشائعات والمهاترات والسعي بالنميمة والبهتان
أولها أن يظن المسلم بأخيه المسلم خيراً كما قال تعالى " لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هٰذا إفك مبين " .
الثانية أن يطلب المسلم الدليل ألبرهاني على أية إشاعة يسمعها كما قال تعالى " لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْد اللَّه هُمُ الْكَاذِبُونَ "
الثالثة ألا يتحدث بكل ما سمعه أو قرأه ولا يفسره فإن المسلمين لو لم يتكلموا في حادثة الإفك بأية إشاعة لماتت في مهدها كما قال تعالى " وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا " الرابعة أن يرد الأمر إلى أولي الأمر ولا يشاع بين الناس كل ما يسمع قال تعالى " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ "
فاتقوا الله عباد الله وإياكم وقذف المؤمنين والمؤمنات فإن ذلك من الموبقات المهلكات وإياكم والكبر وازدراء الناس فلن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر وإياكم وإيغار الصدور ونفخ نار الفتنة وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يُبْلِغْنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ . واعلموا أن من استشرف للفتن تستشرفه ومن يتعرض لها ويخوض فيها يوشك أن تفسد عليه أمر دينه ودنياه " اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ؛ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ " اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين. اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم رد المسلمين إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها يا رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}. أما بعد
فإن اصدق الكلام كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صل الله عليه وسلم
عباد الله إننا سوف نتكلم عن قضية خطيرة وظاهرة سيئة بدأت تظهر آثارها الجسيمة وعواقبها الوخيمة ظاهرة حذر منها نبيكم وأمرنا بأن ندعها لخبثها ونتانتها إنها تلك القضية التي تأتي إلى المجتمعات فتمزقها وإلى الأسر فتشتتها إنها فتنة نفخ فيها الشيطان ببوقه وتبعه فيها سفيه متعاقل وتبعه مغرض حاقد ينفث سمومه كالعقرب ديدنه الإفساد والهمز وسلوكه الشر واللمز وعادته الخبث والغمز لا يفتأ إثارة وتشويشاً ولا ينفك كذباً وتحريشا وكم من قلم مسموم وآخر مستأجر يكتب ويغرد بسوء نية وخبث طوية ، فإن سألت عن مطيتهم المستخدمة فهو التويتر وما يلحق به من واتساب ونحوه وان سألت عن الكتبة فيه فهم أذناب إبليس وجنوده ، وإن سالت عن والباقين فهم المتعالمين أنصاف الرجال والرعاع أتباع كل ناعق خذلهم الشيطان بما اقترفوا من آثام وثبطهم عن الطاعات وعن مصالحهم الدينية والدنيوية وأوقعهم في ذلك المرتع العفن والموقع السفل
أيها المسلمون وفي الحديث عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِقَلْبِهِ ، لا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلا عَثَرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتْبَعْ عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ يَتْبَعِ اللَّهُ عَثْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ " وجاء في الحديث الأخر الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ" فهل سلم المسلمون من لسانك وقلمك وكتاباتك وتغريداتك هل أنت مصلح بتغريداتك أم مفسد وهل أنت ناصح أم نمام وأبشر فقد قال النبي "لا يدخل الجنة قتّات" وهو النمام وهو من ينقل الكلام على سبيل الإفساد فاستفت نفسك ايها الشاب هل ما تكتبه وتغرد به وترسله وتشيعه يصلح أم يفسد هل هو ذكرك أخاك بما يحب فابشر بالخير أو هو ذكرك أخاك بما يكره ويفسد فهي الغيبة وهي النميمة وهي الحالقة وهي تتبع عورات الناس وفضيحتهم وبهتهم . جاء في الحديث ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له . فما بالكم بمن يحدث ليس ليضحك القوم بل ليفسد القوم وليشيع ما فحش من القول وما أحيا النعرات الجاهلية وما عير به الناس واظهر معايبهم إن كان هناك ما يعيب أو بهتهم إن كان كلامه كاذب فويل له ثم ويل له وويل لمن زين له ذلك أو ساعده أو صحح من فعله أو رضي به فإن الراضي كالفاعل في الإثم ايها الناس اتقوا الله في أنفسكم وفي شبابكم وفلذات أكبادكم وعظوهم وعلموهم وحصنوهم فإنه لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وأذكركم بقصة حصلت في أفضل القرون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد تآخى فيه المهاجرون والأنصار وجمع بين الأوس والخزرج وكانوا حرب سنين طويلة فغاضا ذلك أحد اليهود أن رآهم مجتمعين متحابين فبعث احد اليهود لمجلس فيه الأنصار مجتمعين وأخذ ينشد أشعار وهجاء في وقعة بعاث فتلاحا الأوس والخزرج حتى كادت إن تقع فتنة وحملوا السلاح فأخبر صلى الله عليه وسلم وقيل أدرك الناس فأتاهم مسرعا وقال أبدعوة الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنه منتنة وقد قالها حينما تلاحا رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار أيضا مع إنهم تنابزوا بأسماء دينية مهاجرين وأنصار لكن سماها النبي منتنة لأنها قيلت للعصبية وإحياء النعرات الجاهلية
