أمسك عليك لسانك

حامد الشثري
1444/06/27 - 2023/01/20 09:01AM
إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسَنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مِنْ يَهْدِ اَللَّهُ فَلَا مُضِل لَهُ، وَمِنْ يُضَلِّلُ فَلَا هَادِي لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً

أَمَّا بُعْدٌ .. لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ ، خَلَقَ اَللَّهُ لِلْإِنْسَانِ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَاحِدًا وَشَفَتَيْنِ، وَلَمْ يَخْلُقِ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْإِنْسَانِ لِسَانَيْنِ، هُوَ لِسَانٌ وَاحِدٌ فَرْدٌ، يَعِزُّ عَلَى اَلْإِنْسَانِ أَنْ يُسَيْطِرَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَتَحَكَّمَ فِيهِ، فَكَيْفَ لَوْ كَانَ مِنْهُ اِثْنَيْنِ؟

وَفِي مَجْمُوعِ اَلْوَصَايَا اَلَّتِي أَوْصَى بِهَا اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، اَلَّتِي هِيَ أُمَّهَاتُ اَلْحِكْمِ وَجَوَامِعُ اَلْكَلِمِ، كَمَا فِي حَدِيثِ عُقَبَة رضي الله عنه حِينَ قَالَ ( يَا رَسُولُ اَللَّهِ مَا اَلنَّجَاة؟، قَالَ اَلنَّبِيُّ عَلَيه اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَمْسِكَ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلِيَسَعكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ )، وَسَرَتْ أَمْسِكَ عَلَيْكَ لِسَانَكَ .. لِتَكُونَ شِعَارًا وَدِثَارًا لِلْمُؤْمِنِينَ، نَعَمَ . . اَلْخِطَابُ مُوَجَّهٌ لِي وَلَكَ . . وَلَهُ وَلَهَا وَلَنَا جَمِيعًا . . أمسِكْ عليْكَ لِسانَكَ، لِأَنَّ اَلْإِنْسَانَ مَا لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْهِ لِسَانَهُ فَإِنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِمَا يَأْتِي، قَالَ مَعَاذٌ: (يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم ) . . أمسِكْ عليْكَ لِسانَكَ.

 

عَنْ أَبِي سَعِيدْ اَلْخُدْرِي رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: (إِذَا أَصْبَحَ اَبْنُ آدَمْ فَإِنَّ اَلْأَعْضَاءَ كُلُّهَا تَكْفِرُ اَللِّسَانَ، – أَيْ تَذِلُّ وَتَخْضَعُ– وَتَقُولُ، اِتَّقِ اَللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنَّ اِسْتَقَمْتَ اِسْتَقَمْنَا، وَإِنَّ اِعوجَجَتْ اَعوجَجَنَا ) أمسِكْ عليْكَ لِسانَكَ .. فَإِنَّ اَلْعَبْدَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يَنْزِلُ بِهَا فِي جَهَنَّمَ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقَيْنِ، وَإِنَّ اَلْعَبْدَ لِيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخْطِ اَللَّهِ فَيَهْوِي بِهَا فِي اَلنَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا. عَنْ عَبْدِ اَللَّهْ بْنْ عَمْرُو بْنْ اَلْعَاصْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ: ( سَأَلَ رَجُلُ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَيْ اَلْمُسْلِمِينَ خَيْر، قَالَ: مَنْ سَلِّمَ اَلْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ).

كَأَنَّ جِمَاعَ اَلْأَمْرِ، هُوَ فِي حِفْظِ هَذِهِ اَلْجَارِحَةِ وَفِي حِفْظِ هَذَا اَللِّسَان.

وَمَرَّةً صَعِّدَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اَلْمِنْبَر، فَقَالَ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ ِاَلْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا اَلْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعِيرُوهُمْ، وَلَا تَتَبِّعُوا عَوْرَاتِهمْ، فَإِنَّهُ مِنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ اَلْمُسْلِمِ، تَتَبَّعَ اَللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَبِّعِ اَللَّهُ عَوْرَتَهُ، يَفْضَحُهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ).

