أمثالٌ قرآنية عظيمة فتأملوها

أبامحمد أبامحمد
1443/07/19 - 2022/02/20 17:43PM
خطبة مختصرة أُ لقيت منذ سنوات أضعها بين بيديكم عسى أن تروق لكم
المرفقات

1645379023_أمثالٌ قرآنية عظيمة30-5-1439هـ.docx

1645379023_أمثالٌ قرآنية عظيمة30-5-1439هـ.pdf

المشاهدات 1280 | التعليقات 1

 

أمثالٌ قرآنية عظيمة30-5-1439هـ

الخطبة الأولى

إن  الحمد لله  نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ،ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ،واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم ، أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } أما بعد فإن أمثال القرآن لها بلاغة خاصة لا يدركها إلا العارف بأسرار اللغة العربية ،قال بعض السلف "إذا سمعتُ المثل في القرآن فلم أفهمه بكيتُ على نفسي؛ لأن الله تعالى يقول(وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون( ويقول السيوطي رحمه الله "من أعظم علوم القرآن علم أمثاله، والناس في غفلة عنه؛ لاشتغالهم بالأمثال، وإغفالهم الممثلات، والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام، والناقة بلا زمام".

 أيها المسلمون والمسلمات في القرآن الكريم من صريح الأمثال واحد وأربعون مَثلا ومن دلائل رحمة الله عز وجل وحبه وتودده لعباده ضرب الأمثال فهو المتعالي والغني عنهم إلا أنه ضرب الأمثال لسهولة الفهم والإدراك ولسهولة الوصول إليه حتى لا يكون لأحد عليه حجة يوم القيامة وسنعرض في هذه الخطبة إلى ثلاثة منها فشنفوا رعاكم الله  الآذان وأحضروا القلوب لتستفيدوا وتفيدوا وفقكم الله ورعاكم  يقول الباري تبارك وتعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ*أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } قال السعدي رحمه الله في تفسيره ضرب الله في هذه الآيات ثلاثة أمثلة: للمنفق ابتغاء وجهه، ولم يتبع نفقته منا ولا أذى، ولمن أتبعها منا وأذى، وللمرائي  فأما الأول، فإنه لما كانت نفقته مقبولة مضاعفة، لصدورها عن الإيمان والإخلاص التام { ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم } أي: ينفقون، وهم ثابتون على وجه السماحة والصدق، فمثل هذا العمل { كمثل جنة بربوة } وهو المكان المرتفع، لأنه يتبين للرياح والشمس، والماء فيها غزير فإن لم يصبها ذلك الوابل الغزير، حصل طل كاف، لطيب منبتها، وحسن أرضها، وحصول جميع الأسباب الموفرة لنموها وازدهارها وإثمارها. ولهذا { آتت أكلها ضعفين } أي: متضاعفا وهذه الجنة التي على هذا الوصف، هي أعلى ما يطلبه الناس، فهذا العمل الفاضل بأعلى المنازل

وأما من أنفق لله، ثم أتبع نفقته منا وأذى، أو عمل عملا، فأتى بمبطل لذلك العمل، فهذا مثله مثال صاحب هذه الجنة، لكن سلط عليها { إعصار } وهو الريح الشديدة { فيه نار فاحترقت } وله ذرية ضعفاء ، وهو ضعيف قد أصابه الكبر فهذه الحال من أفظع الأحوال، ولهذا صدرهذا المثل بقوله{ أيود أحدكم }إلى آخرها بالاستفهام المتقرر عند المخاطبين فظاعته، فإن تلفها دفعة واحدة، بعد زهاء أشجارها، وإيناع ثمارها، مصيبة كبرى ثم حصول هذه الفاجعة وصاحبها كبير قد ضعف عن العمل، وله ذرية ضعفاء، لا مساعدة منهم له، ومؤنتهم عليه فاجعة أخرى، فصار صاحب هذا المثل، الذي عمل لله، ثم أبطل عمله بمناف له، يشبه حال صاحب الجنة، التي جرى عليها ما جرى، حين اشتدت ضرورته إليها 

