أيها المسلم كن عزيزا بدينك

عبدالعزيز عثمان التويجري
1444/06/13 - 2023/01/06 13:37PM

  

خُطبَةُ الجُمعةِ ٦/ ٦/ ١٤٤٤هـ

               (أيها المسلمُ كُن عزِيزًا بِدِينِك)     

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾                                                     ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ 

لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}

أيّها المُؤمِنونَ: إنّ دِينَ الإسلامِ دِينٌ عالَمِي ، صالِحٌ لِكُلّ زَمانٍ ومَكانٍ بِثَباتِ مَبادِئِهِ ، وعالمِيَّةِ مَنْهجِهِ ، وقَواعِدِهِ العِظامِ ، واتِّساقِهِ مع فِطْرَةِ اللهِ الّتِي فَطَرَ النّاسَ عليها، يُخاطِبُ العُقُولَ ، ويُغَذِّي الأَرْواحَ ، ويَعتَنِي بالابَدَانِ.

= دِينُ الإسْلامِ دِينٌ عالميٌّ : لأنَّه مُنزَّلٌ مِن لَدُن حَكِيمٍ عَلِيمٍ ، عَالِمٌ بِمَا يُصالِحُ العِبادَ ويَرْتَقِي بِهِم إلى العِزَّةِ والشَّرَفِ .= دِينُ الإسْلامِ دِينٌ عالميٌّ : لأنّه مُنَزّلٌ مِن عِندِ اللهِ وهًُو رَبُّهم وخالِقُهم وهو رَبُّ الخلقِ أجْمَعِينَ كَما قالَ عزّ وجلَّ :﴿الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ [الفاتحة: ٢]

= دِينُ الإسْلامِ دِينٌ عالميٌّ : فَمَنْهَجُه ودُسْتُورُهُ القُرْآنُ الكَرِيمُ ، وقَد أَنْزَلَهُ اللهُ تَعالى لِلعالَمِينَ ، فقالَ عَزّ مِن قَائِلٍ:﴿تَبارَكَ الَّذي نَزَّلَ الفُرقانَ عَلى عَبدِهِ لِيَكونَ لِلعالَمينَ نَذيرًا﴾ [الفرقان: ١]

= دِينُ الإسْلامِ دِينٌ عالميٌّ : فَرَسُولُ الإِسلامِ مُحَمّدُ بنُ عبدِاللهِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عليهِ ، مُرْسَلٌ للعَالمِ كافَّةً الإِنْسِ والجِنِّ ، العَرَبِ والعَجَمِ ، قالَ جَلَّ وعلا ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا كافَّةً لِلنّاسِ بَشيرًا وَنَذيرًا وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾ [سبأ: ٢٨]  وقالَ :﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]. = دِينُ الإسْلامِ دِينٌ عالميٌّ :يَأْمُرُ بالعَدْلِ مع المُوافِقِ والمُخالِفِ،  مع الصَّدِيقِ والعَدُوِّ. { وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ أَن صَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ أَن تَعتَدوا..﴾[المائدة: ٢]

﴿…وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلى أَلّا تَعدِلُوا اعدِلوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾[المائدة: ٨]

= دِينُ الإسْلامِ دِينٌ عالميٌّ : فَقِبْلَتُهُ قِبْلَةٌ عالَمِيَّةٌ تَهْفُوا إليها نُفُوسُ أهلِ الإِيمانِ مِن كلِّ مَكانٍ .﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكًا وَهُدًى لِلعالَمينَ﴾ [آل عمران: ٩٦]

لقد انْبَهرَ الغَربُ بِعالَمِيَّةِ الإِسلامِ ، وأخْلاقِهِ وآدابِهِ ، وعلومِهِ ومَعارِفِهِ ، وما فيه مِن الحُرِّيَّةِ المُتَّزِنَةِ ، والعَدْلِ والرّحْمَةِ ، والرُقِيِّ والحَضارَةِ ، وذلك عِنْدَما كان المُسلِمُونَ قادَةً مُتَمسِّكِينَ بِدِينِهم ، مُعتَزِّينَ بإِسْلامِهِم ، مُمتَثِلِينَ شرْعَ ربِّهِمً . في هذه الحُقْبَةِ عِندَما كانَ المُسْلِمُونَ مُعْتَزِّينَ بِدِينِهِم ، كانَ الأورُبِّيُّون يَتَبَاهَونَ بالتَّشَبُّهِ بالمُسلِمينَ ، وكانت البَعَثاتُ العِلْمِيَّةُ تَأتِي مِن دُولِ أورُبَّا لِلدِّراسَةِ في الجامِعاتِ الإِسلامِيَّةِ في الأنْدَلُسِ ، 

