«أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ»

محمد البدر
1439/01/16 - 2017/10/06 00:54AM

الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ: عِبَادَ اللهِ : قَال تَعَالَى:﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3 – 4]

وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللهِ :السنة أمرها عظيم فهي المصدر الثاني من مصادر التشريع وهي المبينة للقرآن الكريم ، فعليكم بلزوم السنة والتسمك بها وتعظيمها.

فَعَنِ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللهِ :اعلموا أن الطريق إلى الجنة هو في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفتهم فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، إِلاَّ مَنْ أَبَى » قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فطاعته سببٌ لدخول الجنَّة، ومخالفة أمره سببٌ للوقوع في الفتنة والعذابِ الأليم ودخول النَّار.

قَال تَعَالَى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النساء: 59]

وقَال تَعَالَى:﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7] فأمر الرَّسول هو كأمر الله في الاتِّباع، ولا يحلُّ تقديم أيِّ قول بعد قول الله تعالى على قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل ورتَّب العذاب الشَّديد، والنَّكال على مَن يُخالف أمره فنحن نأخذ ما أُمِرنا به، ونخلع ما نُهِينا عنه.

عِبَادَ اللهِ :إن مخالفة السنة نذير شؤم في الدنيا والاخرة قَال تَعَالَى:﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، فالله يَنْصحهم بألاَّ يُخالفوا أمر الرسول؛ لأنه سيصيبهم شرٌّ من مُخالفته وعذابٌ أليم.

فعن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ» مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ:فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ )رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وقد أمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يطفئوا النار إذا أرادوا أن يناموا. فخالف ناس فتركوا النار وناموا فاحترقت بيوتهم فلما علم صلى الله عليه وسلم بذلك قال: « إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وأمر بتسوية الصفوف في الصلاة ، فلما رَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ قَالَ:«لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

أقول قولي هذا....

 

الخطبة الثانية:

عِبَادَ اللهِ : قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

واعلموا ياعِبَادَ اللهِ ان مخالفة السنة نذير شؤم في الدنيا والاخرة ،فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندما رأى بعض المسلمين يسبحون بالحصى فأنكر عليهم وقال(وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ. أو مُفْتَتِحِى بَابَ ضَلَالَةٍ! قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. فَقَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ. انظر: السلسلة الصحيحة للأَلبَانيُّ (2005).

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ، يُكْثِرُ فِيهَا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَنَهَاهُ فَقَالَ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَى الصَّلاَةِ ؟ قَالَ :لاَ وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ عَلَى خِلاَفِ السُّنَّةِ. رواه البيهقي وصحح إسناده الأَلبَانيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال: وهذا من بدائع أجوبة سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة!!وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك.(إرواء الغليل 2/236).

ألا صلوا وسلموا......

المشاهدات 1369 | التعليقات 0