أهمية لقاح الانفلونزا الموسمية (وفق تعميم الوزارة)

فهيد بن محمد راضي الخالدي
1446/04/14 - 2024/10/17 04:02AM

أهمية لقاح الانفلونزا الموسمية (وفق تعميم الوزارة)

15 / 4 / 1446هــ

الشيخ فهيد بن محمد بن راضي الخالدي

الخطبة الأولى:

​إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربَّه مخلصًا حتى أتاه اليقين، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله؛ (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

أيها المسلمون: إنَّ الواجبَ على المَرْءِ أنْ يَصُونَ نفسَهُ وأنفسَ مَنْ يعولُهم ويحافظَ على سلامتِه وسلامتِهم، ويتجنّبَ هو ومَنْ يَعُولُهم كلَّ ما مِنْ شأنه الضَّرَرُ قَدْرَ الإمكانِ.

 وقد نَهَى الإسلامُ عن إلقاءِ النفسِ في التَّهْلُكةِ؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ 

يقول ابنُ جريرٍ الطبريُّ والشوكانيُّ في تفسيرِهِمَا أي: لا تَأْخُذُوا فيما يُهْلِكُكُمْ.. فَكُلُّ ما صَدَقَ عليه أنَّه تَهْلُكَةٌ في الدِّينِ أو الدنيا فهو داخلٌ في هذهِ الآيةِ.

أيها المسلمون حِفْظُ النَّفْسِ وصِيَانَتُهَا مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الخمسِ التي اتَّفَقَتْ عليها جميعُ الشرائعِ؛ قال الشاطبيُّ رحمه الله: (فقد اتَّفَقَتِ الأمةُ بَلْ سائرُ المِلَلِ على أنَّ الشريعةَ وُضِعَتْ للمُحافَظَةِ على الضرورياتِ الخمسِ وهي: الدينُ، والنفسُ، والنسلُ، والمالُ، والعقلُ، وعِلْمُهَا عِنْدَ الأمَّةِ كالضَّرُورِي)

عباد الله: وحِفْظُ النفسِ مِنْ مَقَاصِدِ الإسلامِ الكليةِ التي جاءتِ الشرائعُ لِتَحْقِيقِهَا، والمُحافظةِ على سلامةِ النفوسِ والأبدانِ من كلِّ ما يُعَرِّضُهَا للسُّوءِ؛ ولِذا أوْجبَ الإسلامُ على المرءِ اتخاذَ الوسائلِ التي تُحَافِظُ على حياتِه وصحةِ بدنِه وتمْنَعُ عنه الأذى والضَّرَرَ؛ ومن القَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ المُقَرَّرَةِ والمَقَاصِدِ المُعْتَبَرَةِ، (لا ضَرَرَ ولا ضِرَار) أو (الضَّرَرُ يُزَال)

أيها المسلمون: أَخْذُ اللِّقَاحِ يُعْتَبَرُ مِنْ حِفْظِ النفْسِ التي تُعَدُّ إِحْدَى الضَّرُورِيَّاتِ الخمسِ التي أوصى بها دينُنَا الحَنِيفُ لِمَا لَهَا مِنْ أَثَرٍ في مَنْعِ اِنْتِشَارِ العَدْوَى والوِقايةِ مِنَ الإصَابَةِ، وتَخْفِيفِ حِدَّةِ المَرَضِ، خاصةً على الفئاتِ الأشدِّ عُرْضَةً لِلْخَطَرِ وهُمْ كِبَارُ السِّنِّ، وذلكَ حَسْبَ ما تُشِيرُ إليهِ الدِّرَاساتُ الحديثةُ بأنَّهُمْ أَكْثَرُ عُرْضَةً لِالْتِهَابَاتِ الرِّئةِ الحَادَّةِ والنَّوبَاتِ القَلْبِيَّةِ والسَّكَتَاتِ الدِّمَاغِيَّةِ، بِسَبَبِ مُضَاعَفَاتِ الاِنْفِلْونْزَا المَوْسِميَّةِ، وأَنَّ أَخْذَ اللِّقَاحِ يُسَاهِمُ بمشيئةِ اللهِ في الحَدِّ مِنْ هَذِهِ المُضَاعَفَاتِ بِنِسْبَةٍ كَبِيرَةٍ.

بَارَكَ اللهُ لَي ولكم فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآَيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ الذي كفَى ووقىَ وهدَى، والصلاةُ والسلامُ على إمامِ الهُدى، وعلى آلهِ وصحبهِ ومَن اهتدَى

.أما بعد: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ وخُذُوا بِالأَسْبَابِ المَشْرُوعَةِ والمُبَاحَةِ لِلسَّلَامَةِ مِنَ الأَوْبِئَةِ والأَمْرَاِض المُعْدِيَةِ.

 ومِنَ الأسْبَابِ المُبَاحَةِ: أَخْذُ الِّلقَاحَاتِ التِي تَمْنَعُ الإِصَابَةَ بِالمَرَضِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، أَوْ تُضْعِفُ تَأْثِيرَهُ في حَالِ الإِصَابَةِ بِهِ، والدَّولَةُ حَرَسَهَا اللهُ وَوَفَّقَهَا، وأَخْلَفَ عَلَيْهَا خَيْرًا وبَارَكَ فِي جُهُودِهَا قَدْ وَفَّرَتِ الِّلقَاحَاتِ المُقَاوِمَةَ لِلْاِنْفِلْوَنْزَا المَوْسِمِيَّةِ بِالْمَجَّانِ، فَاحْرِصُوا على أَخْذِهَا أنْتُمْ ومَنْ قَدْ وَلَّاكُمُ اللهُ رِعَايَتَهُمْ، مَعَ صِدْقِ التَّوَكُّلِ على اللهِ، فهذِهِ تَوْصِيةُ الجِهَاتِ المَعْنِيَّةِ بِالصِّحَّةِ المُخَوَّلَةِ مِنْ قِبَلِ وُلَاةِ أَمْرِنَا وَفَّقَهُمُ اللهُ، نَسْأَلُ اللهَ لنَا ولَكُمْ جَمِيعًا دَوَامَ الصِّحَّةِ والعَافِيةِ.

ألا فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ واعْلَمُوا أنَّ المحافظةَ على النَّفْسِ الإنسانيةِ والحِرْصَ على سَلامَتِهَا أمرٌ فطريٌّ وواجبٌ شرعيٌّ، دلَّت عليهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَةُ القَطْعِيَّةُ؛ فَأَنْصَحُكُمْ عبادَ اللهِ بِأَخْذِ الِّلقَاحِ ضِدَّ الاِنْفِلْوَنْزَا المَوْسِمِيَّةِ فَهِيَ سَبَبٌ لِلْوِقَايَةِ مِنَ الأَمْرَاضِ، ولِلْحَدِّ مِنَ المُضَاعَفَاتِ، وحِفْظِ النَّفْسِ البَشَرِيَّةِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وتَحْقِيقِ المَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ. 

هَذَا ، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ- ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم]

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ واحفظهم بحفظك، وأحطهم بعنايتك، وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.

المرفقات

1729126721_أهمية لقاح الانفلونزا الموسمية (وفق تعميم الوزارة).pdf

1729126877_أهمية لقاح الانفلونزا الموسمية (وفق تعميم الوزارة).docx

المشاهدات 2947 | التعليقات 0