أهمية الأسرة في الإسلام

عايد القزلان التميمي
1446/03/24 - 2024/09/27 06:45AM
الحمد لله شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، القائل سبحانه: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عباد الله إن من أعظم العلاقات الإنسانية التي اعتنى القرآن ببيان أحكامها وآدابها: العلاقة الزوجية، التي هي منبع الأجيال . قال تعالى
: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)). وقال تعالى (( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ))
أيها المؤمنون : إنّ الأسرة المسلمة مسؤولة أمام الله عن تنشئة الأبناء على الإسلام، و إقامة رابطة قوية بين أبناء الأسرة والمسجد،
واعلموا أن  القيام بالواجبات الأُسْرِية والأبناء أمانة سيسأل عنها الزوجان يوم القيامة، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه))  متفق عليه
عباد الله واعلموا أن الإسلام قد وضع حقوقاً على الزوجين والحقوق الزوجية ثلاثة: حق الزوجة على زوجها. وحق الزوج على زوجته. وحقوق مشتركة بينهما.
أما حق الزوجة على زوجها: إعطاءها مهرها كاملاً امتثالاً لقوله تعالى: (( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً  ))
و الإنفاق عليها وأمرها بالصلاة  ((﴿ وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ)) و أن يغار عليها في دينها وعرضها، و يأمرها بالحجاب
ومن أعظم حقوقها: المعاشرة بالمعروف.
عباد الله وللزوج حق على زوجته. ومنها طاعته بالمعروف: فعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : ((إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها ، و صامَت شهرَها ، و حصَّنَتْ فرجَها ، وأطاعَت زوجَها ، قيلَ لها : ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ)) رواه ابن حبان وصححه الألباني.
ومن حقوق الزوج على زوجته المحافظة على عِرْضِهِ ومَالِه و مراعاة كرامته وشعوره وحُسن العشرة.
وقيامها بحق الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد. وقيامها ببر أهل زوجها ، وألاَّ تَخْرُج مِن بَيتِه إلاّ بِإذْنِه ،  
ومن حقه عليها ألاّ تُطَالِبه ما هو فَوْقَ طَاقَتِه، 
ومن حقه عليها أن تُذَكِّرُهُ بِطاعة اللهِ إذا نَسِيَ أو غَفَل.
عباد الله  أما الحقوق المشتركة بين الزوجين فأجملها: التعاون على إدخال السرور على الأسرة، وجلب أسباب المودة والرحمة ، والتعاون على طاعة الله والتذكير بتقوى الله.  
ومن الحقوق المشتركة بين الزوجين عدم إفشاء ونشر الأسرار الزوجية والتغاضي عن الزلات.
عباد الله إن الكثير من الأسر المسلمة يكثر فيها الخلاف والنزاع وهذا  طبيعي أن تكون الخلافات بين الزوجين، وما سَلِمَت من ذلك بُيوت الأنبياء والمرْسَلِين.
ولننظر كيف جاء الشرع بحلّ هذه المشكلات، وكيف أرشدنا ربنا إلى معالجة ذلك الشقاق والنشوز، قال الله سبحانه وتعالى: (( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ))   وقال تعالى (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ))
فإذا لم تنجح  محاولات الإصلاح والنصح للزوجين وأراد الرجل طلاق امرأته فليطلق الطلاق الشرعي ، وهو أن يُطَلِّقْها واحدة وهي غير حامل أو في طُهر لم يُجَامِعْها فيه. ولا يحل له أن يطلقها وهي حائض ولا في طهر جامعها فيه، إلا إن تبين حملها، أو تحيض بعد ذلك فيطلقها بعد الحيض قبل أن يطأها.
وإذا أراد رجل الطلاق فليطلق مرة واحدة فقط، ثم إن هذه الطلقة التي أوقعها الزوج إذا كانت واحدة أو اثنتان فإنها تعتبر طلقة رجعية، مادامت المرأة في العدة ويستطيع أن يراجعها بالقول أو الفعل وأن يُشهد شاهدين لقوله تعالى (( وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ )).
فإن كان الطلاق أكثر من اثنتين فإنه لا يحل للزوج إرجاعها حتى تنكح زوجاً آخر.
وليحذر الزوج من التساهل في الطلاق.
عباد الله ويحرم على المرأة أن تسأل الطلاق من زوجها بغير عذر لقوله صلى الله عليه وسلم (( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ، لَمْ تُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ )) أخرجه الترمذي وغيره وصححه الألباني
بارك الله لي ولكم ..
.   الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قضى بإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، فَصَّلَت لَنا سُنَّتَهُ طّلَاق السُّنَّة وحذَّرنا مِن طّلاقِ البِدْعَة، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فاعلموا أن من أخطر الأسلحة بعد الطلاق أن ينتقم أحد الأبوين من الآخر في الحرمان من رؤية الأبناء، انتقاما للطرف الآخر وهذا يُساهم في قطع الأرحام وتفكيك الأسرة،
وهذه عقوبتها عند الله كبيرة، قال تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)
وقال صلى الله عليه وسلم (( مَنْ فرَّق بين والدةٍ وولدِها ، فرَّق اللهُ بينَه وبينَ أحبَّتِه يومَ القيامةِ ))  أخرجه الترمذي وحسّنه الألباني .
فواجب الأم والأب أن يعملا بوصية الله تعالى بعد طلاقهما وهي (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) بأن يتذكرا العشرة الطيبة والكلام الطيب بينهما لا أن يجعلا الأبناء سلاح للانتقام من خلال الحرمان. فعلى الآباء والأمَّهات أنْ يَسْعَوا بعدَ طلاقهم فيما يعود بالصلاحِ على أولادهم،
وعلى الآباءِ أن يَعْلَموا أنهم حين يستخدمون أولادَهم سِلاحًا للانتقام مِن طليقاتهم فإنَّهم يَنتقِمون مِن أولادهم، ويعرضون أنفسهم للعقاب في الدنيا والآخرة .
اللهم أصلح أزواجنا وذرياتنا وخذ بنواصينا إلى ما يُرضيك عنا.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....  
المرفقات

1727408718_اهتمام الإسلام بالأسرة.docx

1727408718_اهتمام الإسلام بالأسرة.pdf

المشاهدات 656 | التعليقات 0