خِطَابٌ عَظِيمٌ .. كُلُّ تِلْكَ اَلْمُقَدَّمَة كَانَتْ لِأَلِج إِلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ، أَعْتَقِدُ أَنَّكُمْ تَتَّفِقُونَ جَمِيعًا مَعِي أَنَّهُ اَلدَّاهِيَةُ اَلدَّهْيَاءْ، وَالْمُصِيبَةُ اَلَّتِي كَم هَدَمَتْ مِنْ بُيُوتٍ، وَقَطَعَتْ مِنْ أَوَاصِرَ، وَأَقَامَتْ نَارَ اَلْحَرْبِ. نَحْنُ أَمَامَ دَاهِيَةٍ دَهْيَاءْ، فَرَّقَتْ اَلْأَوَاصِرَ، وَقَطَعَتْ اَلصِّلَاتِ، وَرُبَّمَا أُزْهِقَ بِسَبَبِهَا اَلْأَنْفُسُ، وَسَالَتْ بِهَا اَلدِّمَاءُ.

أَعْنِي بَذْلِكُمْ أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ، اَلْغَيْبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالسَّعَايَّة وَالْوِشَايَةُ بَيْنَ اَلنَّاسِ، وَمَا أَكْبَرَ هَذَا اَلْجُرْم، فِي زَمَنٍ صَارَتْ فِيهِ اَلْغَيْبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالْوِشَايَةُ وَالسَّعَايَّة، تَنْتَقِلُ بَيْنَ اَلْقَارَّةِ وَأُخْتِهَا، وَقَدْ يَمُوتُ اَلْمُغْتَابُ وَالْوَاشِي وَالنَّمَّام، وَلَا تَمُوتُ سَيِّئَاتُهُ، وَهِيَ تَنْتَقِلُ مِنْ شَاشَةٍ إِلَى شَاشَةٍ، وَمِنْ هَاتِفٍ إِلَى هَاتِفٍ، وَفِي اَلذِّكْرِ اَلْحَكِيمِ ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ )، وَالْوَيْلُ وَادِي فِي جَهَنَّمَ.

عَنْ أَبِي اَلْجَوْزَاءْ قَالَ، قَلَّتْ لِابْنِ عَبَّاسْ، مِنْ هَؤُلَاءِ، بَدَأَهُمْ اَللَّهُ بِالْوَيْلِ، قَالَ: اَلْمَشَاؤُونْ بِالنَّمِيمَةِ، اَلْمُفَرِّقُونَ بَيِّنَ اَلْأَحِبَّةِ، اَلْبَاغُونَ أَكْبَرَ اَلْعَيْبِ.

تَنَحٍّ عَنْ اَلنَّمِيمَةِ وَأُجْتَنَبهَا * * * فَإِنَّ اَلنَّمَّ يُحْبِط كُلُّ أَجْرٍ

يُثِيرُ أَخُو اَلنَّمِيمَةِ كُلَّ شَرٍّ * * * وَيَكْشِفَ لِلْخَلَائِقِ كُلّ سِرٍّ

وَيَقْتُلُ نَفْسَهُ وَسِوَاهُ ظُلْمًا * * * وَلَيْسَ اَلنَّمُّ مِنْ أَفْعَالٍ حُرٍّ

( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ )، مَا أَقْبَحَ اَلصِّفَاتِ، اَلَّتِي لَحِقَت ذَلِكَ اَلنَّمَّامِ اَلْمُغْتَابِ اَلْوَاشِي، اَلَّذِي يَنْقُلُ اَلْكَلَامَ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ، هَؤُلَاءِ اَلْوَشَّاتْ، هَؤُلَاءِ اَلسِّعَاتِ بِقَصْدِ اَلْإِفْسَادِ، مَذْمُومُونَ عَلَى لِسَانِ سَيِّدِ اَلْخُلُقِ صلى الله عليه وسلم، مَذْمُومُونَ فِي كِتَابِ اَللَّهِ، تَبْغُضَهُمْ اَلنُّفُوس اَلسَّلِيمَةِ، وَالْفُطْرُ اَلْمُسْتَقِيمَةِ.

