إدراك عشر ذي الحجة والمسارعة إلى الخيرات

مبارك العشوان
1437/11/29 - 2016/09/01 12:26PM
إنَّ الحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ...، وَنَشْهَدُ ... عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أمَّا بعدُ: فاتقوا الله تعالى أيها الناس حقَّ تُقاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلا وأنتم مسلمون، واعلموا أنَّهُ تَبَاركَ وتَعَالى أعَدَّ جَنَّتَهُ، وَزَيَّنَها لِعِبَادِهِ المُتَّقِينَ، وَأَمَرَهُم بِالمُسارَعَةِ إِليهَا؛ قَالَ تَعَالَى: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين } آل عمران 133 وَقَالَ سُبحَانَهُ: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الحديد 21
السَّابِقُونَ فِي الدُّنيا إِلى الخَيرَاتِ، هُمُ السَّابِقُونَ فِي الآخِرَةِ للجَنَّاتِ؛ جَزَاءً وِفَاقَا؛ قَالَ تعالى: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } الواقعة 1- 11 وَقَالَ تَعَالَى عَن زَكَرِيَّا عَليهِ السَّلامُ وَعَنْ أَهْلِهِ: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ... } الأنبياء 90 وَهَكَذَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ، وَعَلى هَذَا رَبَّى صَحَابَتَهُ، وَعَلَيهِ حَثَّ أُمَّتَهُ؛ يَقُولُ عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عَنهُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِى، فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ). قُلْتُ مِثْلَهُ. قَالَ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ) . قَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قُلْتُ لاَ أُسَابِقُكَ إِلَى شَىْءٍ أَبَدًا. ) أخرجه أبو داود وحسنه الألباني. ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ ) رواه مسلم.
عِبَادَ اللهِ: أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفُرَصِ لِلْمُسَارَعَةِ فِي الخَيْرَاتِ: أيَّامُ عَشْرِ ذِي الحِجَّة، خَيرُ أيامِ الدُّنْيَا؛ فِيهَا تَجْتَمِعُ أُمَّهَاتُ العِبَادَةِ: الصَّلاةُ، وَالصِّيامُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالحَجُّ وَالذَّبْحُ، وَلَا يَأتِي ذلِكَ فِي غَيرِهَا، صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: ( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ ) يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: ( وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء ) رواه أبو داود وصححه الألباني. فَقَدِّرُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ عَشْرَكُم قَدْرَهَا، وَاعْرِفُوا حَقَّهَا، عَظِّمُوا شَعَائِرَ اللهِ: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } الحج 32.
اِجْتَهِدُوا فِيهَا مَا لَا تَجْتَهِدُونَ فِي غَيرِهَا، مَيِّزُوهَا بِكَثرَةِ العَمَلِ وَإِحْسَانِهِ؛ ولَا تُفَرِّطُوا فِي لَحْظَةٍ مِنْها إِلا فِيْمَا يُقَرِّبُكُم إِلى الله.
كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
هَذِهِ العَشْرُ ـ عِبَادَ اللهِ ـ بَلِ الحَيَاةُ كُلُّهَا أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ سُرْعَانَ مَا تَنْقَضِي؛ وَلَا يَدْرِي أَحَدُنَا مَا يَعْرِضُ لَه فِيهَا؛ فَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ مَا يَسُرُّكُمْ أَنْ تَرَوهُ فِي أُخْرَاكُم: { يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } النبأ 40
حَافِظُوا عَلى مَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم؛ فَمَا تَقَرَّبَ عَبْدٌ إِلى رَبِّهِ جَلَّ وَعَلا بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ الفَرَائِض.
اللهَ اللهَ فِي الصَّلَاةِ؛ عِمَادُ الدِّينِ وَرُكْنُهُ الثَّانِي وَالفَارِقُ بَينَ الإِسْلامِ وَالكُفْر، وَلَيْسَ فِي الإِسْلامِ حَظٌ لِمَنْ تَرَكَهَا.
أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللهِ وَتَسْبِيحَهُ؛ ومن ذلك: التَّكْبِيرِ: اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَاللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ وَلِلهِ الحَمْد.
يَبْدَأُ هَذَا التَّكْبِيرُ مِنْ ثُبُوتِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَشْرِيقِ.
أَكثِرُوا مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ فَإِنَّ مَنْ قَرَأَ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.
احْرِصُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى صِيَامِ تِسْعِ ذِي الحِجَّةِ، أَوْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا، فَالصِّيامُ مِنْ أَفْضَلِ القُرُبَاتِ، وَمِمَّا اخْتَصَّهُ اللهُ لِنَفْسِهِ بَيْنَ سَائِرِ الأَعْمَالِ، وَآكَدُ يَومٍ مِنَ العَشْرِ بِالصِّيامِ يَومُ عَرَفَةَ لِغَيرِ الحَاجِّ؛ فَفِي الحَدِيثِ: ( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ... ) الحديث رواه مسلم.
عباد الله: وَمِنْ أفضَلِ الأعْمَالِ: الأضحية؛ فيها تَقَرُّبٌ إلى اللهِ بِالنَّحْرِ، وَإِحْيَاءٌ لِسُنَّةِ إِمَامِ المُوَحِّدِينَ إبراهيمَ، وَسُنَّةِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ محمدٍ عَليهِمَا وَسَائِرِ الأنبِيَاءِ صَلواتُ اللهِ وَسَلَامُهُ.
يقُولُ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: ( ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما. ويَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ الأُضْحِيَةَ.
مَنْ كَانَ مُوسِراً، وَثَمَنُ الأُضْحِيةِ لَا يَشُقُّ عَلَيهِ، فَلَا يَحْرِمْ نَفْسَهُ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ، بَلْ يَقُولُ الشيخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: وَلَا حَرَجَ أنْ يَسْتَدِينَ المُسْلِمُ لِيُضَحِّي إِذَا كَانَ عِنْدَهُ قُدْرَةٌ عَلى الوَفَاء.
عِبَادَ الله: مَنْ أرَادَ أنْ يُضَحِي فَليُمْسِكْ عَن شَعْرِهِ وَأظْفَارِهِ وَبَشَرَتِهِ؛ ولا يَأخُذْ مِنْهَا شَيئاً؛ مِنْ دُخُولِ العَشْرِ حَتَّى يُضَحِي. فَإن نَوَى الأضحِيَةَ أَثْنَاءَ العَشْرِ أَمْسَكَ عَن ذَلِكَ مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ وَلَا شَيءَ عَلَيهِ فِيمَا أَخَذَهُ قَبلَ النِّيَة، وَمَن عَزَمَ على الأضحِيَةِ وَأَخَذَ مِن شَعرِهِ أَو ظُفْرِهِ أَو بَشَرَتِهِ نَاسِياً أو جَاهِلاً، أو سَقَطَ الشَّعْرُ بِلَا قَصْدٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّداً فَعَلَيهِ التَّوبَةُ إِلى اللهِ وَعَدمُ العَودِ؛ وَلا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ عَنِ الأُضْحِية.
وَمَن احْتَاجَ إلى أَخْذِ شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَا شَيءَ عَلَيهِ، كَمَنِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ وَآذَاهُ؛ فَلَهُ قَصُّهُ، أَو نَزَلَ الشَّعْرُ في عَينَيهِ، أو احتاجَ إلى قَصِّهِ لِمُدَاواةِ جُرْحٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ إِزَالَتُهُ.
كَمَا أنَّهُ لَا بَأسَ بِغَسْلِ الرَّأسِ وَدَلْكِهِ، وَلَو سَقَطَ شَيءٌ مِنَ الشَّعْر. ثُمَّ لْتَعْلَمُوا أنَّ هَذا النَّهيَ خَاصٌ بِصَاحِبِ الأُضْحِيةِ وَلَا يَشْمَلُ الزَّوجَةَ وَلَا الأولادَ وَلَا الوَكِيلَ؛ إلَّا إذا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أُضْحِيَةً تَخُصُّهُ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاك.
اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم ... أَقٌولُ مَا تَسْمَعُونَ ...


الخطبة الثانية:
الحَمدُ لِلهِ...أمَّا بَعدُ: فَإنَّ مِن أعظَمِ القُرُبَاتِ: الحَج، ذَلِكَ الرُّكْنُ الذِي تُكَفَّرُ بِهِ الخَطَايَا، وَتُمْحَى بِهِ الذُّنُوبُ؛ يَقُولُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ( مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) روا مسلم. ويقولُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ( الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ ) رواه البخاري ومسلم. الحَجُّ المَبْرُورُ المَقْبُولُ هُوَ الذي لَا يُخَالِطُهُ رِيَاءٌ وَلَا إِثْمٌ، هُوَ الحَجُّ الذي وُفِّيَتْ أَحْكَامُهُ وَوَقَعَ عَلى الوَجْهِ الأَكْمَلِ كَمَا طُلِبَ مِنَ المُكَلَّف.
