أينا أكثر وطنية د. عبدالله بن سليمان آل مهنا

أبو عبد الرحمن
1430/10/13 - 2009/10/02 20:30PM
أينا أكثر وطنية




بسم الله الرحمن الرحيم

يقيس بعض الناس ولاءات الآخرين بمدى تفاعلهم مع المناسبات الوطنية ، وعلى هذا فإن من له وجهة نظر في بعض المناسبات الوطنية يقيّم على أنه لايحب الوطن ، والحق أن الله تعالى لم يأمرنا بحب الوطن ، ولم يرتب على حب الوطن ثواباً وجزاءً في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن حب الوطن شيء جبلي في الإنسان ، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وقف على الحزوّرة والتفت إلى مكة وقال { والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليّ ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت } .

ولأجل شدة تعلق النفوس بأوطانها قرن الله تعالى الإخراج من الوطن بالقتل لشدة عسره على النفس فقال تعالى ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ).
لقد نشأت فكرة ( الوطنية ) في البلاد العربية في ظل ظروف الاستعمار ، فبدأت فكرة تحاول أن تجمع الناس حول المطالبة بحقوقهم ، ودعوةً إلى الحرية وهدم صرح الظلم والاستعباد ، ثم تطورت الفكرة على أيدي أصحاب الثقافة الأوربية وبدأت تهاجم الرابطة الدينية التي يمثلها العلماء وتعتبرها مصدر شر وتفرقة بين أبناء الوطن الواحد والجنس الواحد .
وبهذا انحرف مصطلح ( الوطنية ) إلى فكرة قومية لا تقيم للدين وزنا ، وتذيب الفوارق بين الناس ما داموا تحت مظلة وطن واحد .
إن الوطن الواحد في أغلب بقاع الأرض يسكنه ذوو عقائد مختلفة أو حتى ديانات متباينة ، فالوطنية القومية توجب المؤاخاة بين هؤلاء والمحبة فيما بينهم ضاربة عرض الحائط بالأخوة الحقيقية التي حصرها الله تعالى في الإيمان فقال ( إنما المؤمنون إخوة ) وقوله صلى الله عليه وسلم { المسلم أخو المسلم } ونهى الله تعالى عن مودة الكافر ولو كان أقرب قريب فقال ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ... الآية ).
ولأجل هذه الأخوة الوطنية تذوّب العقيدة الإسلامية بحجة مصلحة الوطن ، ويفسح لذوي الديانات والعقائد المنحرفة في نشر عقائدهم بحجة المواطنة وحقوقها ، وطبيعي أن تظهر الدعوة إلى التسامح والاستماع إلى الرأي الآخر وعدم إقصاءه بدعوى حقوق المواطنة .لقد بلغ بالوطنيين في تقديسهم لهذه الفكرة والمبدأ أن يقول شاعرهم مخاطباً الوطن :
ولو أني دعيت لكنتَ ديني *** عليه أقابل الحتم المجابا
أدير إليك قبل البيت وجهي *** إذا فهت الشهادة والمتابا
ويقول الشاعر القروي :
بلادك قدمها على كل ملة *** ومن أجلها أفطر ومن أجلها صمِ
هبوا لي ديناً يجعل العرب وحدة *** وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحد بيننا *** وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
نعوذ بالله من هذا الكفر والضلال .
إن أهل العلم والإيمان ممن ينكرون هذه الشعارات هم أكثر الناس إخلاصاً لأوطانهم ، وهم أنصح الناس لولاة أمرهم ، فهم يدعون الناس لطاعة ولاة الأمر بالأدلة الشرعية الكثيرة ، ويعتبرون ذلك ديناً يتعبدون الله به ، بل إن يدخلون البيعة والطاعة في أبواب العقيدة والتوحيد لعلمهم بأهميتها ، في حين أن الذين يتشدقون بالوطنية لا يعيرون النصوص الشرعية أي اهتمام ، ولذا لا تجدها في مقالاتهم وكلماتهم ·
* أينا أكثر وطنية من يدعو الناس إلى الإخلاص لولاة الأمور وعدم الافتيات عليهم واعتبار أن طاعتهم في المعروف من طاعة الله ؟ أمّن يدعو الناس إلى الاهتمام بالتراب والحصى والأطلال ، ولسان حاله يقول : إذا سلم لنا الوطن فلا نبالي بمن يحكمنا فيه ؟
* أينا أكثر وطنية من يدعو الناس إلى صلاح البلاد وأسباب نزول البركات فيها بالإيمان والعمل الصالح ؟ أمّن يدعو إلى التفلت من قيود الدين باسم الحرية الشخصية والانفتاح على العالم أو بدعوى حقوق المرأة ؟ ·
* أينا أكثر وطنية من يستغل المناسبات ( الوطنية !!) للتخريب والإزعاج والممارسات اللاأخلاقية ؟ أمّن يسد ذرائع الإفســاد والتخريب ؟
* أينا أكثر وطنية من يدعو الناس إلى السياحة في وطنه حفاظاً على الأخلاق والدين وطمعاً في إفادة إخوانه المسلمين أمّن يطير هنا وهناك خارج وطنه ، معرضاً دينه وخلقه للنقص ، مبذراً أمواله ، و ربما لأعدائه من الكفرة والملحدين ؟
والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد .




د. عبدالله بن سليمان آل مهنا

[email protected]


منقول إجابة لدعوة شيخنا البصري المعنونة




المشاهدات 3395 | التعليقات 1

أشكرك يا أبا عبدالرحمن .