إسبانيا: احتفال بمرور أربعة قرون على بداية طرد الموريسكيين
أبو عبد الرحمن
1430/11/21 - 2009/11/09 10:12AM
المشاهدات 5228 | التعليقات 4
( رثاء الأندلس )
أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي (601 هـ -684 هـ الموافق: 1204 - 1285 م) هو من أبناء (رندة) قرب الجزيرة الخضراءبالأندلس وإليها نسبته.
عاشَ في النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وعاصر الفتن والاضطرابات التي حدثت من الداخل والخارج في بلاد الأندلس وشهد سقوط معظم القواعد الأندلسية في يد الأسبان، وحياتُه التفصيلية تكاد تكون مجهولة، ولولا شهرة هذه القصيدة وتناقلها بين الناس ما ذكرته كتب الأدب، وإن كان له غيرها مما لم يشتهر، توفي في النصف الثاني من القرن السابع .
وهو من حفظة الحديث والفقهاء. وقد كان بارعا في نظم الكلام ونثره. وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقى ذلك على حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس.
مناسبة القصيدة:
أخذت سيطرة المسلمين، في نهاية حكمهم لبلاد الأندلس، تتضاءل شيئاً فشيئاً، بسقوط بعض المدن الإسلامية الهامة، في أيدي الفرنجة، وأصبحت البلاد تروّع كلّ يوم، بغارات الأعداء دون أن تجد قوة إسلامية، تصد الزحف الصليبي المتوغل، وقد أدرك المفكرون هول الخطر الراصد، فانطلق الشعراء والأدباء، يصوّرون النهاية المتوقعة، في حسرة بالغة، ومما قيل في هذه المأساة ما نقدّمه الآن من أبيات صاغها شاعر متفجع يبكي الوطن الضائع، ويحذّر المسلمين في شتى البقاع.
عاشَ في النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وعاصر الفتن والاضطرابات التي حدثت من الداخل والخارج في بلاد الأندلس وشهد سقوط معظم القواعد الأندلسية في يد الأسبان، وحياتُه التفصيلية تكاد تكون مجهولة، ولولا شهرة هذه القصيدة وتناقلها بين الناس ما ذكرته كتب الأدب، وإن كان له غيرها مما لم يشتهر، توفي في النصف الثاني من القرن السابع .
وهو من حفظة الحديث والفقهاء. وقد كان بارعا في نظم الكلام ونثره. وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقى ذلك على حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس.
مناسبة القصيدة:
أخذت سيطرة المسلمين، في نهاية حكمهم لبلاد الأندلس، تتضاءل شيئاً فشيئاً، بسقوط بعض المدن الإسلامية الهامة، في أيدي الفرنجة، وأصبحت البلاد تروّع كلّ يوم، بغارات الأعداء دون أن تجد قوة إسلامية، تصد الزحف الصليبي المتوغل، وقد أدرك المفكرون هول الخطر الراصد، فانطلق الشعراء والأدباء، يصوّرون النهاية المتوقعة، في حسرة بالغة، ومما قيل في هذه المأساة ما نقدّمه الآن من أبيات صاغها شاعر متفجع يبكي الوطن الضائع، ويحذّر المسلمين في شتى البقاع.
وهذه هي :
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ
مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد
ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ
إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَردله
حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك
كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه
وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة
وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها
وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فامتحنتْ
حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)
وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم
من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه مننزهٍ
ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما
عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍ
كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية
قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما
فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ
حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِموعظةٌ
إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُيقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ
أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ماتقدمها
وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ
كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ
لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ
فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ
وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ
أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ
أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم
واليومَ هم في بلاد الكفرِّعُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليللهمْ
عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ
لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما
كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً
والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ
إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
انصافا للمسلمين الموريسك وضحايا محاكم التفتيش الاسبانية
مرسل الكسيبي*-الوسط التونسية+صحف :
أثار مقالي الأخير حول مأساة المسلمين الموريسك كثيرا من الجدل والنقاش لدى قطاعات من النخبة التونسية , وكان للأضواء التي ألقيتها حول ملابسات تهجيرهم القسري باتجاه شمال افريقيا كما تعرض بعضهم للحرق والتعذيب البشع على يد محاكم التفتيش الاسبانية , كبير التأثير على بعض من تابع فصول مأساتهم في مقالي المذكور أو من خلال أصداء بعض الندوات العلمية التي تزامنت مع ذكرى مرور أربعة قرون على تهجيرهم في عملية قسرية وصفها المؤرخون بالفاجعة الانسانية ...
