إجلال العلماء

abu dana
1445/07/20 - 2024/02/01 01:27AM

الحمد لله عالِم الخفيَّات، وغافِر الخطيَّات، أحاط بكل شيء علمًا، ووسع كل شيء رحمةً وحلمًا، وقهَر كلَّ مخلوق عزةً وحُكمًا (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)، أتقَن ما صنَع وأحكَمَه، وأحصى كلَّ شيء وعَلِمَه، وخلَق الإنسانَ وعلَّمَه، ورفَع قَدْرَ العِلْم وعظَّمَه، وخصَّ به مِنْ خلقِه مَنْ كرَّمَه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

من يتَّقِ الله يجعل عُسرَه يُسرًا*** ويُعظِمِ اللهُ بالتقوَى له أجرًا

هُمْ سِرَاجُ الْعِبَادِ، وَمَنَارُ الْبِلَادِ، وَقِوَامُ الْأُمَّةِ، وَيَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ، هُمْ غَيْظُ الشَّيْطَانِ، بِهِمْ تَحْيَا قُلُوبُ أَهْلِ الْحَقِّ، وَتَمُوتُ قُلُوبُ أَهْلِ الزَّيْغِ، مَثَلُهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ؛ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، إِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ تَحَيَّرُوا، وَإِذَا أَسْفَرَ عَنْهَا الظَّلَامُ أَبْصَرُوا. إنهم العلماء ورثة الأنبياء.

هُمُ المصابِيحُ الذين هُمُ *** كأنَّهم من نجومٍ حيَّةٍ صُنِعُوا

أخلاقُهُم عُقُولُهُمُ من أي ناحيةٍ *** أقبَلتَ تنظُرُ في ألبابِهم سطَعُوا

أمة العلم والهُدى: العلماءُ رُمَّانةُ الميزان ولسانُه، وأهلُ التوسُّط والاعتِدال، يُواجِهون الأفكارَ الضالَّة، ويُحارِبون الآراء الشاذَّة النادَّة، بسلاح العلم البتَّار، فهم حصنُ الأمة الحَصين، ورُكنُها القويُّ المتين، وهم صِمامُ الأمن والأمان، خاصَّةً وقتَ الفِتَن والمُدلهِمَّات، كما هو الحالُ في زمانِنا، الذي سادَت كثيرًا من أرجائِه أنقاضُ التناحُر والأرزاء، وأنكاثُ العصبيَّة الرَّعناء، والمساغِبِ والعناء، والحمَلات الحاقِدة الشعواء، مع قُصور الهِمَم عن أعالي القِمَم.

كان السلف رحمهم الله يوقرون العلماء ويقدرونهم حق قدرهم:

قال طاووس بن كيسان: "من السُّنة أن يُوقر العالمُ".

وقال البخاري:"ما رأيت أحدا أوقر للمحدثين من يحيى بن معين".

وقال المغيرة:"كنا نهاب إبراهيم  النخعي كما نهاب الأمير" .

وذُكر أحد العلماء عند الإمام أحمد بن حنبل -وكان متكئاً من عِلَّة- فاستوى جالساً، وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون، فنتكئ.

وهَا هُوَ نَبِيُّنَا وَرَسُولُنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَوِّرُ مَكَانَةَ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ؛ فَيَقُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ؛ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ".

عِبَادَ اللهِ: وَلَئِنْ كَانَتْ هَذِهِ دَرَجَةُ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ؛ فَحَرِيٌّ بِنَا أَنْ نُجِلَّهُمْ وَنَعْرِفَ قَدْرَهُمْ وَمَنْزِلَتَهُمْ، يَقُولُ سَيِّدُ الْعُلَمَاءِ وَإِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حقَّهُ" حسنه الألباني، وَلَا شَكَّ أَنَّ احْتِرَامَ الْعُلَمَاءِ، وَحِفْظَ مَقَامِهِمْ، وَالتَّوَاضُعَ لَهُمْ، وَلِينَ الْقَوْلِ وَالْجَانِبِ لَهُمْ: مِنْ أَبْسَطِ حُقُوقِهِمُ الَّتِي جَعَلَهَا الْإِسْلَامُ لَهُمْ.

تستغفِرُ الحِيتانُ في أبحارِها*** للسالِكين مدارِجَ العُلماءِ

فهم النجومُ مقامُهُم كبِدُ السماء *** وحُظوظُهم في الليلة القَمرَاءِ

فمن ابتغَى من غيرِ هذا نهجَه *** فلقد أضلَّ وضلَّ في البَيْدَاءِ

يَبقى العلمُ بوجودِهم وحياتِهم، ويذهبُ العلمُ بذَهابِهم ووفاتِهم، كما في الحديثِ:" إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا "رواه البخاري، فما ظنُّكم عندما يذهبُ العلماءُ، ويَتَصدَّرُ للنَّاسِ الجُهَلاءُ، فلا تَسلْ عن الفِتنةِ والبَلاءِ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ -رَحِمَهُ اللهُ-: شَهِدْتُ جِنَازَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا دُلِّيَ فِي قَبْرِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ ذَهَابُ الْعِلْمِ، فَهَكَذَا ذَهَابُ الْعِلْمِ، وَالله لَقَدْ دُفِنَ الْيَوْمَ عِلْمٌ كَثِيرٌ".

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ النَّيْلَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَإِسْقَاطَ حَقِّهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ، يُحَقِّقُ مَا يَسْعَى إِلَيْهِ أَعْدَاءُ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى رَأْسِهِمُ الْيَهُودُ الَّذِينَ جَعَلُوا طَمْسَ هوِيَّةَ الْعُلَمَاءِ، وَمَسْخَ مَكَانَتِهِمْ مِنْ أَهَمِّ أَهْدَافِهِمُ الَّتِي يَسْعَوْنَ إِلَى تَحْقِيقِهَا؛ إِذْ إِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ فِي تَشْوِيهِ صُورَةِ الْعُلَمَاءِ سَبِيلًا لِتَحْقِيقِ مَآرِبِهِمْ، وَالْوُصُولِ إِلَى أَهْدَافِهِمْ، وَإِذَا اسْتَخَفَّ النَّاسُ بِعُلَمَائِهِمْ؛ فَحَدِّثْ عَنِ الْفَوْضَى وَلَا حَرَجَ، وَحَدِّثْ عَنْ فَسَادِ الْأَخْلَاقِ وَلَا حَرَجَ، وَحَدِّثْ عَنْ نُشُوءِ الْمُنْكَرَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ.

قال الكرابيسي: "مثل الذين يذكرون أحمد بن حنبل مثل قوم يجيئون إلى جبل أبي قُبيس يريدون أن يهدموه بنعالهم" !

فَعَلَيْنَا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنْ نَحْفَظَ لِلْعُلَمَاءِ مَكَانَتَهُمْ، وَأَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَهُمْ، وَأَنْ نَحْمِلَ أَقْوَالَ عُلَمَائِنَا وَآرَاءَهُمْ عَلَى الْمَحْمَلِ الْحَسَنِ، وَأَلَّا نُسِيءَ الظَّنَّ بِهِمْ مَهْمَا اخْتَلَفُوا بَيْنَهُمْ.

قَالَ –تعالى" (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا), قَالَ ابنُ عَباسٍ -رَضيَ اللهُ عَنهُما- في تَفسيرِ هذهِ الآيةِ: "خَرابُها بمَوتِ فُقهائها وعُلمائها، وأَهلِ الخَيرِ مِنهَا".

الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا *** مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ

كَالْأَرْضِ تَحْيَا إِذَا مَا الْغَيْثُ حَلَّ بِهَا *** وَإِنْ أَبَى عَادَ فِي أَكْنَافِهَا التَّلَفُ

أيها المسلمون: اختار الله لعباده دينًا يتعبَّدون به ربَّهم، وبعث رُسُلًا لتبليغه لهم، والأنبياء -عليهم السلام- حفظوا الدين كما أمرهم الله به، واحتملوا في ذلك من المشاق ما لا يطيقه أحدٌ سواهم؛ قال سبحانه:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ).

ثم قيَّض الله من بعدهم علماء يجمعهم الصدق في تعليم الناس وحفظ الدين، وتبحَّر كل صنف من العلماء في فنه، فأهل القرآن والتفسير أحصَوْا ألفاظَ القرآن وحروفَه، وبيَّنوا معنى كل كلمة فيه سواء كانت مفردة أو مركبة، وضبطوا قراءاته وما تشابَه من آياته.

وانبرى علماء النقل والنُّقَّاد لعلم الرواية والإسناد؛ فطافوا البلدان وصبروا على مرارة الاغتراب ومقاساة الأحوال، منهم الإمام أحمد -رحمه الله- طاف الدنيا مرتينِ، حتى جمَع المسنَدَ، فحفظوا أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وتقريراته.

جمَعُوا -رحمهم الله- الحديث وصنَّفوه صحاح ومسانيد، سننًا ومعاجم ومصنَّفات، انتقَوْها من آلاف الروايات، ومقدَّمُهم في ذلك الإمام البخاري -رحمه الله-، قال عن صحيحه: "صنَّفتُ الصحيحَ في ست عشرة سنة، وخرجتُه من ستمائة ألف حديث، وجعلتُه حجةً بيني وبينَ اللهِ".