وَمَرَّةً، مَرَّ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَبْرٍ، فَقَالَ كَمًّا فِي حَدِيثِ ابن عباس: ( فقَالَ إِنَّهُمَا لِيعَذَبَانْ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، ثُمَّ قَالَ : بَلَى وَاَللَّهِ إِنَّهُ لِكَبِير، أُمًّا أَحَدَهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا اَلْآخَرُ فَكَانَ لَا يُسْتَنْزَهْ مِنْ اَلْبَوْلِ ) أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَبَانْ وَمَا يُعَذِّبَانِ فِي كَبِيرٍ، مَا يُعَذِّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَيْ أَنَّهُ أَمْرٌ كَانَ تَرْكُهُ سَهْلاً، مَا يُعَذِّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَيْ أَنَّهُ مِمَّا يَسَتَسْخِفُهْ اَلنَّاسُ وَيَسْتَصْغِرُونَهُ، وَهُوَ عِنْدَ اَللَّهِ كَبِير، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بَيْنَ اَلنَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ.

نَاقِلُ اَلْكَلَامِ بَيْنَ اَلنَّاسِ عَلَى وَجْهِ اَلْإِفْسَادِ، فَاسِقٌ وَلَوْ اِدَعَىَ الصَلاَحَ، نَاقِلُ اَلْكَلَامِ بَيْنَ اَلنَّاسِ فَاسِقٌ وَلَوْ كَانَ يَصِلُ اَللَّيْلَ بِالنَّهَارِ قِيَامًا، وَيَصِلُ اَلنَّهَارَ بِالنَّهَارِ صِيَامًا، نَاقِلُ اَلْكَلَامِ عَلَى وَجْهِ اَلْإِفْسَادِ فَاسِقٌ وَلَوْ صَلىَ وزَكىَ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الذين آمنوا إِنَّ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ).

لَا تَهَتَّكْنَ مُسَاوِي اَلنَّاسِ مَا سَتَرُوا * * فَيهْتَكُ اَللَّهُ سِتْرَا مِنْ مَسَاوِيكَ

وَأَذْكُرُ مَحَاسِنَ مَا فِيهِم إِذَا ذُكِرُوا * * وَلَا تَعِبَ أَحَدِ مِنْهُمْ بِمَا فِيكَ

أُولَائْكْ شِرَارْ اَلْخُلُقِ. وفي حديث أسماء بنت يزيد قالت قال النبي عليه الصلاة والسلام : (أفلا أخبركم بشراركم؟". قالوا: بلى. قال:" المشَّاؤُون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، البَاغُون البُرَآءَ العنت ) . أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وقال الشيخ الألباني-رحمه الله- : حديث حسن.

مِنْ نَمَّ لَكَ .. نَمَّ عَلَيْكَ وَلَا شَك، لِأَنَّ اَلنَّمَّامَ لَا يَتْرُكُ خِصْلَتَهُ وَلَا يَتْرُكُ طَبْعَهُ.

وقال يحيى اليماني –رحمه الله- :” يفسد النَّمَّام في ساعة ما لا يفسده الساحر في شهر”.

اَلنَّمِيمَةُ مَوْلُودٌ حَرَامٌ، اِجْتَمَعَ فِي رَحِمِ حَرَامٍ، بَيْنَ اَلنُّطْفَةِ اَلَّتِي تَخْرُجُ مِنْ اَلْحَسَدِ، وَاَلَّتِي تَجْتَمِعُ بِالْغِيبَةِ وَالسَّعَايَّة وَالْوِشَايَةُ.