مالم يتوقعه القارئ حين اطلاعه على مقالي انف الذكر , هو أن ينبري من بين التونسيين أحد المثقفين الماركسيين من أجل الدفاع عن صفحة سوداء في تاريخ أوربا مابعيد القرون الوسطى , حين هيمنت الكاثوليكية كمذهب مسيحي على الفضاء الأوروبي وأسست بموافقة البابا سيكستوس الرابع بتاريخ 1 نوفمبر 1478 ميلادية محاكم التفتيش الاسبانية ...
تلك المحاكم خضعت في القرن الثالث عشر الى سيطرة ملكية اسبانية مباشرة , وانتهت لاحقا الى ازهاق أرواح حوالي أربعة ملايين مسلم موريسكي استنادا الى بعض البحوث والدراسات التاريخية ...
محاكم التفتيش الاسبانية استمرت في عملها الفاجع والأسود في تاريخ المملكة الاسبانية الى حدود سنة 1834 ميلادية , وعلى امتداد فترة عملها كمحكمة دينية عنيت باعدام أو حرق أو تعذيب أو تنصير مئات الالاف من الموريس المسلمين أو المتهمين بالهرطقة , أي بالخروج عن المسيحية الكاثولوكية - حين تفسير النص الانجيلي - , فكان أن استهدفت بجرائمها المسلمين واليهود والبروتستانت على حد سواء ...
اقترن اسم محاكم التفتيش بمذهب سياسي في الحكم عرف بقانون الحق الالهي , حيث تحكمت الكنيسة بالأباطرة والملوك وحكمت من ورائهم على اعتبار أنهم مثلوا ظل الله في الأرض ...
وفي القرن السادس عشر تحولت إسبانيا الى أكبر قوة كاثوليكية في العالم . و تم على اثر ذلك سنة 1502 م إجبار كل المسلمين في قشتالة على التنصر , ثم تم سنة 1526 م إجبار المسلمين في أراغون على التنصر - أغلبها مناطق بجنوب اسبانيا-.
أهداف تصفوية :
يذكر المؤرخون أن تأسيس معظم محاكم التفتيش الاسبانية كان بجنوبي الأندلس حيث الكثافة السكانية للوجود الاسلامي الموريسكي , ولقد نشطت هذه المحاكم بقوة في تصفية المسلمين وتنصير أبنائهم الذين لم يتجاوزوا سن العاشرة مابين القرن الثاني عشر وبين القرن الرابع عشر , لتتفرغ في وقت لاحق مع نهايات القرن 14 م الى محاكمة اليهود السافارديم , ثم الى احراق المسيحيين البروتستانيين في القرن السادس عشر ميلادي بتهمة خروجهم عن النص الانجيلي أو بعبارة أخرى المذهب الكاثوليكي...
موعظة تاريخية :
لعلنا نحاول من خلال هذه الاقتباسات التاريخية الهامة , التي أعدنا منهجتها وتبويبها القاء الضوء على تفاصيل مأساة وفاجعة انسانية كبرى تستحق أكثر من الاعتذار ...
هذا مع الاشارة الى أننا تجولنا في بعض المتاحف التاريخية بأوربا , لنرصد وبأعيينا هول الفاجعة من خلال مارأيناه من بعض أدوات تعذيب استعملت على عهد الأوثوقراطيات فيما عرف بمرحلة القرون الوسطى أو ماتلاها من محاكم تفتيش اسبانية ...
لن نتدخل حتما في رواية تفاصيل المشهد التاريخي وضحاياه من المسلمين الموريس أو اليهود أو البروتستانتيين , ولكننا كنا في الأثناء نتأمل في تاريخ بعض الأنظمة السياسية المعاصرة وماحملته لشعوبها ونخبها من عذاب والام من خلال اعادة تكرير مشهد مصغر من الحقب التاريخية المنصرمة , ولعلنا سنترك للقارئ في الأثناء حرية الجولان بالذاكرة من خلال اعتماد الفقه السياسي والتاريخي المقارن , عله يظفر بتجارب معاصرة أعادت انتاج المأساة عبر محاكاة التاريخ في حقباته السوداء حين نكبت الانسانية ...
