أفضل أيام العام عشر ذي الحجة
حسين بن حمزة حسين
(أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمُرُوا مَوَاسِمَ الْخَيْرَاتِ بالطَّاعَاتِ، وَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الشَّعَائِرِ وَالْحُرُمَاتِ، فَإِنَّكُمْ تَسْتَقْبِلُونَ أَفْضَلَ أَيَّامِ الْعَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ عشر ذي الحجة( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ
معاشر المسلمين: ولقد عَمَّ فضْل الله على أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، يومَ أنْ خصَّهم بأيَّامٍ فاضِلات يُضاعف فيها الأجر والثَّواب أقسم الله فيها تعظيما لقدرها فقال تعالى (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) تلك العشر المبارَكات التي قرُبت أيَّامها، أوْدَع الله فيها من الفَضائِل ما لم يُودِعه في غيرها. فهي عشر مباركة؛ لها مكانة عظيمة عند الله تعالى، كثيرة الحسنات، عالية الدرجات، متنوعة الطاعات، من فضائلها أنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، فهي أحب الأيام إلى الله تعالى، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام) يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال(ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) وهذا يدل على أن العمل في أيام العشر أفضل من الجهاد بالنفس والمال، لأنه لا يفضل العمل فيها إلا من خرج بنفسه وماله ولم يرجع لا بالنفس ولا بالمال، ومن أيسر وأعظم الأعمال المشروعة فيها: ذكر الله جل في علاه، يقول تعالى( لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلاْنْعَامِ) وروى الإمام أحمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) وكان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما إذا دخلت عشر ذي الحجة يخرجان إلى السوق يكبران ، ويكبر الناس لتكبيرهما، وهذا هو التكبير المطلق، ويُكثر مع التكبير من التسبيح والتهليل والتحميد والذكر، وعليك بقراءة القرآن فإنه أفضل الذكر وفيه الهدى والرحمة والبركة والعظمة والتأثير والشفاء، وليعلم المسلم بأن الذكر هو أحب الكلام إلى الله تعالى، وهو سبب النجاة في الدنيا والآخرة، وهو سبب الفلاح، وحفظ لصاحبه من الكفر ومن الشيطان ومن النار، ومن أجمل ما يتقرب فيه المسلم إلى الله في هذه الأيام الفاضلة توبة نصوح مع أعمالٍ صالحةٍ في أزمنةٍ فاضلة، فذلك تقلَّد الفَلاح، وتوسَّم النجاح (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ). فالبدار البدار والحرص الحرص على استغلال مواسم الخير بالعمل الصالح بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ...
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ: إنَّ فَضِيلَةَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ تَشْمَلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، فَكَمَا يصام نَهَارِهَا ؛ ينبغي عمارة لَيْلِهَا ِبالْقِيَامِ؛ ألا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَلْنَتَزَوَّدْ مِن خَيرِ الزَّادِ في أَعظَمِ الأَيَّامِ ، وَلْيَكُنْ رَأسُ ذَلِكَ المُحَافَظَةَ عَلَى الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَةِ ؛ فَإِنَّهُ لا زَادَ أَفضَلُ وَلا أَكمَلُ وَلا عَمَلَ أَحَبُّ إِلى اللهِ وَأَعظَمُ عِندَهُ بَعدَ تَوحِيدِهِ مِن أداء الصلاة المفروضة، هذا وصلُّوا رحمكم الله على خيرِ البرية، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بذلك في قولِه﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّك ورسولك محمدٍ وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة وعن سائر الصحابةِ ومن تبِعَهم بإحسانٍ ، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين. اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين اللهم ادفَع عنا الغلا والوبَا والرِّبا والزلازِل والمِحَن، وسوءَ الفتن ما ظهرَ منها وما بطَن عن بلدنا هذا خاصَّةً وعن سائر بلاد المسلمين اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل