أهل السنة والجماعة

حسين بن حمزة حسين
1446/02/01 - 2024/08/05 14:33PM
إخوة الإيمان : أُمَّةُ محمد صلى الله عليه وسلّم آخِرُ أُمَمِ الإسلام، ونَبيُّنا خاتَمُ الرّسل، أرسله الله بَشيرًا ونَذيرًا بين يدي الساعة، دَعوتُه مُمتدَّةٌ إلى آخِرِ الزَّمانِ، ومِن لَوازمِ امتدادِ دَعوتِه أنْ تدوم الحجّةُ ويَبْقَى الحَقُّ قائمًا، قال تعالى ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)، وقال تعالى( كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، فالقرآن حُجّة، والسنّة حجة، وآيات الله الكونية حجّة، وأتْباع محمّد صلى الله عليه وسلّم المتمسّكين بدينه المحافظين والداعين لسنّته، أهل السنّة والجماعة حجّة، شهداءُ الله تعالى في الأرض، فنحن أهل السنّة والجماعة رضينا بما ارتضاه الله لنا ديناً، متّبعين غير مغيّرين ولا مبدّلين، نستقي ديننا من مصادره الأصيلة، كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على نهج سلف الأمة، منهجٌ يسير على أصول راسخة رسوخ الجبال، وواضحة كنور الشمس في النهار، مستمدّة من قول النبي صلى الله عليه وسلم( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)، وقوله صلى الله عليه وسلم (تركْت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي)، وأهل السنة والجماعة هم السّلفُ الصالح الصحابُة الكرام ومن تبِعهم بإحسان، صفْوَةُ خلقِ الله بعد النبيّين، أصحابُ القرون المفضّلة والذين اتّبعوهم بإحسان إلى يوم الدّين، زكّاهم الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ وأوجب متابعتهم، وتوعّد من يخالفهم بالعذاب الأليم، فهم أعلم الناس بالقرآن والسنة عِلْما وعملا، وأخْبر تعالى بأنّه رضي عنهم ورضوا عنه، قال تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾، قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)، وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، قال أبو زُرْعة رحمه الله: إذا رأيت الرجلَ ينتقصُ أحداً من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعْلم أنه زنْديق، وذلك أنّ الرسولَ عنْدنا حقّ، والقرآنَ حقّ، وإنما أدّى إليْنا هذا القرآن والسّنن أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجْرحوا شهودنا ليُبْطلوا الكتاب والسنة، والجَرْح بهم أوْلى، وهم زنادقة!!)إهـ.  إخوة الإيمان: تمسّكوا بدينكم، واقتفوا أثر من رضي الله عنهم وزكاهم، السلف الصالح أصحابُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والتابِعون لهم بإحسان، فكلُّ مَن جاء بعدهم والتزَمَ بمنْهجهم، واقتدَى بهدْيهم، واقتفى أثرهم، فهو منْهم، ومنْهم أئمة المذاهب الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وغيرهم من أئمة الإسلام كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذِه ابن القيم، وهكذا من بعدَهم من أئمةِ الإسلام كشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهّاب مجدّد هذا القرن ومشايخنا الكرام رحمهم الله ابن باز والعثيمين والألباني وغيرهم كثير وهم متوافرون حتى الآن والحمد لله رب العالمين. وبفناء أهل السنة والجماعة وانتهائهم، آذانٌ بفساد الأرض ودمارِها وقيامِ الساعة، ولا تقوم الساعة إلاّ على شرار الخلق نعوذ بالله، من أسمائهم أهل الحديث، وأهل الأثر، والسَّلف الصالح، والفِرقة الناجية، والطائفة المنصورة، قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنهم: ((إنَّ بَنِي إسرائيل افتَرَقوا على إحدى وسبعين فِرقة، وتَفتَرق أمَّتي على ثلاث وسبعين فِرقة، كُلُّها في النار إلا واحدة))، فقيل له: ما الواحدة؟ قال: ((ما أنا عليه اليومَ وأصحابي)) ، وسُمُّوا: "أهل السُّنَّة"؛ لأنَّهم الآخذون بسُنَّة رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم العالمون بها، الداعون لها، العاملون بمقْتَضاها، قال الشافعي رحمه الله: (القوْل في السُّنَّة التي أنا عليْها ورأيْتُ عليْها الذين رأيتُهم، مثل سفيان، ومالك، وغيرهما: الإقرارُ بشهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وأنَّ الله على عرْشه في سمائه، يقرب مِن خلْقه كيف شاء، وينزل إلى السماء الدُّنيا كيف شاء...) ، وسُمُّوا بالجماعة لأنَّهم اجتمعوا على الحق، وأَخَذوا به، واقْتَفَوا أَثَرَ جماعة المسلمين المستمْسكين بالسُّنَّة من الصَّحابةِ والتابعين وأتباعِهم، واجتمعوا على مَن وَلَّاه اللهُ أمرَهم، ولم يشقُّوا عصا الطاعة، كما أمَرَهم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم،  ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في إحدى روايات الحديث السابق: ((هم الجمَاعة))، فمعتقد أهل السنة والجماعة لم يقُم على هوىً ولا شهوةٍ ولا شُبهة، بل قام على أصول راسخة ثابتة ، فتمسكوا إخوة الإيمان بالشرف الذي إليه أنتم تنْتمون وعليه تحيوْن وتموتون.
الخطبة الثانية:
 إخوة الإيمان: تمسكوا بالكتاب والسنة على نهج سلف الأمّة غير مغيّرين ولا مبدّلين كما أمركم ربكم عز وجلّ في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فأنتم على الحق المبين، يقول الإمام اللالكائي رحمه الله: "كلُّ مَن اعتقد مذهبًا، فإلى صاحب مقالته التي أحدثها يَنتَسب، وإلى رأيه يَستَند، إلَّا أصحاب الحديث، فإنَّ صاحبَ مقالتِهم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فهم إليه يَنْتَسبون، وإلى علْمه يَستَندون، وبه يَستدِلُّون، وإلى سنته يفزَعون، وبرأيه يقْتدون، وبذلك يفْتخرون، وعلى أعداء سُنَّته بقُربِهم منه يَصولون، فمن يُوازيهم في شرف الذِّكر، ويُباهيهم في ساحة الفخر وعُلُوِّ الاسم؟!.. إلى أن قال فهي الطائفةُ المنصورة، والفِرقة الناجية، والعُصبة الهاديَة، والجماعةُ العادلة المتمسِّكة بالسُّنَّة، التي لا تريدُ برسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بديلًا، ولا عن قولِه تبديلًا، ولا عن سُنَّته تحويلًا، ولا يُثْنِيهم عنها تَقلُّبُ الأعْصار والزَّمان، ولا يَلْويهم عن سِمَتِها تغيُّر الحَدَثَيْنِ، ولا يَصْرفْهم عن سمْتِها ابتداعُ مَن كاد الإسلامَ ليصدَّ عن سبيل الله، ويبْغيَها عِوجًا، ويْصرف عن طريقها جدلًا ولجاجًا، ظنًّا منه كاذبًا وتخمينًا باطلًا أنَّه يُطفئ نورَ الله، والله مُتِمُّ نورِه ولو كره الكافرون"اهـ.
المشاهدات 74 | التعليقات 0