المثل الثالث: الذي يرائي الناس، وليس معه إيمان بالله، ولا احتساب لثوابه، حيث شبه قلبه بالصفوان، وهو الحجر الأملس، عليه تراب يظن الرائي أنه إذا أصابه المطر، أنبت كما تنبت الأراضي الطيبة، ولكنه كالحجر، الذي أصابه الوابل الشديد، فأذهب ما عليه من التراب، وتركه صلدا وهذا مثل مطابق لقلب المرائي، الذي ليس فيه إيمان، بل هو قاس لا يلين ولا يخشع فهذا أعماله ونفقاته لا أصل لها، تؤسس عليه، ولا غاية لها، تنتهي إليها، بل ما عمله، فهو باطل، لعدم شرطه والذي قبله بطل بعد وجود الشرط، لوجود المانع، والأول مقبول مضاعف، لوجود شرطه الذي هو الإيمان والإخلاص والثبات، وانتفاء الموانع المفسدة.

عباد الله هذه الأمثال الثلاثة، تنطبق على جميع العاملين، فليزن العبد نفسه وغيره بهذه الموازين العادلة، والأمثال المطابقة(وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الذكر الحكيم أقول ماسمعتم واستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى  جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا  أما بعد فلنرجع إلى الأمثال مرة ثانية فتأملوا معي قوله تعالى (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ265)قال السعدي رحمه الله فيا لله لو قدر وجود بستان في هذه الدار بهذه الصفة لأسرعت إليه الهمم وتزاحم عليه كل أحد، ولحصل الاقتتال عنده، مع انقضاء هذه الدار وفنائها وكثرة آفاتها وشدة نصبها وعنائها، وهذا الثواب الذي ذكره الله كأن المؤمن ينظر إليه بعين بصيرة الإيمان، دائم مستمر فيه أنواع المسرات والفرحات، ومع هذا تجد النفوس عنه راقدة، والعزائم عن طلبه خامدة، أترى ذلك زهدا في الآخرة ونعيمها، أم ضعف إيمان بوعد الله ورجاء ثوابه؟! وإلا فلو تيقن العبد ذلك حق اليقين وباشر الإيمان به بشاشة قلبه لانبعثت من قلبه مزعجات الشوق إليه، وتوجهت همم عزائمه إليه، وطوعت نفسه له بكثرة النفقات رجاء المثوبات

عباد الله وتأمل آخر في قوله تعالى( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ....266) يقول السعدي رحمه الله لو قدر أن الحزن يقتل صاحبه لقتله الحزن، كذلك من عمل عملا لوجه الله فإن أعماله بمنزلة البذر للزروع والثمار، ولا يزال كذلك حتى يحصل له من عمله جنة موصوفة بغاية الحسن والبهاء، وتلك المفسدات التي تفسد الأعمال بمنزلة الإعصار الذي فيه نار، والعبد أحوج ما يكون لعمله إذا مات وكان بحالة لا يقدر معها على العمل، فيجد عمله الذي يؤمل نفعه هباء منثورا، ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب فلو علم الإنسان وتصور هذه الحال وكان له أدنى مسكة من عقل لم يقدم على ما فيه مضرته ونهاية حسرته ولكن ضعف الإيمان والعقل وقلة البصيرة يصير صاحبه إلى هذه الحالة التي لو صدرت من مجنون لا يعقل لكان ذلك عظيما وخطره جسيما، فلهذا أمر تعالى بالتفكر وحثَّ عليه، فقال{ كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون }ثم صلوا وسلموا عباد الله على نبينا محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك فقال قولا كريما إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما  فاللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم اعز الإسلام والمسلمين واحمي حوزة الدين اللهم انصر دينك وسنة نبيك وعبادك الصالحين المصلحين اللهم اهد ضال المسلمين  اللهم فرج كرب المكروبين من المسلمين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح اللهم ولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكر والله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون