أنواع الظلم

عايد القزلان التميمي
1446/01/26 - 2024/08/01 11:52AM
الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الظلم والعدوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حذر من الظلم, وأخبر أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه  ومن اقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فيا عباد الله أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾
أيها المسلمون / ثبَتَ في صَحيح مسلمٍ عنِ النبيِّ  فيما يَروِيه عن ربِّه جلَّ وعلا في الحديث القدسيِّ أنَّ الله جلَّ وعلا يقول: ((يا عِبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسِي، وجعلتُه بينَكم محرَّمًا فلا تَظَالموا)).
فاللهُ حرّم الظلمَ على نفسه وحرّم الله الظلم بين عباده ليحفَظوا بذلك دينَهم ويحفظوا دنياهم،
أيّها المسلمون، أصلُ الظلمِ وضعُ الشيء في غير موضِعه، وهو مخالفةُ شرعِ الله تعالى.
والظلمُ ثلاثة أنواع: النوع الأول: ظلمٌ للنّفس لا يغفِره الله تعالى إلا بالتّوبة وهو الشركُ بالله تعالى، قال الله عز وجل: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا )) فمن مات على الشرك بالله تعالى خلَّدَه الله في النار أبَدًا كما قال عزّ وجلّ: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ
والنوع الثاني من الظلم: الذنوبُ والمعاصي التي بين العبدِ وربِّه ما دون الشركِ بالله، فإنّ الله إن شاء عفَا عنها بمنِّه وكرمِه، أو كفّرها بالمصائبِ والعقوبات في الدنيا، أو في القبر، أو تجاوَز عنها الله سبحانه بشفاعةِ النبيّ  أو شفاعةِ غيره من الشافعين، أو يعذِّبُ الله العاصيَ في النار بقدرِ ذنبه ثم يخرِجه من النار ويدخِله الجنّة إن كان من الموحِّدين كما صحّت بذلك الأحاديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والنوع الثالث من الظلم: مظالم بين الخَلق في حقوقٍ لبعضهم على بعض، تعدَّوا فيها، وأخذَها بعضُهم من بعض، ووقَعوا في ظلمِ بعضهم لبعض، فهذه مظالمُ لا يغفِرها الله إلاّ بأداء حقوقِ الخلق إليهم، فيؤدّي الظالم حقَّ المظلومِ في الدنيا، وفي الحديثِ عن النبيِّ  : ((لتؤدُّنّ الحقوقَ قبل أن يأتيَ يومٌ لا درهَمَ فيه ولا دينار، إنما هي الحسناتُ والسيّئات، يُعطَى المظلومُ من حسناتِ الظالم، فإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذ من سيّئات المظلوم ووُضِعَت على الظالم، ثم طُرِح في النار)) أخرجه البخاري
والمظالمُ بين العباد تكون في الدمِ  وتكون المظالم في المالِ، وتكون المظالم باقتطاعِ الأرض والعقارات، وتكون المظالم بين الأرحامِ بتضييعِ حقوق الرَّحِم، وتكون المظالم بين الزوجَين بترك حُقُوقهما، وتكون المظالم بين المستأجِرين والعمّال بسبَب تَضيِيعِ حقوقِهم وسلبِها وتكليفهم ما لا يُطيقون، وقد تكون المظالم بالتّعدِّي على الحقوقِ المعنويّة أو بغيبةٍ ونميمة.
فاحذروا ـ عباد الله ـ الظلمَ، فإنّ الله ليس بغافلٍ عما تَعملون، والظلم مُحَرّمٌ ولو وقَع على كافرٍ، قال الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ  مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية /
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد فيا عباد الله : إنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال: ((إيّاكم والظلمَ، فإنّ الظلمَ ظلماتٌ يومَ القيامة، وإيّاكم والشحّ فإن الشحّ أهلك من كان قبلَكم، حملهم على أن سَفكوا دماءهم واستحلّوا محارِمَهم))
وفي الحديث عن النبيّ  صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذٍ رضي الله عنه: ((واتّق دعوةَ المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))  ،
وقد استعاذ النبيّ  صلى الله عليه وسلم من دعوةِ المظلوم والله تعالى يقول إذا دعا المظلوم: ((وعزّتي وجلالي، لأنصرنّك ولو بعدَ حين))
ويكفي وعيدًا قوله تعالى: وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ و قوله تعالى: وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ
أسأل الله لي ولكم التوفيقَ والهداية، وأن يعصمَنا من مظالم العباد، ويخلِّصنا منها بفضله ورحمته، إنه على كل شيء قدير.
واعملوا ـ رحمكم الله ـ أن أحسنَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلوا ـ رحمكم الله ـ على نبيكم محمد  امتثالاً لأمر ربكم قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا
المرفقات

1722502314_أنواع الظلم.doc

المشاهدات 337 | التعليقات 0