مشاهد تفصيلية :
يذهب الباحثون وعلماء التاريخ الى أن القس "توماس دي تركيمادا" كان مترئسا " لهيئة التفتيش للبحث عن هؤلاء "الهراطقه"، فيقوم بوعظهم وتعذيبهم وقتلهم إن لم يعودوا إلى كنف الكنيسه الكاثوليكيه، وكان يسمى بالمفتش العظيم أو جراند إنكويستر، وكان يعدم واحدًا على الأقل من كل عشرة أشخاص يمثلون أمام محكمته وكان ذلك بأسلوب خجلت منه الكنيسه الكاثوليكيه واعتذرت عنه للعالم. "
ويقول غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب" عن محاكم التفتيش: «يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائصنا من قصص التعذيب و الاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين ، فلقد عمدوهم عنوة، و سلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع. و اقترح القس "بليدا" قطع رؤوس كل العرب دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد، بما في ذلك النساء و الأطفال، و هكذا تم قتل أو طرد ثلاثة ملايين عربي».
و يذكر د.غوستاف لوبون في نفس الكتاب عن محاكم التفتيش بأن الراهب بيلدا قد قتل في قافلة واحدة للمهاجرين قرابة مئة ألف في كمائن نصبها مع أتباعه. و كان بيلدا قد طالب بقتل جميع العرب في أسبانيا بما فيهم المتنصرين، و حجته أن من المستحيل التفريق بين الصادقين و الكاذبين فرأى أن يقتلوا جميعاً بحد السيف، ثم يحكم الرب بينهم في الحياة الأخرى، فيدخل النار من لم يكن صادقاً منهم.
ويقول د. غ.لوبون في كتابه المذكور : «الراهب بليدي أبدى ارتياحه لقتل مئة ألف مهاجر من قافلة واحدة مؤلفة من 140 ألف مهاجر مسلم، حينما كانت متجهة إلى إفريقية».
نكث العهود برغم القسم البابوي :
عندما سقطت غرناطة , كآخر قلعة للمسلمين في إسبانيا- سنة 1492 م , أبرم أبو عبد الله الصغير والملوك الكاثوليك معاهدة ضمنها البابا وأقسم عليها , وقد جاء في بعضها مايلي : "تأمين الصغير و الكبير في النفس و الأهل و المال إبقاء الناس في أماكنهم و دورهم و رباعهم و إقامة شريعتهم على ما كانت و لا يحكم على أحد منهم إلا بشريعتهم و أن تبقى المساجد كما كانت و الأوقاف كما كذلك و ألا يدخل نصراني دار المسلم , و لا يغصبوا أحدا ...., و ألا يؤخذ أحد بذنب غيره و ألا يُكره من أسلم على الرجوع للنصارى و دينهم , و لا ينظر نصراني على دور المسلمين و لا يدخل مسجدا من مساجدهم , و يسير في بلاد النصارى آمنا في نفسه و ماله ... .و لا يمنع مؤذن و لا مصلي و لا صائم ولا غيره في أمور دينه".
بعد ذلك تم نقض المعاهدة كلياً , وتم حظر اللغة العربية، وأحرق الكردينال "أكزيمينيس" عشرات الآلاف من كتب المسلمين...
مأساة الكتاب والمعارف :
يقول غوستاف لوبون في تأريخه لتلك الحقبة ومحاولات طمس النهضة المعرفية التي تركها العرب والمسلمون بجنوب اسبانيا : "ظن رئيس الأساقفة أكزيمينيس أنه بحرقه مؤخرا ما قدر على جمعه من كتب أعدائه العرب (أي ثمانين ألف كتاب) محا ذكراهم من الأندلس إلى الأبد. فما دَرَى أن ما تركه العرب من الأثار التى تملأ بلاد إسبانية يكفي لتخليد إسمهم إلى الأبد".
