أفضل الأيام

إبراهيم بن حمد العقيل
1440/12/01 - 2019/08/02 14:17PM
الحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ على عبادِهِ بِمواسِمِ الخَيْراتِ؛ ليَغْفِرَ لهُمُ الذُّنوبَ ويُجْزِلَ لهُمُ الهِباتِ، وَفَّقَ مَنْ شاءَ مِنْ عبادِهِ لاغتنامِهَا فأطاعَهُ واتَّقاهُ، وخَذلَ مَنْ شاءَ فأضاعَ أمرَهُ وعصَاهُ.
أحمَدُهُ أكمَلَ لنا الدِّينَ، وأتمَّ علينا النِّعمةَ، ورَضِيَ لنا الإسلامَ دينًا، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
أما بَعدُ, معاشِرَ المؤمنينَ: إنَّ مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعالى ونِعمِهِ العظيمةِ على عِبادِهِ أنْ هَيَّأَ لهُمُ المواسِمَ العظيمةَ والأيامَ الفاضلةَ، لتكونَ مَغْنَمًا للطَّائعينَ، ومَيدانًا لِتَنافُسِ المتنافِسينَ.
فإنَّ المواسِمَ موضوعةٌ لبلوغِ الأَمَلِ بالاجْتِهادِ في الطَّاعةِ، ورَفْعِ الخَلَلِ والنَّقْصِ بالاستِدْراكِ والتَّوبَةِ، "ومَا مِنْ هذهِ المواسِمِ الفاضلةِ موسِمٌ إِلَّا وللهِ تعالى فيهِ وَظِيفةٌ مِنْ وَظائفِ طاعاتِهِ، يُتَقرَّبُ بها إِليهِ، وللَّهِ فيهِ لطيفةٌ مِنْ لَطائفِ نَفَحاتِهِ، يُصيبُ بها مَنْ يشاءُ بفضلِهِ ورحمتِهِ عليهِ، فالسَّعِيدُ مَنِ اغتنمَ مواسمَ الشهورِ والأيامِ والسَّاعاتِ، وتقرَّبَ فيها إلى مَوْلاهُ بِما فِيها مِنْ وظائفِ الطَّاعاتِ، فعَسَى أنْ تصيبَهُ نفْحَةٌ مِنْ تلكَ النَّفحاتِ، فيَسْعدُ بها سعادةً يأمَنُ بعدَها مِنَ النَّارِ وما فيها مِنْ اللَّفَحَاتِ".
والأعمَارُ كُلُّها مواسِمُ يربَحُ فيها المُمْتَثِلُ المُطِيعُ، ويَخسَرُ فيها العاصِي المُضِيعُ، فعَلى المُسْلِمِ أنْ يعرِفَ قدْرَ عُمُرِهِ وقيمةَ حياتِهِ، فيُكثِرُ مِنْ عبادةِ ربِّهِ ويواظِبُ على فِعلِ الخيراتِ إلى المماتِ، قالَ اللهُ تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
ومِنْ هذهِ المواسمِ ما شَهِدَ النبيُّ  بأنَّها أفضَلُ أيامِ الدُّنْيا، أَلَا وَهِيَ عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ.
وقدْ فضَّلَ اللهُ تعالى عَشْرَ ذِي الحِجَّةِ على غَيْرِها مِنَ الأيامِ، فعَنِ ابْنِ عباسٍ عنِ النبيِّ  قالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».
فهَذَا الحديث وغيرُهُ -ممَّا صحَّ- دليلٌ على فَضْلِ أيامِ عَشْرِ ذِي الحجَّةِ على غَيْرِها مِنْ أيامِ السَّنَةِ مِنْ غيرِ استثناءِ شيءٍ مِنْها، حتَّى العَشْرِ الأواخِرِ مِنْ رمضانِ.
قالَ ابنُ كثيرٍ   : "وَبِالْجُمْلَةِ، فَهَذَا الْعَشْرُ قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ أَفْضَلُ أَيْامِ السَّنَةِ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ، فَفَضَّلَهُ كَثِيرٌ عَلَى عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْرَعُ فِيهِ مَا يُشْرَعُ فِي ذَلِكَ، مِنْ صِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهِ، وَيَمْتَازُ هَذَا بِاخْتِصَاصِهِ بِأَدَاءِ فَرْضَ الْحَجِّ فِيهِ.
وَقِيلَ: ذَاكَ أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
وَتَوَسَّطَ آخَرُونَ فَقَالُوا: أَيْامُ هَذَا أَفْضَلُ، وَلَيَالِي ذَاكَ أَفْضَلُ. وَبِهَذَا يَجْتَمِعُ شَمْلُ الْأَدِلَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
ولْيُعْلَمْ عبادَ اللهِ- أنَّ فضيلةَ هذِهِ العشْرِ جاءَتْ مِنْ أمورٍ كثيرةٍ مِنْها:
- أنَّ اللهَ تعالى أقسَمَ بِها، والإقْسَامُ بالشيءِ دليلٌ على أهميَّتِهِ وعِظَمِ نفْعِهِ، قالَ تعالَى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ), قالَ غيرُ واحدٍ منَ السلفِ والخلفِ: إِنَّها عشْرُ ذِي الحِجَّةِ.
