أَهَمِّيَّةُ الوَقْتِ , وَكَيْفَ نَسْتَغِلُّ الإِجَازَةِ 28 رجب 1434هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1434/07/25 - 2013/06/04 14:51PM
[align=justify]
أَهَمِّيَّةُ الوَقْتِ , وَكَيْفَ نَسْتَغِلُّ الإِجَازَةِ 28 رجب 1434هـ
اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا , وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ رَبُّهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً , وَدَاعِيَاً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً وَقَمَرَاً مُنِيرَاً !
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ , لَهُ لا رَادَّ لِحُكْمِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ , وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ , وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ , وَخَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ , عَلَيْهِمْ جَمِيعاً صَلُواتُ رَبِّي وَسَلامُهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ أَيَّامَكُمْ مَعْدُودَةٌ , وَأَنْفَاسَكُمْ مَحْدُودَةٌ , فَمَنِ اغْتَنَمَهَا رَبِحَ وَسَلِمَ , وَمَنْ فَرَّطَ فِيهَا خَسِرَ وَنَدِمَ .
أَيَّهُا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الْوَقْتَ فِي شَرِيعَتِنَا السَّمْحَاءِ وَمِلَّتِنَا الْغَرَّاءِ لَهُ قِيمَةٌ عَظِيمَةٌ , وَأَهَمِّيَّةٌ بَارِزَةٌ , وَإِنَّ سَلَفَ الأُمَّةِ - وَعَلَى رَأْسِهِمْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِي اسْتِغْلالِ أَوْقَاتِهِمْ وَفِي الاسْتِفَادَةِ مِنْ حَيَاتِهِمْ .
وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ تَحُثُّ عَلَى حِفْظِ الأَوْقَاتِ , وَتَدْعُوا إِلَى عِمَارَتِهَا بِالطَّاعَاتِ !
فَأَمَّا الْقُرْآنُ : فَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ بِالْوَقْتِ وَبِأَجْزَاءِ الْوَقْتِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَالْعَصْر) وَقَالَ (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) وَقَالَ (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) وَقَالَ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْ رِ الزَّمَنِ وَالْحَثِّ عَلَى اسْتِغْلالِهِ !
وَحَثَّ اللهُ عَلَى اغْتِنَامِ الْحَيَاةِ قَبْلَ نُزُولِ الأَجَلِ فَقَالَ (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) وَبَيَّنَ أَهَمِّيَّةَ الشُّهُورِ فَقَالَ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ) وَقَالَ سُبْحَانَهُ مُحَذِّرَاً وَمُبَيِّنَاً حَالَ الْمُفَرِّطِينَ وَمَا يُوَبَّخُونَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ , أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ , وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ , فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ : فَقَدْ تَنَوَّعَتْ أَدِلَّتُهَا وَكَثُرَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى اغْتِنَامِ الزَّمَنِ , فَحَيَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجَمَةٌ وَوَاقِعٌ مَلْمُوسٌ لاسْتِغْلالِ الأَوْقَاتِ !
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ " رَوَاهُ مَسْلِمٌ .
وعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي , فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَوْرَادٌ مِنَ الأَذْكَارِ لِلصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَالنَّوْمِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوج وَعِنْدَ الْمُنَاسَبَاتِ ! وَكُلُّ هَذَا اغْتِنَامٌ لِوَقْتِهِ , بَلْ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ , وَيَصُومُ حَتَّى يُقَالَ لا يُفْطِرُ ! وَكُلُّ هَذِهِ أُمُورٌ عَمَلِيَّةٌ تُبَيِّنُ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغِلُّ الْوَقْتَ , وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ ذَلِكَ !
وَأَمَّا السُّنَّةُ القَوْلِيَّةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَثِيرَةٌ أَيْضَاً , فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَنْ تَزَولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ , وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ , وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ , وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ : صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ .
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِك) رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَقَدْ اقْتَفَى سَلَفُ الأُمَّةِ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ أَثَرَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِفْظِ وَقْتِهِ وَاغْتِنَامِ حَيَاتِهِ , فَجَاءَ عَنْهُمْ مِنَ الأَخْبَارِ مَا يَقِفُ الإِنْسَانُ أَمَامَهُ مُتَعَجِّبَاً كَيْفَ حَفِظُوا أَوْقَاتَهُمْ وَبَارَكَ اللهُ فِي أَعْمَارِهِمْ !
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامَاً كَانُوا أَشَدَّ حِرْصَاً عَلَى أَوْقَاتِهِمْ مِنْ حِرْصِكُمْ عَلَى دَرَاهِمِكُمْ وَدَنَانِيرِكُمْ !
وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٌ الْخَوْلانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : لَوْ قِيلَ لِي إِنَّ جَهَنَّمَ تُسَعَّرُ الآنَ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَزِيدَ فِي عَمَلِي شَيْئاً ! وَذَلِكَ لِأَنَّ أَوْقَاتَهُ مَعْمُورَةٌ بِالطَّاعَاتِ .
وَكَانَ هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ رَحِمَهُ اللهُ يَدْعُو وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ بِالْيَسِيرِ، وَارْزُقْنِي سَهَرَاً فِي طَاعَتِكَ . وَكَانَ رَحِمَهُ اللهُ لا يَنَامُ إِلَّا هُنَيَّةً وَهُوَ قَاعِدٌ !
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللهُ : إِنَّهُ لا يَحِلُّ لِي أَنْ أُضِيعَ سَاعَةً مِنْ عُمُرِي ، حَتَّى إِذَا تَعَطَّلَ لِسَانِي عَنْ مُذَاكَرَةٍ وَمُنَاظَرَةٍ , وَبَصَرِي عَنْ مُطَالَعَةٍ , أَعْمَلْتُ فِكْرِي فِي حَالِ رَاحَتِي وَأَنَّا مُنْطَرِحٌ - أَيْ عَلَى الْفِرَاشِ - فَلا أَنْهَضُ إِلَّا وَقَدْ خَطَرَ لِي مَا أُسَطِّرُهُ , وَإِنِّي لَأَجِدُ مِنْ حِرْصٍ عَلَى الْعِلْمِ وَأَنَا فِي سِنِّ الثَّمَانِينَ أَشَدَّ مِمَّا كُنْتُ أَجِدُهُ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ عَامَاً !
وَمَرَّ الْعَبْدُ الصَّالِحُ " عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْكَسَالَي وَالْبَطَّالِينَ وَهُمْ جُلُوسٌ يَتَحَدَّثُونَ ، فَقَالُوا لَهُ : تَعَالَ اجْلِسْ مَعَنَا ! فَقَالَ لَهُمْ : أَمْسِكُوا الشَّمْسَ عَنَ الْمَسِيرِ حَتَّى أُكَلِّمَكُمْ !
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ رَحِمَهُ اللهُ : أَتَيْتُ الإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللهُ أَعُودُهُ فَوَجَدْتُهُ مُغْمَىً عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لِي : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا ؟ فَقُلْتُ لَهُ : فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ ؟! فَقَالَ : لا بَأْسَ بِذَلِكَ لَعَلَّهُ يَنْجُو بِهِ نَاجٍ !
ثُمَّ قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَمَا بَلَغْتُ بَابَ دَارِهِ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ : هَكَذَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ كَانَ نَهْجُ سَلَفِنَا الصَّالِحِ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ فِي اسْتِغْلالِ أَوْقَاتِهِمْ وَفِي حِفْظِ أَعْمَارِهِمْ ,,, فَهَلْ نَحْنُ مُقْتَدُونَ بِهِمْ ؟
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نبيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ والتابعينَ .
أمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ الإِجَازَةَ الصَّيْفِيَّةَ قَدْ بَدَأَتْ , وَفِيهَا وَقْتُ فَرَاغٍ كَثِيرٌ , ولا يَحْسُنُ بِالْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ أَنْ يَقْضِيَ إِجَازَتَهُ فِي النَّوْمِ أَوْ كَيْفَ مَا اتَّفَقَ , بَلْ يَنْبَغِي لَهُ اغْتِنَامُهَا بِمَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ !
أَيُّهَا الإخْوَةُ : إِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ بِحَسَبِ أَعْمَارِهِمْ وَإِمْكَانِيَّاتِهِمْ وَقُدُرَاتِهِمْ فِي اسْتِغْلالِ الأَوْقَاتِ , وَهَذِهِ بَعْضُ الاقْتِرَاحَاتِ التِي يُمْكِنُ قَضَاءُ الإِجَازَةِ فِيهَا !
فَمِمَّا تُقْضَى الإِجَازَةُ فِيهِ : الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ النَّفْسِ وَالأَهْلِ وَالْوَالِدَيْنِ , فَإِنَّ الشَّخْصَ تَكُونُ عِنْدَهُ أَعْمَالٌ لا يَسْتَطِيعُ فِي الأَيَّامِ الْعَادِيَّةِ إِنْجَازَهَا , سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ أَوْ لِمَنْ يَقُومُ عَلَيْهِمْ وَفِي الإِجَازَةِ مُتَنَفَّسٌ لِقَضَاءِ هَذِهِ الأَعْمَالِ , وَيَنْبَغِي للإِنْسَانِ احْتِسَابُ الأَجْرِ فِي قَضَاءِ أَعْمَالِ الأَهْلِ مِنَ الأُسْرَةِ أَوِ الْوَالِدَيْنِ فَفَي ذَلِكَ أَجْرٌ وَبِرٌّ !