ويقول المؤرخون بأنه في سنة 1500 م أجبر المسلمون في غرناطة على تسليم أكثر من 15 مليون كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقي منها بعض الكتب الطبية فقط ...!
من حظر الختان الى أحكام بالموت ! :
في تلك الحقبة وتزامنا مع محرقة 15 مليون كتاب !, تم إجبار المسلمين على التنصُّر. إلا أن معظم هذا الاعتناق الديني كان بالاسم فقط: إذ كان المسلمون يمارسون الطقوس الدينية المسيحية، إلا أنهم استمروا في تطبيق الدين الإسلامي سراً.
وقد أعلنت المملكة الاسبانية تزامنا مع حملة محاكم التفتيش على أمهات الكتب عن : " حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظر الاستحمام والاغتسال، وحظر ارتداء الملابس العربية... فإذا عُلم أن أحداً اغتسل يوم الجمعة يصدر في حقه حكم بالموت، وإذا وجدوا رجلا لابساً للزينة يوم العيد عرفوا أنه مسلم فيصدر في حقه الإعدام. وكذلك لو وجدوا في بيته مصحفا، أو امتنع عن الطعام في رمضان، أو امتنع عن شرب الخمر وأكل الخنزير. وكانوا يكشفون عورة من يشكون أنه مسلم، فإذا وجدوه مختونًا أو كان أحد عائلته كذلك فليعلم أنه الموت ونهايته هو وأسرته. وتعتبر المحكمة الكاثوليكية والرأي العام أن تصرفات مثل تناول "الكوسكس"، واستخدام الحناء عادات غير مسيحية، يجب معاقبة فاعلها ".
تمييز ضريبي وتحريم للوظيفة :
وكان الإمبراطور شارل الخامس حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين المسيحيين في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تتحقق قط، وشعر هؤلاء أنهم ما زالوا موضع الريب والاضطهاد، ففرضت عليم ضرائب كثيرة لا يخضع لها المسيحيون، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيءًا فشيئًا، حتى أصبحوا أشبه بالرقيق والعبيد، ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، صدر قرار في سنة (948 هـ=1514م)، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية التي كانت دائمًا طريقهم المفضل إلى الهجرة. وأصدر الملك شارل كانت قراراً أن كل شخص يطمح لشغل وظيفة في أسبانيا عليه إثبات عدم وجود أي عضو يهودي أو مسلم في عائلته منذ أربعة أجيال على الأقل.
بين الطرد الجماعي والابادة غرقا :
ولكن حتى هذا الحل لم ينجح كليا في حل المشكلة الاسلامية في اسبانيا فكان اللجوء إلى الطرد الجماعي في القرن السابع عشر، أما الخسائر التي ستترتب عن الطرد فتم تعويضها بشكل كبير بالأرباح الناتجة عن مصادرة أملاك المورسكيين. حيث أصدر الملك فيليب الثالث قراراً بطرد مئات الآلاف من الموريكسيين بعد أن اقتنع بفشل محاكم التفتيش في إجبار المسلمين على ترك دينهم، على أن يبقى الأطفال الذين كانت أعمارهم بين العاشرة أو أقل في إسبانيا ليقوم الرهبان أو أي أشخاص آخرين موثوق بهم بتعليمهم , مع إبقائهم عبيداً بغير زواج.
فبين سنتي 1609-1614 تم طرد ما لا يقل عن 500 ألف شخص إلى البلدان الاسلامية المجاورة كالمغرب وتونس والجزائر بل وبعض البلدان المسيحية الاخرى، بعد نهب ومصادرة ثرواتهم وأملاكهم.
ويقول المؤرخون بأن سكان إسبانيا كانوا على تلك الفترة حوالي 8 ملايين نسمة. منهم على بعض الدراسات 6 ملايين مسلم , وقد تمت إبادة كثير منهم أثناء هذا الترحيل حيث تلقيهم السفن بالبحر ليموتوا غرقاً. وقد أشار "هنري تشارلز لي" بعد دراسة المصادر المعاصرة أن نسبة وفاة المسلمين تقع ما بين ثلثي و ثلاثة أرباع مجموع عددهم.
وقد أدى هذا النفي لإدخال إسبانيا في أحلك فترة في تاريخها، حيث أن الكثير من الأراضي الخصبة أصبحت أراضي موات، واندثرت أكثر الحرف ازدهاراً (كالبناء وتنظيم السقاية والنقل). لم يبق من الموريكسيين بعد الطرد إلا القليل مختفين بدينهم.
ويعود اخر ذكر لهم في السجلات الى تقرير رُفع للملك سنة 1769 يتضمن شكوكا حول أشخاص متهمين بالإسلام سرّا.
ولعل من المفيد أن نذكر أن رجلاً أسبانيًا يدعى "بدية" توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة (1222هـ=1807م) أي بعد 329 سنة من قيام محاكم التحقيق.
وقد انتهت محاكم التفتيش رسمياً سنة 1834ميلادية , رغم بقاء العديد من مؤيديها إلى يومنا الحالي، حتى أنه تقرر في نهاية عام 1960 وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" (مخطط عملية الطرد والإبادة وخطف الأطفال) إلى قائمة القديسيين.
ولعل من المفيد أن نذكر أن رجلاً أسبانيًا يدعى "بدية" توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة (1222هـ=1807م) أي بعد 329 سنة من قيام محاكم التحقيق.
وقد انتهت محاكم التفتيش رسمياً سنة 1834ميلادية , رغم بقاء العديد من مؤيديها إلى يومنا الحالي، حتى أنه تقرر في نهاية عام 1960 وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" (مخطط عملية الطرد والإبادة وخطف الأطفال) إلى قائمة القديسيين.
أهوال التعذيب :
مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأتها .
ومن أنواع التعذيب المستعملة فيها : إملاء البطن بالماء حتى الاختناق، وسحق العظام بآلات ضاغطة، و ربط يدى المتهم وراء ظهره، و ربطه بحبل حول راحتيه و بطنه و رفعه و خفضه معلقا سواء بمفرده أو مع أثقال تربط به، و الأسياخ المحمية على النار، و تمزيق الأرجل، و فسخ الفك.
وكثيراً ما كانت تصدر أحكام إعدام حرقاً، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان الملك فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات. وكان لهم توابيت مغلقة بها مسامير حديدية ضخمة تنغرس في جسم المعذب تدريجيا، وأيضا أحواض يقيّد فيها الرجل ثم يسقط عليه الماء قطرة قطرة حتى يملأ الحوض ويموت.
وكانت المحاكم تقوم بدفن ضحاياها أحياء أحيانا ، كما جلدهم بسياط من حديد شائك، وكان جلادوها يقطعون الألسنة بآلات خاصة...
خاتمة :
أخيرا أذكر بأنني أردت من خلال هذه الورقة الثانية احياء الذاكرة الانسانية والعربية والاسلامية والوطنية , عبر سرد فصول لايمكن لأي كان طمسها أو الغفلة عنها من خلال الكبرياء الاثني أو الايديولوجي أو حتى الديني , وهو مايدعو البشرية جمعاء الى ادانة هذه الصفحات التاريخية المفجعة ومن ثمة انصاف الضحايا والاعتذار لهم أدبيا وماديا على وجه العدالة مع كل مغاير في العنصر أوالدين أواللغة أواللون ...
ان من يدافع اليوم عن محاكم التفتيش أو يتنكر لمأساة المسلمين الموريس أو اليهود السافارديم أو المسيحيين البروتستانت هو وجه اخر لعملة معاصرة حملت وراءها جرائم ضد الانسانية فكانت ماسي متجددة ضد مسلمين أو مسيحيين أو يهود ترفعوا عن العنصرية والحقد والكراهية وتطلعوا الى مستقبل انساني امن ومشترك ..
كتب التقرير مرسل الكسيبي* - 3 جوان 2009
سبتة ومليلية.. أكاذيب الأمس واليوم والغد!! /أ.د. ناصر العمر
في ظل عمليات غسل الدماغ المديدة والمتواصلة التي تقوم بها وسائل إعلام ضخمة الإمكانات وجامعات تمول بمئات ملايين الدولارات، لتزييف وعي المسلمين بخاصة والبشرية بعامة، حول حقائق الماضي–بل والحاضر-، وفي ضوء الضعف المزمن لأمتنا مصحوبا باستلاب كثير من النخب التي نخرها التغريب حتى باتت تزايد على "السادة" أنفسهم، كادت بعض البدهيات تطمس أو تغدو موضع شك في الأقل، وأبرزها أنه لا يوجد في عالمنا الحاضر بقعة أرض يحتلها غاز خارجي سوى أراض إسلامية!!