عباد الله ونرى في هذه الأزمنة وهذه الأيام سفهاء ومغرضين ومجهولين بأسماء مستعارة وأخرى مستأجرة ينفخون لإذكاء نار الفتنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة التويتر سواء على مستوى المجتمعات أو القبائل أو الأسر وهذه والله بوادر شر وفساد وفتنة وتشتت وتشرذم وإثم وكبائر لا تورث إلا إيغار الصدور وضيق وغم يجده الحاسد في نفسه وكراهية وبغضاء وتدابر وشحناء وفتنة وفساد عريض
اتقوا الله ايها الناس وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع وكفى به إثما أن ينقل كل ما اطلع عليه أو أرسل إليه . ثم ليعلم المسلم انه مسؤل عن تلك الساعات التي يقضيها على شاشة ومتابعة الهاشتاقات والتغريدات وأن هذا وقت يقضيه من عمره وشبابه ثم ليعلم انه مسؤل عن سمعه وبصره الذي يقلبه في الشاشات ومسؤل عن بنانه الذي يكتب بها كما قال تعالى وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا . وقال تعالى الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ وَتُكَلِّمنَا أَيْدِيهمْ وَتَشْهَد أَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . فتقي الله يا من تكتب أو ترسل وتذكر دائما قول العليم الخبير أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى . و الذي يقول " وهو الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِين " والذي يقول يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ . فتقوا الله عباد الله وخافوا من اليم عذابه وعظيم عقابه وأذكركم بحديث الرؤيا في صحيح البخاري وفيه " وأما الرجل الذي أتيت عليه، يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق " ، وان كانت تبلغ الأفاق في شهر فإنها تبلغ الآن في دقائق معدودة فاتقوا الله واتقوا يوم ترجعون فيه إلى الله .
الخطبة الثانية
الحمد لله القائل في قصة آلإفك " وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا." وأصلي واسلم على رسوله القائل " إنَّ اللهَ يرضى لكم ثلاثًا ويسخطُ لكم ثلاثًا يرضى لكم أن تعبدوهُ ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرَّقوا ويسخطُ لكم قيلَ وقالَ وكثرةَ السؤالِ وإضاعةَ المالِ " وإياكم وقيل وقال وإياكم وكثرة السؤال خاصة عما لا يعنيك أو ما لا فائدة منه دعوها فإنها منتنة واتركوها فإنها عفنة يترفع عنها علية القوم وترفضها شيم الرجال قبل أن يتركها المسلم تديناً وخوفا من الله كيف لا يكون ذلك وفي الدخول في تلك الشائعات والتغريدات والمشاركة فيها بكتابة أو سماع أو مشاهدة لا يخلو من عدة محاذير ومن ذلك محبة إشاعة الفاحشة في الذين أمنوا ومنها إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا بهتاناً وإثماً مبينا ومنها المناداة بدعوى الجاهلية المنتنة ومنها تتبع عورات المسلمين ومنها تعيير المسلمين وقد جاء في الحديث " " وإنِ امرُؤٌ عيَّركَ بشيءٍ هو فيكَ ، فلا تعيِّرْه بشيءٍ تعلمُه فيه ، فدَعْه يكونُ وبالُه عليه وأجرُه لكَ " ومنها الغيبة والمجاهرة بها ومنها البهتان والسباب وإثارة الفتن النائمة والفتنة نائمة ملعون من أيقظها وفيها فناء للأعمار وعمى للأبصار الساعات الطوال فيما لا يعود إلا بالضرر دنيا وآخرة
ونأخذ من حادثة الإفك أربع فوائد هي علاج لمواجهة الشائعات والمهاترات والسعي بالنميمة والبهتان
أولها أن يظن المسلم بأخيه المسلم خيراً كما قال تعالى " لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هٰذا إفك مبين " .
الثانية أن يطلب المسلم الدليل ألبرهاني على أية إشاعة يسمعها كما قال تعالى " لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْد اللَّه هُمُ الْكَاذِبُونَ "
الثالثة ألا يتحدث بكل ما سمعه أو قرأه ولا يفسره فإن المسلمين لو لم يتكلموا في حادثة الإفك بأية إشاعة لماتت في مهدها كما قال تعالى " وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا " الرابعة أن يرد الأمر إلى أولي الأمر ولا يشاع بين الناس كل ما يسمع قال تعالى " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ "
فاتقوا الله عباد الله وإياكم وقذف المؤمنين والمؤمنات فإن ذلك من الموبقات المهلكات وإياكم والكبر وازدراء الناس فلن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر وإياكم وإيغار الصدور ونفخ نار الفتنة وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يُبْلِغْنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ . واعلموا أن من استشرف للفتن تستشرفه ومن يتعرض لها ويخوض فيها يوشك أن تفسد عليه أمر دينه ودنياه " اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ؛ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ " اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين. اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم رد المسلمين إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها يا رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
المرفقات
إفساد تويتر للمجتمعات والأسر خطبة الجمعة للشيخ حمود بن ناصر.docx
إفساد تويتر للمجتمعات والأسر خطبة الجمعة للشيخ حمود بن ناصر.docx