وانتَشَرَتِ المَلابُسُ الإسلامِيَّةُ ، فتَشَبَّهتْ نِساءُ النَّصارَى بالمُسْلِماتِ في لِبْسِ الحِجابِ ، حتَى صارَ التَّحدُّثُ باللغةِ العربيةِ ، ولُبْسُ الزِّيِّ الإسلامِي رَمْزًا للحَضارَةِ والتَّقَدُّمِ في أَورُبّا، حتّى إِنّ بَعْضَ مُلوكِ النّصارَى سَكَّ عُمْلَةً وجَعلَ فيها صُورتَهُ وهو بالزِّيِّ الإِسْلامِي، إِشارَةً إلى الرُّقِيِّ والحَضارَةِ.

ولَمّا ضَعُفَ تَمَسُّكُ المُسْلِمينَ بِدِينِهِم ، وتَنَكَّبُوا الطَّرِيقَ ،  ورجَعُوا القَهقَرَى ، واستَبْدَلوا الذِي هو أدْنَى بِالّذِي هو خيْرٌ ، و اعْتاضُوا بالدُّنْيا عن الآخرةِ ، سُحِبَتْ القِيادَةُ مِن أَيدِيهِم ، وأصْبَحُوا أَتْباعًا بَعْدَ أن كانُوا مَتْبُوعِينَ ، وسَارُوا على نَهْجِ عَدُوّهِِم ، ودَخَلوا جُحْرَ الضَّبِّ كَما أخبرَ المَعْصُومُ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عليه :{{ لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وذِراعًا بذِراعٍ، حتَّى لو دَخَلُوا 

جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنا: يا رَسولَ اللَّهِ، اليَهُودُ والنَّصارَى؟ قالَ: فَمَنْ.} رواه البخاري ومسلمٌ عن أبي هريرة

# فَاتَّخذَ اليَهودُ والنَّصارَى القُبُورَ مَساجِدَ ، وقَلّدَهُم كَثِيرٌ مِن المُسلِمِين ،فاتَّخَذُوا القُبورَ مَساجِدَ ومَزاراتٍ يَسْتَجْدُونَ مِنها المَدَدَ والعَونَ وكَشفَ الكُرُوبِ ، ولو كَانَ عِندَها مَدَدٌ وعَونٌ لَمَدَّتْ نَفْسَها و كَشَفَتْ كَرْبَها. قال عليه الصّلاةُ والسلامُ {لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ والنَّصَارَى،اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ.} رواه مسلم عن أبي هريرة

# وانْسَلَخَ اليَهُودُ والنّصارَى مِن دِينِهِم،واتّخَذُوا العَلْمانِيَّةَ دِينًا والِليبْرالِيَّةَ مَنْهجًا ، وسَارَ على نَهْجِهِم أهلُ الشَّهواتِ مِن بَني قَومِنا فَتَشَبَّهُوا بِهم وقَلَّدُوهُم واقْتَفَوا آثارَهُم .

# واتَّخذَ اليَهُودُ والنَّصارى المَالَ إِلهًا مِن دُونِ اللهِ ، يُوالونَ مِن أَجْلِهِ ويُعادُونَ مِن أَجْلِهِ ، ومِن أجْلِهِ يَغْزُونَ البلادَ ويَتَسَلَّطُونَ على العِبادِ ، وتَشَبَّه بِهم في الجَشَعِ والطَّمَعِ ثُلَّةٌ مِن قَومِنا يَلهَثُونَ وراءَ المالِ يَجْمَعُونَهُ مِن أَيِّ جِهَةٍ كانَ ، لا يَأْبَهُونَ بِحِلِّهِ ولا بحُرْمتِهِ ، فالحَلالُ عِندَهُم ما حَلَّ باليَدِ ، وما وقَرَ في الجَيبِ .قال عليه الصّلاةُ والسّلامُ :{تَعِسَ عبدُ الدينارِ ، تعِس عبدُ الدرهمِ ، تعس عبدُ الخميصةِ ، تَعسَ عبدُ الخميلةِ ، تعِس وانتكَس وإذا شيكَ فلا انتقشَ} رواه البخاري عن أبي هريرة

ولا تَسأَلْ عن التَّبَعِيَّةِ المَقِيتَةِ لِلغربِ الكافِرِ الّتِي بُلينا بِها في زَمانِنا هذا.