مِنْ نَمَّ فِي اَلنَّاسِ، لَمْ تَأْمَنْ عَقَارِبَهُ * * عَلَى اَلصَّدِيقِ، وَلَمْ تَأْمَنْ أَفَاعِيَهُ

كَالسَّيْلِ بِاللَّيْلِ لَا يَدْرِي بِهِ أَحَدٌ * * مِنْ أَيْنَ جَاءَ وَلَا مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهُ

فَالْوَيْلْ لِلْعَهْدِ مِنْهُ كَيْفَ يَنْقُضُهُ * * وَالْوَيْلُ لِلْوِدِّ مِنْهُ كَيْفَ يُثْنِيهُ

أَيُّهَا اَلنَّمَّامُ . . أَيُّهَا اَلْبَعِيدِ : رِفَاقُكَ فِي اَلطَّرِيقِ، أُمٌّ جَمِيلٍ، أَرْوَى بِنْتُ حَرْبٍ، زَوْجَةُ أَبِي لَهَب، اَلَّتِي قَالَ اَللَّهُ عَنْهَا ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اَلْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ:، حَمَّالَةَ اَلْحَطَبِ، أَيْ أَنَّهَا كَانَتْ تمشي باَلنَّمِيمَةُ، وَسَمَّاهَا اَللَّهُ حَطَبًا، لِأَنَّهَا وَقُودُ اَلنَّارِ اَلَّذِي يُشْعِلُ اَلْبُيُوتَ نَارًا وَشَرَارًا.

أَيُّهَا اَلنَّمَّامُ اَلْبَعِيدُ . . رِفَاقُكَ فِي اَلطَّرِيقِ اِمْرَأَةَ نُوحْ وَاِمْرَأَةُ لُوطْ، اَللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَضَرْبَ بِهُمَا اَلْمَثَلُ لِلْكَافِرِينَ ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) قَالَ أَهْلَ اَلْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ : خِيَانَتُهُمَا باَلنَّمِيمَة، وأَنَّهُمَا كَانَا يَنْقُلَانِ اَلْكَلَامُ إِلَى اَلْكُفَّارِ.

كُمُّ مِنْ أُنَاسِ قَوْلُهمْ لَا يَنْفَعُ * * لَكِنَّهُ مِثْلٌ اَلْعَقَارِبِ يَلْسَعُ

جَبْرْ اَلْخَوَاطِرِ، ذَاكَ دَأَبُ أَوَّلِيِّ اَلنُّهَى، * * وَتَرَى اَلْجَهُولَ بِكَسْرِهَا يَتَمَتَّعُ

فَأَجْعَل كَلَامَكَ بَلْسَمًا فِيهِ اَلشِّفَاءَ * * لَا مِشْرَطًا يُدْمِي اَلْقُلُوبَ وَيُوجِعُ

اَلنَّمَّامُونَ .. اَلْمُغْتَابُونَ .. يَأْكُلُونَ اَلْجِيَف، تَرَكُوا مَا أَحَلَّ اَللَّهُ مِنْ اَلْأَنْعَامِ، وَأَقْبَلُوا عَلَى اَلْجِيَفِ وَعَلَى اَلْمَوْتَى، ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ). فِي حَدِيثِ اِبْنْ عَبَّاسْ أَنَّ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَيْلَةَ أُسَرِيٍّ بِهِ، نَظَرٌ فِي اَلنَّارِ فَإِذَا قَوَّمَ يَأْكُلُونَ اَلْجِيَفُ، ( قَالَ مِنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلْ: ، قَالَ هَؤُلَاءِ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومُ اَلنَّاسِ ).

وَالْجَنَّةُ مَخْتُومٌ عَلَيْهَا، أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا قَتَاتْ، وَلَا يَلِجُ إِلَيْهَا نَمَّامٌ. فِي حَدِيثِ حُذَيْفَة اَلصَّحِيحَ، أَنَّ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ:، ( لَا يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ نَمَّامٌ )

لَا يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ نَمَّامٌ، اِجْعَلُوهَا شِعَارًا ، تُكْبَحُونَ بِهَ كُلُّ نَاقِلِ كَلَامٍ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قِيلَ لَهُ ( يَا رَسُولُ اَللَّهِ، إِنَّ فَلِانَّهَ، تَقُومَ اَللَّيْلَ، وَتَصُومَ اَلنَّهَارَ، وَتَفْعَلُ وَتُصَدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ عليه الصلاة والسلام لَا خَيْرَ فِيهَا هي مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ ). كُمّ مِنْ حَسَنَاتٍ، ذَهَبَت بِهَا اَلنَّمِيمَةُ فَجَعَلَتْهَا فِي كِفَّةِ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ سَعَى اَلْإِنْسَانُ بِالْوَقِيعَةِ فِيهِمْ، أَتَدْرُونَ مِنْ اَلْمُفْلِسِ ؟ قَالُوا اَلْمُفْلِسُ فِينَا مِنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاع، قَالَ لَا، اَلْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي بِحَسَنَاتِ كَأَمْثَالِ جِبَالِ تُهَامَة، هُوَ يَصُومُ اَلنَّهَارَ، وَيَقُومَ اَللَّيْلَ، وَيَعْكُفَ فِي اَلْمَسَاجِدِ، وَيُكَرِّرُ اَلْخَتْمَاتْ تِلْوَ اَلْخَتْمَاتْ، وَيَتَصَدَّقُ هُنَا وَهُنَاكَ، .. لَكِنْ فِي حَسَنَاتِهِ تَسْرِيب، .. تَذْهَبُ حَسَنَاتِهِ إِلَى مِنْ يَبْغُضُ، وَإِلَى مَنْ يَكْرَهُ، وَإِلَى مِنْ يَغْتَابُ، وَإِلَى مَنْ يَسْعَى بِالْوِشَايَةِ فِيهِمْ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ هَذِهِ اَلْآفَةِ رُبَّمَا لَا يُسَلِّمُ مِنْهَا حَتَّى خِيَارِ اَلنَّاسِ مِنْ اَلصَّائِمِينَ وَالصَّادِقِينَ أَوْ اَلْمُتَصَدِّقِينَ.

عَنْ أَنَسْ، رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ، ( أَنَّ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِمَا عَرَّجَ بِهِ ، مَرَّ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارُ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمِشُونْ وُجُوهُهُمْ وَصُدُورُهُمْ ، قَالَ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَلَّتْ مِنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلْ ، قَالَ هَؤُلَاءِ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومُ اَلنَّاسِ ، وَيَقَعُونَ فِي  أَعْرَاضِهِمْ

قَالَ اِبْنْ حَزْمْ رَحِمَهُ اَللَّهُ فِي طَوْقِ اَلْحَمَامَةِ (وَمَا فِي جَمِيعِ اَلنَّاسِ شَرَّ مِنْ اَلْوُشَاةِ وَهُمْ اَلنَّمَّامُونَ ، وَإِنَّ اَلنَّمِيمَةَ لِطَبْعٍ يَدُلُّ عَلَى نَتِنٍ اَلْأَصْلِ ، وَعَلَى رَدَاءَةِ اَلْفَرْعِ ، وَعَلَى فَسَادِ اَلطَّبْعِ ، وَعَلَى خُبْثِ اَلنَّشْأَةِ ، وَلَا بُدَّ لِصَاحِبِهِ مِنْ اَلْكَذِبِ ، وَالنَّمِيمَةُ فَرْعَ مِنْ فُرُوعِ اَلْكَذِبِ ، وَنَوْعَ مِنْ أَنْوَاعِهِ ، وَكُلُّ نَمَّامٍ كَذَّابٍ ).

فَإِنَّ عَبَّتْ قَوْمًا، بِاَلَّذِي فِيكَ مَثَلَهُ، * * فَكَيْفَ يَعِيبُ اَلنَّاسَ، مِنْ هُوَ أَعْوَرُ

وَإِنْ عَبَّتْ قَوْمًا بِاَلَّذِي لَيْسَ فِيهِمْ * * فَذَلِكَ عَنْ اَللَّهِ وَالنَّاسِ أَكْبَرُ

وَقَدِيمًا قِيلَ ( عَمَلُ اَلنَّمَّامِ أَضَرَّ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطَانِ ، فَإِنَّ عَمَلَ اَلشَّيْطَانِ بِالْوَسْوَسَةِ وَعَمِلَ اَلنَّمَّامُ بِالْمُوَاجَهَةِ )

