أكلة النار!

تركي بن عبدالله الميمان
1445/07/26 - 2024/02/07 06:39AM
 
المشاهدات 971 | التعليقات 1

أَكَلَةُالْنَّار!

(آكِلُوا الحَـرَام)

 

ا

 

 
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إعداد: قناة الخطب الوجيزة

https://t.me/alkhutab
 
(نسخة للطباعة)

 

 

 

 

 

الخُطبةُ الأولى

إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ U؛ فَهِيَ القَاعِدَةُ والأَسَاسُ، وَهِيَ خَيْرُ لِبَاس! ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾.

عِبَادَ الله: حُفَّتِ النَّارُ بِالفِتَنِ وَالشَّهَوَات، وَمِنْ ذَلِكَ:فِتْنَةُ المَالِ، إِذَا انْشَغَلَ بِهِ البَال، عَنِ الآخِرَةِ وَالمآل!قال I: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾. وقال ﷺ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي المَالُ).

وَمِنْ فِتْنَةِ المَال؛ البَحْثُ عَنْهُ مِنْ أَيِّ مَصْدَرٍ كَان، وَلَوْعَلَى حِسَابِ الدِّيْنِ وَالإِيْمَانِ؛ فَقَدْ يَبِيْعُ الإِنْسَانُآخِرَتَهُ البَاقِيَة، ومُسْتَقْبَلَهُ الأَبَدِيّ- مُقَابِلَحَفْنَةِ مَالٍ، وَعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيل! قال ﷺ: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ: أَمِنْ حَلاَلٍ، أَمْ مِنْ حَرَامٍ؟!).

وَمَنْ يَأْكُلْ مَالاً حَرَامًا؛ فَهُوَ يُغَذِّي جِسْمَهُ؛ لِيَكُونَحَطَبًا لِـجَهَنَّم! قال ﷺ: (كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ؛فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ!).

وَأَكْلُ الحَرَامِ عَلَى قِسْمَين:

الأَوَّل: مَالٌ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ بالسَّرِقَةِ، أو الغِشِّ والتَّدْلِيْس. والثَّانِي: مَالٌ حَصَلَ عَلَيْهِ بِعُقُوْدٍ مُحرَّمةٍ: كَالرِّبَا، والمَيْسِرِ، والرّشْوَةِ، والقِمَارِ.

والمالُ الحَرَامُ، مَالٌ خَبِيْثٌ، مَنْزُوْعُ البَرَكَةِ، سَرِيْعُ الهَلَكَةِ! قال ابنُ عُثَيْمِيْن: (والأُجْرَةُ اليَسِيْرَةُالحَلَالِ؛ خَيْرٌ مِنَ الأُجْرَةِ الكَثِيْرَةِ الحَرَامِ؛ لِأَنَّالرَّجُلَ إِذَا اكْتَسَبَ مَالًا حَرَامًا؛ لَمْ يُبَارِكِ اللهُ لَهُفِيْه، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ؛ لَمْ يَقْبَلْهُ اللهُ مِنْه!)؛ فَـ(إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا).

وَالتَّعَامُلُ بِالرِّبَا: مِنْ أَبْشَعِ صُوَرِ المَالِ الحَرَامِ! قال Y: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾. قال ابنُ عَبَّاس t: (يُبْعَثُ آكِلُ الرِّبَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَجْنُونًا يُخْنَقُ). قال ﷺ: (الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا؛ أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ!).

وَالْخُمُوْرُ والمُخَدِّرَات؛ مِنَ الأَطْعِمَةِ المَلْعُوْنَةِ! قال ﷺ: (لَعَنَ اللهُ الخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا،وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا،وَالمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ). وَفِي الحَدِيْثِ الآخَرِ: (إِنَّ عَلَى اللهِU عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ المُسْكِرَ؛ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ) قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟)قَالَ: (عَرَقُ أَهْلِ النَّار!).

وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ؛ فَكُلُّ مَا تَنَاوَلَهُ الإِنْسَانُفي الدُّنْيَا مِنْ حَرَامٍ؛ فَاتَهُ نَظِيْرُهُ في الجَنَّةِ! قال ﷺ: (مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا؛حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ!).

وَمَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ اليَتَامَى؛ فَقَدْ أَدْخَلَ في جَوْفِهِ نَارًاتَتَأَجَّج! ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾.