# وشَمُوا أَجْسادَهُم ، فَوشَمْنا أجْسادَنا وفي الصّحيحين (لَعَنَ اللَّهُ الواشِماتِ والمُسْتَوْشِماتِ،) رواه ابن مسعود

# ولَبِسُوا السِّلسَالَ والأَقْراطَ والحِلَقَ والأَسَاورَ والخُيُوطَ ، فَقَلَّدَهُم الرّعاعُ مِنَّا وتَشَبَّهُوا بِهِم.ولَبِسُوا مِثْلَهُم.

# واعْتَنَى الكُفّارُ بتربِيةِ الكِلابِ واقْتِنائِها ، فسَارَ على طَرِيقِهِم فِتْيانٌ وفَتَياتٌ أَغْرارٌ، فاقتَنَوا الكِلابَ في بُيُوتِهِم بلْ وأدْخَلُوها في غُرَفِ نَومِهِم،قال عليه الصلاةُ والسلامُ :{مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ.}رواه البُخاري ومسلم عن ابن عمر

# وحَلَقُوا لِحاهُم و حَلقْنا لِحانا والنَّبِيُّ صَلى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقولُ :{ خَالِفُوا المُشْرِكِينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ} متفقٌ عليه عن ابنِ عمر

# وخَرجُوا بالطُّرُقاتِ بأَلْبِسَةٍ لا تَسْتُرُ العَوراتِ ، وخَرَجَ أَقْوامٌ مِنّا بِلِباسٍ لا يَسْتُرُ العَوراتِ ، ولا يَحفَظُ المُرُوءاتِ.  

# واخْتَلَطَ رِجالُهُم بِنِسائِهِم ، ونِساؤُهِم برِجالِهِم ، فاخْتَلَطْنا و خَلَطْنا، وباعَتِ النِّساءُ مَع الرِّجالِ ، واختَلتْ فَتَياتُنا بالأجْنَبِيِّ في مَحلاتِ البَيعِ والشِّراءِ 

# و أَباحُوا الرَّقْصَ والمُجُون والفُجُورَ ، فَخَطَونا خُطْوةً وسِرْنا كَما سَارُوا ووصَلْنا إِلى ما وصَلوا.

# وانْتَكَسَتْ فِطَرُهُم فَأَباحُوا اللواطَ والسِّحاقَ ، ووضَعُوا الشّعاراتِ، وسَنُّوا القَوانِينَ لذَالك، وجَرَّمُوا مَن يُخالِفَ أو 

يُعارِضَ، فَنسْأَلُ اللهَ العافِيَةَ والسَّلامَةَ ، وأَن يحفظَ المُسْلِمِين مِن كَيدِهِم وشَرِّهِم. 

# وأَرَّخُوا بِمِيلادِهِم ، فَتَشَبَّهنا بِهِم وأَرَّخْنا بِتَأْرِيخِهِم.

# واحتَفَلوا بِأَعيادِهِم الدِّينِيَّةِ ، واحتَفَلنا معَهُم وهو مِن أعْظَمِ وأَخْطَرِ أَنواعِ التَّشَبُّهِ ، لِأنّ التّشَبُّهَ بالمُشْرِكينَ مِن يَهُودٍ ونَصارَى في أعْيادِهِم والاحْتِفالِ معَهُم ، وتَهنِئتِهُم بِها ، كعِيدِ الكْرِسْماس ، ورَأْسِ السَّنَةِ وعِيدِ أُمِّهِم وأَبِيهِم ، وعِيدِ حُبِّهِم وعِشْقِهِم، يُسَبِّبُ مَسْخَ الهَوِيَّةٍ الإِسلامِيَّةِ مِن النُفُوسِ ، ومَحْوِ العِزَّةِ مِنْها ، واحْلالِ الهَوانِ والذِّلَّةِ مَكانَها، والتَّبَعِيَّةِ المَقِيتَةِ لِلأَعْداءِ .وقَد جَعلَ اللهُ لِلمُسْلِمِينَ أعْيادًا تَخُصُّهُم ، فلا يَجُوزُ لَهُم مُشارَكَةُ الكُفّارِ وأَهْلِ البِدَعِ. أعَيادَهُم والاحْتِفالُ معهُم بِها قالَ رَبُّنا جَلَّ وعلا :{ ﴿وَالَّذينَ لا يَشهَدونَ الزّورَ وَإِذا مَرّوا 