وَمِنْ ذَلِكَ : أَخْذُ الأَهْلِ لِلْعُمْرَةِ وَزِيَارَةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ , وَكَذَلِكَ : الذِّهَابُ بِهِمْ لِلنُّزْهَةِ وَالْفُرْجَةِ فِي مَصَايِفِ بِلادِنَا السَّعُودِيَّةِ , وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الأَمَاكِنَ الْبَعِيدَةَ عَنِ الْفِتْنَةِ وَالاخْتِلاطِ , وَلا يَحْسُنُ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَزُجَّ بِأَهْلِهِ أَوْ حَتَّى بِنَفْسِهِ فِي الأَمَاكِنِ الْمُخْتَلَطَةِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَعَرُّضَاً لِلْفِتَنِ !
وَمِمَّا تُقْضَى فِيهِ الإِجَازَةُ : صِلَةُ الأَرْحَامِ بِزِيَارَةِ الأَقَارِبِ وَالأَهْلِ فُهُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ , ثُمَّ فِيه اسْتِغْلالٌ لِلْإِجَازَةِ !
وَمِنْ ذَلِكَ : الاشْتِرَاكُ فِي الدَّوْرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ , سَوَاءٌ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْمُتُونِ الْعِلْمِيَّةِ , أَوْ الدَّوْرَاتِ التِي تُشْرَحُ فِيهَا الْكُتُبُ الْعِلْمِيَّةُ , وَمِنْهَا : دَوْرَةُ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ التِي تُعْقَدُ سَنَوِيَّاً فِي الطَّائِفِ , وَهِيَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِتَلَقِّي الْعِلْمَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ !
وَمِمَّا تُقْضَى فِيهِ الإِجَازَةُ وَلا سِيِّمَا لِلشَّبَابِ : الاشْتِرَاكُ فِي الْمَدَارِسِ وَالْمَرِاكِزِ الصَيْفِيِّةِ التِي تُقِيمُهَا وَزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ , فَفِيهَا نَفْعٌ وَخَيْرٌ , وَيْنَبْغِي لِوَلِيِّ الأَمْرِ أَنْ يَدْفَعَ أَوْلادَهُ مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ إِلَى الْمُشَارَكَةِ فِيهَا !
وَمِمَّا تُقْضَى فِيهِ الإِجَازَةُ : أَنْ يَتَعَلَّمَ الإِنْسَانُ مِهْنَةً أَوْ حِرْفَةً , أَوْ يَطْلُبَ الرِّزْقَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي السُّوقِ , وَفِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ : أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ? قَالَ (عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ, وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ) رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : تِلْكُمْ بَعْضُ الاقْتِرَاحَاتِ التِي يَسْتَطِيعُ الإنْسَانُ مِنْ خِلالِهَا أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهَا فِي قَضَاءِ إِجَازَتِهِ , وَيُمْكِنُ مَعَ التَّفْكِيرِ إِيْجَادُ غَيْرِهَا , وَأَمْا قَضَاءُ الإِجَازَةِ بِالسَّهَرِ بِاللَّيْلِ وَالنَّوْمِ بِالنَّهَارِ فَهَذِهِ حَيْاةُ أَهْلُ الْغَفْلَةِ وَالْكَسَلِ , وَلا يَصْلُحُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِ الْحَازِمِ , وَالشَّخْصِ النَّاجِحِ !
اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَوْقَاتَنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي أَعْمَارِنَا وَأَعِنَّا عَلَى اسْتِغْلالِهَا , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَنا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا , وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا , وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا , وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ , وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ , اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُم وأَعْوَانَهُم يَارَبَّ العَالـَمِينَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الـُمسْلِمِينَ في كُلِّ مَكَانٍ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَاحِمِينَ , اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ , وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
[/align]
المرفقات

أَهَمِّيَّةُ الوَقْتِ , وَكَيْفَ نَسْتَغِلُّ الإِجَازَةِ 28 رجب 1434هـ.doc

أَهَمِّيَّةُ الوَقْتِ , وَكَيْفَ نَسْتَغِلُّ الإِجَازَةِ 28 رجب 1434هـ.doc

المشاهدات 3187 | التعليقات 4

بارك الله فيكم وفي جهدكم أستاذ محمد ، موعظة جليلة مدعّمة بالشواهد الإيمانية نسأل الله أن يفتح لها القلوب والبصائر .


جزيت خيرا شيخنا الفاضل.


جزاك الله كل خير


خطبة مفيدة ومناسبة لوقتها

نفع الله بك يا شيخ محمد

وجزاك الله خيرا