أيام التشريق
أ.د عبدالله الطيار
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ رب العالمين؛ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ إلهُ الأولينَ والآخرينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، إمامُ المتقينَ، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدينِ. أما بعدُ:
فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}[الحشر:18].
أيُّها المؤمنونَ: روى مسلمٌ في صحيحهِ عن نُبيشةَ الهذليِّ رضي اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:(أيامُ التشريقِ أَيامُ أكلٍ وشربٍ)، وفي روايةٍ:(وذكرٍ للهِ).
وتبدأُ أيامُ التشريقِ من اليومِ الحادِي عشرَ وتنتهي مع غروبِ شمسِ اليومِ الثالثِ عشرَ، وهي من الأيامِ الفاضلةِ التي ذَكَرهَا اللهُ تعالى في كتابهِ بقولِه:{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ }[البقرة:203].
وقد دلّ هذا الحديثُ وغيره على فضلِ هذهِ الأيامِ، وكونِها أيامَ أكلٍ وشربٍ وإظهارٍ للفرحٍ والسرورِ والتوسعةِ على الأهلِ والأولادِ بمَا يحصلُ لهمْ من ترويحِ البدنِ وبسطِ النفسِ مما ليسَ فيهِ محظورٌ ولا شاغلٌ عنْ طاعةِ اللهِ جلَّ وعلا.
وهيَ أيامٌ يُكثرُ العبادُ فيهَا من ذكرِ اللهِ تعالى، بتكبيرِه، قيامًا، وقعودًا، وعَقِبَ الصلواتِ، وفي كلِّ الأوقاتِ والأحوالِ.
فعلَى كلِّ مسلمٍ أن يعمرَ هذهِ الأيامَ الفاضلةَ بالطاعةِ وفعلِ الخيرِ، وألا يُضيَّعها في غيرِ فائدةٍ، وأن يتجنَّبَ السهرَ المضيِّعَ للصلاةِ المفروضةِ، وأن يبتعدَ عن الَّلهوِ والسماعِ والنظرِ المحرَّمِ.
عبادَ اللهِ: ولا يجوزُ صيامُ أيامِ التَشريقِ مطلقًا لغيرِ الحاجِ، وبعضُ الناسِ يجتهدُ فيصومُ الثالثَ عشرَ وهوَ يوافقُ يومَ الاثنينِ وهذَا مُحرمٌ، وأما الحاجّ فمنَ لمْ يجدَ الهديَ رخّصَ لهُ في صيامِها، فعن ابنِ عمرَ وعائشةَ رضي اللهُ عنهمَا قالا: (لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ)(رواه البخاري).
ويُسنُّ التكبيرُ في أيامِ التشريقِ لقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:(أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ للهِ عزَّ وجلَّ)(رواه مسلم).
والتكبيرُ نوعانِ: مطلقٌ ومقيدٌ، وهمَا يجتمعانِ من فجرِ يومِ عرفةَ لغيرِ الحاجِّ، ويومُ النحرِ للحاجِّ وغيرِه، وحتى آخرِ أيامِ التشريقِ.
أَعوذُ باللهِ منْ الشَّيطانِ الرجيمِ:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً* هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:41ـ 43].
باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ ما سمعتمْ فاسْتَغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين. أما بعدُ:
فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعْلَمُوا أنَّ وقتَ ذبحِ الأضحيةِ يبدأُ من بعدِ صلاةِ عيدِ الأضحى ، وينتهي بغروبِ الشَّمسِ من اليومِ الثالثِ عشرَ من شهرِ ذي الحجَّةَ، أيْ أنَّ أيامَ الذَّبحِ أربعةٌ : يومُ الأضحى وثلاثةُ أيامٍ بعدَه .
ويجوزُ للمرأةِ أن تذبحَ اضحيتَها بنفسِها ولا حرجَ عليهَا في ذلكَ، أمَّا إذَا لم تستطعْ فتوكلَّ مَنْ يستطيعُ عنهَا.
أسألَ اللهَ تعالى أن يتقبلَّ من الجميعِ، وأنَ يجعلَ أعمالنَا خالصةً لوجهِه.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ جلَّ وعلا:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا].
الجمعة: 10/12/1441هـ