بِاللَّغوِ مَرّوا كِرامًا﴾ [الفرقان: ٧٢]  قَالَ مُجاهِدٌ وعِكْرِمَةٌ والقَاضِي عِياضٌ(الزُّورُ أعْيادُ المُشرِكِينَ ) . 

ورَوى البَيهَقِيُّ عن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رضِي اللهُ عنه أنّهُ قالَ:{لا تَعلَّمُوا رَطانَةَ الأَعاجِمِ، و لا تَدْخُلوا على المُشْرِكِين  يَعنِي النَّصارَى في كَنائِسهِم يَومَ عِيدِهِم ، فَإِنّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عليهِم.}

وعن ثابِتِ بنِ الضَّحاكِ قالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صَلى اللهُ عليه وسلّمَ فقال:{ إنِّي نذرتُ أن أنحرَ إبلًا ببُوانةَ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ هل كانَ فيها وثَنٌ من أوثانِ الجاهليَّةِ يُعبدُ ؟ قالوا لا : قالَ هل كانَ فيها عيدٌ من أعيادِهم ؟ قالوا لا : قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ 

وسلَّمَ : أوفِ بنذرِكَ فإنَّهُ لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ االلهِ ولا فيما لا يملِكُ ابنُ آدمَ} أخرجه أبو داوود

فهذا الحَدِثُ يَدُلُّ على أنّ الذّبْحَ في أماكِنِ أَعْيادِ المُشرِكِينَ معْصِيةٌ للهِ، لأنّ في ذَلك إِحْياءً لِهذِه الأَعْيادِ الكُفْرِيَّةِ ، وإذا كان مُجَرَّدُ الذَّبحِ في مَكانِ أعَيادِ الكُفّارِ مَعْصِيَةً للهِ ، فَكَيفَ بِمن يَحْتَفِلُ مَعَهم وً يُهَنِّئُهُم .       قالَ ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه اللهُ:( وهذا نَهْيٌ شَدِيدٌ عن أن يُفْعلَ شَيءٌ من أعيادِ الجاهِلِيَّةِ على أَيِّ وجْهٍ كانَ} (اقتضاء الصراط المستقيم ١٨٧)

فإذا كانَ الأَمرُ كذلك فَكيفَ بِمن يَحْتَفِلُ مِن المُسلِمينَ بأَعيادِ النَّصارى ويَتَبادَلونَ التَّهانيَ والتَّبْرِيكاتِ والهَدايا والزِّياراتِ ، كاحْتِفالِهم بِعيدِ رأْسِ السّنَةِ الميلادِيَّةِ ، فَهلْ رأيتُم أحدًا مِن النّصارَى وغيرِهم يحتَفِلُونَ بأعْيادِنا ،هل 

احْتَفلُوا بِعيدِ الفِطْرِ أو بِعِيدِ الأَضْحَى ، هلْ لبِسُوا ألبِسَتَنا ،ومَشَوْ مِشْيَتَنا، وتَكلّمُوا بأَلْسِنتِنا، ما بالُنا نلْهثُ وراءَهُم ونتَّبِعُ خُطاهُم حذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى دخَلُوا سَرادِيبَ الأهْواءِ والشَّهواتِ ، فتَبِعَهُم خِفافُ الأَحْلامِ مِنّا -وما أكثرَهُم- قالَ ابنُ تَيمِيَّةَ :(لا يَحِلُّ للمُسلِمينَ أنْ يَتشبَّهوا بهم في شَيءٍ ممَّا يَختَصُّ بأعيادِهم؛ لا مِن طَعامٍ، ولا لِباسٍ ولا اغتسالٍ، ولا إيقادِ نِيرانٍ، …، ولا يَحِلُّ فِعلُ وَليمةٍ، ولا الإهداءُ، ولا البيعُ بما يُستعانُ به على ذلِك لأجْلِ ذلِك، ولا تَمكينُ الصِّبيانِ ونَحوِهم مِنَ اللَّعِبِ الَّذي في الأعيادِ، ولا إظهارُ زِينةٍ.