بَارَكَ اَللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي اَلْقُرْآنِ اَلْعَظِيمِ وَنَفَّعَنَا وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ اَلْآيَاتِ وَالذَّكَرِ اَلْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاسْتَغْفَرَ اَللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ اَلْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورْ اَلرَّحِيمِ

 

 

اَلْخُطْبَةِ اَلثَّانِيَةِ

اَلْحَمْدَ لِلَّهِ عَلَى إنْعَامِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ ، وَصَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ ، عَلَى خَيْرٍ خَلَقَهُ مُحَمَّدْ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَةٍ وَإِخْوَانُهُ

أَمَّا بُعْدٌ : أَلَا تَتَّفِقُونَ مَعِي أَنَّهَا دَاهِيَةً دَهْيَاءْ ، وَأَنَّهَا ثَالِثَةً اَلْأَثَافِي ، وَأَنَّ هَذَا اَلدَّاءِ ، نَخْرٌ فِي اَلْمُجْتَمَعِ مَا نَخْرٌ أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: اَلْغَيْبَةَ وَالنَّمِيمَةَ، وَالْكَذِبُ وَالْوِشَايَةُ وَالسَّعَايَّة، بَاتَتْ اَلْيَوْمَ فَاكِهَةَ اَلْقُرَّاءِ، وَضِيَافَةُ اَلْفُسَّاقِ، وَمَرَاتِعُ اَلنِّسَاءِ، وَهِيَ إِدَامْ كِلَابِ اَلنَّاسِ وسفلتهم.

بَاتَتْ اَلْغَيْبَةُ فَاكِهَةَ اَلْمَجَالِسِ، يَنْتَقِلُونَ بِهَا فِي اَلْمُجْتَمَعِ اَلْحَقِيقِيِّ وَالْمُجْتَمَعِ اَلِافْتِرَاضِيِّ، وَسَهَّلَتْ نَقْلَهَا وَسَائِلَ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ، لَكِنَّ تَعِسًا لِأُولَئِكَ اَلْمُغْتَابِينَ وَتَعِسًا لِأولَئْكْ اَلنَّمَّامِينَ، يَذْهَبُونَ بِأُجُورِهِمْ هُنَا وَهُنَاكَ حَتَّى تَفْنَى أُجُورَهُمْ فَإِذَا فَنِيَتْ، أَخْذُ مِنْ سَيِّئَاتٍ مِنْ اِغْتَابُوا أَوْ نَمُوًّا فَطَرَحَتْ فِيهِمْ ثُمَّ طَرَحُوا فِي اَلنَّارِ والعياذ بالله.

يُشَارِكُكَ اَلْمُغْتَابُ فِي حَسَنَاتِهِ * * وَيُعْطِيكَ أَجْرَ صِيَامِهِ وَصِلَاتِهِ

وَيَحْمِلُ وِزْرًا عَنْكَ ضَنَّ بِحَمْلِهِ * * عَنْ اَلنَّجَبْ مِنْ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ

حَدَثَ عَطَاءَ اِبْنَ اَلسَّائِبِ، اَلشَّعْبِيَّ، عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنْ بْنْ عَبْدِ اَللَّهْ بْنْ سَابِطْ أَنَّهُ قَالَ:، لَا يَسْكُنُ مَكَّةَ سَافِكٌ دَمٍ، وَلَا آكِلَ رَبًّا، وَلَا مَشَّاءً بَنْمِيمْة، فَعَجِبَ عَطَاءُ اِبْنَ اَلسَّائِبِ، كَيْفَ عَدَلَ اَلنَّمِيمَةَ بِسَفْكِ اَلدَّمِ وَأَكْلِ اَلرِّبَا، فَقَالَ اَلشَّعْبِيَّ: وَمَا يُعْجِبُكَ مِنْ هَذَا؟ هَلْ تُسْفَكُ اَلدِّمَاءُ وَتَرْكَبُ اَلْعَظَائِمُ إِلَّا بِالنَّمِيمَةِ،

هَلْ قَطَعَتْ اَلْأَوَاصِرُ، وَانْفَصَمَتْ اَلْعُرَى، وَتَدَابُرَ اَلْمُتَصَافُونَ، إِلَّا بِالنَّمِيمَةِ، هَلْ قُطِعَتِ اَلرِّقَابُ وَأَزْهَقَتْ اَلدِّمَاءُ، إلَا بِالنَّمِيمَةِ، هَلْ طُلِّقَتْ اَلنِّسَاءُ وَخَرَّبَتْ اَلْبُيُوتُ، إِلَّا بِالنَّمِيمَةِ، هَلْ فَسَدَ اَلْوِدُّ، وَحَلَّقَتْ اَلْعُرَى، إِلَّا بِالنَّمِيمَةِ تِلْكُمْ لَعَمْرُ اَللَّهِ اَلْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تُحَلِّقُ اَلرَّأْسَ وَلَكِنْ تُحَلِّقُ اَلدِّينَ.

وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى وَهْبْ بْنْ مُنَبِّهْ فَقَالَ :، إِنَّ فُلَان يَقُولُ فِيكَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لَهُ وَهْبْ بْنْ مُنَبِّهْ :، أَمَّا وَجَدَ اَلشَّيْطَانُ بَرِيدَاً أَحْسَنَ مِنْكَ

لَا تَقَبَّلْنَ نَمِيمَةً بُلِغَتَهَا * * وَتَحَفَّظْنَ مِنْ اَلَّذِي اَنْبَاكْهَا

إِنَّ اَلَّذِي أَهْدَى إِلَيْكَ نَمِيمَةً * * سَيَنِمُّ عَنْكَ بِمِثْلِهَا قَدْ حَاكَهَا

قَالَ رَجُلٌ لِعَمْروْ بْنْ عُبَيْدْ:، ( إِنَّ فُلَان لَا يَزَالُ يَذْكُرُكَ بَشَرٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْروْ: يَا هَذَا، مَا رَاعَيْتَ حَقَّ مُجَالَسَةِ اَلرَّجُلِ حَيْثُ نَقَلَتْ إِلَيْنَا حَدِيثَه، وَلَا أَدَّيَتْ حَقِّي، حَيْثُ أَغْمَمْتِنِي عَنْ أَخِي، وَلَكِنْ أَعْلَمَهُ أَنَّ اَلْمَوْتَ يَعُمُّنَا، وَأَنَّ اَلْقَبْرَ يَضْمَنَا، وَأَنْ اَلْقِيَامَة تَجْمَعُنَا، وَأَنَّ اَللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ اَلْحَاكِمِينَ )

هَذَا فِي حَقِّ اَلنَّمَّامِ وَالْمُغْتَابِ . . مَاذَا عَنْكَ أَنْتَ ؟ ، مَاذَا عَنِّي أَنَا ؟ ، نُكَوِّنُ شُرَكَاءُ فِي هَذِهِ اَلْوَقِيعَةِ وَفِي هَذَا اَلْإِثْمِ ، إِذَا سَمَحْنَا لَهُمْ أَنْ يُتَمِّمُوا هَذَا اَلْجُرْمْ، إِذَا أَصْبَحْنَا أُذُنٌ، نَسْتَمِعُ لَهُمْ مَا يُلْقُونَ مِنْ قَاذُورَاتٍ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ أُذُنٌ.

عَنْ أَبِي اَلدَّرْدَاءْ ، أَنَّ اَلنَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَالَ:، ( مِنْ رَدَّ عَنْ عَرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اَللَّهِ عَنْ وُجْهَةِ اَلنَّارَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ )، وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءْ بِنْتْ يَزِيدْ قَالَتْ، قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مِنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ أَخِيهِ فِي اَلْغَيْبَةِ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اَللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنْ اَلنَّارِ ).