- أنَّ الرسولَ  شَهِدَ بأنَّها أفضَلُ أيامِ الدُّنيا, وحَثَّ فِيها على العملِ الصالِحِ.
- أنَّ فيها يَومَ عرفَةَ ويومَ النَّحْرِ.
- أنَّ فيها الأَضْحِيَّةَ والحَجَّ.
قالَ الحافِظُ ابنُ حجرَ : "وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ". أهـ.
عبادَ اللهِ: إنَّ إدراكَ هذِهِ العَشْرِ نعمَةٌ عظيمةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ تعالى على العَبْدِ, يَقْدُرُها حَقَّ قَدْرِها الصَّالحونَ المشمِّرونَ، وإنَّ واجبَ المسلِمِ استشعارُ هذهِ النِّعمةِ، واغتنامُ هذهِ الفُرصةِ، وذلكَ بأنْ يَخُصَّ هذِهِ العشْرَ بمزيدِ عنايةٍ، وأنْ يُجاهِدَ نفسَهُ بالطاعَةِ، قالَ أبو عثمانَ النَّهديُّ : "كَانُوا يُعَظِّمُونَ ثَلاثَ عَشَرَاتٍ: الْعَشْرُ الأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ, وَالْعَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ, وَالْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ".
عبادَ اللهِ: إنَّ مِنْ فضلِ اللهِ على عِبادِهِ كَثْرَةَ طُرُقِ الخَيْرِ، وتنوُّعَ سُبلِ الطاعاتِ، ليَدومَ نشاطُ المسلِمِ، ويَبْقَى مُلازِمًا لطاعَةِ ربِّهِ وعِبادَتِهِ.
وفي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أعمالٌ فاضلةٌ وطاعاتٌ متعددةٌ يَنْبَغِي للمُسلِمِ أنْ يحْرِصَ عليها، ومِنْها:
- الصِّيامُ، فيُسَنُّ للمسلِمِ أنْ يصومَ تِسْعَ ذِي الحجَّةِ، لأنَّ النبيَّ  حثَّ على العملِ الصالِحِ فيها، والصيامُ مِنْ أفضلِ الأعمالِ، وقدِ اصْطفاهُ اللهُ تعالى لنَفْسِهِ، كما في الحديثِ القدسِيِّ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ», وعنْ أبِي أمامَةَ  قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ», وقالَ النبيُّ  فيما يَرويهِ عنْ ربِّه تعالى: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ», ومِنْ أحبِّ العباداتِ إلى اللهِ تعالى الصَّومُ, لا سِيَّما في هذِهِ الأيامِ الفاضلةِ.
قالَ النوويُّ : (صيامُها مستحَبٌّ استحبابًا شديدًا).
وأَمَّا ما اشْتُهِرَ عنْدَ بعضِ العَوامِّ ولا سِيَّما النساءُ مِنْ صيامِ ثلاثِ الحِجَّةِ، يَعنُونَ بها: اليومَ السابِعَ والثامنَ والتاسعَ. فهَذا التَّخصيصُ لا أصلَ لهُ.
- ومِنَ الأعمالِ الصالحةِ في هَذا العَشْرِ ذِكْرُ اللهِ تعالى بالتَّكْبيرِ والتَّهليلِ والتَّسبيحِ والاستِغْفارِ والدُّعاءِ، والذِّكْرُ مشروعٌ في سَائِرِ الأوقاتِ، مَحبوبٌ في جميعِ الأَحْوالِ؛ إِلَّا في أَحْوالٍ وَردَ الشَّرعُ باستثنائِهَا. قالَ تعالَى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ)
وعنْ أَبِي هريرةَ  قالَ: قالَ رسولُ اللهِ : «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ» قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ».
وقدِ استَدَلَّ العلماءُ على مشروعيَّةِ التكبيرِ في أيامِ العَشْرِ بقولِهِ تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ), فقَدْ وردَ عَنِ ابْنِ عباسٍ  أنَّهُ قالَ: (الأيامُ المعلوماتُ: أيامُ العَشْرِ), وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ», وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ : «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا».
3- وإِنَّ مِنْ أفضَلِ ما يُعمَلُ في هَذا العَشْرِ حَجَّ بيتِ اللهِ الحرامِ، فمَنْ وفَّقَهُ اللهُ تعالى لحَجِّ بيتِهِ وقامَ بأداءِ نُسُكِهِ على الوَجْهِ المطلوبِ، فلَهُ نَصيبٌ -إنْ شاءَ اللهُ- مِنْ قولِ رسولِ اللهِ : «الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ».
----
