أَلَمْ تَعلَمُوا أَثَرَ الوِرّدِ اليَوْمِيِ وَفَضَائِلَهُ.3/6 /1442هـ

عبد الله بن علي الطريف
1442/03/06 - 2020/10/23 14:40PM
أَلَمْ تَعلَمُوا أَثَرَ الوِرّدِ اليَوْمِيِ وَفَضَائِلَهُ. 6/3/1442هـ
الحَمدُ للهِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، البَشِيرُ النَذِيرُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أُلِي العَزْمِ والتَشْمِيرِ وَتَسْلِيمًا كَثِراً..
أَمَا بَعْدُ أَيُهَا الإِخوَةُ: اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أنَّ أَعظمَ الأَعمالِ وأَحَبَها إلى اللهِ تعالى الذكر وقد رتَبَ اللهُ ورسُولُهُ عليه أجوراً عظيمة وفوائدَ جليلةً..
فيا أيها الأخُ المُباركُ هل رأَيتَ يوماً أَبرَكَ منْ يَومٍ كُنتَ فِيهِ من الذاكِرِينَ اللهَ والذاكرات.؟
وهل رأيت نفسَك أمنعَ منْ كلِ شَرٍ وشِريرٍ من يومٍ تحصنت فيه بهذه الحصونِ الإِلَهيةِ المنيعةِ.؟
فَأَيُ أوردٍ قلت.؟ وأيُ فضائِلَ حُزتْ أَنَسِيتَ أَنَّكَ لَما أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ قَرَأْتَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..). حَتَّى خَتَمْتَهَا وَمَن ْقَرَأَهَا فَلَنْ يَزَالَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلا يَقْرَبَنَّهُ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ.. رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ وأَنَّكَ قَرَأَتَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.. الآيتين) [البقرة:285-286] وَقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ»: رواه الترمذي عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ وصححه الألباني.
وَأَنَّكَ قَدْ قرَأَتَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ أَمْسَيتَ، وَحِينَ أَصْبَحْتَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَمَنْ قرَأَها كُفِيَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. رواه أبو داود والترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ وحسنه الألباني.
وَأَنَّكَ قَدْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: «بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، فِي الْأَرْضِ، وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ومَنْ قَالَها، «لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ، حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ» رواه أبو داود وصححه الألباني عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ.
أيها الأخ المبارك ألم تعلم أن الله تعالى وكل بك ملائكةً مسلحين يحمونك من كل أذى تعلمه أو لا تعلمه من أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ.. لما قلت: حِينَ أَصْبِحْتَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ" رواه أحمد وصححه شعيب الأرنؤوط عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ.  وسيكون لك مثل ذلك إن قلت ذلك حين تمسي..
وإليك بشارة تتمناها بشرك بها حبيبنا ﷺ لما قلت حين أصبحت: ".. رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا" فقد قال مرة: "كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" رواه أحمد عَنْ أَبِي سَلَّامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ خَادِمِ النَّبِيِّ ﷺ وهو صحيح لغيره، وأعظم رضاً تتمناه أن يدخلك الجنة فقال مرة أخرى: "وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" رواه أبو داود عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ وصححه الألباني بل وأعظم ضمان تتخيله ضمنه لك لما قال: "وَأَنَا الزَّعِيمُ لِآخُذَ بِيَدِهِ حَتَّى أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ" رواه الطبراني في الكبير عَنِ الْمُنَيْذِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ وصححه الألباني... فيا الله ما أكرمك وما أعظم جودك..
أحبتي: لم أر كالورد سببا لخيرات الدنيا والآخرة ولم أر مثله كافياً من أهوال القيامة وجحيمها.. وربما غفلنا عن فضل ذكرٍ عظيم نقوله صباحَ كلِ يوم ومساءَهُ وهو سبب لعتقنا من النار ونحن لا نشعر هو قولنا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ" أَرْبَعَ مَرَاتٍ أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ" رواه أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ وحسنه بعض أهل العلم وضعفه بعضهم.. واعلم أيها المبارك: أنك بقولك «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ» رواه البخاري عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فإنْ قُالْتهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمِتَ مِنْ يَوْمِك قَبْلَ أَنْ تُمْسِيَ، فَأَنتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إنْ قُالْتهَا مِنَ اللَّيْلِ مُوقِنًا بِهَا، فَمِتَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحَ، فَأَنتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
وأنك بقولك سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَئت بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قُلت أَوْ زَادَ عَلَيْكَ. رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ عَنْ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
اللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات وألهمنا ذكرك وزدنا من فضلك.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه وأشكره على فضله وامتنانه أوجب على عباده صلاة الجماعة ورتب عليها الأجور المضاعفة فله الحمد في الأولى والآخرة وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]
أيها الإخوة: ينبغي للمسلم أن يحافظ عليه أذكار طرفي النهار وتسمى ورد الصباح والمساء وقد اشتملت على خير كثير يحصل للعبد إذا وفق لقولها، ويدفعُ الله بها عنه شراً كثيراً، وكلما كان القلب متواطئاً مع اللسان زاد أثرها وعظُم نفعها..
ووقتها قال عنه ابنُ القيم رحمه الله: في كتابه العظيم الوابل الصيب فقال رحمه الله: أنهما ما بين الصبح وطلوع الشمس، وما بين العصر والغروب، وستدل على ذلك بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الأحزاب:41،42] والأصيل كما قال أهل اللغة: هو الوقت بعد العصر إلى المغرب... وقال سبحانه: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ) [غافر:55] فالإبكار أولُ النهار والعشيُّ آخرُه... وقال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) [ق:39] ثم قال رحمه الله: وهذا تفسير ما جاء في الأحاديث أن من قال كذا وكذا حين يصبح وحين يمسي أن المراد به قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وأن محل هذه الأذكار بعد الصبح وبعد العصر. أ هـ  رحمه الله. 
من نسيها أو شغل فليؤديها متى ذكرها أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا من الذاكرين ويوفقنا للحق المبين ويدفع عنا كل سوء إنه جواد كريم...
  
   
المشاهدات 680 | التعليقات 0