إذا اشتد الكَرْب كان الفرج قريباً بإذن الله
عايد القزلان التميمي
الحمد لله ربِّ العالمين، ورافِع البلاء عن المستَغفرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فيا أيها المؤمنون وَإِذَا اشتد الكرب وعظم الخطب كَانَ الفرج قريبًا فِي الغالب بإذن الله قَالَ تَعَالَى : ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا ﴾.
وقَدْ قص الله عَلَيْنَا فِي كتابه قصصًا تتضمن وقوع الفرج بعد الكرب والشدة كما قص نجاة نوح ومن معه في الفلك من الكرب العظيم مع إغراق سائر أهل الأرض .
وكما قص نجاة إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام من النار حين ألقاه المشركون فِي النار وأنه جعلها بردًا وسلامًا.
وكما قص قصة مُوَسى عَلَيْهِ السَّلام مَعَ أمه لما ألقته فِي اليم حَتَّى التقطه آل فرعون ، وقصته مَعَ فرعون لما نجى الله سُبْحَانَهُ مُوَسى وأغرق عدوه فرعون وقَوْمه .
وكما قص قصة أيوب ويونس ويعقوب ، ويوسف عَلَيْهمْ السَّلام ، وكما قص قصص مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ونصره على أعدائه بإنجائه مِنْهُمْ فِي عدة مواطن.
عباد الله : في أحلك الظروف يجب أن تنظر من زاوية أخرى شديدة الاتساع متفائلة جدًّا، تخيل معي لحظة والنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ومعه المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم، عندما منعتهم قريش من الذهاب إلى مكة للعمرة .
وعندما ما جاء سهيل بن عمرو لمفاوضة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله: ))سهل أمركم(( فهذا من التفاؤل لأن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحسَنَ ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ .
عباد الله : و لما فَرغ صلى الله عليه وسلم من قضية الكتاب (أي صلح الحديبية ) الذي كانت وقْعَته شديدة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إنه لما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً ، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا ، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا . ثم رجع إلى المدينة، وفي مرجعه أنزل الله عليه: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ﴾ ، فقال عمر: أوَفتحٌ هو قال صلى الله عليه وسلم: نعم.
تبين بعد ذلك أن الفتح المذكور هو صلح الحديبية.
بارك الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى/ عباد الله : عندما يُقَدُّر الله أمرًا من الأمور الكونية أو الشرعية يجب على المؤمن أن يجزم بأن تقدير الله هو الخير بعينه, وليس خيرًا فقط بل هو خير كثير.
حتى لو كان ظاهر الحال غير ذلك.
عباد الله يجب علينا أن نعود إلى الله ونكثر من استغفاره ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
فيا أيها المؤمن ، لتكن دائم الارتباط بالله تعالى، خصص جزءًا من وقتك لمناجاة خالقك واستغفاره، والتزم طاعته، وتوج ذلك بصدقات مخفية، حفظنا الله وإياك من كل سوء ومكروه. عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
عايد القزلان التميمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخطبة في ملف وورد
المرفقات
https://khutabaa.com/forums/رد/359418/attachment/%d8%ae%d8%b7%d8%a8%d8%a9-%d8%a5%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d8%a8-%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%ac-%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%a8%d8%a7-%d8%a8%d8%a5%d8%b0
https://khutabaa.com/forums/رد/359418/attachment/%d8%ae%d8%b7%d8%a8%d8%a9-%d8%a5%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d8%a8-%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%ac-%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%a8%d8%a7-%d8%a8%d8%a5%d8%b0
تعديل التعليق