وبالجُملةِ ليْس لهم أنْ يخُصُّوا أعيادَهم بشَيءٍ مِن شَعائرِهم، بلْ يكونُ يوْمُ عِيدِهم عندَ المسْلِمين كسائرِ 

الأيَّامِ، لا يَخُصُّه المسْلِمون بشَيءٍ مِن خَصائصِهم)) ((مجموع الفتاوى)) (٢٥ / ٣٢٩ – ٣٣٢

إِنّه يَنْبَغي للمُسْلِمِ أن يَتَمَسَّكَ بِدِينِهِ ، ويَعتَزَّ به ويفْخَرَ، ولا يَتَنازَلَ عن شَيءٍ مِنه ، وعليهِ أن يَحذَرَ مَكرَ الكُفَّارِ ودَسائِسَهُم ، فَإِنّهم يُجْلِبُونَ على المُسْلِمِينَ بِخَيْلِهِم ورَجِلِهِم ، لِيَلْبِسُوا عليهِم دِيْنَهُم ويَصُدُّواهم عنه  .

 ﴿وَدَّ كَثيرٌ مِن أَهلِ الكِتابِ لَو يَرُدّونَكُم مِن بَعدِ إيمانِكُم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِندِ أَنفُسِهِم مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ …..﴾ [البقرة: ١٠٩].   بارك الله لي ولكم

 


                       

 

 

 

 


                    الخطبةُ الثانِيةُ

الحَمدُ للهِ حمداً كَثِيراً طَيباً مُباركاً فيهِ كما يُحِبُّ رَبُّنا ويَرضى ، والصلاةُ والسلامُ على نبينا مُحمدِ وعلى آلِه وأصحابِهِ ومن والاهُ إلى يومِ الدينِ

أمّا بَعدُ :  اتّقُوا اللهَ أيُّها المُؤمِنُون ، وأطِيعُوه وامتَثِلُوا أمرَهْ وتَمسَّكوا بِدينِكُم ، والتَزِمُوا شَرعَ ربِّكُم ، ولا تَتَّبعوا السُّبُلَ فتَفَرَّقَ بِكُم عن سَبِيلِهِ ، واعلَمُوا رعَاكُمُ اللهُ ، أنَّ أعْيادَ الكُفَّارِ تَخْتَصُّ بِهِم ، ولَنا نَحنُ المُسلِمينَ أعْيادُنا الخَاصَّةُ بِنا فَفيها الكِفايَةُ والغُنْيَةُ ، وهي أَعْيادٌ وعِبادةٌ ، وبِرٌّ وصِلَةٌ . ففي الصَّحِيحَينِ عن عائشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنّ النَّبيَّ صَلى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ : { إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإنَّ عِيدَنَا هذا اليَوْمُ.} يعْنِي الأَضْحى

وعن أنسٍ قالَ : { قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا 

كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ } أخرجه أبو داوود وأحمدُ والنسائي                                    صَلّوا عِبادَ الله على نَبِيِّكُم مُحَمَّدِ بنِ  عبدِاللهِ فقد أمَرَكُمْ ربُّكُم بِذلِك  فَقالَ عزَّ مِن قائِل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ

عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦] 

اللهم صلي وسلم نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين

اللهم اعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين

اللهم عليك بمن يحارب دينك ويصد عن سبيلك ويؤذي عبادك المؤمنين

اللهم ولي على المسلمين خيارهم واكفهم شر شِرارِهم.

اللهم أصلح ولاة أمورنا ووفقهم للعمل بكتابك والرفق بعبادك

اللهم انصر المجاهدين المرابطين في سبيلك ورد كيده

 اعدائهم في نحورهم وردهم إلى أهليهم سالمين  يا رب العالمين

اللهم اهدنا لنهتدي وتوب علينا  لنتوب وقومنا حتى نستقيم

اللهم اجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين لك مخبتين ، وإليكَ أواهين منيبينَ

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.   اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

سبحانك ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

 

 

المرفقات

1673001441_أَيُّها_المُسلُمُ_كُن_عزِيزًا_بدِينِك_٦__٦__١٤٤٤هـ.pdf

المشاهدات 663 | التعليقات 0