أيام التشريق وتوجيهات المتنزهين
سلمان بن علي العبدلي
1442/12/16 - 2021/07/26 07:33AM
الحمد لله المنعم على عباده بالجود، الواحد المعبود. المتفرد بالعطاء، الذي لا يزيده شاكر ولا ينقصه جحود.. سبحانه عطاؤه ممدود ورزقه غير محدود، فلا اله إلا الله وحده لا شريك له الرب المعبود.. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله صاحب المقام المحمود والحوض المورود صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما متصلا غير محدود..
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله، يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم).
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
إخوة الإيمان..
لا تزالون تنعمون بفضائل العيد وأيامه، ولا نزال في يومنا هذا نعتبر في يوم عيد. وهذا آخر أيام التشريق، أيام التكبير والذكر، والأكل والشكر.. فاختموه بخيرٍ في الأذكار والفضائل مما لا يعجز عنه لسان الذاكر ولا جهد المقل، ولا يفرط فيه العاقل..
ومما بقي من العيد جواز ذبح الأضحية وهي السنة المؤكدة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسنة أبينا إبراهيم عليه السلام فمن لم يُضحّ فليبادر، ولو اشتراها دَيناً فهو جائز وخير.. ومن استطاع إعانة إخوانه فليفعل معونة أو دينٌ لأجل مسمى وعليه الوفاء..
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله..
نحمد الله تعالى على فضله ونعمه العديدة المديدة، وما نعيشه من أجواء الأمطار والخير والخضرة و النعيم لهو فضل عظيم، واجبه الشكر والإحسان، والحذر من التهلكة والمجازفة في التنزه في الجبال والوديان.. فالنفس أمانة، وحفظها صيانة والتحدي والمكابرة والمغامرة جهل وغرور فاستعيذوا بالله من الغوائل، واجتنبوا القعود والمبيت في الأودية والمسايل.
وغير مكان الأمطار فإننا في موسم إجازة وأسفار، وتنزه وارتحال، والمناسبة واحدة للترفيه، ولا بأس فيه اذا خلي من المنكرات وحُفظ من السرف فيه.
أيها الناس..
إن للطريق حق على سالكيه..
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأصحابه : إياكم والجلوس في الطرقات. قالوا ما لنا من مجالسنا بُدٌّ يا رسول الله - يعني ليس لنا مكان غيرها- قال إذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه.
قالوا وما حق الطريق يا رسول الله؟
قال : كف الأذى ونشر السلام وغض البصر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إخوة الإيمان..
ما يحصل في المنتزهات والطرق من مخالفات هي آثام وتعديات على النفس وآدابها، وعلى الشريعة وأخلاقها، وعلى الناس وحقوقهم..
فإماطة الأذى، يحفظ للأماكن جمالها وبهاءها، ويسعد المارين ويحفظ الممتلكات.
وكف الأذى، يحقق الأمن والأمان، وينشر السلام
وغض البصر، يحفظ للقلب حياءه وإيمانه، ويحفظ للناس أعراضهم ومحارمهم.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو جماع الخير كله، وأمن المكان وإيمان القلب، وأمان المجتمع..
فأين الناس من هذه الحقوق، ونحن نرى البقايا والنفايات في الحدائق والمتنزهات؟
ونسمع صوت الموسيقى وجنون الشباب في الطرقات وعبثهم؟
ونرى المحتاج للمساعدة فلا يعينه أحد.
ونرى التصوير ينتهك الخصوصيات فلا يأمن أحد.
وأما الحجاب وعفة النظر، فوضعه خطر وضرر.. نعوذ بالله من الخطر..
عباد الله..
جمال الطبيعة خلاب، وطبع الإنسان غلاب، فلا يغلب الطبع فيفسد الجمال.. ولا ننسى إقامة الفرائض والشعائر فهي شهادة تشهد لكم بها كل أرض على ما فعلتم عليها من طاعة، أو ما اقترفتم من معصية.
وإن لله حقوقٌ بالنهار لا يقبلها بالليل، وحقوقٌ بالليل لا يقبلها بالنهار، فأدوا حقوق الله واستعينوا به والله لا يضيع أجر المحسنين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وهديُ سيد المرسلين
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه، ومن اهتدى بهديه واتبع رضوانه.. وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين..
عباد الله :
من أراد السعادة، فليبادر للطاعة، ويدخل على باب الكريم سبحانه بطاعته وعبوديته.
ومن أراد نعيم الدنيا ومتاعها، فليسْعَ في صلاح أسرته، وحسن علاقتهم ببعضهم..
إخوة الإيمان..
تمتلئ البيوت بأسباب النعيم، ولكن القلوب متباعدة، والآراء مختلفة، والاهتمامات بهم متفرقة.
دخلت علينا وسائل التواصل، لتزيد التهاجر والتقاطع..
الرحم بين الناس مقطوعة، ولا يدخل الجنة قاطع رحم. والناس معرضون عن بعضهم، والله في عون العبد ما كان في عون أخيه.
تهاجرنا ونحن نملك أسباب التراحم ، وتقاطعنا وبين يدينا وسائل التواصل، واخذناها بالمآثم.. وهذا بلاء، جعلنا النعمة فيه نقمة، والمنحة بلاء ومحنة.
إخوة الإيمان..
المؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، ولا تغنيك قوة خارجية وأنت متقطع من الداخل..
فاصلحوا ما بينكم وبين ربكم..
و قوموا بحق أسرتكم وأهلكم..
و تصالحوا مع ذوي القرابة والرحم..
وتواصلوا مع ذوي النسب والسبب..
وكونوا عباد الله إخوانا..
فالقطيعة والهجر والعداوة جاهلية قد عافانا الله منها، ومن عاد لها ووقع فيها فقد عاد للجاهلية ووقع في أخلاقها..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا. وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون)).
وأكثروا من التكبير والتهليل أدبار الصلوات وفي الطرقات فيما بقي من قليل الساعات.. والأعمال بالخواتيم..
وصلوا وسلموا عباد الله، على حبيبكم ونبيكم رسول الله ومصطفاه..
فقد قال ربكم جل في عُلاه : (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)).
المرفقات
1627284543_خطبة الجمعة ١٣ ذو الحجة .pdf