قال السِّعْدِي: (هذا أَعْظَمُ وَعِيدٍ وَرَدَ في الذُّنُوبِ؛ يَدُلُّ على شَنَاعَةِ أَكْلِ أَمْوَالِ اليَتَامَى وَقُبْحِهَا، وأَنَّها مُوْجِبَةٌ لِدُخُوْلِ النَّار).

وَمَنْ شَرِبَ فِي إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ!

وَمِنْ أَنْوَاعِ الحَرَامِ: شُرْبُ الدُّخَانِ! وَقَدْ أَثْبَتَ الطِّبُّالحَدِيث؛ وُجُوْدَ العَشَراتِ مِنَ المُرَكَّبَاتِ السَّامَّةِ في السِّيْجَارَةِ الوَاحِدَة! فَيُخْشَى على شَارِبِ الدُّخَان؛ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَتَلَ نَفْسَه! قال ﷺ: (مَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ!).

وَمِنْ صُوَرِ الحَرَامِ: فَتْحُ المَحَلَّاتِ الَّتِي تَبِيْعُ الدخان والشِّيْشَة، أو تَدْعُو إلى المَعْصِيَةِ وَالرَّذِيْلَةِ، وَتَسْرِقُ الحَيَاءَ وَالفَضِيْلَة؛ فَمَا يَكْسِبُهُ مِنْ ذَلِكَكُلِّهِ؛ فَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ سُحْتٌ؛ لأَنَّ (اللهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا؛ حَرَّمَ ثَمَنَه).

وَلا يَجُوزُ تَأْجِيرُ العَقَارَاتِ، لِمَنْ يَبِيْعُ المُحَرَّمَات؛لِأَنَّهُ ذَلِكَ إِعَانَةٌ على المَعْصِيَةِ؛ وَتَعْرِيْضٌ لِلْأُمَّةِلِلْعُقُوْبَةِ المُعَجَّلَة!

قال Y: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

والتِّجَارَةُ بِالحَرَامِ: سَبَبٌ لِنَشْرِهَا بَيْنَ الأَنَامِ! قالَ I: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾. قال السِّعْدِي: (فَإِذَا كانَ هَذَا الوَعِيدُ؛ لِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِأَنْ تَشِيْعَ الفَاحِشَةُ، وَاسْتِحْلَاء ذَلِكَبِالقَلْبِ؛ فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ مِنْإِظْهَارِهِ وَنَقْلِهِ؟!).

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِدِيْنِه؛ فَلْيَتَجَنَّبِ المُشْتَبَهَ مِنَ المالِ والمُعَامَلَاتِ؛ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالى وَهُوَ خَفِيْفُ الظَّهْر؛ فَهذِهِ الدُّنْيا: حَلَالُـهَا حِسَابٌ، وحَرَامُهَا عِقَابٌ! قال عبدُ اللهِ بنُ المُبَارَك: (رَدُّ دِرْهَمٍ مِنْ شُبْهَةٍ، أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَم!).

أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.

أَمَّا بَعْدُ: فَمِنْ آفَاتِ أَكْلِ الحَرَامِ: أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ! فَقَدْ ذَكَرَ النبيُّ ﷺ: (الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ: أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ؛وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!).

وَمَنْ تَرَكَ الحَرَامَ للهِ ﷻ؛ عَوَّضَهُ خَيْرًا كثيرًا! ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.

وَمَهْمَا كَثُرَ الحَرَامُ وَطَال؛ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ إلى دَمَارٍ وزَوَال!وَمَنْ قَنَعَ بِالحَلَال، وَتَعَفَّفَ عَنِ الحَرَامِ؛ بُوْرِكَ لَهُ فيمَالِهِ ومَآلِه! ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾.

*******

* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.

* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.

* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.

* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

المرفقات

1707277245_‎⁨(أكلة النار) نسخة مختصرة⁩.pdf

1707277247_‎⁨(أكلة النار) نسخة للطباعة⁩.pdf

1707277247_‎⁨(أكلة النار) خط كبير⁩.pdf

1707277249_‎⁨(أكلة النار) خط كبير⁩.docx

1707277250_‎⁨(أكلة النار) نسخة للطباعة⁩.docx

1707277250_‎⁨(أكلة النار) نسخة مختصرة⁩.docx