أما بَعدُ, معاشِرَ المؤمنينَ: إنَّ العملَ الصالحَ محبوبٌ للهِ تعالى فِي هَذا العَشْرِ، وهَذا يَعْنِي فَضلَ العملِ فِيها وعِظَمَ ثوابِهِ عندَ اللهِ تَعالَى، فمَنْ لمْ يُمْكِنْهُ الحجُّ فعليهِ أنْ يعمُرَ هذهِ الأوقاتَ الفاضلةَ بطاعةِ اللهِ تَعالى مِنْ نَوافِلِ الصَّلاةِ، والقِراءَةِ، والصَّدقةِ، وبِرِّ الوالدَيْنِ، وصِلَةِ الأَرْحامِ، والأَمْرِ بالمعروفِ والنَّهْيِ عنِ المنكَرِ، وغَيْرِ ذلِكَ مِنْ طُرُقِ الخَيْرِ وسُبُلِ الطَّاعَةِ.
- ومِنَ الأعمالِ الصالحةِ في هَذا العَشْرِ التقرُّبُ إلى اللهِ تعالى بِذَبْحِ الأَضاحِيِّ وبَذْلِ المالِ في طاعَةِ اللهِ والتقرُّبِ إليهِ.
والأُضْحِيَّةُ: اسمٌ لما يُذبَحُ مِنَ الإبلِ والبقرِ والغنمِ يومَ النحرِ وأيامَ التشريقِ؛ تقرُّبًا إلى اللهِ تَعالى, وسُمِّيتْ بذلكَ لأنَّ أفضلَ زمنٍ لذَبْحِها ضُحَى يومِ العيدِ.
وهيَ مشروعةٌ بالكتابِ والسنةِ وإجماعِ الأمةِ, قالَ تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ): فأمَرَ اللهُ تعالى نبيَّهُ  أنْ يجمَعَ بينَ هاتينِ العِبادتينِ العظيمتينِ وهُما, الصلاةُ والنَّحْرُ, وهُما مِنْ أعظمِ الطاعاتِ وأجلِّ القُرُباتِ. عنْ أنسٍ  قالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ  بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».
قالَ ابنُ القيِّمِ : "لَمْ يَكُنْ يَدَعُ الْأُضْحِيَّةَ".
- ومِمَّا يتأكَّدُ في هَذا العَشْرِ التوبَةُ إلى اللهِ تعالى، والإقلاعُ عنِ المعاصِي وجميعِ الذُّنوبِ، والتخلُّصُ مِنْ مظالمِ العبادِ وحقوقِهِمْ، والتوبَةُ هي الرُّجوعُ إلى اللهِ تعالى مِمَّا يَكرَهُهُ اللهُ ظاهرًا وباطنًا إلى ما يُحِبُّهُ اللهُ ظاهرًا وباطنًا، ندمًا على ما مَضَى، وتَرْكًا في الحالِ، وعَزْمًا على أَلَّا يعودَ.
والواجِبُ على المسلِمِ إذا تلبَّسَ بمعصيةٍ أنْ يبادِرَ إلى التوبةِ دونَ تسويفٍ لأنَّهُ: أولًا: لا يَدْرِي في أيِّ لحظةٍ يموتُ، وثانيًا: أنَّ السيئاتِ تجرُّ أخواتِهَا، والمَعاصِي في الأيامِ الفاضِلةِ والأمكِنَةِ المفضَّلَةِ تغلُظُ، وعقابُها بقدْرِ فضيلةِ الزمانِ والمكانِ.
وللتوبةِ في الأزمنةِ الفاضلةِ شأنٌ عظيمٌ؛ لأنَّ الغالبَ إقبالُ النفوسِ على الطاعاتِ ورغبَتُها في الخيرِ، فيحصُلُ الاعترافُ بالذنبِ والندمُ على ما مَضَى، وإِلَّا فالتوبةُ واجبةٌ في جميعِ الأزمانِ، ولكِنْ مِنْ أسبابِ قَبولِ الأعمالِ وترتُّبِ المغفرةِ والرحمةِ أنْ يتوبَ المؤمِنُ إلى ربِّهِ، والمعاصِي سببُ البُعْدِ والطَّرْدِ، والطاعاتُ أسبابُ القُرْبِ والوُدِّ، فإذا اجتمَعَ للمسلِمِ توبَةٌ نصوحٌ مِنْ أعمالٍ فاضلةٍ في أزمنةٍ فاضلةٍ، فهَذا عُنوانُ الفلاحِ إِنْ شاءَ اللهُ، قالَ اللهُ تعالى: (فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ), فليَحْرِصِ المسلمُ على مواسِمِ الخيرِ؛ فإنَّها سريعةُ الانقضاءِ، وليُقَدِّمْ لنفسِهِ عملًا صالحًا يجدُ ثوابَهُ أحوجَ ما يكونُ إليهِ، "فَإِنَّ الثَّوَاءَ قَلِيلٌ, وَالرَّحِيلَ قَرِيبٌ، وَالطَّرِيقَ مَخُوفٌ، وَالِاغْتِرَارَ غَالِبٌ، وَالْخَطَرَ عَظِيمٌ، وَالنَّاقِدَ بَصِيرٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى بِالْمِرْصَادِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَعَادُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)".

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ الْتَقَى *** وَلاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا

نَدِمْتَ عَلَى أَلا تَكُونَ كَمِثْلِهِ *** وَأَنَّكَ لَمْ تُرْصِدْ بِمَا كَانَ أَرْصَدَا

المرفقات

وليال-عشر

وليال-عشر

المشاهدات 589 | التعليقات 0