وعلماء العقيدة بيَّنوا مسائل الاعتقاد وقرَّرُوها وجمعوا أدلتَها ويسَّروها للناس، واللغة آلة العلم، بها يُفهَم ويُعقَل ويُبلَّغ ويُنقَل، فاتخذ علماؤها الوحيَ مصدرَها الأول، ثم تتبَّعوا ألفاظَ اللُّغة من أفواه العرب، فجمَعوها ورتَّبوها ووضعوا قواعدها ودوَّنوا معانيَها.والتاريخ ديوان الخليقة ومرشِد إلى سنن الله في بَرِيَّتِه، وأشرف ما فيه سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فدوَّن علماء السيرة حياةَ النبي -عليه الصلاة والسلام- وشمائله وأخلاقه وصفاته وهيئاته، وكل دقيق منها وجليل؛ حتى إنهم ذكروا عدد الشعرات البيض في لحيته ورأسه صلى الله عليه وسلم.

ولا زال العلماء قرنًا بعد قرن يحفظون الدِّينَ وينقلونه لمن بعدَهم؛ جامعينَ بين العلم والعبادة، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- إذا صلَّى الفجر جلَس يذكر اللهَ إلى قريب من انتصاف النهار، صبروا على الشدائد والمصاعب، أفضى بالإمام مالك -رحمه الله- طلبَ الحديث إلى أن نقَض سقف بيته فباع خشبه.

وقيل للشعبي -رحمه الله-: "من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بالسير في البلاد وصبر كصبر الجماد".

بل عظَّم الله شأنَهم، واستشهَدَهم على توحيدِه أعظم مُستشهَد: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

فاعرِفُوا للعلماء قدرهم، واعتصِمُوا بالكتاب والسنَّة وهديِ سلَف الأمة، واحذَرُوا تحريفَ الغالِين، وانتِحالَ المُبطِلين، وتأويل الجاهِلين .وتمسَّكُوا بنَهجِ العُلماء الربَّانيين.

أقول قولي هذا..

 

الحمدُ لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسانَ ما لم يعلَم، والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الأكرَم، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه رموزِ المعارِفِ والقِيَم، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد:

اعلَموا - حفظَكم الله - أن إضعافَ دور أهل العلم يُؤدِّي إلى عواقِبَ خطيرةٍ في حاضِر الأمة ومُستقبلِها، وبخاصَّةٍ مع هذه التطوُّرات المُعاصِرة في وسائل اتصالاتها وتواصُلها، وما تموجُ به من تياراتٍ مُضلَّة، وعقائِد مُنحرِفة.

نعم، يا عباد الله: إنه إذا ما حِيلَ بين العلماء وبين الأمة هلكَت الأمة، وخلا الجوُّ للأعداء والمُتربِّصين. الناسُ من غير العلماء جُهَّالٌ تتخطَّفُهم شياطينُ الإنس والجنِّ، وتعصِفُ بهم الضلالات والأهواء، لا يقِفُ في وجوهِ الزنادِقة والمُنافقين إلا أهلُ العلم الأثبَات. ومن يسعَى في إضعافِ أهل العلم وتقليصِ دورهم فهو ساعٍ في انحِراف الشباب وإيقاعهم في التيارات الفِكريَّة المُتطرِّفة، والواقعُ خيرُ شاهِدٍ.

معاشر الأحبَّة: إن أهل العلم يتعرَّضُون لحَمَلات تشوِيه وموجات استِهزاء، من الملاحِدة والماجِنين، في مقالاتٍ ورُسوماتٍ، وتغريداتٍ ساخِرة، ومواقِف تمثيليَّةٍ مُهينة.

أيُّ تأثيرٍ سيبقَى للعالِم في نظر الناس؟! وأيُّ تقديرٍ واحترامٍ لعلمِهم وفتاواهم وأحكامهم إذا شغَّبَت عليهم السُّفهاء، وتطاولَ عليهم من لا خلاقَ له؟!

معاشر المُسلمين: العلماءُ ليس فيهم معصُوم، ولا من الخطأ سالِم، ويرُدُّ عليهم أخطاءَهم أمثالُهم ونُظراؤُهم من أهل العلم، وليس كلُّ من عرفَ القراءة والكتابةَ تجرَّد وخطَّأ وصوَّب.

والخلافُ بين أهل العلم سُنَّةٌ من سُنن الله، فلا يجوزُ أن يُتَّخذَ سبيلاً للحطِّ من مكانتهم، أو الانتِقاص من قَدرهم، مع ما يجبُ من التثبُّت في صحَّة ما يُنسَبُ إلى العالِم ومُرادِه ومقصَدِه.