أَخِي المُسلمُ: مَتَى وَجَبَ الحَجُّ عَلَيكَ فَبَادِر، وَحَذَارِ أَنْ تَتَهَاوَنَ وَتُسَوِّفَ، وَكُلَّ عَامٍ تُؤَجِّلُهُ، وَلَا تَدْرِي أَتُؤَجَّلُ أَنْتَ أَمْ يَفْجَأُكَ هَاذِمُ اللَّذِاتِ، ثُمَّ تَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ فَرَّطْتَ فِي رُكْنٍ مِن أركانِ الإسلام .
عِبادَ الله: وَهذهِ رحمكمُ اللهُ: بعضُ الوَصَايَا لِمَنْ أرادَ الحج.
أخي الحاج: أخلِص نِيَّتَكَ للهِ عز وجل؛ فإنما الأعمالُ بالنياتِ، تَحَلَّ بِلباسِ التقوى، وَتَزَوَّدْ مِنَها، بَادِرْ بِالتوبةِ النَّصُوحِ، واخرُج منَ المَظَالِم وَرُدَّهَا إلى أهلِها، ثم اختَرْ لِحَجِّكَ مِنَ النَّفَقَةِ أَطْيَبَهَا، وَمِنَ الرُّفْقَةِ أَصْلَحَهُم.
تَعَلَّم صِفةَ الحجِّ، وَاقرَأ في كُتُبِ المَنَاسِكِ، وَاسْتَمِعْ لِلأَشْرِطَةِ في وَصْفِ الحجِ، واسْألْ عَمَّا يُشْكِلُ عَليكَ؛ حَتَّى تَعبُدَ اللهَ تعالى على بَصِيرَةٍ، وَحَتَّى لَا تَقَعَ في الخَطَأِ ثمَّ تَبحثُ عَنِ المَخْرَجِ.
فَإذا شَرَعتَ في السَّفَرِ فَتَأَدَّبْ بِآدَابِهِ، وتعلم ما تحتاجُ من أحكامهِ. ثم عليكَ أخي الحاجُّ أن تحفظَ لسانَكَ منَ القِيلِ والقَالِ، والكَلامِ فِيمَا لا يَعْنِي، وَمِنْ بَابِ أولى احْفَظْهُ مِنَ الغيبةِ وَبَذِيءِ الكلامِ؛ فإنه: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق18
تَخَلَّقْ بِالخُلُقِ الحَسَنِ، تَجَمَّلْ بِالصَّبر، وتَحَمَّلْ ما قَد يَصْدُرُ منَ الناسِ مِنْ أذىً؛ فَكَثِيراً ما يَعْرِضُ للحاجِّ ما يُثِيرُ غَضَبَهُ، خاصةً معَ الإرهاقِ والزحامِ.
احرِص أن تذهبَ للحجِّ وترجِعَ وَلَمْ تُصِبْ مُسلماً بِأذىً؛ فقد جاءَ في الحديثِ: ( المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ) متفق عليه.
احرص على أداءِ ما افترضَ اللهُ عليكَ، وَمِنْ أهَمِّ ذلكَ: توحيدُ الله عز وجل، وإخلاصُ العبادةِ له، والحذرُ منَ الشركِ صغيرِهِ وكبيرِه، فإنهُ لا ينفعُ معَ الشركِ عملٌ، كما قال سبحانه: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً } ثمَّ لْتحرِصْ على إقامَةِ الصلواتِ الخمسِ كما أمرَ اللهُ أن تُقَام.
احفظ بَصَرَكَ أخي الحاجُّ عنِ الحرام، ومتى حَصَلَ من غَيرَ قَصْدٍ فَاصْرِفْهُ مُباشرةً؛ يقولُ جل وعلا: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِــنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } وقال عليه الصلاة والسلام : ( لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ ) رواه أبو دود وحسنه الألباني.
احفظ مَحَارِمَكَ أيها الحاجُّ منَ التَبَرُّجِ والسُّفُورِ لِئَلا يَفْتِنَّ أو يُفْتَن.
تَجنَّب ما حرمَ اللهُ عليكَ منَ الاختلاسِ، والسرقةِ، وسؤالِ الناسِ من غيرِ حاجة؛ ففي الحديثِ: ( مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ) الحديث رواه البخاري . أكثِر أخي الحاج من ذكرِ اللهِ تعالى وَدُعَائِهِ، وَقُمْ بِشَعَائِرِ الحج على وَجْهِ التعظيمِ والإجلالِ والمحبةِ والخُضُوعِ للهِ عز وجل.
أدِّ شَعَائِرَ حَجِّكَ بِسَكِينةٍ وَوَقارٍ، واحرص على اتباعِ هديِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حَجِّه؛ فَهُو أَحرَى بِالقبول.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم.
ثم صلوا وسلموا ... عباد الله : اذكروا الله ...
المشاهدات 1148 | التعليقات 0