أيام جليلة

طلال شنيف الصبحي
1442/12/06 - 2021/07/16 00:54AM
مقدمة الخطبة من خطبة الشيح عبدالعزيز النغيمشي حفظه الله ، وبقية الخطبة من مجموعة (خطب الجمعة) على الواتساب بتصرف يسير
 
أيَّامٌ جَلِيْلَةٌ 6 / 12 / 1442
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ، وَنَعُوْذُ بِهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أَمَّا بَعْدُ: (يا أيها الذين آمنوا حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
عباد الله: أعمارُنا كنزٌ ثمين.. تَمْضِيْ وتَرْحَلُ في عَجَل. أوقاتُنا لحظاتُنا أيامُنا ساعاتُنا، إن طابَ فيها زرْعُنا طاب الثمر. إن جَدَّ فيها سعينا سَرَّ الخَبَر. إن بُدِّدَتْ في غفلةٍ، أو بُعْثِرَت في باطِلٍ طال الضرر.
إنَّ الحــياةَ قــليلةٌ لذاتُها ** والموتُ فيها هادِمُ اللـــذات
ما اقصرَ الأعمارَ عند رحيلنا فكأنها ومض من اللحظات
وفي الحياةِ.. يَمنُحُنا الكريمُ بِمَنِّهِ أوقاتَ بِرٍّ وافرِ البركاتِ. أيامُنا أيامُ عشرٍ فُضِّلَت.. فاستثمرِ الأوقاتَ بالحسناتِ.
عباد الله: مَا زِلْتُمْ تَتَقَلَّبُونَ في أَيَّامِ العَشْرِ المُبَارَكَةِ –أَعْظَمِ أَيَّامِ الدُّنْيَا-! فَهَنِيْئًا لِمَنْ اغْتَنَمَهَا بِجَمْعِ الحَسَنَات، وَتَكْفِيرِ السَّيْئَات.
وهَا أَنْتُمْ مُقْبِلُونَ على أَعْظَمِ أَيَّامِ العَشْر: إِنَّهُ يَومُ عَرَفَة، ومَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ عَرَفَة! إنَّه اجْتِمَاعٌ عَظِيمٌ لِذِكْرِ اللهِ وشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِه! قال ﷺ: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِم الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟!).
وَيَومُ عَرَفَة؛ أَقْسَمَ اللهُ بِه: والعَظِيمُ لا يُقْسِمُ إِلَّا بِعَظِيْم! قال تعالى: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾. قال ﷺ: (اليَومُ المَشْهُود: يومُ عَرَفة) ، وقال تعالى: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾. قال ابنُ عَبَّاس: (الشَّفْع: يَومُ الأَضْحى، والوَتْر: يَومُ عَرَفة).
ولاغْتِنَامِ هذا اليومِ العَظِيمِ؛ إِلَيْكُمْ عَدَدًا مِن الوَصَايَا الوَجِيْزَة:
أَوْلاً: التَّفرُّغُ لِلْعِبَادَة: وتَرْكُ المشَاغِلِ والأَعْمَالِ، وتَأجِيلُهَا إلى يَوْمٍ آخِر.
ثانيًا: الصِيَامُ (لِغَيرِ الحَاج): قال ﷺ: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ!).
وَيَنْبَغِيْ حَثُّ الأَهْلِ والأَوْلَادِ على صِيَامِ هذا اليَوْمِ العَظِيم!
ثَالِثًا: التَّكْبِير: حَيْثُ يَبْدَأُ التَّكبِيرُ المُقيَّدُ (الذي يَكُونُ بَعْدَ الصَّلَوات): مِنْ بَعدِ فَجْرِ يَومِ عَرَفة، (ولِلْحَاجِّ مِنْ يَومِ العِيد) إلى آخِرِ أَيّامِ التَّشْرِيق، وأَمَّا التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ (الذّي يَكُوْنُ في كُلِّ وَقْت): فَلَا يَزَالُ مَشْرُوعًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْر.
رَابِعًا: التَّهْلِيْلُ وَالْدُّعَاء: فَدُعَاءُ يَوْمِ عَرَفةَ، لَهُ مَزِيَّةٌ على غَيْرِه؛ قال ﷺ: (خَيْرُ الدُّعَاءِ: دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). قال البَاجِي: (قَوْلُهُ: خَيْرُ الدُّعَاءِ: يَعْنِي أَكْثَرُ الذِّكْرِ بَرَكَة، وأَعْظَمُهُ ثَوَابًا، وَأَقْرَبُهُ إِجَابَة!).
والأُضْحِيَةُ في يَوْمِ العِيْد؛ شَعِيرَةٌ مُعَظَّمَةٌ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَة، وَتُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وأَهْلِ بَيْتِهِ؛ وَقَدْ (ضَحَّى النَّبِيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّر).
وَكُلَّمَا كانَتِ الأُضْحِيَةُ أَكْمَلَ في صِفَاتِهَا، فَهِيَ أَحَبُّ إلى الله، وأَعْظَمُ أَجْرًا.
وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ الحِكْمَةَ مِنْ ذَبْحِ الأَضَاحِي، قال تعالى ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾.
قالَ الشَّيْخُ السَّعديُّ رحمه الله: (هذا حَثٌّ وتَرْغِيبٌ على الإِخلاصِ في النَّحْرِ، وأنْ يكُونَ القَصْدُ وَجهَ اللهِ وحْدَهُ، لا فَخْرًا ولا رِيَاءً ولا سُمعَةً، ولا مُجرَّدَ عَادة، وهكَذا سَائِرُ العِباداتِ: إنْ لم يَقتَرِنْ بِهَا الإِخْلاصُ وتَقْوَى الله؛ كانَتْ كالقُشُورِ الذيْ لا لُبَّ فيهِ، والجَسَدُ الذي لا رُوْحَ فِيْه!). بارك الله ..
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْد: فَإِنَّ آخِرَ هَذِهِ الأيام العَشْر المُبَارَكَة، هُوَ عِيْدُ الأَضْحَى؛ وهو يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، قال ﷺ: (إِنَّ أَعْظَمَ الأيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَوْمُ النَّحْرِ).
والفَرَحُ في العِيْد: مِنْ مَحَاسِنِ هذا الدِّينِ وشَرَائِعِهِ؛ وَيُشْرَعُ التَّجَمُّلُ في العيدِ، والخُرُوْجُ مَاشيًا إِنْ أَمْكَن، ويُكْثِرُ مِنَ التَّكبِيرِ حتى يَحْضُرَ الإمامُ،
فَاغْتَنِمُوا يا عباد الله مَوَاسِمَ الخَيْرَات: وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ البَرَكَات، وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ، واقْتَدُوا بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ، وأَحْسِنُوا في عَمَلِكُمْ؛ لِتَنَالُوا رَحْمَةَ رَبِّكُمْ! ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
هذا وصلوا وسلموا
المشاهدات 1034 | التعليقات 0