وليُعلَم أن هناك فرقًا كبيرًا بين تخطِئة العالِم والردِّ عليه، وبين تجريحِه والحطِّ من منزلتِه. والإنصافُ عزيز. ونعوذُ بالله ممن ابتُلِي بتصيُّد العثَرَات، وتتبُّع الزلاَّت.

فاحذَر - حفِظَك الله - أن تكون ممن يفرحُ أو يتلذَّذُ حين يسمعُ خطأَ عالِمٍ في فُتيا، أو زلَّةً في فهم، أو غلطًا في حُكم، فضلاً عن أن تُبتلَى بنشر ذلك، والتفكُّه به في المجالِس، أو التزيُّن به في المُجتمعات والمجموعات، أو تبُثَّه في التغريدات. نسألُ السلامة، ونعوذُ بالله من الخُذلان.

فالواجب على الأمة احترامهم وتوقيرهم، والالتفاف حولهم، والدفاع عنهم، وتقديرهم ومعرفة قدرهم، لما معهم من الميراث النبوي، ولما يحملون من العلم الشرعي، فإن ذلك من أسباب سعادتها، واجتماعها وصلاح أمر دينها ودنياها.

عباد الله: ومن أرادَ انشراحَ الصدر، وغُفرانَ الذنبِ، وتفريجَ الكرب، وذهابَ الهمِّ والغمِّ فليُكثِر من الصلاة والسلام على النبي الكريم، والمُصطفى المُجتبَى. فتقرَّبُوا لربِّكم بالصلاة والسلام عليه، امتِثالاً لأمر الله؛ ( إن الله وملائكته يصلون...).

فصلِّ يا ربِّ على المُبارَكِ *** محمدٍ وآلهِ وبارِكِ

وصحبِه والتابعين النُّبَلا *** ومن قفَا آثارَهم ووصَلا

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أصلِح أحوال المُسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المُسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، واجمع على الحقِّ والهُدى والسنَّة كلمتَهم، وولِّ عليهم خيارَهم، واكفِهم أشرارَهم، وابسُط الأمنَ والعدلَ والرخاءَ في ديارهم، وأعِذهم من الشُّرور والفتن ما ظهرَ منها وما بطَن.

اللهم إن لنا إخوانًا مُستضعفين مظلُومين في فلسطين، قد مسَّهم الضُّرُّ، وحلَّ بهم الكربُ، واشتدَّ عليهم الأمر، تعرَّضوا للظلم والطُّغيان، والتشريد والحِصار، سُفِكَت دماؤُهم، وقُتِّل أبرياؤُهم، ورُمِّلَت نساؤُهم، ويُتِّم أطفالُهم، وهُدِّمَت مساكنُهم ومرافقُهم.             اللهم يا ناصِر المُستضعَفين، ويا مُنجِي المؤمنين، انتصِر لهم، وتولَّ أمرَهم، واكشِف كربَهم، وارفع ضُرَّهم، وعجِّل فرَجَهم، وألّف بين قلوبهم، واجمع كلمتَهم، اللهم مُدَّهم بمددك، وأيِّدهم بجُندك، وانصُرهم بنصرِك. اللهم إنا نسألُك لهم نصرًا مُؤزَّرًا، وفرَجًا ورحمةً وثباتًا، اللهم سدِّد رأيَهم، وصوِّب رميَهم، وقوِّ عزائِمَهم.

اللهمَّ ارحمْ علماءَنا ومَشايخَنا رَحمةً وَاسعةً، واجعل أَنوارَهم عَلى الأمَّةِ سَاطعةً، واجعلْ ما تركوهُ من العُلومِ نَافعةً، اللهمَّ مَن أَحييتَهُ مِنهم فبَاركْ في عُمُرِه وعِلمِهِ وَسَعيه، ، ومَن مَاتَ مِنهم فتَغمدْهُ بالرحمةِ والغُفرانِ، وأَعلِ مَقامَه في الجِنانِ..

اللهم واحفظْ علينا دينَنا، وأعراضَنا وبلادَنا. اللهم انصرْ جنودَنا المرابطينَ على حدودِنَا وجميعَ رِجالِ أَمنِنَا.  اللهم وبارِكْ في عمرِ وليِّ أمرِنا خادم الحرمين الشريفين ووليِ عهدِه، وزدْهُم عزًا وبذلاً في نصرةِ الإسلامِ والمسلمينَ. اللهم ارحم والدينا كما ربونا صغارا.. سبحان ربك رب العزة...

المشاهدات 83 | التعليقات 0