وَسَمْعَكَ صُنْ، عَنْ سَمَاعِ اَلْقَبِيحِ، * * كَصَوْنِ اَللِّسَانِ عَنْ اَلنُّطْقِ بِهِ

فَإِنَّكَ عِنْدَ سَمَاعِ اَلْقَبِيحِ * * شَرِيكُ لِقَائِلِهِ فَأَنْتَبِه

هَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا . . اَلْعِبْرَةُ لَيْسَتْ فِي اَلنَّمَّامِ وَلَا فِي اَلْمُغْتَابِ وَلَا فِي اَلْكَذَّابِ، اَلْعِبْرَةُ أَيْضًا فِينَا نَحْنُ، وَلَمَّا سَمَحَ بَعْضُ اَلْأَخْيَارِ أَنْ يَكُونُوا أُذُن وَقَّعُوا فِيمَا لَا يَقَعُ فِيهِ أَحَدٌ، وَقَّعُوا فِي اَلْجَرِيمَةِ اَلْكُبْرَى، أَلَمٌ تَسْمَعُوا حَدِيثُ اَلْإِفْكِ اَلَّذِي رَمَى بِهِ فِرَاشُ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَوَقَعَ اَلْوَاقِعُونَ فِي أَطْهَرِ عَرْضٍ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ، فِي عَائِشَةَ اَلصَّدِيقَةَ بِنْتِ اَلصَّدِيقِ، لَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ اَلْكَارِثَةِ ثَلَاثَةَ مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حَدَّهُمْ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلْدَهُمْ وَلَا نِزَالَ نَتْرَضِىْ عَلَيْهِمْ فِي اَلْمَنَابِرِ، لَكِنَّهُمْ لِمَا سَمَحُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أُذُن وَقَّعُوا فِي هَذِهِ اَلْجَرِيرَةِ، اَلْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ أُذْنٌ لِمِثْلٍ هَذِهِ اَلْقَالَة، وَمَوْقِفُ اَلْمُؤَمَّنِ فِي مِثْلٍ هَذِهِ اَلْأَحْدَاثِ، أَنْ يَقُولَ، ابَرَءْ إِلَى اَللَّهِ، ( لَوْلَا إِذْ سَمَعَتَمُونْ ضَنَّ اَلْمُومْنُونْ وَالْمُومْنَاتْ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ).

هُنَاكَ سِتُّ وَاجِبَاتٍ أَمَامَ اَلْمُغْتَابِ وَالنَّمَّامِ وَالسَّاعِي بِالْوِشَايَةِ يَجِبُ تَذَكُّرُهَا دَوْمًا:

أَوْلَاهَا : أَنَّ لَا تُصَدِّقَهُ لِأَنَّ اَلنَّمَّامَ فَاسِق وَلَوْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ اَلنَّاسِ وَأَعْبُدُ اَلنَّاسَ.

ثَانِيَهَا: أَنْ تَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ.

ثَالِثُهَا : أَنْ تُبْغِضَهُ لِأَنَّهُ بَغِيضٌ إِلَى اَللَّهِ.

رَابِعُهَا : أَنْ تَضَنَّ بَأخِيكْ خَيْرًا.

خَامِسُهَا : أَنَّ لَا يَحْمِلُكَ مَا بَلَغَكَ ، عَلَى أَنْ تَتَجَسَّسَ عَلَى أَخِيكَ.

سَادِسُهَا : أَنَّ لَا تَقَعَ فِيمَا نَهَيَتْ عَنْهُ، مِنْ نَقْلِ اَلْكَلَامِ إِلَى شَخْصٍ آخَرَ، فَتَنْهَى عَنْ اَلنَّمِيمَةِ وَتَقَعُ فِي مَثَلِهَا.

وَمِنْ يُطِعْ اَلْوَاشِينَ ، لَا يَتْرُكُوا لَهُ * * صَدِيقًا وَإِنْ كَانَ اَلْحَبِيبُ اَلْمَقَرْبَا

هَذَا وَصَلُوا وَسَلَّمُوا عَلَى اَلرَّحْمَةِ اَلْمُهْدَاةِ مُحَمَّدْ بْنْ عَبْدِ اَللَّهْ . . . . .

المرفقات

1674194484_خطبة الجمعة 27-06-1444هـ أمسك عليك لسانك.docx

1674194485_خطبة الجمعة 27-06-1444هـ أمسك عليك لسانك.pdf

المشاهدات 1427 | التعليقات 0