أَيَّامُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

محمد البدر
1442/11/25 - 2021/07/05 22:14PM

الْخُطْبَةِ الأُولَى:

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.[النساء:1] ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.[الأحزاب: 70،71]. أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَالْفَجْرِ(1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾. وَقَالَﷺ:«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ،مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ" يَعْنِي الْعَشْرَ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ:وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ،فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَيشملُ الصَّدَقَةَ والصَّلاةَ والصيامَ والذِّكْرَ والتكبيرَ، وقراءةَ القُرآنِ وبِرَّ الوَالديْن وصِلَةَ الأرحامِ والإحسانَ إلى الخَلْقِ وحُسْنَ الجوارِ، وغَيْرَ ذلك مِن الأعمالِ الصَّالحة وَقَالَﷺ:«إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ,وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ , قَالَ:وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ , إِلَّا مَنْ عَفَّرَ وَجَهَهُ فِي التُّرَابِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.أَيَّامُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ فاغتنموها وحافظوا على الصلوات في المساجد وأصطحبوا أبناءكم وأكثروا من الدعاء لهم قَالَ تَعَالَى:﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾.واحرصوا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قَالَ تَعَالَى:﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.كذلك ينبغي التواصي بفعل الخيرات والمسابقة إليها قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾.وترك المنكرات وإياكم والبدع والشرك فإنهما تهدمان الدين وَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ, وَالتَّكْبِيرِ, وَالتَّحْمِيدِ وأكثروا فيها من أعمال البر والإحسان و صلة الأرحام ،وزيارة الأقارب قَالَ تَعَالَى:﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ﴾.فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ:«مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ حُرِمَ حَظُّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ , وَصِلَةُ الرَّحِمِ , وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَزِدْنَ فِي الْأَعْمَارِ , وَيُعَمِّرْنَ الدِّيَارَ»رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وعيادة المريض واتباع الجنائز،فَعَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺبِسَبْعٍ،وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أُمِرْنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ،وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ،وَرَدِّ السَّلَامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي،وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ،وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَنَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنِ الْحَرِيرِ والْإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ وَالْقَسِّيِّ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ويستحب في هذه الأيام الإكثار من الصيام لأنه من الأعمال الصالحة،قَالَﷺ:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللهِ:في الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ التَّكبيرُ ومن أنواعه التَّكبيرُ المطلَقُ وَ المُقيَّدِ فيُشرَعُ التَّكبيرُ المطلَقُ ،مِن أَوَّل ذي الحجَّةِ إلى غروبِ شمسِ آخرِ يومٍ من أيَّام التشريقِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ ،وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا ، وَيُشرَعُ التَّكبيرُ المُقيَّدِ مِنْ صلاةِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ إلى عَصرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ،وإياكم والتكبير الجماعي لأنه من البدع المنكرة، وليكبر كل واحد على حدة. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ:في أَيَّامُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الْحَجُّ وهو أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى:﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا﴾.ويومَ عرفة،وهو اليومُ التاسعُ،وفي الْعَشْر صَلَاةِ الْعِيدِ وَيومَ النَّحرِ وَالذَّبْحَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ قَالَ تَعَالَى:﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.وَالْأُضْحِيَةُ إِنَّمَا تَبْدَأُ  مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَيَمْتَدُّ أَوَانُ الذَّبْحِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.قَالَﷺ:«إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ ،فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ ،فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَإِذَا نَوَى الْأُضْحِيَّةَ فِي أَثْنَاءِ الْعَشْرِ أَمْسَكَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ؛وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَهُ قَبْلَ النِّيَّةِ،ومن الأفضل ذبح الأضحية في البلد الذي يقيم فيه. ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه ،واللهم واحفظ جميع ولاة أمر المسلمين في كل مكان ووفقهم لتطبيق شرعك.اللّهمّ واصرف عن بلادنا جائحة كورونا وعن سائر بلاد المسلمين ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1625523997_أَيَّامُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.pdf

المشاهدات 1110 | التعليقات 0