ابدأ بفلسطين السليبة وبعض ما حولها، ثم قف أمام كشمير وعرج ثالثا على جنوبي الفلبين، ثم ميانمار"بورما سابقا"فتايلند، فتركستان فالعراق وأفغانستان، وتريث أخيرا عند مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا منذ خمسة قرون ليس غير!! وأضف إليهما جزر ليلى التي تعاني من الجلاد ذاته. نتكلم هنا عن الاحتلال المباشربما يعنيه في القانون الدولي"الغربي أصلا وفروعا"، ونضرب صفحا عن مؤامرات تغيير هوية الشعوب وقسرها على التنصر كما جرى في بلدان عدة في إفريقيا وآسيا، فلذلك مقام آخر لا يقل إيلاما ومرارة.
والمؤسف أن الحال العامة لهذه الظاهرة المتجاهلة، ينطبق عليها التعبير التراثي المعبر:يرضى القتيل وليس يرضى القاتل.. فبالرغم من صمت الضحية إلا من استنكار لفظي في مناسبات خطابيةتؤخر ولا تقدم، يمعن الغاصبون في استفزازها، فها هو ملك إسبانيا خوان كارلوس يزور المدينتين المغربيتين الأسيرتين، في خطوة مفضوحة ل"تثبيت"الاستعمار القديم المستمر في زمن ولى فيه الاحتلال العسكري المباشر باستثناء أراضي المسلمين التي ذكرناها من قبل. والسبب لهذه الزيارة المرفوضة منطقيا، ولاسيما مع ملاحظة أن مدريد هي ثاني شركاء الرباط اقتصاديا، يجعل الحليم حيران، فرئيس الحكومة الإسبانية الاشتراكي ثاباتيرو يسعى إلى منافسة اليمين على أصوات الناخبين في انتخابات مارس/آذار المقبل. أي أن كرامة شعب وحقوقه الأصيلة تصبح سلعة رخيصة في سوق النخاسة الداخلية في بلد آخر. وليس سرا أن سوء إدارة كثير من قيادات الأمر الواقع في ديار المسلمين مسؤولة إلى حد كبير عن هذا الانحدار، فقد ربط هؤلاء مرات مصير الأمة ومستقبل قضاياها العادلة، بنتائج الانتخابات في أمريكا أو فرنسا بل حتى في الكيان الصهيوني!!
وفي المقابل ترى العدو الغاصب موحد الصف برغم توزيع الأدوار في الشكل دون المحتوى، فالفرق بين السفاح شارون وقرينه بيريز مثلا، لا يتجاوز أسلوب الإخراج المسرحي، فالأول لا يخفي أحقاده ويعلن عن سياسة الاستئصال بلا مواربة، في حين يضع الثاني قفازات حريرية لإخفاء مخالبه. وفي الإمكان متابعة الأمثلة حتى إلى مرحلة التناغم المطلق بين المتناحرين في الغرب من علمانيين وكنسيين، بدءا من حقبة التوسع العسكري الغربي قبل قرنين من الزمان، وصولا إلى ما يجري في الشيشان وما سبقه في البلقان!!
أوليست سبتة ومليلية مغصوبتين منذ الحروب الصليبية وتوجيهات فرديناند وإيزابيلا-ملك وملكة إسبانيا الصليبيين الحاقدين-، فما الذي تبدل على مدى 500عام؟ وما الفرق بين الديكتاتور فرانكو وما تلاه من نظام ديموقراطي، وما المسافة بين غلاة اليمين وحمائم اليسار؟ ؟..
كفانا خداعا لأنفسنا وذهولا عن قول الحق عز وجل:"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير"(سورة البقرة/الآية120) وكذلك قوله سبحانه: "والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا" (سورة النساء/الآية45).
أبو عبد الرحمن
تعديل التعليق