أَيَّامٌ مُبَارَكَاتٌ فَاضِلَةٌ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهَا ،وَرَفْعَ مَكَانَتَهَا

سعود المغيص
1438/11/26 - 2017/08/18 02:19AM

 

الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعْدُ عباد الله :

اتقوا الله واعلموا أن أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، أَيَّامٌ مُبَارَكَاتٌ فَاضِلَةٌ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهَا ،وَرَفْعَ مَكَانَتَهَا ، وَأَقْسَمَ بِهَا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ وَعَلًا: ﴿ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ 

 

وَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهَ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

 

( مَا مِنْ أيّامٍ العملُ الصّالِحُ فِيهنَّ أحبُّ إلى الله منه في هذِهِ الأيّامِ الْعَشر ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلَا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ قالَ:    ( وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ولَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشيءٍ )

 

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ( أَفْضَلُ أَيَّامِ الْدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ، يَعْنِي عَشْرُ ذِي الحْجَّةِ )

 

عِبَادَ اللَّهِ : وَمِمَّا يَشْرَعُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ وَفِي غَيْرِهَا ؛الصِّيَامُ ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَا مَنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ تَعَالى إِلَّا بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً )

 وَآكَدُ الصِّيَامِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، فَيَشْرَعُ صِيَامَهُ لِغَيْرِ الْحَاجِّ ، فَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِ فَقَالَ :( يُكَفّرُ السّنةَ الماضيةَ والباقيةَ )

  

وَمِنْ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ : الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ أَيَّامِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ )  .

 

وَالتَّكْبِيرُ يَكُونُ بِالْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالطُّرْقَاتِ ، يَجْهَرُ بِهِ الرِّجَالُ وَتُخْفِيِهُ النِّسَاءَ ، إِظْهَارًا لِلْعِبَادَةِ ، وَإِعْلَانًا بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَصِفَتُهُ   ( اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْد )

 

عِبَادَ اللَّهِ : وَأَعْظَمُ الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ ، وَأَجَلُّهَا وَأَزْكَاهَا عِنْدَ اللَّهِ حِجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَهُوَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ الْخَامِسِ ، يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ فِي أَصَحِّ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَادِرِ تَأْخِيرُهُ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهَ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( تَعَجَّلُوا إِلى الحَجِّ - يَعْنِي الفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُم لا يَدرِي مَا يَعرِضُ لَهُ ) 

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ، وَبَادِرُوا أَعْمَارَكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ  وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَشْغِلَكُمْ الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّكُمْ ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. 

 

اللهم اشرح صدورنا لطاعتك وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، 

أقولُ  قولي هذا ...

 

الخطبة الثانية :  

أمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ :

اِتَّقُوْا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِمَّا يُشْرَعُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ : ذَبْحُ الْأَضَاحِيِّ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْقَادِرِ ، وَيَسْتَدِلُّونَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يُضَحّ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلّانا )

  

ومن أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُضَحِّيَ وَدَخَلَ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ أَوْ أَظْفَارِهِ أَوْ جِلْدِهِ حَتَّى يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ )  

 

وَمِنْ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ أَثْنَاءَ الْعَشْرِ أَمْسَكَ مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَهُ قَبْلَ النِّيَّةِ ، وَهَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِمَنْ يُضَحِّي يَعْنِي مَالِكُ الْأُضْحِيَّةِ ، أَمَّا مَنْ يُضَحَّى عَنْهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْعُ ، وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْمُضَحِّي أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ شُعُورِهِمْ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ ، وَإِذَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ، أَوْ سَقَطَ الشِّعْرَ بِلَا قَصْدٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ احْتَاجَ إِلَى أَخْذِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَنْكَسِرَ ظُفُرَهُ فَيُؤْذِيهِ فَيَقُصّهُ ، أَوْ يَنْزِلَ الشَّعْرُ فِي عَيْنَيْهِ فَيُزِيلُهُ ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى قَصِّهِ لِمُدَاوَاةِ جُرْحٍ وَنَحْوِهِ.

 

فَاتَّقُوا اللَّهِ عِبَادِ اللَّهِ ، وَاشْكُرُوا رَبَّكُمْ الَّذِي أَمْهَلَكُمْ لِتُدْرِكُوا هَذِهِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَاتِ ، وَتَفُوزُوا إِنْ أَحْسَنْتُمْ اسْتِغْلَالَهَا بِمَوْفُورٍ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَتَكْفِيرٍ لِلسَّيِّئَاتِ ..  

 

اللهم يسر للحجيج حجهم ، اللهم يسر للحجيج حجهم، اللهم يسر للحجيج أداء حجهم على الوجه الذي يرضيك، اللهم اجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا اللهم ردهم إلى أوطانهم سالمين غانمين، اللهم وفق العاملين على شؤون الحج بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وضاعف أجورهم يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان،  يا قوي يا عزيز، 

اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء وفتنة فاجعل كيده في نحره يا قوي يا متين .

اللهم آمنّا في أوطاننا ودورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم وفق خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهما للبر والتقوى وبصّرهما بأعدائهما والمتربصين بهما يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم احفظ رجال أمننا وقوي عزائمهم وأعذهم من شر الأشرار وكيد الفجار يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم يا حي يا قيوم انصر جُندنا المرابطين على حدود بلادنا، اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وأنزل عليهم النصر من عندك يا قوي يا متين، اللهم من مات منهم فتقبله في الشهداء يا رب العالمين ، ومن أصيب فألبسه ثياب الصحة والعافية يا لطيف يا رحيم يا كريم.

اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم

واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم .

 

المشاهدات 1103 | التعليقات 0